للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ دُونَ ضَمَانِهِمَا؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُمَا لَيْسَ مَحَلًّا لِلنُّسُكِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَصَيْدُ الْمَدِينَةُ حَرَامٌ وَلَا يُضْمَنُ.

(وَفِي) جَزَاءِ صَيْدٍ (مِثْلِيٍّ ذُبِحَ مِثْلُهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ) الشَّامِلِينَ لِفُقَرَائِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَشْمَلُ الْآخَرَ عِنْدَ الِانْفِرَادِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُفَرِّقَ لَحْمَهُ وَمَا يَتْبَعُهُ عَلَيْهِمْ أَوْ يُمَلِّكَهُمْ جُمْلَتَهُ مَذْبُوحًا (أَوْ إعْطَاؤُهُمْ بِقِيمَتِهِ) أَيْ بِقَدْرِ قِيمَةِ مِثْلِهِ (طَعَامًا يُجْزِئُ) فِي الْفِطْرَةِ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ يُقَوِّمُ الْمِثْلَ دَرَاهِمَ وَيَشْتَرِي بِهَا طَعَامًا لَهُمْ (أَوْ صَوْمٌ) حَيْثُ كَانَ (لِكُلِّ مُدٍّ يَوْمًا) ، قَالَ تَعَالَى {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: ٩٥] وَلَمْ يَعْتَبِرُوا فِي الصَّوْمِ كَوْنَهُ فِي الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ لَا غَرَضَ لِلْمَسَاكِينِ فِيهِ لَكِنَّهُ فِي الْحَرَمِ أَوْلَى لِشَرَفِهِ.

(وَ) فِي جَزَاءِ صَيْدٍ (غَيْرِ مِثْلِيٍّ) مِمَّا لَا نَقْلَ فِيهِ (تَصَدَّقَ) عَلَيْهِمْ (بِقِيمَتِهِ) أَيْ بِقَدْرِهَا (طَعَامًا أَوْ صَوْمٌ) لِكُلِّ مُدٍّ يَوْمًا كَالْمِثْلِيِّ، أَمَّا مَا فِيهِ نَقْلٌ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ كَالْمِثْلِيِّ كَمَا أَنَّ الْمِثْلِيَّ قَدْ يَكُونُ كَغَيْرِ الْمِثْلِيِّ كَالْحَامِلِ فَإِنَّهَا تُضْمَنُ بِحَامِلٍ وَلَا تُذْبَحُ بَلْ تُقَوَّمُ (فَإِنْ انْكَسَرَ مُدٌّ) فِي الْقِسْمَيْنِ (صَامَ يَوْمًا) ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَتَبَعَّضُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَالْعِبْرَةُ فِي قِيمَةِ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ وَزَمَانِهِ قِيَاسًا عَلَى كُلِّ مُتْلِفٍ مُتَقَوِّمٍ وَفِي قِيمَةِ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ بِمَكَّةَ زَمَنَ إرَادَةِ تَقْوِيمِهِ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ ذَبْحِهِ لَوْ أُرِيدَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي الْعُدُولِ إلَى الطَّعَامِ سِعْرُهُ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ

ــ

[حاشية الجمل]

أُحُدٍ جَبَلٌ صَغِيرٌ يُقَالُ لَهُ ثَوْرٌ وَهُوَ غَيْرُ ثَوْرٍ الَّذِي بِمَكَّةَ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: أَيْ دُونَ ضَمَانِهِمَا) هَذَا عَلَى الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِسَلْبِ الصَّائِدِ وَالْقَاطِعِ لِشَجَرِهِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَجْمُوعِ وَتَصْحِيحُ التَّنْبِيهِ لِثُبُوتِ ذَلِكَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الشَّجَرِ وَأَبُو دَاوُد فِي الصَّيْدِ وَعَلَى هَذَا فَقِيلَ إنَّهُ كَسَلْبِ الْقَتِيلِ الْكَافِرِ وَقِيلَ ثِيَابُهُ فَقَطْ وَقِيلَ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يُتْرَكُ لِلْمَسْلُوبِ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ السَّلْبَ لِلسَّالِبِ وَقِيلَ لِفُقَرَاءِ الْمَدِينَةِ وَقِيلَ لِبَيْتِ الْمَالِ اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَفِي مِثْلِيٍّ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ دِمَاءِ الْحَجِّ الْوَاجِبَةِ فِيهِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ تَرْجِعُ لِعِشْرِينَ نَوْعًا أَوْ أَكْثَرَ، فَقَوْلُهُ وَفِي مِثْلِيٍّ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى الْقِسْمِ الثَّالِثِ فِي نَظْمِ ابْنِ الْمُقْرِي وَذَكَرَ مِنْهُ نَوْعًا وَبَقِيَ لَهُ ثَانٍ وَهُوَ الْوَاجِبُ فِي قَطْعِ النَّابِتِ وَذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِيمَا سَبَقَ بِقَوْلِهِ ثُمَّ إنْ شَاءَ ذَبَحَ ذَلِكَ إلَخْ وَفِيمَا يَأْتِي بِقَوْلِهِ وَأَنَّ دَمَ الصَّيْدِ وَالنَّابِتِ إلَخْ وَقَدْ جَمَعَهُمَا ابْنُ الْمُقْرِي فِي قَوْلِهِ:

وَالثَّالِثُ التَّخْيِيرُ وَالتَّعْدِيلُ فِي ... صَيْدٍ وَأَشْجَارٍ بِلَا تَكَلُّفِ

إنْ شِئْت فَاذْبَحْ أَوْ فَعَدْلُ مِثْلِ مَا ... عَدَلْت فِي قِيمَةِ مَا تَقَدَّمَا

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يُفَرَّقَ لَحْمُهُ وَمَا يَتْبَعُهُ) أَيْ كَالْجِلْدِ وَالْكَرِشِ وَالشَّعْرِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهُ. اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: أَوْ يُمَلِّكُهُمْ جُمْلَتَهُ مَذْبُوحًا) أَيْ وَلَوْ قَبْلَ سَلْخِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ فِي تَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ مُتَسَاوِيًا أَوْ مُتَفَاوِتًا اهـ. حَجّ فَيُفِيدُ جَوَازَ تَمْلِيكِهِمْ جُمْلَتَهُ مُتَفَاوِتًا اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ كَأَنْ يَقُولَ لِثَلَاثَةٍ مَلَّكْتُكُمْ هَذِهِ الشَّاةَ عَلَى أَنَّ لِوَاحِدٍ مِنْكُمْ نِصْفَهَا وَآخَرَ ثُلُثَهَا وَآخَرَ سُدُسَهَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ إعْطَاؤُهُمْ بِقِيمَتِهِ طَعَامًا) وَحَيْثُ وَجَبَ صَرْفُ الطَّعَامِ إلَيْهِمْ فِي عَدَمِ التَّخْيِيرِ وَالتَّقْدِيرُ لَا يَتَعَيَّنُ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ مُدٌّ بَلْ يَجُوزُ دُونَهُ وَفَوْقَهُ فَإِنْ قُلْت هَلْ يُتَصَوَّرُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي نَحْوِ دَمِ التَّمَتُّعِ قُلْت نَعَمْ بِأَنْ يَمُوتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ فَيُطْعِمُ الْوَلِيُّ عَنْهُ فَإِنْ قُلْت الَّذِي يُتَّجَهُ فِي هَذِهِ إجْزَاءُ الطَّعَامِ بِغَيْرِ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الصَّوْمِ الَّذِي لَا يَتَقَيَّدُ بِهِ قُلْت نَعَمْ وَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ عَدُّ التَّمَتُّعِ مِمَّا يَتَعَيَّنُ فِي إطْعَامِهِ الْمُدَّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ مُدٍّ بَدَلٌ عَنْ يَوْمٍ وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ نَقْصُ وَلَا زِيَادَةُ بَعْضِ مُدٍّ آخَرَ بِخِلَافِ زِيَادَةِ مُدٍّ آخَرَ وَفَارَقَ التَّمَتُّعُ وَدَمُ التَّخْيِيرِ وَالتَّقْدِيرِ مَا عَدَاهُمَا بِأَنَّ الْمُدَّ فِيمَا عَدَاهُمَا أَصْلٌ لَا بَدَلٌ فَجَازَ نَقْصُهُ وَزِيَادَتُهُ مُطْلَقًا اهـ. حَجّ وَفِي الرَّشِيدِيِّ مَا نَصُّهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ دَمَ التَّعْدِيلِ يَجُوزُ النَّقْصُ فِيهِ عَنْ الْمُدِّ وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ مُرَتَّبًا أَمْ مُخَيَّرًا وَأَنَّ دَمَ التَّقْدِيرِ إنْ كَانَ مُخَيَّرًا فَالزِّيَادَةُ عَلَى الْمُدِّ ثَابِتُهُ بِالنَّصِّ؛ لِأَنَّهُ يُعْطِي لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ وَإِنْ كَانَ مُرَتَّبًا فَلَا إطْعَامَ فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ.

(قَوْلُهُ: بِقِيمَتِهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمِثْلِ الَّذِي يُذْبَحُ وَالْكَلَامُ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ كَمَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ بِقَدْرِ قِيمَةِ مِثْلِهِ فَقَوْلُهُ مِثْلُهُ تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ لَا تَقْدِيرُ مُضَافٍ آخَرَ كَمَا تُوُهِّمَ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ يُقَوِّمَ الْمِثْلَ إلَخْ) هَذَانِ الْفِعْلَانِ فِي عِبَارَةِ الْأَصْلِ مَنْصُوبَانِ وَنَصُّهَا وَبَيْنَ أَيْ وَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُقَوِّمَ الْمِثْلَ دَرَاهِمَ وَيَشْتَرِيَ بِهَا طَعَامًا اهـ. وَدَفَعَ شَارِحُهَا م ر الْقُصُورَ فِيهَا فَقَالَ أَوْ يُخْرِجَ مِقْدَارَهَا مِنْ طَعَامِهِ إذْ الشِّرَاءُ مِثَالٌ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ دَرَاهِمَ فِي كَلَامِ الْأَصْلِ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ شُذُوذًا. اهـ.

(قَوْلُهُ: هَدْيًا) حَالٌ مِنْ جَزَاءٍ فِي قَوْلِهِ {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: ٩٥] أَيْ حَالَ كَوْنِ الْجَزَاءِ هَدْيًا وَقَوْلُهُ: {بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥] نَعْتٌ لِ هَدْيًا وَإِنْ أُضِيفَ؛ لِأَنَّ إضَافَتَهُ لَا تُفِيدُ تَعْرِيفًا وَالْمُرَادُ بِالْكَعْبَةِ جَمِيعُ الْحَرَمِ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ وَمَعْنَى بَالِغَ الْحَرَمِ أَنَّهُ يَبْلُغُ بِهِ إلَى الْحَرَمِ وَيُذْبَحُ فِيهِ وَلَا يُذْبَحُ خَارِجَهُ اهـ. جَلَالٌ بِإِيضَاحٍ.

(قَوْلُهُ: تَصَدَّقَ بِقِيمَتِهِ طَعَامًا) طَعَامًا تَمْيِيزٌ أَوْ إنْ تَصَدَّقَ بِمَعْنَى أَعْطَى فَعَدَّاهُ بِنَفْسِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْبِيرُ بِالْإِعْطَاءِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ. اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: كَالْمِثْلِيِّ) أَيْ قِيَاسًا عَلَيْهِ فِي هَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ فَالْمِثْلُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِيهِمَا وَغَيْرُهُ مَقِيسٌ عَلَيْهِ فِيهِمَا.

(قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ أَنَّهُ كَالْمِثْلِيِّ) أَيْ فِي أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ وَقَوْلُهُ: كَغَيْرِ الْمِثْلِيِّ أَيْ فِي أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ خَصْلَتَيْنِ فَقَطْ الْإِطْعَامُ وَالصَّوْمُ.

(قَوْلُهُ: سِعْرُهُ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ جَرَيَانُ الِاحْتِمَالَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْ بَدَلِ الْمِثْلِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَ ع ش وَهَذَا بَيَانٌ لِلْمَكَانِ، وَأَمَّا الزَّمَانُ الَّذِي تُعْتَبَرُ فِيهِ قِيمَةُ الطَّعَامِ فَلَنْ يُبَيِّنَهُ وَقَدْ قَدَّمَ م ر فِي بَدَنَةِ الْجِمَاعِ اُعْتُبِرَ سِعْرُ مَكَّةَ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ وَعَنْ السُّبْكِيّ اعْتِبَارُ وَقْتِ الْوُجُوبِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلَهُ هُنَا اهـ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مُعْتَمَدَ م ر هُوَ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ وَأَنَّ مُعْتَمَدَ حَجّ

<<  <  ج: ص:  >  >>