للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَقَلُّهَا إمَامٌ وَمَأْمُومٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي

(صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ)

ــ

[حاشية الجمل]

الْأَرْقَمِ، وَفِي بَعْضِ الشِّعَابِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُصَلِّهَا جَمَاعَةً فِي مَكَّةَ غَيْرُ مَا ذُكِرَ، وَأَوْرَدَ عَلَى ذَلِكَ صَلَاتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ جِبْرِيلَ وَالصَّحَابَةِ صَبِيحَةَ لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ لَمَّا عَلَّمَهُ جِبْرِيلُ الصَّلَاةَ فِي الْيَوْمَيْنِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يُصَلِّهَا جَمَاعَةً غَيْرَ الْيَوْمَيْنِ أَوْ لَمْ يُصَلِّهَا مَعَ كَوْنِهِ إمَامًا، وَقَوْلُ الْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ وَمَكَثَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُدَّةَ مُقَامِهِ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً يُصَلِّي بِغَيْرِ جَمَاعَةٍ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا مَقْهُورِينَ بِهَا الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الصَّلَاةَ الَّتِي كَانَ يُصَلِّيهَا بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ لِأَنَّ خَدِيجَةَ صَلَّتْهَا مَعَهُ، وَكَذَا عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَكِنَّ الْجَمَاعَةَ كَانَتْ غَيْرَ مَشْرُوعَةٍ فَلَا يُقَالُ إنَّ الصَّلَاةَ فُرِضَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ أَوْ سَنَةٍ وَنِصْفٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ، وَأَفْضَلُ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ جَمَاعَةً صُبْحُهَا ثُمَّ صُبْحُ غَيْرِهَا ثُمَّ الْعِشَاءُ ثُمَّ الْعَصْرُ، وَلَا يُنَافِيهِ كَوْنُ الْعَصْرِ الْوُسْطَى لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِي ذَيْنِك أَعْظَمُ، وَالْأَوْجَهُ تَفْضِيلُ الظُّهْرِ أَذَانًا وَجَمَاعَةً عَلَى الْمَغْرِبِ لِأَنَّهَا اُخْتُصَّتْ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ بِبَدَلٍ، وَهُوَ الْجُمُعَةُ أَيْ بِصَلَاةٍ تُفْعَلُ فِي وَقْتِهَا، وَبِالْإِبْرَادِ اهـ. شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ ثُمَّ الْعَصْرُ زَادَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ ثُمَّ الظُّهْرُ ثُمَّ الْمَغْرِبُ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ كُلًّا مِنْ عِشَاءِ الْجُمُعَةِ وَمَغْرِبِهَا وَعَصْرِهَا جَمَاعَةً آكَدُ مِنْ عِشَاءِ وَمَغْرِبِ وَعَصْرِ غَيْرِهَا عَلَى قِيَاسِ مَا قِيلَ فِي صُبْحِهَا مَعَ صُبْحِ غَيْرِهَا اهـ.

وَأَمَّا أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ فَقَدْ قَالَ حَجّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ مَا نَصُّهُ أَفْضَلُهَا الْعَصْرُ، وَيَلِيهَا الصُّبْحُ ثُمَّ الْعِشَاءُ ثُمَّ الظُّهْرُ ثُمَّ الْمَغْرِبُ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ الْأَدِلَّةِ، وَإِنَّمَا فَضَّلُوا جَمَاعَةَ الصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ لِأَنَّهَا فِيهِمَا أَشَقُّ اهـ.، وَظَاهِرُهُ التَّسْوِيَةُ فِي الْفَضْلِ بَيْنَ صُبْحِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا.

وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ فِي الْجَمَاعَةِ أَنَّ صُبْحَ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صُبْحِ غَيْرِهَا بَلْ، وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ عَنْ سم أَنَّ بَقِيَّةَ صَلَوَاتِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَوَاتِ غَيْرِهَا. اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَأَقَلُّهَا إمَامٌ وَمَأْمُومٌ) أَيْ شَرْعًا، وَأَمَّا لُغَةً فَأَقَلُّهَا ثَلَاثَةٌ اهـ. ع ش، وَتَتَحَقَّقُ الْجَمَاعَةُ بِنِيَّةِ الْمَأْمُومِ الِاقْتِدَاءَ سَوَاءٌ نَوَى الْإِمَامُ الْإِمَامَةَ أَمْ لَا كَمَا ذَكَرَهُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ. ع ش عَلَى م ر بِالْمَعْنَى، وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَأَقَلُّهَا إمَامٌ وَمَأْمُومٌ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامُ الْإِمَامَةَ إذْ لَا تَتَوَقَّفُ الْجَمَاعَةُ، وَلَا فَضْلُهَا لِلْمَأْمُومِ عَلَى نِيَّتِهَا مِنْهُ، وَصَلَاةُ الْإِمَامِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ بِدَلِيلِ أَنَّ الرَّحْمَةَ تَنْزِلُ عَلَيْهِ أَوَّلًا ثُمَّ عَلَى مَنْ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ عَلَى مَنْ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ اهـ.

(فَرْعٌ) وَقَفَ شَافِعِيٌّ بَيْنَ حَنَفِيَّيْنِ وَاقْتَدَى بِشَافِعِيٍّ يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ، وَالصَّفُّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنْ تَحَقَّقَ مِنْ الْحَنَفِيِّ عَدَمُ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ لَا يُقَالُ حَيْثُ عَلِمَ تَرْكَ الْحَنَفِيِّ الْقِرَاءَةَ كَانَتْ صَلَاتُهُ بَاطِلَةً عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَيَصِيرُ فِي اعْتِقَادِهِ مُنْفَرِدًا لِأَنَّا نَقُولُ صَرَّحُوا بِأَنَّ فِعْلَ الْمُخَالِفِ لِكَوْنِهِ نَاشِئًا عَنْ اعْتِقَادٍ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ السَّهْوِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اقْتَدَى شَافِعِيٌّ بِحَنَفِيٍّ فَسَجَدَ لِتِلَاوَةِ سَجْدَةِ ص لَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الشَّافِعِيِّ بِفِعْلِ الْحَنَفِيِّ، وَلَا تَبْطُلُ قُدْوَتُهُ بِهِ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ فَعَلَ مَا يُبْطِلُ عَمْدَهُ سَهْوًا فَلْيُتَأَمَّلْ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ بَانَ إمَامُهُ مُحْدِثًا لَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ، وَحَصَلَتْ لَهُ الْجَمَاعَةُ لِوُجُودِ صُورَتِهَا حَتَّى فِي الْجُمُعَةِ حَيْثُ كَانَ الْإِمَامُ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ لَا يُقَالُ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَسَجْدَةِ ص بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ يَرَى سُجُودَ التِّلَاوَةِ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّا نَقُولُ وَيَرَى سُقُوطَ الْفَاتِحَةِ عَنْ الْمَأْمُومِ فِي الْجُمْلَةِ أَيْضًا كَأَنْ يَكُونَ مَسْبُوقًا اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي) أَيْ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ فِي الْحَدِيثِ لَا تُقَامُ فِيهِمْ، وَلَمْ يَقُلْ يُقِيمُونَ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَمِنْ قَوْلِهِ «صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ» ، وَمِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ، وَسُنَّ إعَادَتُهَا مَعَ غَيْرٍ إلَخْ حَيْثُ قَالَ الشَّارِحُ هُنَاكَ، وَلَوْ وَاحِدًا اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ إلَخْ) لَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ قَلْبًا أَيْ جَمَاعَةِ الصَّلَاةِ لِيُطَابِقَ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مِنْ أَنَّ الْمَوْصُوفَ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ جَمَاعَةِ الصَّلَاةِ لَا نَفْسِ الصَّلَاةِ إذْ هِيَ فَرْضُ عَيْنٍ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَقَطْ لَا فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ اهـ. ز ي وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ مُهِمٍّ هُوَ يُقْصَدُ حُصُولُهُ مِنْ الْمُكَلَّفِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ فَخَرَجَ فَرْضُ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ مَنْظُورٌ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ حَيْثُ قُصِدَ حُصُولُهُ مِنْ كُلِّ مُكَلَّفٍ، وَلَمْ يُكْتَفَ فِيهِ بِقِيَامِ غَيْرِهِ بِهِ عَنْهُ، وَلَا فَرْقَ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ دِينِيًّا كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ أَوْ دُنْيَوِيًّا كَالْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ وَاجِبٌ عَلَى الْكُلِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمْ يَأْثَمُونَ بِتَرْكِهِ، وَلَكِنْ يَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ، وَقَالَ الشَّيْخُ الرَّازِيّ هُوَ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مِنْ حَيْثُ الِاكْتِفَاءُ بِحُصُولِهِ مِنْ الْبَعْضِ، وَدَلِيلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>