للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ الْغَائِبِ سَوَاءٌ أَقَالَ إنَّهُ أَكْرَهَهَا عَلَيْهِ أَمْ لَا (حُدَّ حَالًا) لِأَنَّ حَدَّ الزِّنَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّلَبِ فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ أَنَّهُ أَكْرَهَ أَمَةَ غَائِبٍ عَلَى زِنَا.

(وَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) أَوْ بِهِ مَعَ يَمِينٍ (الْمَالُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْقَطْعِ كَمَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ الْغَصْبِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ طَلَاقٌ أَوْ عِتْقٌ دُونَهُمَا (وَعَلَى السَّارِقِ رَدُّ مَا سَرَقَ) إنْ بَقِيَ (أَوْ بَدَلَهُ) إنْ لَمْ يَبْقَ لِخَبَرِ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» .

(وَتُقْطَعُ) بَعْدَ الطَّلَبِ (يَدُهُ الْيُمْنَى) قَالَ تَعَالَى {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] وَقُرِئَ شَاذًّا فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا، وَالْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ كَخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهَا كَمَا مَرَّ وَيُكْتَفَى بِالْقَطْعِ (وَلَوْ) كَانَتْ (مَعِيبَةً) كَفَاقِدَةِ الْأَصَابِعِ أَوْ زَائِدَتِهِمَا لِعُمُومِ الْآيَةِ وَلِأَنَّ الْغَرَضَ التَّنْكِيلُ بِخِلَافِ الْقَوَدِ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُمَاثَلَةِ كَمَا مَرَّ (أَوْ سَرَقَ مِرَارًا) قَبْلَ قَطْعِهَا لِاتِّحَادِ السَّبَبِ كَمَا لَوْ زَنَى أَوْ شَرِبَ مِرَارًا يُكْتَفَى بِحَدٍّ وَاحِدٍ وَكَالْيَدِ الْيُمْنَى فِي ذَلِكَ غَيْرُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (فَإِنْ عَادَ) بَعْدَ قَطْعِ يُمْنَاهُ إلَى السَّرِقَةِ ثَانِيًا (فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى) تُقْطَعُ (فَ) إنْ عَادَ ثَالِثًا قُطِعَتْ (يَدُهُ الْيُسْرَى فَ) إنْ عَادَ رَابِعًا قُطِعَتْ (رِجْلُهُ الْيُمْنَى) رَوَى الشَّافِعِيُّ خَبَرَ «السَّارِقِ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ» وَإِنَّمَا قُطِعَ مِنْ خِلَافٍ لِئَلَّا يَفُوتَ جِنْسُ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ فَتَضْعُفُ حَرَكَتُهُ كَمَا فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ (مِنْ كُوعٍ) فِي الْيَدِ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ سَارِقِ رِدَاءِ صَفْوَانَ (وَكَعْبٍ) فِي الرِّجْلِ لِفِعْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَمَا رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ (ثُمَّ) إنْ عَادَ خَامِسًا (عُزِّرَ) كَمَا لَوْ سَقَطَتْ أَطْرَافُهُ أَوَّلًا وَلَا يُقْتَلُ وَمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتَلَهُ مَنْسُوخٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ بِقَتْلِهِ لِاسْتِحْلَالٍ أَوْ نَحْوِهِ بَلْ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُ (وَسُنَّ غَمْسُ مَحَلِّ قَطْعِهِ بِدُهْنٍ مُغَلَّى)

ــ

[حاشية الجمل]

بِقَوْلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَوْ أَسْقَطَ الْعَامِل لَرَجَعَ لِلْجَمِيعِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْ الْغَائِبُ) لَعَلَّهُ أَرَادَ هُنَا أَوْ الصَّبِيُّ أَوْ الْمَجْنُونُ أَوْ السَّفِيهُ كَمَا فِي الَّذِي قَبْلَهُ حَرِّرْهُ اهـ سم.

