للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ إزَالَتُهَا (مِنْ) شَعْرِ (رَأْسٍ) وَلَوْ مُسْتَرْسِلَةً عَنْهُ أَوْ مُتَفَرِّقَةً لِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ بِإِزَالَتِهَا الْمُحَرَّمَةِ وَاكْتِفَاءً بِمُسَمَّى الْجَمْعِ الْمَأْخُوذِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ} [الفتح: ٢٧] أَيْ شَعْرَهَا، وَقَوْلِي مِنْ رَأْسٍ مِنْ زِيَادَتِي (وَسُنَّ لِمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ إمْرَارُ مُوسًى عَلَيْهِ) تَشْبِيهًا بِالْحَالِقِينَ (وَيَدْخُلُ مَكَّةَ وَيَطُوفُ لِلرُّكْنِ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَكَمَا يُسَمَّى طَوَافَ الرُّكْنِ يُسَمَّى طَوَافَ الْإِفَاضَةِ

ــ

[حاشية الجمل]

أَخْذُ شَعْرَةٍ عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ نَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ) أَيْ أَوْ ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ كُلٍّ مِنْ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ اهـ. ابْنُ حَجَرٍ.

(قَوْلُهُ: أَيْ إزَالَتُهَا) بَيَّنَ بِهِ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى هَذَا الْإِضْمَارِ لِصِحَّةِ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ فِعْلٌ وَلَيْسَ هُوَ الثَّلَاثَ فَالْمُرَادُ الْإِزَالَةُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: مِنْ شَعْرِ رَأْسٍ) فَلَا يُجْزِئُ شَعْرُ غَيْرِهِ وَإِنْ وَجَبَتْ فِيهِ الْفِدْيَةُ أَيْضًا لِوُرُودِ لَفْظِ الْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ فِيهِ وَاخْتِصَاصُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَادَةً بِشَعْرِ الرَّأْسِ اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُسْتَرْسِلَةً إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَشَمِلَ ذَلِكَ الْمُسْتَرْسَلَ عَنْهُ وَمَا لَوْ أَخَذَهَا مُتَفَرِّقَةً كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالْمَنَاسِكِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّوْضَةِ خِلَافَهُ حَيْثُ بَنَاهُ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ تَكْمِيلِ الدَّمِ بِإِزَالَتِهَا الْمُحَرَّمَةِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْبِنَاءِ الِاتِّحَادُ فِي التَّصْحِيحِ نَعَمْ يَزُولُ بِالتَّفْرِيقِ الْفَضِيلَةُ وَالْأَحْوَطُ تَوَالِيهَا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: بِمُسَمَّى الْجَمْعِ) أَيْ الْمُقَدَّرِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ وَتَسْمِيَتُهُ جَمْعًا نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَإِلَّا فَهُوَ اصْطِلَاحًا اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٌّ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ بِالتَّاءِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَحْلِقُوا أَوْ يُقَصِّرُوا» ، وَإِطْلَاقُهُ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِحُصُولِ أَقَلِّ مُسَمَّى اسْمِ الْجِنْسِ الْجَمْعِيِّ الْمُقَدَّرِ فِي {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ} [الفتح: ٢٧] أَيْ شَعْرَ رُءُوسِكُمْ إذْ هِيَ لَا تُحْلَقُ وَأَقَلُّ مُسَمَّاهُ ثَلَاثًا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ لِمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لَهُ إمْرَارُ إلَخْ انْتَهَتْ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ عَدَّهُمْ أَرْكَانَ الْحَجِّ فِيمَا سَيَأْتِي سِتَّةً مَخْصُوصٌ بِمَنْ بِرَأْسِهِ شَعْرٌ إمَّا غَيْرُهُ فَهِيَ فِي حَقِّهِ خَمْسَةٌ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَسُنَّ لِمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ) أَيْ أَوْ بِبَعْضِهِ بِأَنْ حَلَقَ كَذَلِكَ أَوْ كَانَ قَدْ حَلَقَ وَاعْتَمَرَ مِنْ سَاعَتِهِ كَمَا مَثَّلَهُ الْعِمْرَانِيُّ. اهـ. شَرْحُ م ر.

وَعِبَارَةُ حَجّ وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِبَعْضِ رَأْسِهِ شَعْرٌ سُنَّ إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَى الْبَاقِي أَيْ سَوَاءٌ حَلَقَ ذَلِكَ الْبَعْضَ أَمْ قَصَّرَهُ عَلَى الْأَوْجَهِ لِلتَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ أَيْ إذْ هُوَ كَمَا يَكُونُ فِي الْكُلِّ يَكُونُ فِي الْبَعْضِ وَلَيْسَ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ أَصْلٍ وَبَدَلٍ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ لِاخْتِلَافِ مَحَلِّهِمَا عَلَى أَنَّ هَذَا الْإِمْرَارَ لَيْسَ بَدَلًا وَإِلَّا لَوَجَبَ فِي الْبَعْضِ حَيْثُ لَا شَعْرَ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا يَلْزَمُهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّقْصِيرِ أَنَّهُ يُمِرُّ الْمُوسَى عَلَى بَقِيَّةِ رَأْسِهِ انْتَهَتْ، قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَوْ أَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ أَوْ شَارِبِهِ شَيْئًا كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ لِئَلَّا يَخْلُوَ عَنْ أَخْذِ الشَّعْرِ وَصَرَّحَ الْقَاضِي أَيْضًا بِأَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْمُقَصِّرِ مَا ذُكِرَ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَصَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا حَلَقَ رَأْسَهُ قَصَّ أَظْفَارَهُ» أَيْ فَيُسَنُّ لِلْحَالِقِ أَيْضًا وَإِنَّمَا وَجَبَ مَسْحُ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ عِنْدَ فَقْدِ شَعْرِهِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ ثَمَّ تَعَلَّقَ بِالرَّأْسِ وَهُنَا بِشَعْرِهِ وَيُسَنُّ لِلْحَالِقِ الْبُدَاءَةُ بِشِقِّهِ الْأَيْمَنِ فَيَسْتَوْعِبُهُ بِالْحَلْقِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ الْمَحْلُوقُ الْقِبْلَةَ وَأَنْ يُكَبِّرَ بَعْدَ فَرَاغِهِ وَأَنْ يَدْفِنَ شَعْرَهُ لَا سِيَّمَا الْحَسَنَ لِئَلَّا يُؤْخَذَ لِلْوَصْلِ وَأَنْ يَسْتَوْعِبَ الْحَلْقَ أَوْ التَّقْصِيرَ وَأَنْ يَكُونَ بَعْدَ كَمَالِ الرَّمْيِ وَغَيْرُ الْمُحْرِمِ مِثْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ غَيْرَ التَّكْبِيرِ وَالرَّمْيِ وَأَنْ يَبْلُغَ بِالْحَلْقِ إلَى الْعَظْمَيْنِ مِنْ الْأَصْدَاغِ؛ لِأَنَّهُمَا مَنْبَتُ شَعْرِ الرَّأْسِ وَأَنْ لَا يُشَارِطَ عَلَيْهِ وَأَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ ظُفُرِهِ عِنْدَ فَرَاغِهِ وَأَنْ يَقُولَ بَعْدَ فَرَاغِهِ اللَّهُمَّ آتِنِي بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَسَنَةً وَامْحُ عَنِّي بِهَا سَيِّئَةً وَارْفَعْ لِي بِهَا دَرَجَةً وَاغْفِرْ لِي وَلِلْمُحَلِّقَيْنِ وَالْمُقَصِّرِينَ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَأَنْ لَا يُشَارِطَ عَلَيْهِ أَيْ أَنْ لَا يُشَارِطَ عَلَيْهِ لِلْحَالِقِ أُجْرَةً مَعْلُومَةً.

وَعِبَارَةُ حَجّ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّهُ يُعْطِيهِ ابْتِدَاءً مَا تَطِيبُ بِهِ نَفْسُهُ فَإِنْ رَضِيَ وَإِلَّا زَادَهُ لَا أَنَّهُ يَسْكُتُ إلَى فَرَاغِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ رُبَّمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ نِزَاعٌ إذَا لَمْ يَرْضَ الْحَلَّاقُ بِمَا يُعْطِيهِ لَهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(فَائِدَةٌ)

صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَلَقَ رَأْسَهُ الْمُقَدَّسَ وَقَسَمَ شَعْرَهُ فَأَعْطَى نِصْفَهُ النَّاسَ الشَّعْرَةَ وَالشَّعْرَتَيْنِ وَأَعْطَى نِصْفَهُ الْبَاقِيَ أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ» وَإِنَّمَا خَصَّهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ سَتَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَأْسِهِ يَوْمَ أُحُدٍ مِنْ النَّبْلِ وَكَانَ يَتَطَاوَلُ بِصَدْرِهِ لِيَقِيَهُ وَيَقُولُ نَحْرِي دُونَ نَحْرِك وَنَفْسِي دُونَ نَفْسِك وَاَلَّذِي حَلَقَ رَأْسَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ خِرَاشُ بْنُ أُمَيَّةَ الْخُزَاعِيُّ وَاَلَّذِي حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَدَوِيُّ وَصَحَّ أَنَّهُ «دَعَا لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا وَلِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً» اهـ.

مِنْ هَوَامِشِ بَعْضِ نُسَخِ م ر وَيَنْبَغِي اسْتِحْبَابُ إمْرَارِ آلَةِ الْقَصِّ فِيمَنْ يُسْتَحَبُّ فِي حَقِّهِ التَّقْصِيرُ تَشْبِيهًا بِالْمُقَصِّرِينَ، قَالَهُ الشَّيْخُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: إمْرَارُ مُوسًى عَلَيْهِ) مُوسًى بِالتَّنْوِينِ

<<  <  ج: ص:  >  >>