للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّهَادَةِ، وَالْإِقْرَارِ بِأَنْ يُبَيِّنَ السَّرِقَةَ، وَالْمَسْرُوقَ مِنْهُ وَقَدْرَ الْمَسْرُوقِ، وَالْحِرْزَ بِتَعْيِينِهِ أَوْ وَصْفِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ غَيْرَ السَّرِقَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَطْعِ سَرِقَةً مُوجِبَةً لَهُ وَذِكْرُ التَّفْصِيلِ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ زِيَادَتِي (وَقَبْلَ رُجُوعِ مُقِرٍّ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (لِقَطْعٍ) كَالزِّنَا بِخِلَافِ الْمَالِيِّ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ فِيهِ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ (وَمَنْ أَقَرَّ بِ) مُوجِبِ (عُقُوبَةٍ لِلَّهِ) تَعَالَى (فَلِلْقَاضِي تَعْرِيضٌ بِرُجُوعٍ) عَنْ الْإِقْرَارِ فَلَا يُصَرِّحُ بِهِ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ ارْجِعْ عَنْهُ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَاعِزٍ الْمُقِرِّ بِالزِّنَا لَعَلَّك قَبَّلْت أَوْ غَمَزْت أَوْ نَظَرْت» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِمَنْ أَقَرَّ عِنْدَهُ بِالسَّرِقَةِ مَا أَخَالُك سَرَقْت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَلَهُ التَّعْرِيضُ بِالْإِنْكَارِ أَيْضًا إذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ (وَلَا قَطْعَ إلَّا بِطَلَبٍ) مِنْ مَالِكٍ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (فَلَوْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ لِغَائِبٍ) أَوْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ لِسَفِيهٍ فِيمَا يَظْهَرُ (لَمْ يُقْطَعْ حَالًا) لِاحْتِمَالِ أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ كَانَ لَهُ (أَوْ) أَقَرَّ (بِزِنَا بِأَمَتِهِ)

ــ

[حاشية الجمل]

مِنْ مُقِرٍّ فَقِيهٍ مُوَافِقٍ لِلْقَاضِي فِي مَذْهَبِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ كَثِيرٌ مِنْ مَسَائِلِ الشُّبْهَةِ، وَالْحِرْزِ وَقَعَ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ الْوَاحِدِ فَالْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ التَّفْصِيلِ مُطْلَقًا كَنَظِيرِهِ فِي الزِّنَا انْتَهَتْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّفْصِيلَ شَرْطٌ لِلْقَطْعِ لَا لِثُبُوتِ الْمَالِ فَيَثْبُتُ مُطْلَقًا بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَالْمَسْرُوقَ مِنْهُ) أَيْ هَلْ هُوَ زَيْدٌ أَمْ عَمْرٌو وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْحِرْزَ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الشَّخْصُ لَا الْحِرْزُ اهـ ز ي اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَقَدْرُ الْمَسْرُوقِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الشَّاهِدَانِ أَنَّهُ نِصَابٌ لِأَنَّ النَّظَرَ فِيهِ وَفِي قِيمَتِهِ لِلْحَاكِمِ وَلَا أَنَّهُ مِلْكٌ لِغَيْرِ السَّارِقِ بَلْ لِلْمَالِكِ إثْبَاتُهُ بِغَيْرِهِمَا وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ فِي هَاتَيْنِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَاحْذَرْهُ وَيَقُولَانِ لَا نَعْلَمُ لَهُ شُبْهَةً وَيُشِيرَانِ لِلسَّارِقِ إنْ حَضَرَ وَإِلَّا ذَكَرَا اسْمَهُ وَنِسْبَتَهُ وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُسْمَعُ عَلَى غَائِبٍ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُجَابُ بِتَصْوِيرِهِ بِغَائِبٍ مُتَعَذِّرٍ أَوْ مُتَوَارٍ بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ اهـ حَجّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَقَبْلَ رُجُوعِ مُقِرٍّ) أَيْ وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الْقَطْعِ اهـ س ل.

(فَرْعٌ) لَوْ أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ ثُمَّ رَجَعَ ثُمَّ كَذَبَ رُجُوعُهُ قَالَ الدَّارِمِيُّ لَا يُقْطَعُ وَلَوْ أَقَرَّ بِهَا ثُمَّ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ثُمَّ رَجَعَ قَالَ الْقَاضِي سَقَطَ عَنْهُ الْقَطْعُ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّ الثُّبُوتَ كَانَ بِالْإِقْرَارِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الزِّنَا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى حَجّ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهِمَا خِلَافُهُ عِنْدَ م ر فِيمَا تَقَدَّمَ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَقَرَّ بِعُقُوبَةٍ لِلَّهِ. . . إلَخْ) خَرَجَ بِالْإِقْرَارِ الْبَيِّنَةُ وَبِالْعُقُوبَةِ الْمَالُ وَبِقَوْلِهِ لِلَّهِ الْآدَمِيُّ فَلَا يَحِلُّ التَّعْرِيضُ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُفِدْ الرُّجُوعُ فِيهِ شَيْئًا وَوَجْهُهُ أَنَّ فِيهِ حَمْلًا عَلَى مُحَرَّمٍ فَهُوَ كَتَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: فَلِلْقَاضِي تَعْرِيضٌ بِرُجُوعٍ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ لَكِنْ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إشَارَةٌ إلَى نَقْلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى نَدْبِهِ وَحَكَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَقَضِيَّةُ تَخْصِيصِهِمْ الْجَوَازَ بِالْقَاضِي حُرْمَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ لِامْتِنَاعِ التَّلْقِينِ عَلَى الْحَاكِمِ دُونَ غَيْرِهِ وَلَهُ أَنْ يَعْرِضَ لِلشُّهُودِ بِالتَّوَقُّفِ فِي حَقِّهِ تَعَالَى إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي السَّتْرِ وَإِلَّا فَلَا وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّعْرِيضُ وَلَا لَهُمْ التَّوَقُّفُ عِنْدَ تَرَتُّبِ مَفْسَدَةٍ عَلَى ذَلِكَ مِنْ ضَيَاعِ الْمَسْرُوقِ أَوْ حَدٍّ لِلْغَيْرِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: تَعْرِيضٌ بِرُجُوعٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِجَوَازِهِ أَيْ الرُّجُوعِ فَيَقُولُ لَهُ لَعَلَّك قَبِلْت فَأَخَذْت أَخَذْت مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ غَصَبْت انْتَهَبْت لِمَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا شَرِبْته مُسْكِرٌ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: مَا إخَالُك) بِالْكَسْرِ عَلَى الْأَفْصَحِ وَبِالْفَتْحِ عَلَى الْقِيَاسِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَلَهُ التَّعْرِيضُ بِالْإِنْكَارِ) عِبَارَةُ م ر فِي شَرْحِهِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: بِالرُّجُوعِ أَنَّهُ لَا يَعْرِضُ لَهُ بِالْإِنْكَارِ ثُمَّ قَالَ: وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ التَّعْرِيضُ أَيْ بِالرُّجُوعِ إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ انْتَهَتْ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ إذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةً مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ: تَعْرِيضٌ بِرُجُوعٍ، ثُمَّ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ مِنْ جَوَازِ التَّعْرِيضِ بِالْإِنْكَارِ لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّعْرِيضُ بِإِنْكَارِ خُصُوصِ السَّرِقَةِ مَعَ الِاعْتِرَافِ بِالْمَالِ كَأَنْ يَقُولَ أَخَذْته عَارِيَّةً أَوْ وَدِيعَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ اهـ ع ش.

وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: وَلَهُ التَّعْرِيضُ بِالْإِنْكَارِ عِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَشَرْحُهُ: لِلْقَاضِي التَّعْرِيضُ لَهُ أَيْ لِمَنْ اُتُّهِمَ فِي بَابِ الْحُدُودِ بِمَا يُوجِبُ شَيْئًا مِنْهَا بِأَنْ يُنْكِرَ مَا اُتُّهِمَ بِهِ مِنْهَا اهـ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَلَا قَطْعَ إلَّا بِطَلَبٍ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالطَّلَبِ طَلَبَ خُصُوصِ الْإِيفَاءِ بَلْ لَوْ ادَّعَى وَأَثْبَتَ ثُمَّ أَبْرَأَهُ مِنْ الْمَسْرُوقِ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ لَمْ يَسْقُطْ الْقَطْعُ وَقَدْ عَلَّلُوا اشْتِرَاطَ الطَّلَبِ بِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقِرُّ لَهُ بِالْمِلْكِ أَوْ بِالْإِبَاحَةِ فَيَسْقُطُ وَقَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ طَلَبُ الْمَالِكِ لَكِنْ عُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ الْإِقْرَارِ بِالْمِلْكِ، وَالْإِبَاحَةِ كَأَنْ شَهِدَ بِالسَّرِقَةِ بِنِيَّةِ حِسْبَةٍ ثُمَّ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمَالِكِ إلَّا قَوْلُهُ: لَمْ أَمْلِكْهُ لَهُ وَلَا أَبَحْته لَهُ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ دَعْوَى وَلَا إثْبَاتٌ أَنَّهُ يُقْطَعُ وَمَشَى عَلَيْهِ الطَّبَلَاوِيُّ قَالَ إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ أَقُولُ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ قَوْلُ الْعُبَابِ مَنْ أَخْرَجَ السَّارِقُ مَتَاعَهُ مِنْ حِرْزِهِ ثُمَّ أَلْقَاهُ وَهَرَبَ لَمْ يَتْبَعْهُ فَإِنْ تَبِعَهُ وَقَطَعَ عُضْوَهُ الْمُسْتَحَقَّ فِي السَّرِقَةِ لَمْ يَعْتَدَّ بِهِ وَمِثْلُهُ قَاطِعُ الطَّرِيقِ لَكِنْ يُعَزَّرُ لِافْتِيَاتِهِ اهـ سم.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: إلَّا بِطَلَبٍ أَيْ لِلْمَالِ لَا لِلْقَطْعِ وَإِلَّا فَالْقَطْعُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ " أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَثُبُوتِ سَرِقَتِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ مَعَ قَوْلِهِمْ يُقْطَعُ وَلَوْ أَبْرَأَهُ الْمَالِكُ مِنْ الْمَالِ الْمَسْرُوقِ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ طَلَبَهُ لِلْمَالِ يُثْبِتُ سَرِقَتَهُ وَإِذَا ثَبَتَتْ سَرِقَتُهُ لَا يَسْقُطُ قَطْعُهُ وَإِنْ فَرَضَ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْ الْمَالِ وَعَلَى هَذَا لَا إشْكَالَ انْتَهَتْ أَيْ فَالْمَدَارُ عَلَى ثُبُوتِ السَّرِقَةِ، وَالْمَالِ وَإِنْ أُبْرِئَ مِنْهُ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ لِسَفِيهٍ) أَعَادَ الْعَامِلَ مَعَهُ وَلَمْ يَقُلْ أَوْ سَفِيهٍ لِأَنَّهُ مَحَلُّ بَحْثِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>