للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غُرَمَاؤُهُ) أَيْ الْمَدِينِ (إعْسَارَهُ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ حَلَفَ) فَيُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ (وَإِلَّا) بِأَنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ كَانَ لَزِمَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ قَرْضٍ (لَزِمَهُ بَيِّنَةٌ) بِإِعْسَارِهِ وَيَحْلِفُ مَعَهَا بِطَلَبِ الْخَصْمِ وَيُغْنِي عَنْ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ بَيِّنَةُ تَلَفِ الْمَالِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِلُزُومِ الدَّيْنِ فِي مُعَامَلَةِ مَالٍ إذْ الْمُعَامَلَةُ لَيْسَتْ شَرْطًا وَشَرْطُ بَيِّنَةِ إعْسَارِهِ كَوْنُهَا (تُخْبِرُ بَاطِنَهُ) بِطُولِ جِوَارِهِ وَكَثْرَةِ مُخَالَطَتِهِ فَإِنَّ الْأَمْوَالَ تَخْفَى فَإِنْ عَرَفَ الْقَاضِي أَنَّ الشَّاهِدَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَلَهُ اعْتِمَادُ قَوْلِهِ أَنَّهُ بِهَا (وَتَشْهَدُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ لَا يَمْلِكُ إلَّا مَا يَبْقَى لِمُمَوِّنِهِ) فَتُقَيِّدُ النَّفْيَ، وَلَا تُمَحِّضُهُ كَقَوْلِهَا لَا يَمْلِكُ شَيْئًا لِأَنَّهُ كَذِبٌ (وَإِذَا ثَبَتَ) أَيْ إعْسَارُهُ عِنْدَ الْقَاضِي (أُمْهِلَ) حَتَّى يُوسِرَ فَلَا يُحْبَسُ وَلَا يُلَازِمُ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَثْبُتْ إعْسَارُهُ نَعَمْ لَا يُحْبَسُ الْوَالِدُ لِلْوَلَدِ، وَلَا الْمُكَاتَبُ لِلنُّجُومِ

ــ

[حاشية الجمل]

اهـ. لب لِلسُّيُوطِيِّ اهـ. ع ش، وَهُوَ رَاوِي صَحِيحِ الْإِمَامِ مُسْلِمٍ وَصَاحِبُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَاسْمُهُ مَنْصُورٌ وَيُكَنَّى أَبَا بَكْرٍ وَأَبَا الْفَتْحِ وَأَبَا الْقَاسِمِ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ ذُو الْكُنَى اهـ. قَسْطَلَّانِيٌّ عَلَى الْبُخَارِيِّ وَبِهَامِشِهِ بِخَطِّ الشَّيْخِ أَبِي الْعِزِّ الْعَجَمِيِّ الْفَرَاوِيِّ بِفَتْحِ الْفَاءِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا نِسْبَةً إلَى فَرَاوَةَ بُلَيْدَةٌ بِقُرْبِ خُرَاسَانَ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ اهـ. وَأَمَّا الْفَرَاوِيُّ فَهُوَ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ اهـ. قَسْطَلَّانِيٌّ وَبِهَامِشِهِ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ مَنْسُوبٌ إلَى فَرْوَةَ جَدِّهِ اهـ.

(قَوْلُهُ غُرَمَاؤُهُ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُفْلِسًا فَلِهَذَا قَالَ أَيْ الْمَدِينُ أَعَمُّ مِنْ الْمُفْلِسِ وَغَيْرِهِ اهـ. شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَهُ بَيِّنَةٌ) ، وَلَا يَكْفِي شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ، وَلَا شَاهِدٌ وَيَمِينٌ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ) أَيْ قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَهُ بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا لَزِمَهُ الدَّيْنُ بِمُعَامَلَةٍ وَغَيْرِهَا كَجِنَايَةٍ بِخِلَافِ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ بَيِّنَةِ إعْسَارِهِ إلَخْ) خَرَجَ بَيِّنَةُ تَلَفِ مَالِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا خِبْرَةُ بَاطِنِهِ.

وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ إذَا ادَّعَى مَدْيُونٌ إعْسَارَهُ بِتَلَفِ مَالِهِ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ لَمْ تُخْبِرْ بَاطِنُهُ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ لَا فِي مُعَامَلَةٍ كَضَمَانٍ وَمَهْرٍ وَبَدَلِ مُتْلَفٍ، وَلَمْ يُعْهَدْ لَهُ مَالٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ إذَا ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ لَمْ يَحْلِفْ لَهُ أَوْ فِي مُعَامَلَةِ مَالٍ كَبَيْعٍ وَقَرْضٍ أَوْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ خَبِيرَيْنِ بِبَاطِنِ حَالِهِ اهـ. وَفِي التَّصْحِيحِ وَمَنْ لَزِمَهُ دَيْنٌ لَا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ لَكِنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ فَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهُ، وَأَنَّهُ مُعْسِرٌ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَيْضًا فَإِنْ شَهِدَتْ بِالتَّلَفِ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهَا خِبْرَةُ بَاطِنِهِ أَوْ بِالْإِعْسَارِ اُعْتُبِرَتْ. اهـ. سم

(قَوْلُهُ تُخْبِرُ بَاطِنُهُ) فِي الْمُخْتَارِ خَبَرَ الْأَمْرَ عَلِمَهُ وَبَابُهُ نَصَرَ وَالِاسْمُ الْخُبْرُ بِالضَّمِّ، وَهُوَ الْعِلْمُ بِالشَّيْءِ وَاخْتَبَرْتُهُ امْتَحَنْته وَالْخِبْرَةُ بِالْكَسْرِ مِنْهُ اهـ. (قَوْلُهُ بِطُولِ جِوَارِهِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ وَاعْلَمْ أَنَّ وُجُوهَ الِاخْتِيَارِ ثَلَاثَةٌ: الْجِوَارُ وَالْمُعَامَلَةُ وَالْمُرَافَقَةُ فِي السَّفَرِ وَنَحْوِهِ كَمَا تُؤْخَذُ الثَّلَاثَةُ مِمَّا وَقَعَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَيْثُ قَالَ لِمُزَكِّي الشَّاهِدَيْنِ بِمَاذَا تَعْرِفُهُمَا؟ قَالَ: بِالدِّينِ وَالصَّلَاحِ فَقَالَ لَهُ: هَلْ أَنْتَ جَارُهُمَا تَعْرِفُ صَبَاحَهُمَا وَمَسَاءَهُمَا؟ قَالَ لَا قَالَ: فَهَلْ عَامَلْتهمَا فِي الصَّفْرَاءِ وَالْبَيْضَاءِ أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ؟ قَالَ لَا فَقَالَ: هَلْ رَافَقْتهمَا فِي السَّفَرِ الَّذِي يُسْفِرُ عَنْ أَخْلَاقِ الرِّجَالِ؟ قَالَ لَا قَالَ اذْهَبْ فَإِنَّك لَا تَعْرِفُهُمَا فَلَعَلَّك رَأَيْتَهُمَا فِي الْجَامِعِ يُصَلِّيَانِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ فَتُقَيِّدُ النَّفْيَ، وَلَا تُمَحِّضُهُ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلْيَقُلْ الشَّاهِدُ هُوَ مُعْسِرٌ، وَلَا يُمَحَّضُ النَّفْيُ كَقَوْلِهِ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ بَلْ يُجْمَعُ بَيْنَ نَفْيٍ وَإِثْبَاتٍ بِأَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ مُعْسِرٌ لَا يَمْلِكُ إلَّا قُوتَ يَوْمِهِ وَثِيَابَ بَدَنِهِ وَاعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ بِأَنَّهُ قَدْ يَمْلِكُ غَيْرَ ذَلِكَ كَمَالٍ غَائِبٍ لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَهُوَ مُعْسِرٌ بِدَلِيلِ فَسْخِ الزَّوْجَةِ عَلَيْهِ وَإِعْطَائِهِ مِنْ الزَّكَاةِ وَكَدَيْنٍ لَهُ مُؤَجَّلٍ أَوْ عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ جَاحِدٍ، وَهُوَ مُعْسِرٌ أَيْضًا لِمَا ذُكِرَ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ وَبِأَنَّ قُوتَ يَوْمِهِ قَدْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِالْكَسْبِ وَثِيَابُ بَدَنِهِ قَدْ تَزِيدُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ فَيَصِيرُ مُوسِرًا بِذَلِكَ قَالَ فَالطَّرِيقُ أَنَّهُ يَشْهَدُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ عَاجِزٌ الْعَجْزَ الشَّرْعِيَّ عَنْ وَفَاءِ شَيْءٍ مِنْ هَذَا الدَّيْنِ أَوْ مُعْسِرٌ لَا مَالَ لَهُ يَجِبُ وَفَاءُ شَيْءٍ مِنْ هَذَا الدَّيْنِ مِنْهُ أَوْ مَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ فَإِنْ أُرِيدَ ثُبُوتُ الْإِعْسَارِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى خُصُوصِ دَيْنٍ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ الْإِعْسَارَ الَّذِي تَمْتَنِعُ مَعَهُ الْمُطَالَبَةُ بِشَيْءٍ مِنْ الدَّيْنِ. اهـ

وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الصَّبْغِ إنَّمَا يَتَأَتَّى إطْلَاقُهُ مِنْ عَالِمٍ بِهَذَا الْبَابِ وَافَقَ مَذْهَبَ الْحَاكِمِ فِيهِ وَأَتَى لَهُ بِشَاهِدَيْنِ يُخْبِرَانِ بَاطِنَهُ كَذَلِكَ فَلَوْ نَظَرَ لِمَا ذَكَرَهُ لَتَعَذَّرَ أَوْ تَعَسَّرَ ثُبُوتُ الْإِعْسَارِ وَفِيهِ مِنْ الضَّرَرِ مَا لَا يَخْفَى فَكَانَ اللَّائِقُ بِالتَّخْفِيفِ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ مَعَ أَنَّهُ الْمَنْقُولُ، وَلَا نَظَرَ لِلْمُشَاحَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْإِعْسَارُ فِي هَذَا الْبَابِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى الْكَسْبِ أَوْ كَانَ مَعَهُ ثِيَابٌ غَيْرُ لَائِقَةٍ بِهِ لَمْ يُخَفْ عَلَى دَائِنِهِ غَالِبًا فَكَانَ سُكُوتُهُ عَنْ ذَلِكَ قَرِينَةً عَلَى عَدَمِ وُجُودِهِمَا مَعَ أَنَّ التَّفَاوُتَ بِذَلِكَ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ غَالِبًا فِي قَضَاءِ الدُّيُونِ وَالْحَبْسِ عَلَيْهَا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَذِبٌ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ مَحَّضْت النَّفْيَ وَثَبَتَ الْإِعْسَارُ إذْ غَايَتُهُ الْكَذِبُ وَالْكِذْبَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ بِهَا كَذَا اعْتَمَدَهُ م ر.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ بِالنِّسْبَةِ لِقَدْرٍ ثَبَتَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فَوْقَهُ دُونَ مَا دُونَهُ اهـ. سم (قَوْلُهُ وَلَا يُلَازَمُ) أَيْ وَلَا يُطَالَبُ فَتَحْرُمُ مُطَالَبَتُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْجَوَاهِرِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَا يُحْبَسُ الْوَالِدُ لِلْوَلَدِ) أَيْ مَنْ لَهُ جِهَةُ وِلَادَةٍ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>