(وَ) يَصِحُّ (بَيْعُ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ وَإِنْ جُهِلَتْ صِيعَانُهَا) لِعِلْمِهِمَا بِقَدْرِ الْمَبِيعِ مَعَ تَسَاوِي الْأَجْزَاءِ
ــ
[حاشية الجمل]
أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ دُونَ مَا فِيهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَابَلٍ بِشَيْءٍ فَهُوَ فِي مَعْنَى الْإِبَاحَةِ اهـ. شَرْحُ م ر.
قَالَ الرَّشِيدِيُّ عَلَيْهِ وَيَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي فَنَاجِينِ الْقَهْوَةِ حَرْفًا بِحَرْفٍ هَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا انْكَسَرَ الْفِنْجَانُ مَثَلًا مِنْ يَدِ الشَّارِبِ أَمَّا إذَا انْكَسَرَ مِنْ يَدِ غَيْرِهِ بِأَنْ دَفَعَهُ إلَى آخَرَ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ مُطْلَقًا وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ وَوَجْهُهُ فِي صُورَةِ الْعَرَضِ مَا سَيَأْتِي أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ إجَارَةً فَاسِدَةً ضَامِنٌ كَمُعِيرِهِ وَأَمَّا إذَا انْكَسَرَ مِنْ يَدِ السَّاقِي فَاعْلَمْ أَنَّ السَّاقِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ قِسْمٌ يَسْتَأْجِرُهُ صَاحِبُ الْقَهْوَةِ لِيَسْقِيَ عِنْدَهُ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَهُوَ أَجِيرٌ لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِيَدِهِ مِنْ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ لَهُ إلَّا بِتَقْصِيرٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ وَقِسْمٌ يَشْتَرِي الْقَهْوَةَ لِنَفْسِهِ بِحَسَبِ الِاتِّفَاقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِ الْقَهْوَةِ مِنْ أَنَّ كُلَّ كَذَا وَكَذَا مِنْ الْفَنَاجِينِ بِكَذَا وَكَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَهَذَا يَجْرِي فِيهِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي كَلَامِهِ إذْ الْقَهْوَةُ مَقْبُوضَةٌ لَهُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ وَالْفَنَاجِينُ مَقْبُوضَةٌ بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَبَقِيَ قِسْمٌ ثَالِثٌ حَدَثَ الْآنَ وَهُوَ أَنَّ صَاحِبَ الْقَهْوَةِ يَخْشَى الضَّيَاعَ عَلَى الْفَنَاجِينِ فَيُسَلِّمُ لِلسَّاقِي مِقْدَارًا مَعْلُومًا مِنْ الْفَنَاجِينِ وَيُقْبِضُهُ لَهُ وَيَجْعَلُهُ فِي تَسْلِيمِهِ فَإِذَا أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ قَهْوَةً يَأْتِي بِفِنْجَانٍ مِنْ تِلْكَ الْفَنَاجِينِ الَّتِي تَسَلَّمَهَا يَأْخُذُ فِيهِ الْقَهْوَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَنَاجِينَ مَقْبُوضَةٌ لَهُ حِينَئِذٍ بِالْعَارِيَّةِ إذْ لَمْ يَقَعْ بَدَلٌ لَهَا فِي الْعُرْفِ حَتَّى يَكُونَ فِي نَظِيرِ اسْتِعْمَالِهَا وَإِنَّمَا الْبَدَلُ فِي نَظِيرِ الْقَهْوَةِ لَا غَيْرُ وَحِينَئِذٍ إذَا تَلِفَتْ مِنْهُ يَضْمَنُهَا ضَمَانَ الْعَارِيَّةِ وَيَضْمَنُ مَا فِيهَا بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ هَذَا إذَا تَلِفَتْ فِي يَدِهِ أَمَّا إذَا تَلِفَتْ فِي يَدِ الشَّارِبِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا سَيَأْتِي فِي الْعَارِيَّةِ فِيمَا إذَا تَلِفَ الْمُعَارُ فِي يَدِ مَنْ أَخَذَهُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ هَكَذَا ظَهَرَ لِي فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ بِالْحَرْفِ
(قَوْلُهُ وَيَصِحُّ بَيْعُ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ) إلَى قَوْلِهِ إنْ خَرَجَتْ مِائَةٌ أَشَارَ بِهَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ: وَعِلْمٌ بِهِ فِيهِ نَوْعُ تَأْوِيلٍ أَيْ وَلَوْ حُكْمًا فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ فِي الْمَعْنَى مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى مَنْطُوقِ الشَّرْطِ وَقَوْلُهُ لَا بَيْعٌ لِأَحَدِ ثَوْبَيْنِ إلَى قَوْلِهِ بِأَلْفٍ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ هَذِهِ الصُّوَرُ الْخَمْسَةُ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى مَفْهُومِ الشَّرْطِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَ بِنَقْدٍ إلَى قَوْلِهِ اُشْتُرِطَ تَعْيِينٌ إنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا فَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ مُتَفَرِّعَتَانِ عَلَى الْمَنْطُوقِ كَالثَّلَاثِ الْأُوَلِ وَقَوْلُهُ وَلَا بَيْعُ غَائِبٍ مُتَفَرِّعٌ عَلَى الْمَفْهُومِ كَالْخَمْسَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَقَوْلُهُ وَتَكْفِي مُعَايَنَةُ عِوَضٍ وَقَوْلُهُ وَرُؤْيَةٌ قَبْلَ عَقْدٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَرُؤْيَةُ بَعْضِ مَبِيعٍ إلَخْ هَذِهِ الثَّلَاثُ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى الْمَنْطُوقِ أَيْضًا فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فَرَّعَ عَلَى الْمَنْطُوقِ ثَمَانِ صُوَرٍ وَعَلَى الْمَفْهُومِ سِتَّةً لَكِنَّهُ جَعَلَ بَعْضَ كُلٍّ فِي خِلَالِ الْآخَرِ وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَذْكُرَ صُوَرَ الْمَنْطُوقِ عَلَى حِدَةٍ ثُمَّ صُوَرَ الْمَفْهُومِ كَذَلِكَ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَيَصِحُّ بَيْعُ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ) خَرَجَ بِهَا بَيْعُ ذِرَاعٍ مِنْ نَحْوِ أَرْضٍ مَجْهُولَةِ الذُّرْعَانِ وَشَاةٍ مِنْ قَطِيعٍ وَبَيْعُ صَاعٍ مِنْهَا بَعْدَ تَفْرِيقِ صِيعَانِهَا وَلَوْ بِالْكَيْلِ لِتَفَاوُتِ نَحْوِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ غَالِبًا وَلِأَنَّهَا بَعْدَ التَّفْرِيقِ صَارَتْ أَعْيَانًا مُتَمَيِّزَةً لَا دَلَالَةَ لِإِحْدَاهَا عَلَى الْأُخْرَى فَصَارَ كَبَيْعِ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ هُنَا حَيْثُ لَمْ يُرِيدَا صَاعًا مُعَيَّنًا مِنْهَا أَوْ لَمْ يَقُلْ مِنْ بَاطِنِهَا أَوْ إلَّا صَاعًا مِنْهَا وَأَحَدُهُمَا يَجْهَلُ كَيْلَهَا لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ بِالْكُلِّيَّةِ وَحَيْثُ عَلِمَ أَنَّهَا تَفِي بِالْمَبِيعِ أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لِلشَّكِّ فِي وُجُودِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْفَارِضِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَنَظَرَ فِيهِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ هُنَا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَقَطْ فَلَا أَثَرَ لِلشَّكِّ فِي ذَلِكَ إذْ لَا قَصْدَ هُنَا اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ مِنْ صُبْرَةٍ) هِيَ الْكَوْمُ مِنْ الطَّعَامِ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْكَوْمَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَنَحْوِهَا لَا يُسَمَّى صُبْرَةً.
وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ وَالصُّبْرَةُ مِنْ الطَّعَامِ جَمْعُهَا صُبَرٌ مِثْلُ غُرْفَةٍ وَغُرَفٍ وَعَنْ ابْنِ دُرَيْدٍ اشْتَرَيْت الشَّيْءَ صُبْرَةً أَيْ بِلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ اخْتِصَاصِ الصُّبْرَةِ بِكَوْنِهَا مِنْ الطَّعَامِ وَيَأْتِي فِي الرِّبَا مَا يُوَافِقُهُ وَقَدْ يُقَالُ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ دُرَيْدٍ مَعْنًى آخَرُ لِلصُّبْرَةِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ الْعِلْمِ بِقَدْرِ الْمَبِيعِ فَلَا يُفِيدُ اخْتِصَاصَهَا بِالطَّعَامِ وَلَا عَدَمَهُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ وَحَقِيقَةُ الصُّبْرَةِ لُغَةً الْكَوْمُ الْمُجْتَمِعُ مِنْ الطَّعَامِ ثُمَّ أَطْلَقَهَا الْفُقَهَاءُ عَلَى كُلِّ مُتَمَاثِلِ الْأَجْزَاءِ وَخَرَجَ بِالصُّبْرَةِ الْأَرْضُ وَالدَّارُ وَالثَّوْبُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ عَلِمَا ذُرْعَانَ ذَلِكَ صَحَّ وَإِنْ جَهِلَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الصُّبْرَةِ لَا تَتَفَاوَتُ بِخِلَافِ أَجْزَاءِ مَا ذُكِرَ اهـ.
(قَوْلُهُ لِعِلْمِهِمَا بِقَدْرِ الْمَبِيعِ) أَيْ فَهَذَا مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ سَابِقًا وَقَدْرًا لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَدْرَ لَا بُدَّ أَنْ يَنْضَمَّ إلَى عِلْمِ الْعَيْنِ أَوْ الصِّفَةِ وَهُنَا قَدْ انْضَمَّ إلَى عِلْمِ الْعَيْنِ حُكْمًا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ مَعَ تَسَاوِي الْأَجْزَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute