أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْعَبْدِ وَإِنْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَفْظُ الْعَبْدِ يَتَنَاوَلُ الْأَمَةَ (الرَّقِيقُ) تَصَرُّفَاتُهُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَا لَا يَنْفُذُ وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ السَّيِّدُ كَالْوِلَايَاتِ وَالشَّهَادَاتِ وَمَا يَنْفُذُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَالْعِبَادَاتِ وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِهِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَهُوَ مَا ذَكَرْته بِقَوْلِي (لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِيٍّ) هُوَ أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الشِّرَاءِ وَالِاقْتِرَاضِ (بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) فِيهِ (وَإِنْ سَكَتَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِحَقِّ سَيِّدِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
لِلْقِرَاضِ الْوَاقِعِ فِي التَّنْبِيهِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ أَشْبَهَهُ فِي أَنَّ كُلًّا فِيهِ تَحْصِيلُ رِبْحٍ بِإِذْنٍ فِي تَصَرُّفِهِ لَكِنْ إنَّمَا يَتَّضِحُ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ أَنَّ إذْنَ السَّيِّدِ لِقِنِّهِ تَوْكِيلٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ أَوْ مَفْعُولِهِ، وَكُلٌّ مُرَادٌ، وَالْمُعَامَلَةُ أَخَصُّ مِنْ التَّصَرُّفِ وَهِيَ الْمُرَادَةُ هُنَا كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْعَبْدِ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ تَعْبِيرَ الْأَصْلِ يُوهِمُ أَنَّ الْأَحْكَامَ الَّتِي تَثْبُتُ لِلْعَبْدِ لَا تَثْبُتُ لِلْأَمَةِ مَعَ أَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْعَبْدِ) قَالَ م ر يَعْنِي الْقِنَّ قَالَ ع ش عَلَيْهِ قَوْلُهُ: يَعْنِي الْقِنَّ عِبَارَةُ تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ لِلنَّوَوِيِّ الْعَبْدُ الْقِنُّ بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ، وَهُوَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مَنْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ أَسْبَابِ الْعِتْقِ وَمُقَدِّمَاتِهِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ عَلَى صِفَةٍ وَالْمُسْتَوْلَدَةِ هَذَا مَعْنَاهُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ سَوَاءٌ كَانَ أَبَوَاهُ مَمْلُوكَيْنِ أَوْ مُعْتَقَيْنِ أَوْ حُرَّيْنِ أَصْلِيَّيْنِ بِأَنْ كَانَا كَافِرَيْنِ وَاسْتُرِقَّ هُوَ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بِصِفَةٍ، وَالْآخَرُ بِخِلَافِهَا. وَأَمَّا أَهْلُ اللُّغَةِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ الْقِنُّ الْعَبْدُ إذَا مُلِكَ هُوَ وَأَبُوهُ كَذَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْمُجْمَلِ وَالْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُمَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَيَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ، وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ قَالُوا: وَرُبَّمَا قَالُوا: عَبِيدٌ أَقْنَانٌ ثُمَّ يُجْمَعُ عَلَى أَقِنَّةٍ.
وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ الْقِنُّ الرَّقِيقُ، وَيُطْلَقُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ عَلَى الْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ فَيُقَالُ عَبْدٌ قِنٌّ وَعَبِيدٌ قِنٌّ وَأَمَةٌ قِنٌّ بِالْإِضَافَةِ وَبِالْوَصْفِ، وَرُبَّمَا كَانَ جَمْعُهُ أَقْنَانًا وَأَقِنَّةً، وَهُوَ الَّذِي مُلِكَ هُوَ وَأَبَوَاهُ، وَأَمَّا مَنْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ، وَيُسْتَعْبَدُ فَهُوَ عَبْدٌ مُلِكَ، وَمَنْ كَانَتْ أُمُّهُ أَمَةً وَأَبُوهُ عَرَبِيًّا فَهُوَ هَجِينٌ فَتَفْسِيرُ الشَّيْخِ لِلْعَبْدِ بِالْقِنِّ لَا يُوَافِقُ اللُّغَةَ وَلَا اصْطِلَاحَ الْفُقَهَاءِ
(قَوْلُهُ تَصَرُّفَاتُهُ) الْمُرَادُ بِالتَّصَرُّفَاتِ الْأَفْعَالُ وَلَوْ لِسَانِيَّةً فَقَوْلُهُ: كَالْوِلَايَاتِ أَيْ كَأَثَرِهَا كَالتَّزْوِيجِ وَالْقَضَاءِ وَالْمُرَادُ بِالنُّفُوذِ الِاعْتِدَادُ بِهِ شَرْعًا، وَقَوْلُهُ: وَالشَّهَادَاتُ لَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرٍ لِأَنَّهَا أَفْعَالٌ، وَقَوْلُهُ: وَمَا يَنْفُذُ أَيْ يُعْتَدُّ بِهِ شَرْعًا، وَقَوْلُهُ كَالْعِبَادَاتِ، وَلَوْ قَوْلِيَّةً فَإِنَّهَا أَفْعَالٌ عَلَى مَا مَرَّ اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ) الْقِسْمَةُ لَيْسَتْ حَاصِرَةً؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَنَاوَلُ الْجِنَايَاتِ وَهِيَ الْأَفْعَالُ، وَقَدْ أَرَدْتُمْ بِالتَّصَرُّفِ الْفِعْلَ إلَّا أَنْ يُقَالَ التَّقْسِيمُ لِلْأَفْعَالِ الْجَائِزَةِ شَرْعًا، وَالْجِنَايَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: كَالْوِلَايَاتِ) أَيْ أَثَرِ الْوِلَايَاتِ أَيْ مَا يَنْشَأُ عَنْهَا مِنْ التَّزْوِيجِ وَالْحُكْمِ وَإِلَّا فَالْوِلَايَاتُ نَفْسُهَا لَا تَتَّصِفُ بِكَوْنِهَا تَصَرُّفًا بَلْ هِيَ مَعْنًى قَائِمٌ بِالشَّخْصِ اهـ. شَيْخُنَا عَشْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: كَالْعِبَادَاتِ) إطْلَاقُ التَّصَرُّفِ عَلَى الْعِبَادَاتِ فِيهِ مُسَامَحَةٌ، وَكَذَا الشَّهَادَاتُ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالتَّصَرُّفَاتِ مُطْلَقُ الْأَفْعَالِ، وَالشَّهَادَاتُ فِعْلُ اللِّسَانِ وَالْعِبَادَاتُ فِعْلُ الْأَرْكَانِ، وَمَعْنَى كَوْنِ الْعِبَادَاتِ نَافِذَةً أَنَّهَا مُعْتَدٌّ بِهَا فِي إسْقَاطِ الطَّلَبِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ كَالْعِبَادَاتِ) أَيْ عَلَى تَفْصِيلٍ فِي نَحْوِ الْإِحْرَامِ اهـ رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: كَالْعِبَادَاتِ، وَمِنْهَا الْحَجُّ فَيَصِحُّ حَجُّهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَيَقَعُ لَهُ نَفْلًا، وَإِنْ كَانَ لَهُ تَحْلِيلُهُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَالْإِجَارَةِ) سَوَاءٌ وَرَدَتْ عَلَى الْعَيْنِ أَوْ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ كُلِّهِ خَرَجَ الْمُبَعَّضُ فَإِنَّهُ إنْ كَانَتْ مُهَايَأَةً لَمْ يَتَوَقَّفْ شِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ فِي نَوْبَتِهِ عَلَى إذْنِ مَالِكِ بَعْضِهِ، وَفِي غَيْرِ نَوْبَتِهِ لَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ لَهَا أَيْ لِنَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً صَحَّ شِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ إنْ قَصَدَ أَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ مِنْ تَرَدُّدٍ وَقِيلَ يَجْرِي فِيهِ خِلَافُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَهُمَا احْتِمَالَانِ لِلْأَذْرَعِيِّ اهـ شَوْبَرِيٌّ بِاخْتِصَارٍ
(قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِيٍّ) أَيْ مُبَاشَرَتُهُ لِعَقْدٍ مَالِيٍّ، وَشَمِلَ التَّصَرُّفُ الْمَالِيُّ تَصَرُّفَهُ فِي رَقَبَتِهِ وَمَنْفَعَتَهُ فَيَبِيعُ نَفْسَهُ، وَيُؤَجِّرُهَا بِإِذْنِ السَّيِّدِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فِي مَالِيٍّ) وَكَذَا فِي اخْتِصَاصٍ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْمَالِيِّ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَّصِفُ بِالصِّحَّةِ وَالضَّمَانِ، وَالْمُرَادُ الْمَالِيُّ الْمَحْضُ لِيَخْرُجَ الْخُلْعُ اهـ. شَيْخُنَا أَمَّا الْخُلْعُ فَيَصِحُّ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ زَوْجًا أَوْ زَوْجَةً، وَعِبَارَتُهُ فِي الْخُلْعِ: وَشُرِطَ فِي الزَّوْجِ صِحَّةُ طَلَاقِهِ فَيَصِحُّ مِنْ عَبْدٍ وَمَحْجُورٍ بِسَفَهٍ، وَيُدْفَعُ الْعِوَضُ لِمَالِكِ أَمْرِهِمَا ثُمَّ قَالَ: وَشُرِطَ فِي الْمُلْتَزِمِ إطْلَاقُ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ فَلَوْ اخْتَلَعَتْ أَمَةٌ بِلَا إذْنِ السَّيِّدِ بِعَيْنٍ بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي ذِمَّتِهَا أَوْ بِدَيْنٍ فَبِهِ تَبِينُ إلَى آخِرِ مَا هُنَاكَ (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ) أَيْ وَلَوْ فِي ذِمَّتِهِ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِيٍّ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) ، وَقَدْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ كَأَنْ امْتَنَعَ سَيِّدُهُ مِنْ إنْفَاقِهِ عَلَيْهِ أَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ فِي الصُّورَتَيْنِ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ فَيَصِحُّ شِرَاؤُهُ فِي الذِّمَّةِ وَبِعَيْنِ مَالِ سَيِّدِهِ مَا تَمَسُّ حَاجَةٌ إلَيْهِ، وَكَأَنْ بَعَثَهُ فِي شُغْلٍ لِبَلَدٍ بَعِيدٍ أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي حَجٍ أَوْ غَزْوٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِإِذْنِهِ لَهُ فِي الشِّرَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute