عَلَى مَا يُقْتَرَضُ لِحَاجَةِ الْمُؤْنَةِ لِيُوَفِّيَ مِمَّا يُنْتَظَرُ مِنْ غَلَّةٍ أَوْ حُلُولِ دَيْنٍ أَوْ نَفَاقِ مَتَاعٍ كَاسِدٍ وَأَنْ يَرْتَهِنَ عَلَى مَا يُقْرِضُهُ أَوْ يَبِيعُهُ مُؤَجَّلًا لِضَرُورَةِ نَهْبٍ أَوْ نَحْوِهِ وَمِثَالُهُمَا لِلْغِبْطَةِ أَنْ يَرْهَنَ مَا يُسَاوِي مِائَةً عَلَى ثَمَنِ مَا اشْتَرَاهُ بِمِائَةٍ نَسِيئَةً وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ وَأَنْ يَرْتَهِنَ عَلَى ثَمَنِ مَا يَبِيعُهُ نَسِيئَةً بِغِبْطَةٍ كَمَا سَيَجِيءُ فِي بَابِ الْحَجْرِ وَإِذَا رَهَنَ فَلَا يَرْهَنُ إلَّا مِنْ أَمِينٍ آمِنٍ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ تَعْبِيرِي بِمَا يَتَضَمَّنُ أَهْلِيَّةَ التَّبَرُّعِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ الَّذِي فَرَّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَلَا يَرْهَنُ الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَتَبَرَّعُ بِهِ وَكَالْوَلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ الْمُكَاتَبُ وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ إنْ أَعْطَى مَالًا أَوْ رَبِحَ.
(وَ) شُرِطَ (فِي الْمَرْهُونِ كَوْنُهُ عَيْنًا)
ــ
[حاشية الجمل]
لَكِنْ يُعَارَضُ بِمُضَارٍّ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَقْتَرِضُ لِحَاجَةِ الْمُؤْنَةِ) أَيْ حَاجَةٍ شَاقَّةٍ لَيْلًا ثُمَّ قَوْلُهُ: إلَّا لِضَرُورَةٍ إلَخْ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْحَاجَةُ أَعَمُّ مِنْ الضَّرُورَةِ فَإِنَّهَا تَشْمَلُ التَّفَكُّهَ وَثِيَابَ الزِّينَةِ مَثَلًا فَكَيْفَ فَسَّرَ الضَّرُورَةَ بِذَلِكَ فَإِنْ أُرِيدَ عَلَى بُعْدٍ بِالْحَاجَةِ مَا يَشْمَلُ ثِيَابَ التَّجَمُّلِ وَنَحْوَهَا مِمَّا يُعْتَادُ فِعْلُهُ فِي الْأَعْيَادِ مِنْ التَّوَسُّعِ فِي النَّفَقَةِ حُمِلَتْ الضَّرُورَةُ عَلَى مُطْلَقِ الْحَاجَةِ اهـ ع ش
(قَوْلُهُ: أَوْ نِفَاقُ مَتَاعٍ كَاسِدٍ) فِي الْمُخْتَارِ نَفَقَ الْبَيْعُ يَنْفُقُ بِالضَّمِّ نِفَاقًا رَاجَ وَفِي الْمِصْبَاحِ نَفَقَتْ السِّلْعَةُ وَالْمَرْأَةُ نَفَاقًا بِالْفَتْحِ كَثُرَ طُلَّابُهَا وَخُطَّابُهَا اهـ.
