للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صُلْحٌ مُحَرِّمٌ لِلْحَلَالِ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي صَادِقًا لِتَحْرِيمِ الْمُدَّعَى بِهِ، أَوْ بَعْضِهِ عَلَيْهِ، أَوْ مُحَلِّلٌ لِلْحَرَامِ إنْ كَانَ كَاذِبًا بِأَخْذِهِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ، وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ الصُّلْحُ عَلَى الْمُدَّعَى بِهِ، أَوْ بَعْضِهِ فَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ إنْ جَرَى عَلَى نَفْسِ الْمُدَّعَى صَحِيحٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُحَرَّرِ، وَلَا غَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ الشَّيْخَيْنِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ؛ لِأَنَّ عَلَى وَالْبَاءَ يَدْخُلَانِ عَلَى الْمَأْخُوذِ وَمِنْ وَعَنْ عَلَى الْمَتْرُوكِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ ذَلِكَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَبِأَنَّ الْمُدَّعَى الْمَذْكُورَ مَأْخُوذٌ وَمَتْرُوكٌ بِاعْتِبَارَيْنِ غَايَتُهُ أَنَّ إلْغَاءَ الصُّلْحِ فِي ذَلِكَ لِلْإِنْكَارِ وَلِفَسَادِ الصِّيغَةِ بِاتِّحَادِ الْعِوَضَيْنِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الصُّلْحِ عَلَى الْمُدَّعَى بِهِ، أَوْ بَعْضِهِ (وَ) قَوْلِي (صَالِحْنِي عَمَّا تَدَّعِيهِ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ الدَّارِ الَّتِي تَدَّعِيهَا (لَيْسَ إقْرَارًا) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ بِهِ قَطْعَ الْخُصُومَةِ.

(وَ) الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الصُّلْحِ (يَجْرِي بَيْنَ مُدَّعٍ وَأَجْنَبِيٍّ

ــ

[حاشية الجمل]

مَا لَا يَمْلِكُهُ أَوْ يَمْلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا يَمْلِكُهُ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ لِاسْتِلْزَامِهِ أَنْ يَمْلِكَ الْمُدَّعِي مَا لَا يَمْلِكُهُ أَوْ يَمْلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا يَمْلِكُهُ أَيْ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي كَاذِبًا فِيهِمَا فَإِنْ كَانَ صَادِقًا انْعَكَسَ الْحَالُ فَلَوْ قَالَ لِاسْتِلْزَامِهِ أَنْ يَمْلِكَ الشَّخْصُ مَا يَمْلِكُهُ أَوْ مَا لَا يَمْلِكُهُ لَشَمِلَهَا عَلَى أَنَّ فِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرًا لَا يَخْفَى إذْ لَا مَحْذُورَ فِي كَوْنِ الشَّخْصِ يَمْلِكُ مَا لَا يَمْلِكُهُ بِوَاسِطَةِ الصُّلْحِ كَغَيْرِهِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ صُلْحٌ مُحَرِّمٌ لِلْحَلَالِ إلَخْ) قَدْ يُنَاقَشُ فِيهِ بِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِمُعَامَلَةٍ صَحِيحَةٍ صَدَرَتْ بِاخْتِيَارِهِ كَسَائِرِ الْمُعَامَلَاتِ الصَّحِيحَةِ الْمُخْتَارَةِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْمُعَامِلَيْنِ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ مَا بَذَلَهُ فِي تِلْكَ الْمُعَامَلَةِ، وَالْمُعَامَلَةُ هُنَا صَحِيحَةٌ عِنْدَ الْمُخَالِفِينَ فَهِيَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْمُعَامَلَاتِ الصَّحِيحَةِ وَمِنْ ذَلِكَ الصُّلْحُ عَلَى الْإِقْرَارِ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ مَالَهُ بِمَا أَخَذَهُ عِوَضًا عَنْهُ. اهـ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ع بِأَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ كُلٌّ مِنْ الْمُتَعَاقِدِينَ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَبِيعُ مَا لَا يَمْلِكُهُ أَيْ حَيْثُ كَانَ غَيْرَ مُحِقٍّ فِي إنْكَارِهِ وَالْمُشْتَرِي يَشْتَرِي مَا يَمْلِكُهُ أَيْ حَيْثُ كَانَ صَادِقًا فِي دَعْوَاهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ فَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ إلَخْ أَوْ عَلَى قَوْلِهِ ثُمَّ تَصَالَحَا عَلَيْهَا، وَقَوْلُهُ صَحِيحٌ أَيْ تَصْوِيرٌ إلَّا حُكْمًا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي كَلَامِهِ الْبُطْلَانُ أَيْ جَعْلُهُ مِنْ صُوَرِ الْفَسَادِ الصُّلْحَ عَلَى نَفْسِ الْمُدَّعَى بِهِ صَحِيحٌ أَيْ فَهُوَ مُتَعَقَّلٌ وَمُتَصَوَّرٌ لَكِنَّ الْفَسَادَ لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ لَا لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ اهـ. شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَكَانَ عَلَى إنْكَارٍ لَغَا إنْ جَرَى عَلَى نَفْسِ الْمُدَّعَى بِهِ انْتَهَتْ وَتَعْبِيرُهُ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لَكِنَّ تَقْيِيدَهُ بِقَوْلِهِ عَلَى نَفْسِ الْمُدَّعَى بِهِ فِيهِ قُصُورٌ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ عَلَى وَالْبَاءَ يَدْخُلَانِ عَلَى الْمَأْخُوذِ) أَيْ فِي مُقَابَلَةِ مَتْرُوكٍ، وَهُنَا مَأْخُوذٌ لَا فِي مُقَابَلَةِ مَتْرُوكٍ اهـ. ح ل أَيْ أَوْ مَتْرُوكٌ لَا فِي مُقَابَلَةِ مَأْخُوذٍ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارَيْنِ) فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُدَّعِي مَتْرُوكٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَكَأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَخَذَهَا وَتَرَكَهَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ اهـ. ح ل أَيْ أَوْ مَأْخُوذٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَتْرُوكٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُدَّعِي فَكَأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَخَذَهَا وَتَرَكَهَا لِلْمُدَّعِي كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْمُدَّعَى بِهِ لَهُ صُورَتَانِ (قَوْلُهُ وَلِفَسَادِ الصِّيغَةِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا مَرَّ مِنْ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ التَّصْوِيرِ مَعَ الْجَوَابِ عَنْهُ الْمُقْتَضِي لِصِحَّتِهَا أَيْضًا اهـ. ق ل

(قَوْلُهُ بِاتِّحَادِ الْعِوَضَيْنِ) أَيْ الْمُصَالَحِ بِهِ، وَعَلَيْهِ وَلِلْمُدَّعِي الْمُحِقِّ إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ الْمَذْكُورُ عَلَى عَيْنِ الْمُدَّعَى بِهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَإِنْ وَقَعَ عَلَى غَيْرِهِ كَانَ ظَافِرًا اهـ. ح ل (قَوْلُهُ وَصَالِحْنِي عَمَّا تَدَّعِيهِ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ قُصِدَ لَفْظُهَا، وَقَوْلُهُ لَيْسَ إقْرَارًا خَبَرُهُ أَيْ هَذَا اللَّفْظُ لَيْسَ إقْرَارًا، وَهَذَا وَاضِحٌ بِالنَّظَرِ لِلْمَتْنِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَالشَّارِحُ قَدَّرَ مُبْتَدَأً فَقَالَ فِي نُسْخَةٍ وَقَوْلُ صَالِحْنِي إلَخْ وَفِي أُخْرَى وَقَوْلِي صَالِحْنِي إلَخْ، وَفِي أُخْرَى، وَقَوْلُهُ صَالِحْنِي إلَخْ فَعَلَى الْأُولَى الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ أَيْ أَنَّ الْقَوْلَ الَّذِي قَدَّرَهُ مُضَافٌ إلَى الْجُمْلَةِ بَعْدَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَقَوْلٌ هُوَ صَالِحْنِي إلَخْ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ هُوَ أَعَمُّ جُمْلَةً اعْتِرَاضِيَّةً أَوْ أَنَّ هُوَ ضَمِيرُ فَصْلٍ وَأَعَمُّ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الَّذِي قَدَّرَهُ وَقَوْلُ الْمَتْنِ لَيْسَ إقْرَارًا خَبَرًا ثَانِيًا عَنْهُ وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَصِيرُ قَوْلُ الْمَتْنِ صَالِحْنِي عَمَّا تَدَّعِيهِ مَقُولَ الْقَوْلِ الَّذِي قَدَّرَهُ الشَّارِحُ وَخَبَرُ الْمُبْتَدَأِ إمَّا قَوْلُهُ لَيْسَ إقْرَارًا وَالْجُمْلَةُ الَّتِي قَدَّرَهَا الشَّارِحُ اعْتِرَاضِيَّةٌ كَمَا سَبَقَ أَوْ هُوَ ضَمِيرُ فَصْلٍ إلَخْ مَا تَقَدَّمَ وَعَلَى الثَّالِثَةِ يَكُونُ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ، وَقَوْلُهُ عَائِدًا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْإِعْرَابُ كَمَا سَبَقَ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ لَيْسَ إقْرَارًا) ، وَلَوْ قَالَ بِعْنِي أَوْ هَبْنِي أَوْ مَلِّكْنِي الْمُدَّعَى بِهَا أَوْ زَوِّجْنِيهَا أَوْ أَبْرِئْنِي مِنْهُ فَإِقْرَارٌ لَا أَجِرْنِي أَوْ أَعِرْنِي عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ إذْ الْإِنْسَانُ قَدْ يَسْتَعِيرُ مِلْكَهُ وَيَسْتَأْجِرُهُ مِنْ مُسْتَأْجِرِهِ وَمِنْ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ نَعَمْ يَظْهَرُ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ أَنَّهُ إقْرَارٌ بِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلْمَنْفَعَةِ. اهـ. شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ وَيَجْرِي بَيْنَ مُدَّعٍ وَأَجْنَبِيٍّ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يَنْتَظِمَ فِي هَذَا الْمَقَامِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً أُصُولُهَا أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ إمَّا عَنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ يُتْرَكَانِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ عَنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ يُتْرَكَانِ لِلْأَجْنَبِيِّ الْمُصَالِحِ فَإِنْ كَانَ عَنْ عَيْنٍ تُتْرَكُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ انْتَظَمَ فِيهِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ صُورَةً وَمِثْلُهَا فِيمَا لَوْ كَانَ عَنْ دَيْنٍ يُتْرَكُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاثْنَا عَشَرَ فِيمَا لَوْ كَانَ عَنْ عَيْنٍ تُتْرَكُ لِلْأَجْنَبِيِّ الْمُصَالِحِ وَمِثْلُهَا فِيمَا لَوْ كَانَ عَنْ دَيْنٍ يُتْرَكُ لَهُ أَيْ الْأَجْنَبِيِّ الْمُصَالِحِ، بَيَانُ الثَّمَانِيَةِ وَالْأَرْبَعِينَ فِيمَا لَوْ كَانَ عَنْ عَيْنٍ تُتْرَكُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إمَّا أَنْ يُصَالِحَ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ أَوْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ إمَّا أَنْ يَقُولَ وَكِّلْنِي فِي الصُّلْحِ مَعَك أَوْ يَسْكُتَ عَنْ دَعْوَى الْوَكَالَةِ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ وَعَلَى كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>