(وَيَحْلِقُ) لِلْآيَةِ الْآتِيَةِ وَلِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ (أَوْ يُقَصِّرُ) لِلْآيَةِ وَلِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْحَلْقِ (وَالْحَلْقُ أَفْضَلُ لِلذَّكَرِ) (
ــ
[حاشية الجمل]
يُشْعِرُهَا؛ لِأَنَّهَا ضَعِيفَةٌ وَيَكُونُ تَقْلِيدُ الْجَمِيعِ وَالْإِشْعَارُ وَهِيَ مُسْتَقْبِلَةُ الْقِبْلَةِ وَالْبَدَنَةُ بَارِكَةٌ وَهَلْ الْأَفْضَلُ أَنْ يُقَدِّمَ الْإِشْعَارَ عَلَى التَّقْلِيدِ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُقَدِّمُ الْإِشْعَارَ فَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالثَّانِي وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُقَدِّمُ التَّقْلِيدَ وَقَدْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِنْ فِعْلِهِ وَالْأَمْرُ فِي هَذَا قَرِيبٌ وَإِذَا قَلَّدَ النَّعَمَ وَأَشْعَرَهَا لَمْ تَصِرْ هَدْيًا وَاجِبًا عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ كَمَا لَوْ كَتَبَ الْوَقْفَ عَلَى بَابِ دَارِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَفْضَلَ سَوْقُ الْهَدْيِ مِنْ بَلَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمِنْ طَرِيقِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ مَكَّةَ أَوْ مِنًى وَصِفَاتُ الْهَدْيِ الْمُطْلَقِ كَصِفَاتِ الْأُضْحِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ وَلَا يُجْزِئُ فِيهِمَا جَمِيعًا إلَّا الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ أَوْ الثَّنِيُّ مِنْ الْمَعْزِ أَوْ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ.
(فَرْعٌ)
وَيُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَوَلَّى ذَبْحَ هَدْيِهِ وَأُضْحِيَّتِهِ بِنَفْسِهِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتَنِيبَ رَجُلًا لِيَذْبَحَ عَنْهَا وَيَنْوِيَ عِنْدَ ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ أَوْ الْهَدْيِ الْمَنْذُورَيْنِ أَنَّهَا ذَبِيحَةٌ عَنْ هَدْيِهِ الْمَنْذُورِ أَوْ أُضْحِيَّتِهِ الْمَنْذُورَةِ وَإِنْ كَانَتْ تَطَوُّعًا نَوَى التَّقَرُّبَ بِهَا وَلَوْ اسْتَنَابَ فِي ذَبْحِ هَدْيِهِ أَوْ أُضْحِيَّتِهِ جَازَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَحْضُرَهَا صَاحِبُهَا عِنْدَ الذَّبْحِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ النَّائِبُ مُسْلِمًا ذَكَرًا فَإِنْ اسْتَنَابَ كَافِرًا كِتَابِيًّا أَوْ امْرَأَةً صَحَّ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ، وَالْمَرْأَةُ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ أَوْلَى مِنْ الْكَافِرِ وَيَنْوِي صَاحِبُ الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ عِنْدَ الدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ أَوْ عِنْدَ ذَبْحِهِ فَإِنْ فَوَّضَ إلَى الْوَكِيلِ النِّيَّةَ أَيْضًا جَازَ إنْ كَانَ مُسْلِمًا فَإِنْ كَانَ كَافِرًا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ النِّيَّةِ فِي الْعِبَادَاتِ، بَلْ يَنْوِي صَاحِبُهَا عِنْدَ دَفْعِهَا إلَيْهِ أَوْ عِنْدَ ذَبْحِهِ.
وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ وَلَا الْهَدْيِ سَوَاءٌ كَانَ وَاجِبًا أَوْ تَطَوُّعًا فَيَحْرُمُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ لَحْمِهَا وَجِلْدِهَا وَشَحْمِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَجْزَائِهَا وَإِنْ كَانَتْ تَطَوُّعًا جَازَ الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِهَا وَالِادِّخَارُ مِنْ شَحْمِهَا وَبَعْضِ لَحْمِهَا لِلْأَكْلِ وَالْهَدِيَّةِ.
