للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَشَوُّفًا لِلْوِلَايَاتِ بِخِلَافِ الْكَافِرِ فَإِنَّهُ يُفْضِي بِهِ إلَى الْقَتْلِ أَوْ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ، وَهَذَا جَرْيٌ عَلَى الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ، وَإِلَّا فَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى وَالطِّفْلُ الَّذِي تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ أَقَارِبِهِ الْمُسْلِمِينَ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ حُكْمُهُمْ كَذَلِكَ وَأُلْحِقَ بِالْكَافِرِ مَنْ جُهِلَ إسْلَامِهِ وَوَقْتُ إمْكَانِ نَبَاتِ الْعَانَةِ وَقْتُ إمْكَانِ الِاحْتِلَامِ.

وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى مَنْبَتِ عَانَةٍ إنْ احْتَجْنَا إلَى مَعْرِفَةِ بُلُوغِهِ بِهَا لِلضَّرُورَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ وَخَرَجَ بِالْعَانَةِ غَيْرُهَا كَشَعْرِ الْإِبْطِ وَاللِّحْيَةِ وَثِقَلِ الصَّوْتِ وَنُهُودِ الثَّدْيِ.

(فَإِنْ بَلَغَ رَشِيدًا أُعْطِيَ مَالَهُ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ (وَالرُّشْدُ) ابْتِدَاءً (صَلَاحُ دِينٍ وَمَالٍ) حَتَّى مِنْ كَافِرٍ كَمَا فَسَّرَ بِهِ آيَةَ {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: ٦]

ــ

[حاشية الجمل]

وَتَشَوُّفًا لِلْوِلَايَاتِ) أَيْ لِجَمِيعِهَا شَرْعِيَّةً أَوْ جَعْلِيَّةً اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَهَذَا جَرَى عَلَى الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ) أَيْ التَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُسْلِمِ بِقَوْلِهِ لِسُهُولَةِ مُرَاجَعَةٍ إلَخْ وَفِي الْكَافِرِ بِقَوْلِهِ: فَإِنَّهُ يُفْضِي بِهِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا الْخُنْثَى وَالْأُنْثَى أَيْ الْكَافِرَانِ مُحْتَرَزُ الْغَالِبِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي، وَقَوْلُهُ وَالطِّفْلُ أَيْ الْمُسْلِمُ مُحْتَرَزُ الْغَالِبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ حُكْمُهُمْ كَذَلِكَ أَيْ يَكُونُ أَمَارَةً عَلَى الْبُلُوغِ فِي الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى الْكَافِرَيْنِ، وَلَا يَكُونُ عَلَامَةً فِي الطِّفْلِ الْمُسْلِمِ فَكَذَلِكَ تَحْتَهَا أَمْرَانِ كَوْنُهُ أَمَارَةً بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الطِّفْلِ وَغَيْرَ أَمَارَةٍ بِالنِّسْبَةِ لَهُ اهـ. شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ الْكُفَّارِ أَيْ فَإِنَّهُمَا لَا يُقْتَلَانِ وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمَا فَالتَّعْلِيلُ بِالْإِفْضَاءِ إلَى الْقَتْلِ أَوْ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِمُشَارَكَتِهِمَا الذَّكَرَ فِي دَفْعِ الْحَجْرِ وَتَشَوُّفِ الْوِلَايَاتِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ يُثْبِتُ لَهُمَا الْوِلَايَةَ بِنَحْوِ وِصَايَةٍ وَشَرْطِ نَظَرِ وَقْفٍ فَلَيْسَ التَّعْلِيلُ بِدَفْعِ الْحَجْرِ وَتَشَوُّفِ الْوِلَايَاتِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ كَتَبَهُ بِهَامِشِ الْإِمْدَادِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَوَقْتَ إمْكَانِ نَبَاتِ الْعَانَةِ إلَخْ) هَذَا يُنَاسِبُ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ دَلِيلُ الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ أَوْ دَلِيلُ الْبُلُوغِ بِأَحَدِهِمَا فَالْجَزْمُ بِهَذَا مَعَ ذِكْرِ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا كَمَا عَلِمْت لَا يَأْتِي عَلَى كُلِّ قَوْلٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ أَمَارَةٌ عَلَى الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ، وَلَا يَضُرُّ احْتِمَالُ نَبَاتِهَا قَبْلَ إكْمَالِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً اهـ. ح ل (قَوْلُهُ وَقْتَ إمْكَانِ الِاحْتِلَامِ) أَيْ فَلَوْ نَبَتَ قَبْلَ إمْكَانِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَخْ) ، وَكَذَا اللَّمْسُ لِيُعْلَمَ كَوْنُهُ خَشِنًا اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى حَالَةٍ لَمْ يُكْتَفَ فِيهَا بِالنَّظَرِ فِي حُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَإِلَّا فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مِمَّا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا اُكْتُفِيَ بِاللَّمْسِ يَحْرُمُ النَّظَرُ اهـ. ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ كَشَعْرِ الْإِبْطِ) فِي الْمِصْبَاحِ الْإِبْطُ مَا تَحْتَ الْجَنَاحِ وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَيُقَالُ: هُوَ الْإِبْطُ، وَهِيَ الْإِبْطُ وَمِنْ كَلَامِهِمْ وَرَفَعَ السَّوْطَ حَتَّى بَرَقَتْ إبْطُهُ وَالْجَمْعُ آبَاطٌ مِثْلُ حِمْلٍ وَأَحْمَالٍ وَيَزْعُمُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ كَسْرَ الْبَاءِ لُغَةٌ، وَهُوَ غَيْرُ ثَبْتٍ لِمَا يَأْتِي فِي إبْطٍ، وَتَأَبَّطَ الشَّيْءُ جَعَلَهُ تَحْتَ إبْطِهِ اهـ. (قَوْلُهُ كَشَعْرِ الْإِبْطِ وَاللِّحْيَةِ) وَكَالشَّارِبِ وَنُتُوِّ الْحُلْقُومِ وَانْفِرَاقِ الْأَرْنَبَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَدُلَّ اللِّحْيَةُ وَشَعْرُ الْإِبْطِ عَلَى الْبُلُوغِ لِنُدُورِهِمَا دُونَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً؛ وَلِأَنَّ إنْبَاتَهُمَا لَوْ دَلَّ عَلَى الْبُلُوغِ لَمَا كَشَفُوا الْعَانَةَ فِي وَقْعَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ لِمَا فِيهِ مِنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَاللِّحْيَةِ) أَيْ فَلَيْسَ ذَلِكَ دَلِيلًا لِنُدْرَتِهَا دُونَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَوْ جُعِلَتْ أَمَارَةً أَدَّى إلَى تَفْوِيتِ الْمَالِ بِخِلَافِ نَبَاتِ الْعَانَةِ الْغَالِبِ وُجُودُهُ قَبْلَ خَمْسَةَ عَشْرَ سَنَةً. اهـ. ز ي ع ش (قَوْلُهُ وَنُهُودِ الثَّدْيِ) فِي الْمِصْبَاحِ نَهَدَ الثَّدْيُ نُهُودًا مِنْ بَابِ قَعَدَ وَمِنْ بَابِ نَفَعَ لُغَةً: كَعَبَ وَأَشْرَفَ اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا وَكَعَبَتْ الْمَرْأَةُ كُعُوبًا مِنْ بَابِ قَعَدَ نَتَأَ ثَدْيُهَا اهـ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ بَلَغَ رَشِيدًا) .