وَفِيهِ أَيْضًا كَسَدَ الشَّيْءُ يَكْسُدُ مِنْ بَابِ قَتَلَ كَسَادًا لَمْ يُنْفَقْ لِقِلَّةِ الرَّغَبَاتِ فِيهِ فَهُوَ كَاسِدٌ وَكَسِيدٌ وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ فَيُقَالُ أَكْسَدَهُ اللَّهُ وَكَسَدَتْ السُّوقُ فَهِيَ كَاسِدٌ بِغَيْرِ هَاءٍ وَفِي الصِّحَاحِ وَبِالْهَاءِ فِي التَّهْذِيبِ وَيُقَالُ أَصْلُ الْكَسَادِ الْفَسَادُ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَنْ يَرْهَنَ مَا يُسَاوِي مِائَةً إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمَرْهُونَ إنْ سَلِمَ فَظَاهِرٌ وَإِلَّا كَانَ فِي الْمَبِيعِ مَا يُجْبِرُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ الْبَائِعُ إلَّا بِرَهْنِ مَا يَزِيدُ عَلَى الْمِائَةِ تَرَكَ الشِّرَاءَ؛ إذْ قَدْ يَتْلَفُ الْمَرْهُونُ فَلَا يُوجَدُ جَابِرٌ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ) هَلْ الْمُرَادُ حَالَّتَيْنِ أَوْ وَلَوْ مُؤَجَّلَتَيْنِ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ التَّقْيِيدُ بِالْأَوَّلِ وَهُوَ الْوَجْهُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَجِيءُ فِي بَابِ الْحَجْرِ) رَاجِعٌ لِصُورَتَيْ ارْتِهَانِ الْوَلِيِّ أَيْ ارْتِهَانُهُ لِأَجْلِ الْغِبْطَةِ وَارْتِهَانُهُ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ مَتْنًا وَشَرْحًا وَيَتَصَرَّفُ الْوَلِيُّ بِمَصْلَحَةٍ وَلَوْ نَسِيئَةً وَمِنْ مَصَالِحِ النَّسِيئَةِ أَنْ يَكُونَ بِزِيَادَةٍ أَوْ لِخَوْفِ عَلَيْهِ مِنْ نَحْوِ نَهْبٍ وَأَنْ يَكُونَ الْمُعَامِلُ مَلِيئًا ثِقَةً وَيَشْهَدُ حَتْمًا فِي بَيْعِهِ نَسِيئَةً وَيَرْتَهِنُ كَذَلِكَ بِالثَّمَنِ رَهْنًا وَافِيًا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ أَمِينٍ آمِنٍ) وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا الْإِشْهَادُ وَكَوْنُهُ غَنِيًّا فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ فِي الرَّهْنِ وَفِي الِارْتِهَانِ يُشْتَرَطُ ثَلَاثَةٌ كَوْنُ الرَّهْنِ وَافِيًا بِالثَّمَنِ وَكَوْنُ الْأَجَلِ قَصِيرًا عُرْفًا وَأَنْ لَا يَخَافَ تَلَفَ الْمَرْهُونِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا رُفِعَ إلَى حَاكِمٍ يَرَى سُقُوطَ الدَّيْنِ بِتَلَفِ الْمَرْهُونِ هَكَذَا يُؤْخَذُ مِنْ ع ش وَسُلْطَانٍ.
وَفِي شَرْحِ م ر مَا يَقْتَضِي أَنَّ شُرُوطَ الِارْتِهَانِ شُرُوطٌ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ لَا لِنَفْسِ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الشُّرُوطَ مَا نَصُّهُ فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: آمِنٌ) أَيْ لَيْسَ بِخَائِفٍ بِأَنْ يَكُونَ الزَّمَنُ غَيْرَ زَمَنِ نَهْبٍ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَشَرَطَ فِي الْعَاقِدِ مَا مَرَّ فِي الْمُقْرِضِ أَيْ بِجَعْلِ أَلْ لِلِاسْتِغْرَاقِ (قَوْلُهُ الَّذِي فَرَّعَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ تَفْرِيعُ مَنْعِ رَهْنِ الْوَلِيِّ وَارْتِهَانِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَيُجَابُ بِمَنْعِ كَوْنِهِ مُطَلَّقَ التَّصَرُّفِ؛ إذْ حَقِيقَةٌ مُطَلَّقُهُ هُوَ مَنْ لَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ حَجْرٌ فِي التَّبَرُّعِ فَكَانَ غَيْرَ مُطْلَقِهِ حَقِيقَةً. اهـ. إيعَابٌ وَمَا ذَكَرَهُ سَلَكَهُ الشَّارِحُ فِي هَامِشِ الدَّمِيرِيِّ فَسَوَّى بَيْنَ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ وَأَهْلِ التَّبَرُّعِ قَالَ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ هُوَ مَنْ لَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ فِي تَصَرُّفٍ مَا فَلْيُتَأَمَّلْ قُلْت وَفِي الْإِيعَابِ فِي بَابِ الضَّمَانِ أَنَّ الْمَرِيضَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ وَالسَّفِيهَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَلَا مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فَرَاجِعْهُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَكَالْوَلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ الْمُكَاتَبُ) إلَّا مَعَ السَّيِّدِ فَيَجُوزُ رَهْنُهُ وَارْتِهَانُهُ مَعَهُ وَمَعَ غَيْرِهِ عَلَى مَا يُؤَدِّي بِهِ النَّجْمُ الْأَخِيرُ لِإِفْضَائِهِ إلَى الْعِتْقِ اهـ. ح ل وَفِي شَرْحِ م ر مَا يُوَافِقُهُ مِنْ اقْتِضَاءِ جَوَازِ رَهْنِ الْمُكَاتَبِ وَارْتِهَانُهُ مَعَ السَّيِّدِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ عَلَى مَا يُؤَدِّي بِهِ النَّجْمَ الْأَخِيرَ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ وَمَعَ غَيْرِهِ إنْ كَانَ عَلَى مَا يُؤَدِّي بِهِ النَّجْمَ الْأَخِيرَ وَعِبَارَتُهُ وَحَيْثُ مَنَعْنَا الْمُكَاتَبَ فَيُسْتَثْنَى رَهْنُهُ وَارْتِهَانُهُ مَعَ السَّيِّدِ وَمَا لَوْ رَهَنَ مَعَ غَيْرِ السَّيِّدِ عَلَى مَا يُؤَدِّي بِهِ النَّجْمَ الْأَخِيرَ لِإِفْضَائِهِ إلَى الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: أَوْ رَبِحَ) بِأَنْ بَاعَ فِي ذِمَّتِهِ مِثْلًا أَيْ وَإِلَّا فَلَهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا وَالرَّهْنُ وَالِارْتِهَانُ مُطْلَقًا اهـ. سم عَلَى حَجّ اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ: أَوْ رَبِحَ) أَمَّا إذَا لَمْ يَرْبَحْ فَيَرْهَنُ وَيَرْتَهِنُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ كَأَنْ يَشْتَرِيَ دَابَّةً فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً أُخْرَى كَذَلِكَ فَلَهُ رَهْنُ تِلْكَ الدَّابَّةِ عَلَى ثَمَنِ السِّلْعَةِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ أَيْ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: كَوْنُهُ عَيْنًا) مِنْ ذَلِكَ رَهْنُ مَا اشْتَدَّ حَبُّهُ مِنْ الزَّرْعِ فَإِنَّ رَهْنَهُ وَهُوَ بَقْلٌ فَكَرَهْنِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ اهـ مَتْنُ الرَّوْضِ وَقَوْلُهُ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ أَيْ وَحُكْمُهُ الصِّحَّةُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ قَطْعُهُ كَمَا يَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عَقِبَ قَوْلِ الشَّارِحِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ يَفْسُدُ إلَخْ اهـ. هَذَا وَنُقِلَ عَنْ الْخَطِيبِ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَهِيَ كَوْنُ الْمَرْهُونِ عَيْنًا يَصِحُّ بَيْعُهَا الْأَرْضُ الْمَزْرُوعَةُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهَا أَيْ حَيْثُ رُئِيَتْ قَبْلَ