للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ.

(وَ) ثَانِيهَا (غَسْلُ وَجْهِهِ) قَالَ تَعَالَى {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦] (وَهُوَ) طُولًا (مَا بَيْنَ مَنَابِتِ) شَعْرِ (رَأْسِهِ) أَيْ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ يَنْبُتَ فِيهَا شَعْرُهُ (وَتَحْتَ مُنْتَهَى لَحْيَيْهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُمَا الْعَظْمَانِ اللَّذَانِ يَنْبُتُ عَلَيْهِمَا الْأَسْنَانُ السُّفْلَى (وَ) عَرْضًا (مَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ) لِأَنَّ الْمُوَاجَهَةَ الْمَأْخُوذَ مِنْهَا الْوَجْهُ تَقَعُ بِذَلِكَ وَالْمُرَادُ ظَاهِرُ مَا ذُكِرَ؛ إذْ لَا يَجِبُ غَسْلُ دَاخِلَ الْعَيْنِ وَلَا يُسَنُّ، وَزِدْتُ " تَحْتَ " لِيَدْخُلَ فِي الْوَجْهِ مُنْتَهَى اللَّحْيَيْنِ (فَمِنْهُ مَحَلُّ غَمَمٍ) وَهُوَ مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الشَّعْرُ مِنْ الْجَبْهَةِ إذْ لَا عِبْرَةَ بِنَبَاتِهِ فِي غَيْرِ مَنْبِتِهِ كَمَا لَا عِبْرَةَ بِانْحِسَارِ شَعْرِ النَّاصِيَةِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْحَدَثِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الصَّلَاةِ - وَمِنْ أَنَّهُ لَوْ عَزَمَ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ بِمُبْطِلٍ كَالْعَمَلِ الْكَثِيرِ لَمْ تَبْطُلْ إلَّا بِالشُّرُوعِ - أَنَّهَا لَا تَنْقَطِعُ هُنَا بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِعَادَةِ مَا غَسَلَهُ بَعْدَ الْعَزْمِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

وَقَدْ رَأَيْتُ فِي الْقَسْطَلَّانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: ٥] مَا نَصُّهُ أَيْ لَا يُشْرِكُونَ بِهِ فَمَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ فَقَطْ، إخْلَاصٌ مَا لَمْ يَشُبْهُ رُكُونٌ، أَوْ حَظٌّ كَطُهْرِهِ لِلَّهِ مَعَ نِيَّةِ تَبَرُّدٍ وَصَوْمٍ لِلَّهِ مَعَ نِيَّةِ الْحَمِيَّةِ وَنَحْوِهَا، أَوْ يَعْتَكِفُ لِلَّهِ بِمَسْجِدٍ وَيَدْفَعُ مُؤْنَةَ الْمَسْكَنِ وَهَذِهِ النِّيَّةُ لَا تُحْبِطُ الْعَمَلَ لِصِحَّةِ حَجِّهِ لِلَّهِ تَعَالَى مَعَ التِّجَارَةِ إجْمَاعًا فَالْإِخْلَاصُ مَا صُفِّيَ عَنْ الْكَدَرِ وَخُلِّصَ مِنْ الشَّوَائِبِ، وَآفَةُ الرِّيَاءِ آفَةٌ عَظِيمَةٌ تَقْلِبُ الطَّاعَةَ مَعْصِيَةً فَالْإِخْلَاصُ رَأْسُ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ وَرَأَيْت بِهَامِشِهِ بِخَطِّ الشَّيْخِ أَبِي الْعِزِّ الْعَجَمِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: لَا تُحْبِطُ الْعَمَلَ أَيْ لَا تُبْطِلُ الْعَمَلَ بِحَيْثُ يَحْتَاجُ إلَى إعَادَتِهِ ثَانِيًا بَلْ يَسْقُطُ بِهِ الطَّلَبُ عَنْ الْمُكَلَّفِ وَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهِ الرِّيَاءُ، أَوْ حَظٌّ دُنْيَوِيٌّ أَمَّا الثَّوَابُ فَالرِّيَاءُ يَمْنَعُ مِنْ حُصُولِهِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا غَيْرُ الرِّيَاءِ فَفِيهِ خِلَافٌ قَالَهُ حَجّ فِي بَابِ الْوُضُوءِ مِنْ التُّحْفَةِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ قَصْدَ الْعِبَادَةِ يُثَابُ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِ، وَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهِ غَيْرُهُ مَا عَدَا الرِّيَاءَ وَنَحْوَهُ مُسَاوِيًا، أَوْ رَاجِحًا وَخَالَفَهُ الشَّمْسُ الرَّمْلِيُّ فَقَالَ: حَيْثُ وَقَعَ تَشْرِيكٌ بَيْنَ عِبَادَةٍ وَغَيْرِهَا فَاَلَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا ثَوَابَ لَهُ مُطْلَقًا، وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ اعْتِبَارُ الْبَاعِثِ فَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ بَاعِثَ الْآخِرَةِ أُثِيبَ، وَإِلَّا فَلَا اهـ وَقَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي مَحَلٍّ آخَرَ مَا نَصُّهُ: وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَائِي بِعَمَلِهِ الْوَاجِبَ غَيْرُ مُثَابٍ وَإِنْ سَقَطَ عِقَابُهُ بِفِعْلِهِ كَذَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ كَالْكَرْمَانِيِّ وَتَعَقَّبَهُ الْعَيْنِيُّ بِأَنَّ سُقُوطَ الْعِقَابِ مُطْلَقًا غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ الصَّحِيحُ التَّفْصِيلُ فِيهِ وَهُوَ أَنَّ الْعِقَابَ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ يَسْقُطُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِعَيْنِ الْوَاجِبِ وَلَكِنَّهُ كَانَ مَأْمُورًا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا عَلَيْهِ بِالْإِخْلَاصِ وَتَرْكِ الرِّيَاءِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَاقَبَ عَلَى تَرْكِ الْإِخْلَاصِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ وَتَارِكُ الْمَأْمُورِ بِهِ يُعَاقَبُ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى يَثْبُتُ فِي الْأَجْرِ وَإِنْ حَصَلَ لِفَاعِلِهِ فِي ضِمْنِهِ حَظُّ شَهْوَةٍ مِنْ لَذَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَوَضْعِ اللُّقْمَةِ فِي فَمِ الزَّوْجَةِ وَهُوَ غَالِبًا لِحَظِّ النَّفْسِ وَالشَّهْوَةِ، وَإِذَا ثَبَتَ الْأَجْرُ فِي هَذَا فَفِيمَا يُرَادُ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى فَقَطْ أَحْرَى تَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ: غَسْلُ وَجْهِهِ) أَيْ الْمُتَوَضِّئِ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى، وَفِي هَدِيَّةِ النَّاصِحِ أَنَّ غَسْلَ الْوَجْهِ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثِينَ فَرْضًا وَعَدَّهَا فَلْيُرَاجَعْ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: مَا بَيْنَ مَنَابِتِ شَعْرِ رَأْسِهِ) الْمَنَابِتُ جَمْعُ مَنْبِتٍ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا اهـ مِصْبَاحٌ.