(فَائِدَةٌ)

الرُّشْدُ لُغَةً نَقِيضُ الضَّلَالِ وَالسَّفَهِ وَالْخِفَّةِ وَالْحَرَكَةِ اهـ. سم.

وَفِي الْمِصْبَاحِ الرُّشْدُ الصَّلَاحُ، وَهُوَ خِلَافُ الْغَيِّ وَالضَّلَالِ، وَهُوَ إصَابَةُ الصَّوَابِ وَرَشِدَ رَشَدًا مِنْ بَابِ تَعِبَ وَرَشَدَ يَرْشُدُ مِنْ بَابِ قَتَلَ فَهُوَ رَاشِدٌ وَرَشِيدٌ وَالِاسْمُ الرَّشَادُ وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ وَرَشَّدَهُ الْقَاضِي تَرْشِيدًا جَعَلَهُ رَشِيدًا أَوْ اسْتَرْشَدْتُهُ إلَى الشَّيْءِ فَأَرْشَدَنِي إلَيْهِ، وَعَلَيْهِ وَلَهُ قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ، وَهُوَ ذُو رِشْدَةٍ أَيْ صَحِيحُ النَّسَبِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالْفَتْحُ لُغَةٌ اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا سَفِهَ سَفَهًا مِنْ بَابِ تَعِبَ وَسَفُهَ بِالضَّمِّ سَفَاهَةً فَهُوَ سَفِيهٌ وَالْأُنْثَى سَفِيهَةٌ وَجَمْعُهَا سُفَهَاءُ وَالسَّفَهُ نَقْصٌ فِي الْعَقْلِ، وَأَصْلُهُ الْخِفَّةُ وَسَفِهَ الْحَقَّ جَهِلَهُ وَسَفَّهْتُهُ تَسْفِيهًا نَسَبْته إلَى السَّفَهِ أَوْ قُلْت لَهُ إنَّهُ سَفِيهٌ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالرَّشِيدُ ابْتِدَاءً) أَيْ وَأَمَّا دَوَامًا فَهُوَ صَلَاحُ الْمَالِ فَقَطْ حَتَّى لَوْ فَسَقَ لَا يَخْرُجُ عَنْ الرُّشْدِ اهـ. شَيْخُنَا

وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ فَلَوْ فَسَقَ بَعْدُ فَلَا حَجْرَ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالِابْتِدَاءِ وَقْتَ الْبُلُوغِ اهـ.

(قَوْلُهُ صَلَاحُ دِينٍ وَمَالٍ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ حَيْثُ اعْتَبَرَا إصْلَاحَ الْمَالِ فَقَطْ، وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاعْتَرَضَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الرُّشْدَ فِي الْآيَةِ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ فَلَا تَعُمَّ وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَتَعُمُّ وَأَيْضًا الرُّشْدُ مَجْمُوعُ أَمْرَيْنِ لَا كُلُّ وَاحِدٍ اهـ. سم، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَاعْتَبَرَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ صَلَاحَ الْمَالِ وَحْدَهُ اهـ. (قَوْلُهُ حَتَّى مِنْ كَافِرٍ) أَيْ فَيُعْتَبَرُ مَا هُوَ صَلَاحٌ عِنْدَهُمْ فِي الدِّينِ وَالْمَالِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ، وَأَقَرَّهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ إلْحَاقِ الِاخْتِصَاصِ هُنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>