".
ــ
[حاشية الجمل]
فَيَحُطُّ مَا يَخُصُّهَا مِنْ الْأُجْرَةِ نَعَمْ إنْ أَتَى بِهَا عَنْهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْحَجِّ فَلَا انْفِسَاخَ فَلْيُحْمَلْ الِانْفِسَاخُ فِيهَا عَلَى الِانْفِسَاخِ ظَاهِرًا وَعَلَى الِانْفِسَاخِ فِي الْعُمْرَةِ الَّتِي قَدَّمَهَا وَمَا قَالَهُ قَيَّدَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِمَا قَيَّدَ بِهِ مَسْأَلَةَ الْقِرَانِ السَّابِقَةِ مِنْ كَوْنِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ حَيًّا. . . إلَخْ.
وَإِنْ أُمِرَ بِتَقْدِيمِهَا أَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ لَمْ تَنْفَسِخْ وَلَكِنْ إنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ فَالدَّمُ، وَالْحَطُّ كَمَا سَبَقَ فَيَجِبَانِ عَلَيْهِ وَتَسَمَّحُوا فِي قَوْلِهِمْ وَأَمَرَ بِتَقْدِيمِهَا لِأَنَّ تَقْدِيمَهَا لَا يَأْتِي فِي الْإِفْرَادِ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ فَلْيُؤَوَّلْ أَمْرُهُ بِتَقْدِيمِهَا تَقْدِيمُهَا عَلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ لِيَكُونَ ذَلِكَ إفْرَادًا عَلَى وَجْهٍ وَتَكُونُ صُورَتُهَا أَنْ يَأْتِيَ بِهَا الْأَجِيرُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لِيُتَصَوَّرَ لُزُومُ الدَّمِ وَبِمَا تَقَرَّرَ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ عُلِمَ أَنَّ الْعُدُولَ عَنْ الْجِهَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا إلَى غَيْرِهَا لَا يَقْدَحُ فِي وُقُوعِ النُّسُكِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى مَا مَرَّ وَأُورِدَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إذَا خَالَفَ لَمْ يَقَعْ الْمَأْتِيُّ بِهِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْإِذْنِ لَهُ كَمَا فِي مُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ مُوَكِّلَهُ وَأَجَابَ الْإِمَامُ بِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْمُسْتَأْجِرِ فِي ذَلِكَ كَمُخَالَفَةِ الشَّرْعِ فِيمَا لَا يَفْسُدُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ النُّسُكُ لِنَفْسِهِ بَلْ لِلَّهِ تَعَالَى قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يُحَصِّلُهُ لِنَفْسِهِ بَلْ يُحَصِّلُهُ لِيُخْرِجَ نَفْسَهُ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ وَلِلْفِعْلِ الْمُخْرِجِ كَيْفِيَّاتٌ مَخْصُوصَةٌ بَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ فَلْيُرَاعَ غَرَضُهُ فِيهِ ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ مُخَالَفَةَ الشَّرْعِ فِيمَا لَا يَفْسُدُ بِهَا يَسْتَحِيلُ وُقُوعُهُ مَعَهَا لِغَيْرِ الْمُبَاشِرِ وَقَدْ أَتَى بِهِ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ مُخَالَفَةِ الْمُسْتَأْجَرِ إذْ لَا ضَرُورَةَ فِيهَا إلَى وُقُوعِهِ عَنْهُ مَعَهَا بَلْ يُمْكِنُ صَرْفُهُ لِلْمُبَاشِرِ عَلَى الْمَعْهُودِ فِي نَظَائِرِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ تَحَصُّلَهُ لِغَرَضِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ عَنْ الْعُهْدَةِ إنَّمَا يُعَدُّ مِنْ الِانْتِفَاعَاتِ الْأُخْرَوِيَّةِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ امْتِثَالُ أَمْرِ الشَّارِعِ عَاجِلًا بِدَلِيلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ مِثْلَ هَذِهِ الِانْتِفَاعَاتِ قِسْمَةً لِلِانْتِفَاعَاتِ الْعَاجِلَةِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ {إِنَّ هَؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ} [الإنسان: ٢٧] وَبِأَنَّ الرَّافِعِيَّ نَفْسَهُ قَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ الْكُوفَةَ لِإِحْرَامِ الْأَجِيرِ فَجَاوَزَهَا غَيْرَ مُحْرِمٍ لَزِمَهُ دَمٌ إلْحَاقًا لِلْمِيقَاتِ الشَّرْطِيِّ الشَّرْعِيِّ.
١ -
(فَرْعٌ)
جِمَاعُ الْأَجِيرِ قَبْلَ التَّحْلِيلِ الْأَوَّلِ مُفْسِدٌ لِلْحَجِّ وَتَنْفَسِخُ بِهِ إجَارَةُ الْعَيْنِ لَا إجَارَةُ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِزَمَانٍ بِخِلَافِ إجَارَةِ الْعَيْنِ كَمَا مَرَّ لَكِنْ يَنْقَلِبُ الْحَجُّ فِيهَا لِلْأَجِيرِ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ الْمَطْلُوبَ لَا يَحْصُلُ بِالْحَجِّ الْفَاسِدِ فَانْقَلَبَ لَهُ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ شَيْء بِصِفَةٍ فَاشْتَرَاهُ بِغَيْرِهَا يَقَعُ لِلْمَأْمُورِ بِخِلَافِ مَنْ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا غَيْرَ مُفْسِدٍ كَمُطِيعِ الْمَعْضُوبِ إذَا جَامَعَ فَسَدَ حَجُّهُ وَانْقَلَبَ لَهُ وَكَذَا قَضَاؤُهُ أَيْ الْحَجِّ الَّذِي أَفْسَدَهُ يَلْزَمُهُ وَيَقَعُ لَهُ كَحَجِّهِ الْفَاسِدِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَمْضِيَ فِي فَاسِدِهِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَعَلَيْهِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَ الْقَضَاءِ عَنْ نَفْسِهِ بِحَجٍّ آخَرَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي عَامٍ آخَرَ أَوْ يَسْتَنِيبُ مَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ أَوْ غَيْرِهِ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ عَنْ حَجِّ الْمُسْتَأْجِرِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ فِيهَا الْخِيَارُ فِي الْفَسْخِ عَلَى التَّرَاخِي لِتَأَخُّرِ الْمَقْصُودِ هَذَا إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ مِنْ مَعْضُوبٍ أَوْ مُتَطَوِّعٍ بِالِاسْتِئْجَارِ عَنْ مَيِّتٍ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ مُسْتَأْجَرٍ عَنْ مَيِّتٍ مِنْ مَالِهِ رُوعِيَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ كَمَا سَبَقَ نَظِيرُهُ.
إذَا صَرَفَ الْأَجِيرُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْحَجَّ إلَى نَفْسِهِ وَظَنَّ أَنَّهُ انْصَرَفَ إلَيْهِ لَمْ يَنْصَرِفْ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ فَإِذَا انْعَقَدَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى غَيْرِهِ وَيَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى لِبَقَاءِ الْعَقْدِ وَإِذَا مَاتَ الْحَاجُّ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ تَحَلَّلَ لِإِحْصَارٍ فِي أَثْنَاءِ الْأَرْكَانِ فِيهِمَا لَمْ يَبْطُلْ ثَوَابُهُ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَفْسَدَهُ بِجِمَاعٍ لَكِنْ لَا يَبْنِي عَلَيْهِ كَالصَّوْمِ، وَالصَّلَاةِ بَلْ يَجِبُ الْإِحْجَاجُ مِنْ مَالِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ إنْ كَانَ قَدْ اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ كَانَ الْحَاجُّ عَنْ غَيْرِهِ أَجِيرَ عَيْنٍ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ أَوْ أَجِيرَ ذِمَّةٍ فَلَا تَنْفَسِخُ بَلْ لِوَرَثَةِ الْأَجِيرِ الْمَيِّتِ وَلِلْأَجِيرِ الْمَحْصُورِ أَنْ يَسْتَأْجِرُوا مَنْ يَسْتَأْنِفُ الْحَجَّ مِنْ عَامِهِمْ عَنْ الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ إنْ أَمْكَنَ فِي ذَلِكَ الْعَامِ لِبَقَاءِ الْوَقْتِ وَإِلَّا ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُسْتَأْجِرِ كَمَا مَرَّ وَمَتَى انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ أَوْ إحْصَارِهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لَا قَبْلَهُ اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ مِنْ الْمُسَمَّى مِنْ ابْتِدَاءِ السَّيْرِ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ بَعْضَ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ مَعَ تَحْصِيلِهِ بَعْضُ الْمَقْصُودِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحَصِّلْ شَيْئًا مِنْ الْمَقْصُودِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَرَّبَ الْأَجِيرُ عَلَى الْبِنَاءِ الْآلَاتِ مِنْ مَوْضِعِ الْبِنَاءِ وَلَمْ يُبَيِّنْ وَوَقَعَ مَا أَتَى بِهِ الْأَجِيرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَرْكَانِ وَقَبْلَ تَمَامِ الْأَعْمَالِ لَمْ تَبْطُلْ الْإِجَارَةُ بَلْ يَحُطُّ الْأَجِيرُ قِسْطَ بَقِيَّةِ الْأَعْمَالِ كَمَا لَوْ أَحُصِرَ بَعْدَ تَمَامِ الْأَرْكَانِ وَقَبْلَ تَمَامِ الْأَعْمَالِ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِهِ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ وَتُجْبَرُ الْبَقِيَّةُ بِدَمٍ عَلَى الْأَجِيرِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ التَّتِمَّةِ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَصَوَّبَهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي قَوْلِهِ وَدَمُ التَّحَلُّلِ مِنْ الْإِحْصَارِ الْوَاقِعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute