لَكِنْ لِلْعَصَبَةِ الْإِنْفَاقُ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ فِي تَأْدِيبِهِ وَتَعْلِيمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَلِيلٌ فَسُومِحَ بِهِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي إحْرَامِ الْوَلِيِّ عَنْ الصَّبِيِّ وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ وَمَنْ بَلَغَ سَفِيهًا (وَيَتَصَرَّفُ) لَهُ الْوَلِيُّ (بِمَصْلَحَةٍ) حَتْمًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: ١٥٢] فَيَشْتَرِي لَهُ الْعَقَارَ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ التِّجَارَةِ إذَا حَصَلَ مِنْ رِيعِهِ الْكِفَايَةُ.
ــ
[حاشية الجمل]
لِلْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ: يَجِبُ عَلَيْهِمْ النَّظَرُ فِي مَالِهِ وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَنْ عِنْدَهُ يَتِيمٌ أَجْنَبِيٌّ لَهُ مَالٌ، وَلَوْ سَلَّمَهُ الْحَاكِمُ خَانَ فِيهِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ لِلضَّرُورَةِ أَيْ إنْ كَانَ عَدْلًا أَمِينًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ عِلَّتِهِ أَنَّهُ لَوْ وَلِيَ عَدْلٌ أَمِينٌ وَجَبَ عَلَيْهِ رَفْعُ الْأَمْرِ إلَيْهِ وَحِينَئِذٍ لَا يُنْقَضُ تَصَرُّفُهُ فِي زَمَنِ الْخَائِنِ عَلَى الْأَوْجَهِ اهـ. حَجّ اهـ. سم
(قَوْلُهُ لَكِنَّ لِلْعَصَبَةِ الْإِنْفَاقَ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ فَقْدِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ أَوْ غَيْبَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَبِالتَّقْيِيدِ بِفَقْدِ الْخَاصِّ يُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ أَنَّ الْوِلَايَةَ عِنْدَ فَقْدِ الْوَلِيِّ لِصُلَحَاءِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي فَقْدِهِ مُطْلَقًا اهـ. زي فَلَوْ حَضَرَ الْوَلِيُّ وَأَنْكَرَ أَنَّهُمْ أَنْفَقُوا عَلَيْهِ مَا أَخَذُوهُ مِنْ مَالِهِ أَوْ أَنْكَرَ أَنَّ فِعْلَهُمْ كَانَ بِالْمَصْلَحَةِ فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ فَعَلَيْهِمْ الْبَيِّنَةُ فِيمَا ادَّعُوهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ وَمَنْ بَلَغَ سَفِيهًا) أَيْ فِي أَنَّ لِلْعَصَبَةِ الْإِنْفَاقَ مِنْ مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي تَأْدِيبِهِ وَتَعْلِيمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وِلَايَةٌ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَيَتَصَرَّفُ بِمَصْلَحَةٍ إلَخْ) وَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ حِفْظُ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ مِنْ أَسْبَابِ التَّلَفِ وَاسْتِنْمَاؤُهُ قَدْرَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي مُؤْنَةٍ مِنْ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا إنْ أَمْكَنَ وَلَا تَلْزَمُهُ الْمُبَالَغَةُ وَلِلْوَلِيِّ بَذْلُ بَعْضِ مَالِ الْيَتِيمِ وُجُوبًا بِالتَّخْلِيصِ الْبَاقِي عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَيْهِ مِنْ اسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ كَمَا يَسْتَأْنِسُ لِذَلِكَ بِخِرَقِ الْخَضِرِ السَّفِينَةَ، وَلَوْ كَانَ لِلصَّبِيِّ كَسْبٌ لَائِقٌ أَجْبَرَهُ الْوَلِيُّ عَلَى الِاكْتِسَابِ لِيَرْتَفِقَ بِهِ فِي ذَلِكَ وَيُنْدَبُ شِرَاءُ الْعَقَارِ لَهُ وَمَحَلُّهُ عِنْدَ الْأَمْنِ عَلَيْهِ مَنْ جَوْرِ سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ خَرَابٍ لِلْعَقَارِ، وَلَمْ يَجِدْ بِهِ ثِقَلَ خَرَاجٍ وَلَهُ السَّفَرُ بِمَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لِنَحْوِ صِبًا أَوْ جُنُونٍ فِي زَمَنِ أَمْنِ صُحْبَةٍ ثِقَةٍ، وَإِنْ لَمْ تَدْعُ لَهُ ضَرُورَةٌ مِنْ نَحْوِ نَهْبٍ إذْ الْمَصْلَحَةُ قَدْ تَقْتَضِي ذَلِكَ لَا فِي نَحْوِ بَحْرٍ، وَإِنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ عَدَمِهَا أَمَّا الصَّبِيُّ فَيَجُوزُ إرْكَابُهُ الْبَحْرَ عِنْدَ غَلَبَتِهَا خِلَافًا للإسنوي وَيُفَارِقُ مَالَهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا حَرُمَ ذَلِكَ فِي الْمَالِ لِمُنَافَاتِهِ غَرَضَ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ وَحِفْظِهِ وَتَنْمِيَتِهِ بِخِلَافِ هُوَ كَمَا يَجُوزُ إرْكَابُ نَفْسِهِ وَالصَّوَابُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَدَمُ تَحْرِيمِ إرْكَابِ الْبَهَائِمِ وَالْأَرِقَّاءِ وَالْحَامِلِ عِنْدَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ اهـ. شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ، وَلَوْ كَانَ لِلصَّبِيِّ كَسْبٌ إلَخْ وَمَحَلُّ الْإِجْبَارِ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ فِي النَّفَقَةِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ لِيَرْتَفِقَ بِهِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ وَلِيَّ السَّفِيهِ يُجْبِرُهُ عَلَى الْكَسْبِ حَيْثُ احْتَاجَ إلَيْهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُجْبِرُهُ إنْ كَانَ غَنِيًّا، وَلَا عَلَى مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِهِ، وَفِي حَجّ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ وَلِيَّ الصَّبِيِّ يُجْبِرُهُ عَلَى الْكَسْبِ، وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا. اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَيَتَصَرَّفُ بِمَصْلَحَةٍ إلَخْ) ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْوَلِيُّ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ نَفَقَةً، وَلَا أُجْرَةً فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا وَاشْتَغَلَ بِسَبَبِهِ عَنْ الِاكْتِسَابِ أَخَذَ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَالنَّفَقَةِ بِالْمَعْرُوفِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ٦] ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مَالِ مَنْ لَا تُمْكِنُ مُرَاجَعَتُهُ فَجَازَ لَهُ الْأَخْذُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَعَامِلِ الصَّدَقَاتِ وَكَالْأَكْلِ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْمُؤَنِ، وَإِنَّمَا خُصَّ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ وُجُوهِ الِانْتِفَاعَاتِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحَاكِمِ أَمَّا هُوَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِعَدَمِ اخْتِصَاصِ وِلَايَتِهِ بِالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ حَتَّى أَمِينُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ وَلَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِالْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إذَا نَقَصَ أُجْرَةَ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ أَوْ الْأُمِّ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً عَنْ نَفَقَتِهِمْ وَكَانُوا فُقَرَاءَ يُتِمُّونَهَا مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِمْ؛ لِأَنَّهَا إذَا وَجَبَتْ بِلَا عَمَلٍ فَمَعَهُ أَوْلَى، وَلَا يُضْمَنُ الْمَأْخُوذُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ عَمَلِهِ اهـ. شَرْحُ م ر وَكَتَبَ ع ش عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَخَذَ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ الضَّمِيرُ فِيهِ لِلْوَلِيِّ وَخَرَجَ بِهِ غَيْرُهُ كَالْوَكِيلِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ لَهُ مُوَكِّلُهُ شَيْئًا عَلَى عَمَلِهِ فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْوَلِيَّ إنَّمَا جَازَ لَهُ الْأَخْذُ؛ لِأَنَّهُ أَيْ أَخْذَهُ تَصَرُّفٌ فِي مَالِ مَنْ لَا تُمْكِنُ مُعَاقَدَتُهُ، وَهُوَ يَفْهَمُ عَدَمَ جَوَازِ أَخْذِ الْوَكِيلِ لِإِمْكَانِ مُرَاجَعَةِ مُوَكِّلِهِ فِي تَقْدِيرِ شَيْءٍ لَهُ أَوْ عَزْلِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ امْتِنَاعُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ اخْتِيَارِ شَخْصٍ حَاذِقٍ لِشِرَاءِ مَتَاعٍ فَيَشْتَرِيهِ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ لِحِذْقِهِ وَمَعْرِفَتِهِ وَيَأْخُذُ لِنَفْسِهِ تَمَامَ الْقِيمَةِ مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَقَّرَهُ لِحِذْقِهِ، وَأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ أَيْضًا زَمَنًا يُمْكِنُهُ فِيهِ الِاكْتِسَابُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ مَا بَقِيَ لِمَالِكِهِ لِمَا ذُكِرَ مِنْ إمْكَانِ مُرَاجَعَةِ إلَخْ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا (فَائِدَةٌ)
لِلْوَلِيِّ خَلْطُ مَالَهُ بِمَالِ الصَّبِيِّ وَمُؤَاكَلَتُهُ لِلْإِرْفَاقِ حَيْثُ كَانَ لِلصَّبِيِّ فِيهِ حَظٌّ وَيَظْهَرُ ضَبْطُهُ بِأَنْ تَكُونَ كُلْفَتُهُ مَعَ الِاجْتِمَاعِ أَقَلَّ مِنْهَا مَعَ الِانْفِرَادِ وَلَهُ الضِّيَافَةُ وَالْإِطْعَامُ مِنْهُ حَيْثُ فَضَلَ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ قَدْرُ حَقِّهِ، وَكَذَا خَلْطُ أَطْعِمَةِ أَيْتَامٍ إنْ كَانَتْ مَصْلَحَةً لِكُلٍّ مِنْهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute