للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْحِجْرُ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَيُسَمَّى حَطِيمًا الْمُحَوَّطُ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ بِجِدَارٍ قَصِيرٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كُلٍّ مِنْ الرُّكْنَيْنِ فَتْحَةٌ.

(وَ) رَابِعُهَا (بَدْؤُهُ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ)

ــ

[حاشية الجمل]

ذَلِكَ قَوْمُك لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاءُوا وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاءُوا، وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمَك حَدِيثُو عَهْدٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ أَنْ أُدْخِلَ الْجِدَارَ فِي الْبَيْتِ وَأَنْ أَلْصَقَ بَابَهُ فِي الْأَرْضِ لَفَعَلْت» ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ جَمِيعَ الْحِجْرِ مِنْ الْبَيْتِ، قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَظَاهِرُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ، لَكِنْ الصَّحِيحُ أَنَّ الَّذِي فِيهِ مِنْ الْبَيْتِ قَدْرُ سِتَّةِ أَذْرُعٍ تَتَّصِلُ بِالْبَيْتِ وَقِيلَ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ وَلَفْظُ الْمُخْتَصَرِ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ الطَّوَافُ خَارِجَهُ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا طَافَ خَارِجَ الْحِجْرِ اهـ. شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ فِي جَوَانِبِ الْبَيْتِ مُعْتَمَدٌ وَظَاهِرُهُ أَنَّ فِي جَمِيعِ جَوَانِبِ الْبَيْتِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ حَجّ وَعِبَارَتُهُ وَهُوَ مِنْ الْجِهَةِ الْغَرْبِيَّةِ وَالْيَمَانِيَّةِ، وَكَذَا مِنْ جِهَةِ الْبَابِ، كَمَا حَرَّرْته فِي الْحَاشِيَةِ فَفِي مُوَازَاتِهِ الْآتِيَةِ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ وَاسْتِثْنَاءُ مَا عِنْدَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى الْقَوَاعِدِ يُرَدُّ بِأَنَّ كَوْنَهُ كَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ النَّقْصَ مِنْ عَرْضِهِ عِنْدَ ارْتِفَاعِ الْبِنَاءِ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالشَّاذَرْوَانِ فِي الْجَمِيعِ فَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّهَا عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ عِنْدَ الْيَمَانِيِّ انْتَهَتْ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا حَتَّى عَنْ شَاذَرْوَانِهِ) هُوَ بَعْضُ جِدَارِ الْبَيْتِ نَقَصَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مِنْ عَرْضِ الْأَسَاسِ لَمَّا وَصَلَ أَرْضَ الْمَطَافِ لِمَصْلَحَةِ الْبِنَاءِ ثُمَّ سُنِّمَ بِالرُّخَامِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْعَامَّةِ كَانَ يَطُوفُ عَلَيْهِ اهـ. حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَالْحِجْرُ بِكَسْرِ الْحَاءِ) أَيْ لَا غَيْرُ، وَكَذَا حِجْرُ الثَّوْبِ وَأَمَّا الْحَجْرُ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْمَنْعِ فَمُثَلَّثُ الْحَاءِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْحَجْرِ وَتَقَدَّمَ فِيهِ كَلَامٌ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ فَرَاجِعْهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَلِلْحِجْرِ بِكَسْرِ الْحَاءِ سَبْعُ مَعَانٍ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ:

رَكِبْت حِجْرًا وَطُفْت الْبَيْتَ خَلْفَ الْحِجْرِ ... وَحُزْت حِجْرًا عَظِيمًا مَا دَخَلْت الْحِجْرَ

لِلَّهِ حِجْرٌ مَنَعَنِي مِنْ دُخُولِ الْحِجْرِ ... مَا قُلْت حِجْرًا وَلَوْ أُعْطِيت مِلْءَ الْحِجْرِ

فَقَوْلُهُ رَكِبْت حِجْرًا أَيْ فَرَسًا، وَقَوْلُهُ خَلْفَ الْحِجْرِ أَيْ حِجْرِ إسْمَاعِيلَ، وَقَوْلُهُ وَحُزْت حِجْرًا أَيْ عَقْلًا، وَقَوْلُهُ مَا دَخَلْت الْحِجْرَ أَيْ حِجْرَ ثَمُودَ، وَقَوْلُهُ لِلَّهِ حِجْرٌ أَيْ مَنْعٌ، وَقَوْلُهُ مِنْ دُخُولِ الْحِجْرِ أَيْ حِجْرِ ثَمُودَ، وَقَوْلُهُ مَا قُلْت حِجْرًا أَيْ كَذِبًا، وَقَوْلُهُ مِلْءَ الْحِجْرِ أَيْ حِجْرِ الثَّوْبِ اهـ. ش خ.

(قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى حَطِيمًا) وَكَانَ زَرِيبَةً لِغَنَمِ إسْمَاعِيلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرُوِيَ أَنَّهُ دُفِنَ فِيهِ، لَكِنْ الْأَشْهَرُ أَنَّ الْحَطِيمَ مَا بَيْنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَمَقَامِ إبْرَاهِيمَ وَهُوَ كَمَا يَأْتِي فِي اللِّعَانِ أَفْضَلُ مَحَلٍّ بِالْمَسْجِدِ بَعْدَ الْكَعْبَةِ. اهـ. حَجّ، وَقَوْلُهُ وَكَانَ زَرِيبَةً لِغَنَمِ إسْمَاعِيلَ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُ مِنْ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ مَسْجِدٌ وَيَمْتَنِعُ إيوَاءُ الدَّوَابِّ فِيهِ الْمُسْتَلْزِمُ لِتَنْجِيسِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَعَلَّ هَذَا الْحُكْمَ فِيهِ ثَابِتٌ فِي شَرْعِ إسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ لَعَلَّ الْإِيوَاءَ كَانَ فِي بَعْضِهِ اهـ. سم عَلَيْهِ وَيُجَابُ بِمَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ وَهُوَ أَنَّ جَعْلَ إسْمَاعِيلَ هَذَا الْمَوْضِعَ زَرِيبَةً إنَّمَا كَانَ قَبْلَ بِنَاءِ الْبَيْتِ، وَأَمَّا بَعْدَ بِنَائِهِ فَكَانَ دَاخِلًا فِيهِ وَجُزْءًا مِنْهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ جَعْلُهُ زَرِيبَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَانَ الْمَحَلُّ فَضَاءً كَسَائِرِ الْبِقَاعِ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ بَيْتُ اللَّهِ تَأَمَّلْ.

(تَنْبِيهٌ)

الظَّاهِرُ فِي وَضْعِ الْحِجْرِ الْمَوْجُودِ الْآنَ أَنَّهُ عَلَى الْوَضْعِ الْقَدِيمِ فَتَجِبُ مُرَاعَاتُهُ وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ نَعَمْ فِي كُلٍّ مِنْ فَتْحَتَيْهِ فَجْوَةٌ نَحْوُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ ذِرَاعٍ بِالْحَدِيدِ خَارِجَةٌ عَنْ سَمْتِ رُكْنِ الْبَيْتِ بِشَاذَرْوَانِهِ وَدَاخِلَةٌ فِي سَمْتِ حَائِطِ الْحِجْرِ فَهَلْ تُغَلَّبُ الْأُولَى فَيَجُوزُ الطَّوَافُ فِيهَا أَوْ الثَّانِيَةُ فَلَا؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالِاحْتِيَاطُ الثَّانِي وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي الرَّفْرَفِ الَّذِي بِحَائِطِ الْحِجْرِ هَلْ هُوَ مِنْهُ أَوْ لَا؟ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ جَمَاعَةَ حَرَّرَ عَرْضَ جِدَارِ الْحِجْرِ بِمَا لَا يُطَابِقُ الْخَارِجَ الْآنَ إلَّا بِدُخُولِ ذَلِكَ الرَّفْرَفِ فَلَا يَصِحُّ طَوَافُ مَنْ جَعَلَ أُصْبُعَهُ عَلَيْهِ وَلَا مَنْ مَسَّ جِدَارَ الْحِجْرِ الَّذِي تَحْتَ ذَلِكَ الرَّفْرَفِ، وَقَدْ أَطْلَقَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وُجُوبَ الْخُرُوجِ عَنْ جِدَارِ الْحِجْرِ وَهُوَ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ وَرَأَيْته يُخَالِفُ ابْنَ جَمَاعَةَ وَالْأَزْرَقِيَّ وَغَيْرَهُمَا فِي أُمُورٍ أُخْرَى تَتَعَلَّقُ بِالْحِجْرِ لَا حَاجَةَ بِنَا الْآنَ إلَى تَحْرِيرِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا ارْتِبَاطَ لَهَا بِصِحَّةِ الطَّوَافِ بَعْدَ تَمْهِيدِ وُجُوبِ الْخُرُوجِ عَنْ كُلِّ الْحِجْرِ وَحَائِطِهِ اهـ. حَجّ

(قَوْلُهُ: وَبَدْؤُهُ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ) وَارْتِفَاعُهُ عَنْ أَرْضِ الْمَسْجِدِ فِي الْمَطَافِ ذَرِعَانِ وَنِصْفٌ تَقْرِيبًا وَهُوَ يَاقُوتَةٌ بَيْضَاءُ مِنْ يَوَاقِيتِ الْجَنَّةِ وَكَانَ أَشَدَّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ فَسَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَم وَرُوِيَ أَنَّ آدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا أُهْبِطَ مِنْ الْجَنَّةِ هَبَطَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ كَانَ أَشَدَّ بَيَاضًا مِنْ الثَّلْجِ فَوَضَعَهُ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ فَكَانَ يُضِيءُ بِاللَّيْلِ كَأَنَّهُ الْقَمَرُ فَحَيْثُ بَلَغَ

<<  <  ج: ص:  >  >>