للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مَعًا أَوْ يَبْدَأَ بِحَجٍّ أَوْ بِعُمْرَةٍ، «قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

أَحَدُهَا أَنْ يُؤَدَّيَا (بِإِفْرَادٍ بِأَنْ يَحُجَّ ثُمَّ يَعْتَمِرَ) بِأَنْ يُحْرِمَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْحَجِّ بِالْعُمْرَةِ وَيَأْتِيَ بِعَمَلِهَا (وَ) ثَانِيهَا (بِتَمَتُّعٍ بِأَنْ يَعْكِسَ) بِأَنْ يَعْتَمِرَ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مِيقَاتِ بَلَدِهِ ثُمَّ يَحُجَّ سَوَاءٌ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ أَمْ مِنْ مِيقَاتٍ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْهُ أَمْ مِنْ مِثْلِ مَسَافَتِهِ أَمْ مِنْ مِيقَاتٍ أَقْرَبَ مِنْهُ، وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ اشْتِرَاطَ كَوْنِهِ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنْ مِيقَاتِ عُمْرَتِهِ وَكَوْنُ الْعُمْرَةِ مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ وَيُسَمَّى الْآتِي بِذَلِكَ مُتَمَتِّعًا لِتَمَتُّعِهِ بِمَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ أَوْ لِتَمَتُّعِهِ بِسُقُوطِ الْعَوْدِ لِلْمِيقَاتِ عَنْهُ

ــ

[حاشية الجمل]

أَمَّا غَيْرُ الْأَفْضَلِ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَأَنْ يُحْرِمَ بِحَجٍّ فَقَطْ أَوْ عُمْرَةٍ فَقَطْ أَيْ وَلَا يَأْتِي بِالْآخَرِ مِنْ عَامِهِ اهـ. رَشِيدِيّ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مَعًا إلَخْ) فَإِنْ قُلْت يَرِدُ عَلَى الْحَصْرِ مَا لَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا قُلْت هُوَ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِصَرْفِهِ لِوَاحِدٍ مِنْهَا فَالْإِحْرَامُ مُطْلَقًا مَعَ الصَّرْفِ إلَى وَاحِدٍ مِنْهَا فِي مَعْنَى الْإِحْرَامِ ابْتِدَاءً بِذَلِكَ الْوَاحِدِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ حَيْثُ يَنْعَقِدُ عُمْرَةً مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى صَرْفٍ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سَمِّ.

(قَوْلُهُ: قَالَتْ عَائِشَةُ إلَخْ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْحَصْرِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَأْخِيرَ هَذَا الدَّلِيلِ عَنْ كَلَامِ الْمَتْنِ عَلَى عَادَتِهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: بِإِفْرَادِ) الْبَاءِ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ حَالَ كَوْنِهِمَا مُلَابِسَيْنِ لِوَاحِدٍ مِنْ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ أَوْ بِمَعْنَى مَعَ اهـ. شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر أَحَدُهَا لِإِفْرَادِ الْأَفْضَلِ وَيَحْصُلُ بِأَنْ يَحُجَّ أَيْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنْ مِيقَاتِهِ وَيَفْرَغَ مِنْهُ ثُمَّ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ عَامِهِ كَإِحْرَامِ الْمَكِّيِّ بِأَنْ يَخْرُجَ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ فَيُحْرِمَ بِهَا وَيَأْتِيَ بِعَمَلِهَا، أَمَّا غَيْرُ الْأَفْضَلِ فَلَهُ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَأْتِيَ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ فِي سَنَةٍ، الثَّانِيَةُ أَنْ يَعْتَمِرَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ يَحُجَّ مِنْ الْمِيقَاتِ عَلَى مَا يَأْتِي ثُمَّ قَالَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَأَفْضَلُهَا إفْرَادٌ شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ اعْتَمَرَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَيُسَمَّى إفْرَادًا أَيْضًا وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَكَانَ مُرَادُهُمَا بِأَنَّهُ يُسَمَّى بِذَلِكَ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ التَّمَتُّعِ الْمُوجِبِ لِلدَّمِ وَإِلَّا فَمُطْلَقُ التَّمَتُّعِ يَشْمَلُ ذَلِكَ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ بَلْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى تَمَتُّعًا انْتَهَتْ.

وَعِبَارَةُ حَجّ وَقَدْ يُطْلَقُ الْإِفْرَادُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ وَعَلَى مَا إذَا اعْتَمَرَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ فَحَصَرَهُ فِيمَا فِي الْمَتْنِ بِاعْتِبَارِ الْأَشْهُرِ أَوْ الْأَصْلِ وَوَاضِحٌ أَنَّ تَسْمِيَةَ الْأَوَّلِ إفْرَادٌ الْمُرَادُ بِهِ مُجَرَّدُ التَّسْمِيَةِ الْمَجَازِيَّةِ لَا غَيْرُ إذْ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَتَسْمِيَتُهُ إفْرَادًا حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ فَهُوَ مِنْ صُوَرِ الْإِفْرَادِ الْأَفْضَلِ قَالَ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ بِلَا خِلَافٍ وَأَقَرَّهُمْ مُحَقِّقُو الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَا يُنَافِيهِ تَقْيِيدُ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ أَفْضَلِيَّتَهُ بِأَنْ يَحُجَّ ثُمَّ يَعْتَمِرَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ لِبَيَانِ أَنَّهُ الْأَفْضَلُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَيْضًا مَا يَأْتِي أَنَّ الشُّرُوطَ الْآتِيَةَ إنَّمَا هِيَ شُرُوطٌ لِوُجُوبِ الدَّمِ لَا لِتَسْمِيَتِهِ تَمَتُّعًا، وَمِنْ ثَمَّ أَطْلَقَ غَيْرُ وَاحِدٍ كَالشَّيْخَيْنِ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ تَمَتُّعٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُسَمَّى تَمَتُّعًا لُغَوِيًّا أَوْ شَرْعِيًّا لَكِنْ مَجَازًا لَا حَقِيقَةً لِاسْتِحَالَةِ اجْتِمَاعِ الْإِفْرَادِ الْحَقِيقِيِّ وَالتَّمَتُّعِ الْحَقِيقِيِّ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ فَتَأَمَّلْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَنْبَغِي لِمَنْ بِمَكَّةَ يُرِيدُ الْإِفْرَادَ الْأَفْضَلَ عَلَى الْإِطْلَاقِ تَرْكُ الِاعْتِمَارِ فِي رَمَضَانَ مَثَلًا لِئَلَّا يَفُوتَهُ؛ لِأَنَّ الْفَضْلَ الْحَاضِرَ لَا يُتْرَكُ لِمُتَرَقِّبٍ وَنَظِيرُهُ مَا يَأْتِي أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُهُمْ بِنُدِبَ تَحَرِّي مَكَان أَوْ زَمَانٍ فَاضِلٍ لِلصَّدَقَةِ تَأْخِيرُهَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيُدْرِكُهُ أَوْ لَا بَلْ الْإِكْثَارُ مِنْهَا إذَا أَدْرَكَهُ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: أَمْ مِنْ مِيقَاتٍ أَقْرَبَ مِنْهُ) أَيْ أَقْرَبَ إلَى مَكَّةَ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْمِيقَاتِ الَّذِي أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْهُ وَالتَّقْيِيدُ بِالْأَقْرَبِيَّةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي حَقِيقَةِ التَّمَتُّعِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ الْآنَ وَلَا فِي وُجُوبِ الدَّمِ عَلَيْهِ الْآتِي ذِكْرُهُ فَإِنَّهُ إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ الْمِيقَاتِ الْأَقْرَبِ إلَى مَكَّةَ مِنْ مِيقَاتِ عُمْرَتِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الدَّمُ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يُعَدَّ لِإِحْرَامِ الْحَجِّ إلَى مِيقَاتٍ وَلَوْ أَقْرَبَ لِمَكَّةَ مِنْ مِيقَاتِ عُمْرَتِهِ فَكَانَ عَلَيْهِ تَرْكُ التَّقْيِيدِ بِالْأَقْرَبِيَّةِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: اشْتِرَاطُ كَوْنِهِ) أَيْ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ إيهَامُ هَذَا ظَاهِرٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ مِيقَاتِ عُمْرَتِهِ فَإِيهَامُ عِبَارَةِ الْأَصْلِ لَهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ، بَلْ لَيْسَ فِيهَا تَعَرُّضٌ لَهُ أَصْلًا وَنَصُّهَا بِأَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ وَيَفْرَغَ مِنْهَا ثُمَّ يُنْشِئَ حَجًّا مِنْ مَكَّةَ انْتَهَتْ، فَأَنْتَ تَرَى عِبَارَةَ الْأَصْلِ فِيهَا تَقْيِيدُ إحْرَامِ الْحَجِّ بِكَوْنِهِ مِنْ مَكَّةَ وَلَيْسَ فِيهَا تَعَرُّضٌ لِكَوْنِهِ مِنْ مِيقَاتِ عُمْرَتِهِ فَأَيْنَ الْإِيهَامُ الْمَذْكُورُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَلَعَلَّ الشَّيْخَ وَقَعَ لَهُ نُسْخَةٌ مِنْ نُسَخِ الْمِنْهَاجِ نَصُّهَا ثُمَّ يُنْشِئُ حَجًّا مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنْ مِيقَاتِ عُمْرَتِهِ لَكِنَّ الَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا م ر وَالْمُحَلَّى بَلْ وَحَجَّ النُّسْخَةُ الَّتِي سَمِعْتهَا وَفِي حَاشِيَةِ الشَّوْبَرِيِّ مَا نَصُّهُ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يُوهِمُ كَلَامُ الْأَصْلِ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ ثُمَّ يُنْشِئُ حَجًّا مِنْ مَكَّةَ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْإِحْرَامِ مِنْ مَكَّةَ لَا يَحْتَمِلُ الْإِحْرَامَ مِنْ مِيقَاتِ الْعُمْرَةِ بِوَجْهٍ قُلْت قَوْلُهُ: فِي شُرُوطِ الدَّمِ وَأَنْ لَا يَعُودَ لِإِحْرَامِ الْحَجِّ إلَى الْمِيقَاتِ يُفِيدُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِ الْإِحْرَامِ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنْ الْمِيقَاتِ فَأَوْهَمَ أَنَّ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ شَرْطٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سَمِّ.

(قَوْلُهُ: بِمَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ) فِيهِ أَنَّ هَذَا مَوْجُودٌ فِي الْإِفْرَادِ لَكِنَّ عِلَّةَ التَّسْمِيَةِ لَا تَقْتَضِي التَّسْمِيَةَ اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ، وَقَوْلُهُ: أَوْ لِتَمَتُّعِهِ بِسُقُوطِ الْعَوْدِ إلَخْ هَذَا لَا يُنَافِي وُجُوبَ الدَّمِ عَلَيْهِ اهـ. شَيْخُنَا.

وَفِي سَمِّ مَا نَصُّهُ قَالَ الطَّبَلَاوِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّ عِلَّةَ وُجُوبِ الدَّمِ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ كَوْنُهُ رَبِحَ مِيقَاتًا وَلِهَذَا إذَا عَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>