(قَوْلُهُ: الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ. . . إلَخْ) صُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ غُصِبَ مَالِي أَوْ مَالُ زَيْدٍ فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ لِعَبْدِهِ فَأَنْت حُرٌّ ثُمَّ يُقَامُ عَلَى الْغَصْبِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ رَجُلٌ وَيَمِينٌ فَيَثْبُتُ بِهِمَا الْغَصْبُ دُونَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مِنْ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: دُونَهُمَا) أَيْ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا الْعِتْقُ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ سَابِقٌ عَلَى الْغَصْبِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَعَلَى السَّارِقِ رَدُّ مَا سَرَقَ) أَيْ وَأُجْرَةُ مُدَّةِ وَضْعِ يَدِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ قُطِعَ لَمْ يَغْرَمْ وَإِنْ غَرِمَ لَمْ يُقْطَعْ وَقَالَ مَالِكٌ إنْ كَانَ غَنِيًّا ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا، وَالْقَطْعُ لَازِمٌ بِكُلِّ حَالٍ وَلَوْ أَعَادَ الْمَالَ الْمَسْرُوقَ إلَى الْحِرْزِ لَمْ يَسْقُطْ الْقَطْعُ وَلَا الضَّمَانُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَسْقُطُ، وَعَنْ مَالِكٍ لَا ضَمَانَ وَيُقْطَعُ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: وَلَوْ قِيلَ بِالْعَكْسِ لَكَانَ مَذْهَبًا لِدَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبُهَاتِ اهـ س ل.

(قَوْلُهُ: وَتُقْطَعُ يَدُهُ الْيُمْنَى) أَيْ إنْ وُجِدَتْ وَإِلَّا انْتَقَلَ لِمَا بَعْدَهَا وَهَكَذَا كَمَا فِي س ل وَلَوْ كَانَ لَهُ عَلَى مِعْصَمٍ كَفَّانِ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ الْأَصْلِيَّةُ مِنْ الزَّائِدَةِ قُطِعَا كَمَا حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَعَنْ الْبَغَوِيّ تُقْطَعُ إحْدَاهُمَا وَاسْتَحْسَنَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَعَلَى هَذَا لَوْ سَرَقَ ثَانِيًا قُطِعَتْ الثَّانِيَةُ وَحِينَئِذٍ تَرِدُ هَذِهِ الصُّورَةُ عَلَى قَوْلِهِ فَإِنْ عَادَ فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى وَقَدْ يُقَالُ لَا تَرِدُ لِأَنَّ كَلَامَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلْقَةِ الْمُعْتَادَةِ اهـ سم اهـ ز ي.

(فَرْعٌ)