فِي وَقْتِ ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ الْمُتَطَوَّعِ بِهِمَا وَالْمَنْذُورَيْنِ فَيَدْخُلُ وَقْتُهَا إذَا مَضَى قَدْرُ صَلَاةِ الْعِيدِ وَخُطْبَتَيْنِ مُعْتَدِلَتَيْنِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ يَوْمَ النَّحْرِ سَوَاءٌ صَلَّى الْإِمَامُ أَمْ لَمْ يُصَلِّ وَسَوَاءٌ أَصَلَّى الْمُضَحِّي أَمْ لَمْ يُصَلِّ وَيَبْقَى إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَيَجُوزُ فِي اللَّيْلِ، لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَذْبَحَ عَقِيبَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْحَلْقِ فَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ الْمَذْكُورُ فَإِنْ كَانَتْ الْأُضْحِيَّةُ أَوْ الْهَدْيُ مَنْذُورَيْنِ لَزِمَهُ ذَبْحُهُمَا وَإِنْ كَانَا تَطَوُّعًا فَقَدْ فَاتَ الْهَدْيُ وَالْأُضْحِيَّةُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَأَمَّا الدِّمَاءُ الْوَاجِبَةُ فِي الْحَجِّ بِسَبَبِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ أَوْ اللُّبْسِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ مَحْظُورٍ أَوْ تَرْكِ مَأْمُورٍ فَوَقْتُهَا مِنْ حِينِ وُجُوبِهَا بِوُجُودِ سَبَبِهَا وَلَا يَخْتَصُّ بِيَوْمِ النَّحْرِ وَلَا غَيْرِهِ، لَكِنَّ الْأَفْضَلَ فِيمَا يَجِبُ مِنْهَا فِي الْحَجِّ أَنْ يَذْبَحَهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى فِي وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ.
لَوْ عَطِبَ الْهَدْيُ فِي الطَّرِيقِ فَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا فَعَلَ بِهِ مَا شَاءَ مِنْ بَيْعٍ وَأَكْلٍ وَغَيْرِهِمَا وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا لَزِمَهُ ذَبْحُهُ فَإِنْ تَرَكَهُ فَمَاتَ ضَمِنَهُ وَإِذَا ذَبَحَهُ غَمَسَ النَّعْلَ الَّتِي قَلَّدَهُ فِي دَمِهِ وَضَرَبَ بِهَا سَنَامَهُ وَتَرَكَهُ لِيَعْلَمَ مَنْ مَرَّ بِهِ أَنَّهُ هَدْيٌ فَيَأْكُلَ مِنْهُ، وَلَا تَتَوَقَّفُ إبَاحَةُ الْأَكْلِ مِنْهُ عَلَى قَوْلِهِ أَبَحْته عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُهْدِي وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ رُفْقَتِهِ الْأَغْنِيَاءِ وَلَا الْفُقَرَاءِ الْأَكْلُ مِنْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ) وَإِذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْحَلْقُ صَبَرَ إلَى إمْكَانِهِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ وَلَا تَكْفِيهِ الْفِدْيَةُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَفْضَلُ لِلذَّكَرِ) وَيَنْعَقِدُ نَذْرُهُ لَهُ وَيَكْفِيهِ عَنْ النَّذْرِ حَلْقُ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ فَأَكْثَرَ إلَّا إنْ صَرَّحَ بِاسْتِيعَابِ رَأْسِهِ فَيَلْزَمُهُ اسْتِيعَابُهُ وَلَا يَكْفِي عَنْ النَّذْرِ مَا لَا يُسَمَّى حَلْقًا كَقَصٍّ وَنَتْفٍ وَإِحْرَاقٍ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَزِمَهُ دَمٌ كَنَذْرِ الْمَشْيِ، وَقَوْلُهُ مِنْ أُنْثَى وَخُنْثَى وَيَنْعَقِدُ نَذْرُهُمَا لَهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ التَّقْصِيرَ وَعَلَيْهِ فَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الدُّعَاءَ لِلْمُقَصِّرَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَطْلُوبٌ مِنْهُ فَهُوَ كَنَذْرِ الْمَشْيِ اهـ. حَجّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ انْضَمَّ لِكَوْنِهِ مَفْضُولًا كَوْنُهُ شِعَارَ النِّسَاءِ عُرْفًا بِخِلَافِ نَحْوِ الْمَشْيِ اهـ حَجّ. قَالَ فِي الرَّوْضِ فَإِنْ نَذَرَهُ وَجَبَ أَيْ وَلَمْ يَجُزْ الْقَصُّ أَيْ وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يُسَمَّى حَلْقًا، قَالَ فِي شَرْحِهِ وَإِذَا اسْتَأْصَلَهُ بِمَا لَا يُسَمَّى حَلْقًا هَلْ يَبْقَى الْحَلْقُ فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يَتَعَلَّقَ بِالشَّعْرِ الْمُسْتَخْلَفِ تَدَارُكًا الْتَزَمَهُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ النُّسُكَ أَنَّمَا هُوَ إزَالَةُ شَعْرٍ اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ الْمُتَّجَهُ الثَّانِي لَكِنْ لَزِمَهُ لِفَوَاتِ الْوَصْفِ دَمٌ إلَخْ اهـ. بَقِيَ مَا لَوْ نَذَرَ نَحْوَ الْإِحْرَاقِ أَوْ النَّتْفِ هَلْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ لِكَوْنِهِ مَطْلُوبًا مِنْ حَيْثُ عُمُومُهُ وَيُجْزِيهِ نَحْوُ الْحَلْقِ وَمَا لَوْ نَذَرَ حَلْقَ بَعْضِ الرَّأْسِ وَقَدْ يُتَّجَهُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَقَدْ يُقَالُ كَرَاهَتُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute