إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ (فَيَصِحُّ) السَّلَمُ (فِي مُنْضَبِطٍ وَإِنْ اخْتَلَطَ) بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مَقْصُودٌ أَوْ غَيْرُهُ (كَعَتَّابِيٍّ وَخَزٍّ) مِنْ الثِّيَابِ الْأَوَّلُ مُرَكَّبٌ مِنْ قُطْنٍ وَحَرِيرٍ وَالثَّانِي مِنْ إبْرَيْسَمٍ وَوَبَرٍ أَوْ صُوفٍ وَهُمَا مَقْصُودُ أَرْكَانِهِمَا (وَشَهْدٍ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّهَا عَلَى الْأَشْهُرِ مُرَكَّبٌ مِنْ عَسَلٍ وَشَمْعِهِ خِلْقَةً فَهُوَ شَبِيهٌ بِالتَّمْرِ، وَفِيهِ النَّوَى
ــ
[حاشية الجمل]
أَنَّ الْأَرْدَأَ عَيْبًا لَا يَصِحُّ وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا مُنِعَ فِيهِ الرَّدِيءُ مُنِعَ فِيهِ الْأَرْدَأُ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الشَّرْطَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ فَهَذَا مُفَرَّعٌ عَلَيْهِمَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ اهـ.
شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ أَيْ مَعْرِفَةُ الْأَوْصَافِ وَذِكْرُهَا فِي الْعَقْدِ إلَخْ فَيَصِحُّ إلَخْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ جَمِيعَ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَمَا لَا يَخْفَى؛ إذْ حُلُولُ رَأْسِ الْمَالِ وَتَسْلِيمُهُ وَبَيَانُ الْمَحَلِّ وَالْقُدْرَةِ وَنَحْوِهَا لَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ تَأَمَّلْ وَفِي الرَّشِيدِيِّ مَا نَصُّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الْأَوْصَافِ؛ إذْ مَا لَا يَنْضَبِطُ مَقْصُودُهُ لَا تُعْرَفُ أَوْصَافُهُ
وَفِي ع ش قَوْلُهُ: إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ أَيْ صِحَّةُ السَّلَمِ فِيمَا عُرِفَتْ صِفَاتُهُ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ وَذُكِرَتْ فِي الْعَقْدِ كَذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِجَمِيعِ مَا مَرَّ مِنْ الشُّرُوطِ وَلَا يَرِدُ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا تَقَرَّرَ حُلُولُ رَأْسِ الْمَالِ وَقَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَلَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِمَا صِحَّتُهُ فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ عَلَى هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَجْمُوعِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَجْزَاءِ سَبَبٌ لِمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ فِي مُنْضَبِطٍ) قَالَ شَيْخُنَا وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِانْضِبَاطِ هُنَا مَعْرِفَةُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَزْنُ كُلٍّ مِنْ الْأَجْزَاءِ، وَفِيهِ أَنَّ الْعَاقِدَيْنِ لَا يَعْرِفَانِ مِقْدَارَ وَزْنِ كُلٍّ مِنْ الشَّمْعِ وَالْعَسَلِ وَكُلٌّ مِنْ اللَّبَنِ وَالْإِنْفَحَة وَالْمِلْحِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالِانْضِبَاطِ أَنَّهُ لَوْ زَادَ أَوْ نَقَصَ أَفْسَدَ وَهَذَا وَاضِحٌ عَلَى مَا فِيهِ فِي الْجُبْنِ وَالْأَقِطِ دُونَ الْخَلِّ وَالشَّهْدِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: فِي مُنْضَبِطٍ وَإِنْ اخْتَلَطَ) فَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الْعَاقِدَيْنِ بِكُلٍّ مِنْ أَجْزَائِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَعَلَيْهِ يَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِالظَّنِّ اهـ حَجّ اهـ. شَوْبَرِيٌّ ثُمَّ رَأَيْت فِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ وَيَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِالظَّنِّ فِي الْمُخْتَلَطِ خِلْقَةً وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَا كَانَ اخْتِلَاطُهُ بِالصَّنْعَةِ لَا يُكْتَفَى فِيهِ بِالظَّنِّ قَالَ الرَّافِعِيُّ الْمُخْتَلِطَاتُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ الْمُخْتَلَطُ الْمَقْصُودِ الْأَرْكَانِ وَلَا يَنْضَبِطُ أَيْ كَالْهَرِيسَةِ وَالْغَالِيَةِ الثَّانِي هَذَا إلَّا أَنَّهُ يَنْضَبِطُ كَالْعَتَّابِيِّ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ وَاحِدًا وَالْبَاقِي مِنْ مَصْلَحَتِهِ كَالْجُبْنِ الَّذِي فِيهِ الْمِلْحُ الرَّابِعُ الْخِلْقِيُّ كَالشَّهْدِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: مَقْصُودٌ أَوْ غَيْرُهُ) فَالْمُنْضَبِطُ قِسْمَانِ قِسْمٌ اخْتَلَطَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَذَلِكَ الْبَعْضُ فِيهِ ضَرُورِيٌّ خِلْقَةً أَوْ صِنَاعَةُ مَقْصُودٍ وَقِسْمٌ اخْتَلَطَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَذَلِكَ الْبَعْضُ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَسَوَاءٌ كَانَ خِلْقِيًّا أَوْ صِنَاعِيًّا قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُخْتَلَطَ الَّذِي يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ مَا كَانَ مُنْضَبِطًا بِأَنْ يَكُونَ اخْتِلَاطُهُ خِلْقِيًّا كَالشَّهْدِ أَوْ صِنَاعِيًّا وَقُصِدَ بَعْضُ أَرْكَانِهِ وَسَوَاءٌ اسْتَهْلَكَ الْبَاقِيَ كَالْجُبْنِ وَالْأَقِطِ أَوْ لَا كَخَلِّ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ أَوْ قُصِدَتْ أَرْكَانُهُ كُلُّهَا وَانْضَبَطَتْ كَالْخَزِّ وَالْعَتَّابِيِّ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُقْسَمُ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ: مَقْصُودٌ أَرْكَانُهُمَا) بِرَفْعِ أَرْكَانِهِمَا عَلَى النِّيَابَةِ عَنْ الْفَاعِلِ وَلَا تَصِحُّ الْإِضَافَةُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَشْهُرِ) لَيْسَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمُخْتَارِ إلَّا الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَانِ وَلَفْظُ الثَّانِي وَالشَّهْدُ بِفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّهَا الْعَسَلُ فِي شَمْعِهَا وَالْجَمْعُ شِهَادٌ بِالْكَسْرِ قُلْت إنَّمَا قَالَ فِي شَمْعِهَا؛ لِأَنَّ الْعَسَلَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَلَكِنَّ الْأَغْلَبَ عَلَيْهِ التَّأْنِيثُ اهـ. وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ بِفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّهَا أَيْ مَعَ سُكُونِ الْهَاءِ وَبِكَسْرِهِمَا مَعًا (قَوْلُهُ مُرَكَّبٌ مِنْ عَسَلٍ وَشَمْعِهِ خِلْقَةً) فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ
(فَرْعٌ)
تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْقِشْطَةِ وَلَا بَيْعُ الْعَسَلِ بِشَمْعِهِ وَلَا بَيْعُ الزُّبْدِ وَلَوْ بِالدَّرَاهِمِ فَقَوْلُهُ هُنَا كَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الزُّبْدِ إنْ خَلَا عَنْ غَيْرِ مَخِيضٍ وَفِي الْقِشْطَةِ وَلَا يَضُرُّ مَا فِيهَا مِنْ بَعْضِ نَطْرُونٍ أَوْ دَقِيقٍ أَوْ رُزٍّ وَفِي الْعَسَلِ بِشَمْعِهِ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ مَعَ أَنَّ السَّلَمَ أَضْيَقُ مِنْ الْبَيْعِ فَالْوَجْهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ الشَّمْعُ فِي الْعَسَلِ كَالنَّوَى فِي التَّمْرِ؛ لِأَنَّ الشَّمْعَ مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ وَلَيْسَ بَقَاؤُهُ فِيهِ مِنْ مَصَالِحِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ؛ لِأَنَّهُ إنْ عُجِنَ مَعَهُ فَهُوَ كَالْعَجْوَةِ الْمَعْجُونَةِ الْمُخْتَلِطَةِ بِالنَّوَى فَلَا يَصِحُّ وَإِلَّا فَالشَّمْعُ مَانِعٌ مِنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِ الْعَسَلِ فِيهِ فَهُوَ مِنْ الْجَهْلِ بِأَحَدِ الْمَقْصُودَيْنِ عَلَى أَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ رُؤْيَةِ الْعَسَلِ فِيهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ ظَرْفٌ لَهُ وَالشَّهْدُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يُرَادُ بِهِ مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةُ الْعَسَلُ الْخَالِصُ مِنْ شَمْعِهِ فَقَطْ لَا مَعَهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ مَا سَيَأْتِي فِي ذِكْرِ وَصْفِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَتَفْسِيرُ الشَّارِحِ لَهُ بَيَانٌ لِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ فِي ذَاتِهِ أَوْ لِضَرُورَةِ كَوْنِهِ مِنْ الْمُخْتَلَطِ الَّذِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُخْتَلَطٍ فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ وَالْحَقُّ أَحَقُّ مِنْ الْمِرَاءِ وَيَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْمَخِيضِ إنْ خَلَا عَنْ الْمَاءِ وَكَذَا يَصِحُّ فِي اللَّبَنِ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ إلَّا الْحَامِضَ لِاخْتِلَافِ حُمُوضَتِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَجُبْنٌ) فِي الْمِصْبَاحِ الْجُبْنُ فِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ رَوَاهَا أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ حَبِيبٍ