للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالْحُدَيْبِيَةِ لَمَّا صَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ وَكَانَ مُحْرِمًا بِالْعُمْرَةِ فَنَحَرَ ثُمَّ حَلَقَ، وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا» وَسَوَاءٌ أُحْصِرَ الْكُلُّ أَمْ الْبَعْضُ مُنِعَ مِنْ الرُّجُوعِ أَيْضًا أَمْ لَا ثُمَّ إنْ كَانَ الْوَقْتُ وَاسِعًا فَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ التَّحَلُّلِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ فِي حَجٍّ فَالْأَفْضَلُ تَعْجِيلُهُ

ــ

[حاشية الجمل]

بِعَرَفَاتٍ وَمُنِعَ مَا سِوَى الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَتَمَكَّنَ مِنْهُمَا لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّحَلُّلُ بِالْإِحْصَارِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ بِالطَّوَافِ وَالْحَلْقِ وَيَلْزَمُهُ دَمٌ لِتَرْكِ الْمَبِيتِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ اهـ. سَمِّ.

١ -

(قَوْلُهُ: بِالْحُدَيْبِيَةِ) أَيْ حِينَ هَمَّ بِالدُّخُولِ مِنْهَا إلَى مَكَّةَ سَنَةَ سِتٍّ وَتَحَلَّلَ مَعَهُ أَصْحَابُهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ، وَقَوْلُهُ: عَنْهَا أَيْ عَنْ مَكَّةَ فَالْمَرْجِعُ مَعْلُومٌ مِنْ السِّيَاقِ.

(قَوْلُهُ: وَكَانَ مُحْرِمًا) أَيْ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِالْعُمْرَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ مِيقَاتِ الْمَدِينَةِ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَيْثُ قَالَ بِعَدَمِ التَّحَلُّلِ فِي الْعُمْرَةِ لِسَعَةِ وَقْتِهَا وَقَوْلُهُ: ثُمَّ احْلِقُوا قَالَ السُّهَيْلِيُّ إنَّ الصَّحَابَةَ لَمَّا حَلَقُوا رُءُوسَهُمْ بِالْحُدَيْبِيَةِ جَاءَتْ رِيحٌ حَمَلَتْ شُعُورَهُمْ وَأَلْقَتْهَا فِي الْحَرَمِ فَاسْتَبْشَرُوا بِقَبُولِ عُمْرَتِهِمْ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ إلَخْ) وَكَانُوا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ اهـ. شَرْحُ م ر وَكَانَ مَعَهُمْ سَبْعُمِائَةِ بَدَنَةٍ فَإِنْ قُلْت يُشْكِلُ عَلَى قَضِيَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ أَنَّ «عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ جُمْلَةِ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَدْ مَكَّنَتْهُ قُرَيْشٌ مِنْ الْبَيْتِ حِينَ أَرْسَلَهُ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَامْتَنَعَ مِنْ الطَّوَافِ لِكَرَاهَةِ ذَلِكَ مَعَ مَنْعِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ مَبْسُوطٌ فِي السِّيَرِ فَكَيْفَ جَازَ لِسَيِّدِنَا عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - التَّحَلُّلُ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ إتْيَانِهِ بِعُمْرَتِهِ وَقَدْ اطَّلَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ وَأَقَرَّهُ» قُلْت يَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ الْإِتْيَانَ بِهَا حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ وَمَكَّنُوهُ مِنْ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ لَا يَجِبُ فَوْرًا مَعَ تَجْوِيزِهِ أَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يَزُولَ الْمَانِعُ الْعَامُّ أَوْ وَحْدَهُ بِإِذْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَقَاءِ تَمْكِينِهِ وَحْدَهُ مِنْ الْبَيْتِ فَاتَّفَقَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَنْعُ الْعَامُّ لِعُثْمَانَ وَغَيْرِهِ كَمَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَرَكَ الْعَمَلَ ابْتِدَاءً لِأَدَاءِ اجْتِهَادِهِ إلَى امْتِنَاعِ ذَلِكَ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَمْنُوعًا مِنْهُ ثُمَّ مُنِعَ هُوَ مِنْهُ أَيْضًا بَعْدَ رُجُوعِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ أُحْصِرَ الْكُلُّ أَمْ الْبَعْضُ) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَنْعُ بِقَطْعِ طَرِيقٍ أَمْ بِغَيْرِهِ وَسَوَاءٌ حَصَلَ إحْيَاءُ الْكَعْبَةِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَدُوُّ فِرَقًا أَمْ فِرْقَةً وَاحِدَةً اهـ. سَمِّ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَسَوَاءٌ أُحْصِرَ الْكُلُّ أَمْ الْبَعْضُ) هَذَا التَّعْمِيمُ لِلرَّدِّ عَلَى الْخِلَافِ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَقِيلَ لَا تَتَحَلَّلُ الشِّرْذِمَةُ الْقَلِيلَةُ لِاخْتِصَاصِهَا بِالْإِحْصَارِ كَمَا لَوْ أَخْطَأَتْ الطَّرِيقَ أَوْ مَرِضَتْ وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ كَمَا فِي الْحَصْرِ الْعَامِّ لِمَا مَرَّ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَسَوَاءٌ أُحْصِرَ الْكُلُّ أَمْ الْبَعْضُ) الْأَوَّلُ هُوَ الْعَامُّ وَالثَّانِي هُوَ الْخَاصُّ وَمِنْهُ أَيْ الْخَاصِّ مَا لَوْ حُبِسَ ظُلْمًا أَوْ بِدَيْنٍ وَهُوَ مُعْسِرٌ بِهِ وَعَاجِزٌ عَنْ إثْبَاتِ إعْسَارِهِ بِهِ؛ لِأَنَّ مَشَقَّةَ كُلِّ أَحَدٍ لَا تَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ يَتَحَمَّلَ غَيْرُهُ مِثْلَهَا وَأَنْ لَا يَتَحَمَّلَ وَفَارَقَ جَوَازُ التَّحَلُّلِ بِالْحَبْسِ عَدَمَهُ بِالْمَرَضِ بِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْإِتْمَامَ بِخِلَافِ الْحَبْسِ اهـ. شَرْحُ م ر.