وَعِبَارَةُ الْقَامُوسِ، وَالْمَنْبِتُ كَمَجْلِسٍ مَوْضِعُهُ - أَيْ النَّبَاتِ - شَاذٌّ، وَالْقِيَاسُ كَمَقْعَدٍ اهـ أَيْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ يَنْبُتُ بِالضَّمِّ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَصْدَرُهُ عَلَى وَزْنِ مَفْعَلُ بِالْفَتْحِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُوَاجَهَةَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِتَحْدِيدِ الْوَجْهِ بِمَا ذُكِرَ اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ: تَقَعُ بِذَلِكَ اعْتَرَضَ عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْوَاقِعَةِ فِي السُّنَّةِ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهُمْ إنْ أَرَادُوا الِاشْتِقَاقَ فَلَيْسَ بِجَيِّدٍ بَلْ الْعَكْسُ أَوْلَى وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْمُوَاجَهَةُ مُشْتَقَّةً مِنْ الْوَجْهِ؛ لِأَنَّهَا الْمُقَابَلَةُ وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُوَاجَهَةَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ قَدْ تَشْتَقُّ أَفْعَالًا مِنْ أَسْمَاءٍ غَيْرِ مَصَادِرَ نَحْوُ قَوْلِهِمْ اسْتَحْجَرَ الطِّينُ قَالَ شَيْخُنَا وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْمُوَاجَهَةَ سَبَبٌ فِي تَسْمِيَةِ الْوَجْهِ بِذَلِكَ الِاسْمِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الِاشْتِقَاقَ حَقِيقَةً فَتَأَمَّلْ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَجِبُ غَسْلُ دَاخِلِ الْعَيْنِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر بِخِلَافِ بَاطِنِ الْأَنْفِ، وَالْفَمِ، وَالْعَيْنِ فَلَا يَجِبُ غَسْلُهَا بَلْ وَلَا يُسْتَحَبُّ غَسْلُ بَاطِنِ الْعَيْنِ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِكَرَاهَتِهِ لِضَرَرِهِ نَعَمْ إنْ تَنَجَّسَ بَاطِنُهَا وَجَبَ غَسْلُهُ وَيُفَرَّقُ بِغِلَظِ النَّجَاسَةِ بِدَلِيلِ إزَالَتِهَا عَنْ الشَّهِيدِ حَيْثُ كَانَتْ غَيْرَ دَمِ الشَّهَادَةِ وَيَجِبُ غَسْلُ مُوقِ الْعَيْنِ قَطْعًا فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ نَحْوُ رَمَاصٍ يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الْمَحَلِّ الْوَاجِبِ غَسْلُهُ وَجَبَ إزَالَتُهُ وَغَسْلُ مَا تَحْتَهُ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ نَحْوُ رَمَاصٍ عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ الرَّمَصُ بِفَتْحَتَيْنِ وَسَخٌ يَجْتَمِعُ فِي الْمُوقِ فَإِنْ سَالَ فَهُوَ غَمَصٌ وَإِنْ جَمَدَ فَهُوَ رَمَصٌ وَقَدْ رَمِصَتْ عَيْنُهُ مِنْ بَابِ طَرِبَ انْتَهَتْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ " رَمَاصٍ " بِالْأَلِفِ لَعَلَّهُ لُغَةٌ أُخْرَى اهـ ع ش عَلَيْهِ

وَالْمُوقُ بِالْهَمْزَةِ، وَالْوَاوِ مُؤْخِرُ الْعَيْنِ مِمَّا يَلِي الْأَنْفَ وَمَا يَلِي الْخَدَّ يُقَالُ لَهُ لَحَاظٌ بِفَتْحِ اللَّامِ اهـ شَيْخُنَا لَكِنْ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ أَجْمَعَ أَهْلُ اللُّغَةِ عَلَى أَنَّ الْمُوقَ وَالْمَاقَ لُغَتَانِ بِمَعْنَى الْمُؤْخِرِ وَهُوَ مَا يَلِي الصُّدْغَ اهـ أُجْهُورِيٌّ. (قَوْلُهُ: مَحَلُّ غَمَمٍ) مَأْخُوذٌ مِنْ غُمَّ الشَّيْءُ إذَا اسْتَتَرَ وَمِنْهُ غُمَّ الْهِلَالُ وَيُقَالُ رَجُلٌ أَغَمُّ وَامْرَأَةٌ غَمَّاءُ، وَالْعَرَبُ تَذُمُّ بِهِ، وَتَمْدَحُ بِالنَّزَعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>