لَوْ كَانَ السَّارِقُ نِضْوًا بِحَيْثُ يُخْشَى مَوْتُهُ بِالْقَطْعِ وَلَا يُرْجَى قَطْعٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَبِهِ قَطَعَ قَاطِعُونَ وَيُؤَخَّرُ الْقَطْعُ لِلْمَرَضِ الْمَرْجُوِّ الزَّوَالِ اهـ م ر اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(فَرْعٌ) الْقَاطِعُ لِلْيَدِ فِي غَيْرِ الْقِنِّ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبُهُ فَلَوْ فَوَّضَهُ لِلسَّارِقِ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ اهـ شَرْحُ م ر وَخَرَجَ بِالسَّارِقِ مَا لَوْ فَوَّضَهُ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ فَيَقَعُ الْمَوْقِعَ وَإِنْ امْتَنَعَ التَّفْوِيضُ لَهُ مَخَافَةَ أَنْ يُرَدِّدَ الْآلَةَ عَلَيْهِ فَيُؤَدِّيَ إلَى إهْلَاكِهِ وَخَرَجَ بِفَوَّضَ إلَيْهِ مَا لَوْ فَعَلَهُ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فَلَا يَقَعُ حَدًّا إنْ امْتَنَعَ الْقَطْعُ لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ أَيْ وَيَكُونُ كَالسُّقُوطِ بِآفَةٍ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ وَمِنْهُ سُقُوطُ الْقَطْعِ وَعَلَيْهِ فَيَشْكُلُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلِ بِوُقُوعِ الْمَوْقِعِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا سَقَطَ الْقَطْعُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إذَا قُلْنَا بِوُقُوعِهِ الْمَوْقِعَ كَأَنْ قَطَعَهَا حَدًّا جَابِرًا لِلسَّرِقَةِ مِنْ حَيْثُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَيْثُ قُلْنَا لَا يَقَعُ الْمَوْقِعَ لَمْ يَكُنْ سُقُوطُهَا حَدًّا لَكِنَّهُ تَعَذَّرَ الْحَدُّ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ فَلَا يَكُونُ سُقُوطُهَا جَابِرًا لِلسَّرِقَةِ وَإِنْ اشْتَرَكَتْ الصُّورَتَانِ فِي عَدَمِ لُزُومِ شَيْءٍ لِلسَّارِقِ بَعْدُ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَحِكْمَةُ اخْتِصَاصِ الْقَطْعِ بِالْيَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ أَنَّهَا آلَاتُ السَّرِقَةِ بِالْأَخْذِ، وَالْمَشْيِ وَقُدِّمَتْ الْيَدُ لِقُوَّةِ بَطْشِهَا وَقُطِعَ مِنْ خِلَافٍ لِإِبْقَاءِ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُقْطَعْ ذَكَرُ الزَّانِي إبْقَاءً لِلنَّسْلِ وَلَا لِسَانُ الْقَاذِفِ إبْقَاءً لِلْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا كَمَا مَرَّ، وَالْأَمْرُ بِقَتْلِ السَّارِقِ مَنْسُوخٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ بِمَنْ اسْتَحَلَّ أَوْ ضَعِيفٌ بَلْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مُنْكَرٌ لَا أَصْلَ لَهُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الطَّلَبِ) فَلَوْ قَطَعَهَا الْإِمَامُ قَبْلَ الطَّلَبِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ سَرَى إلَى النَّفْسِ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ م ر اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي الْفَرَائِضِ فِي بَابِ الْفُرُوضِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ مَعِيبَةً) أَيْ وَلَوْ شَلَّاءَ حَيْثُ أُمِنَ نَزْفُ الدَّمِ اهـ شَرْحُ م ر أَيْ فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ نَزْفُ الدَّمِ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ أَنَّهُ لَوْ شُلَّتْ بَعْدَ السَّرِقَةِ وَلَوْ يُؤْمَنْ نَزْفُ الدَّمِ فَإِنَّ الْقَطْعَ يَسْقُطُ لِأَنَّهُ بِالسَّرِقَةِ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهَا فَإِذَا تَعَذَّرَ قَطْعُهَا سَقَطَ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الشَّلَلَ مَوْجُودٌ ابْتِدَاءً فَإِذَا تَعَذَّرَ قَطْعُهَا لَمْ يَتَعَلَّقْ الْقَطْعُ بِهَا بَلْ بِمَا بَعْدَهَا اهـ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَفَاقِدَةِ الْأَصَابِعِ) أَيْ كُلِّهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقَوْلُهُ: أَوْ زَائِدَتِهَا أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْضًا، وَالْمُقَابِلُ فِيهَا يَقُولُ يَعْدِلُ إلَى الرِّجْلِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى تُقْطَعُ) أَيْ إنْ انْدَمَلَ الْقَطْعُ الْأَوَّلُ اهـ شَرْحُ م ر فَلَوْ، وَالَى بَيْنَهُمَا فَمَاتَ الْمَقْطُوعُ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْحُدُودِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ كُوعٍ) ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْبَطْشَ فِي الْكَفِّ وَمَا زَادَ مِنْ الذِّرَاعِ تَابِعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>