وَعِبَارَةُ ابْنِ الْجَمَّالِ الثَّانِي مِنْ الْمَوَانِعِ مَا لَوْ حُبِسَ ظُلْمًا وَلَوْ بِدَيْنٍ لَمْ يَعْصِ بِاسْتِدَانَتِهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَلَهُ التَّحَلُّلُ حِينَئِذٍ وَخَرَجَ بِظُلْمًا مَا إذَا حُبِسَ بِحَقٍّ كَأَنْ حُبِسَ بِدَيْنٍ هُوَ مُوسِرٌ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ دَيْنَهُ فَإِذَا أَدَّاهُ فَإِنْ شَاءَ أَتَمَّ نُسُكَهُ حَالًّا وَإِنْ شَاءَ أَتَمَّهُ مَآلًا وَخَرَجَ بِلَمْ يَعْصِ بِاسْتِدَانَتِهِ مَا لَوْ عَصَى بِهَا فَإِنْ تَابَ فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّءُوفِ جَوَازُ التَّحَلُّلِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ قِسْمِ الصَّدَقَاتِ حَيْثُ يُعْطِي اهـ. فَإِنْ فَاتَ الْحَجُّ لَمْ يَتَحَلَّلْ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ كَانَ الْوَقْتُ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي تَفْصِيلِ الْجَوَازِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِاللَّامِ فِي قَوْلِهِ لِمُحْصَرٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْوَقْتُ وَاسِعًا هَذَا يَتَأَتَّى فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَا يَكُونُ إلَّا فِي الْحَجِّ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ وَإِلَّا وَلَا يَكُونُ إلَّا فِي الْحَجِّ إذْ تَعْبِيرُهُ يُوهِمُ أَنَّ صُورَةَ الْحَجِّ يَكُونُ الْوَقْتُ فِيهِ ضَيِّقًا دَائِمًا وَأَبَدًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تَارَةً وَتَارَةً وَقَوْلُهُ: فِي مُدَّةٍ يُمْكِنُ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِزَوَالٍ سَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ فَمَنْ عَلِمَ أَنَّ الْحَصْرَ يَزُولُ وَيُمْكِنُهُ إدْرَاكُ الْحَجِّ بَعْدَهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ التَّحَلُّلُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُدَّةُ الَّتِي رُجِيَ الزَّوَالُ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ وَقَوْلُهُ: فِي مُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَعَلِّقٌ بِزَوَالٍ أَيْضًا أَيْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ يَزُولُ فِي مُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ الْحَصْرِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَزُولُ إلَّا بَعْدَ زِيَادَةٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّحَلُّلُ بَلْ هُوَ جَائِزٌ لَهُ وَفِي شَرْحِ ابْنِ الْجَمَّالِ مَا نَصُّهُ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِأَنَّهُ لَوْ فُرِضَ عَدَمُ الْحَصْرِ فِيهِ فَلَا يُمْكِنُ تَقْدِيمُ التَّحَلُّلِ مِنْهُ أَيْ الْحَجِّ قَبْلَ فَوَاتِهِ فَلَيْسَ فِي بَقَائِهِ عَلَى الْإِحْرَامِ إلَى الْفَوَاتِ إلْزَامُ مَا لَا يَلْزَمُ بِخِلَافِ الْعُمْرَةِ فَإِنَّ الْخُرُوجَ مِنْهَا بِفِعْلِ أَرْكَانِهَا مَوْكُولٌ إلَى خَيِّرَتِهِ وَلَيْسَ لَهَا زَمَنٌ مَخْصُوصٌ فَنُظِرَ فِيهَا إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ زَمَنٌ قَرِيبٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>