للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ أَخْبَارٌ كَخَبَرِ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَخَبَرُ الْحَاكِمِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحَمَّلَ عَنْ رَجُلٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ» (أَرْكَانُهُ) فِي ضَمَانِ الذِّمَّةِ خَمْسَةٌ (مَضْمُونٌ عَنْهُ، وَ) مَضْمُونٌ (لَهُ، وَ) مَضْمُونٌ (فِيهِ وَصِيغَةٌ وَضَامِنٌ وَشَرَطَ فِيهِ) أَيْ فِي الضَّامِنِ (أَهْلِيَّةَ تَبَرُّعٍ) هُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالرُّشْدِ (وَاخْتِيَارٍ) هُوَ مِنْ زِيَادَتِي فَيَصِحُّ الضَّمَانُ مِنْ سَكْرَانَ وَسَفِيهٍ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ، وَمَحْجُورِ فَلْسٍ كَشِرَائِهِ فِي الذِّمَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْ إلَّا بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ لَا مِنْ صَبِيٍّ، وَمَجْنُونٍ وَمَحْجُورِ سَفَهٍ، وَمَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَمُكْرَهٍ، وَلَوْ بِإِكْرَاهِ سَيِّدِهِ.

(وَصَحَّ ضَمَانُ رَقِيقٍ) مُكَاتَبٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) لَا بِغَيْرِ إذْنِهِ كَنِكَاحِهِ (لَا لَهُ) مِنْ زِيَادَتِي أَيْ لَا ضَمَانُهُ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ مَا يُؤَدِّي مِنْهُ مِلْكُهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ ضَمَانِ الْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ، وَكَالرَّقِيقِ الْمُبَعَّضِ إنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً أَوْ كَانَتْ وَضَمِنَ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ (فَإِنْ عَيَّنَ لِلْأَدَاءِ جِهَةً) كَكَسْبِهِ وَمَالِ تِجَارَةٍ بِيَدِهِ فَذَاكَ

ــ

[حاشية الجمل]

الْعَظِيمِ وَالْكَفِيلَ بِالنَّفْسِ وَالْحَمِيلَ بِالدِّيَةِ وَالصَّبِيرَ يَعُمُّ الْكُلَّ، وَمِثْلُهُ الْقَبِيلُ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَيُسَمَّى الْمُلْتَزِمُ لِذَلِكَ ضَامِنًا وَضَمِينًا وَحَمِيلًا وَزَعِيمًا، وَكَافِلًا، وَكَفِيلًا وَصَبِيرًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ غَيْرَ أَنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِأَنَّ الضَّمِينَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْحَمِيلَ فِي الدِّيَاتِ، وَالزَّعِيمَ فِي الْأَمْوَالِ الْعِظَامِ، وَالْكَفِيلَ فِي النُّفُوسِ، وَالصَّبِيرَ فِي الْجَمِيعِ، وَكَالضَّمِينِ فِيمَا قَالَهُ الضَّامِنُ، وَكَالْكَفِيلِ الْكَافِلُ، وَكَالصَّبِيرِ الْقَبِيلُ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: وَالزَّعِيمُ لُغَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْحَمِيلُ لُغَةُ أَهْلِ مِصْرَ وَالْكَفِيلُ لُغَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ {سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ} [القلم: ٤٠] ، وَقَوْلُهُ: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: ٧٢] ، وَكَانَ حِمْلُ الْبَعِيرِ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ.

وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا إذَا وَرَدَ فِي شَرَعْنَا مَا يُقَرِّرُهُ، وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ ذَلِكَ كَخَبَرِ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَخَبَرِ الْحَاكِمِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحَمَّلَ عَنْ رَجُلٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ» وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِجِنَازَةٍ فَقَالَ هَلْ تَرَكَ شَيْئًا قَالُوا لَا قَالَ هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالُوا ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ فَقَالَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ قَالَ أَبُو قَتَادَةَ صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَلَيَّ دَيْنُهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ» وَذَكَرْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ مَا لَهُ بِهَذَا الْخَبَرِ تَعَلُّقٌ. انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: كَخَبَرِ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» ) لَفْظُ الْحَدِيثِ «الْعَارِيَّةُ مُؤَدَّاةٌ» أَيْ مَرْدُودَةٌ «وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ وَالدَّيْنُ مَقْضِيٌّ» أَيْ مُوَفًّى اهـ. سم اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَابْنُ حِبَّانَ) هُوَ مِنْ أَئِمَّتِنَا مِنْ أَصْحَابِ الْوُجُوهِ اهـ. إيعَابٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي ضَمَانِ الذِّمَّةِ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهَا فِي غَيْرِهِ قَدْ تَكُونُ أَرْبَعَةً كَمَا فِي ضَمَانِ الْبَدَنِ، وَقَدْ تَكُونُ خَمْسَةً كَمَا فِي ضَمَانِ الْعَيْنِ، وَأَيْضًا لِأَجْلِ قَوْلِ الْمَتْنِ مَضْمُونٌ فِيهِ، وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا فِي الدَّيْنِ، وَأَمَّا الْعَيْنُ فَيُقَالُ فِيهَا مَضْمُونٌ فَلِذَلِكَ زَادَ لَفْظَةَ فِيهِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمَضْمُونٌ فِيهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ أَيْ شَيْءٌ يَقَعُ الِالْتِزَامُ بِسَبَبِهِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُلْتَزِمُ فَهُوَ مَعَ ذَلِكَ سَبَبٌ فِي الِالْتِزَامِ (قَوْلُهُ: هُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالرُّشْدِ) . وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ تَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ ضَمَانِ السَّفِيهِ الْمُهْمِلِ وَالْحُكْمُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ وَتَقْتَضِي صِحَّةَ ضَمَانِ الْمَرِيضِ (قَوْلُهُ: مِنْ سَكْرَانَ) أَيْ مُتَعَدٍّ بِسُكْرِهِ، وَلَوْ ضَمِنَ حَالَ سُكْرِهِ وَاخْتَلَفَا فِي التَّعَدِّي وَعَدَمِهِ صُدِّقَ مُدَّعِي عَدَمِ التَّعَدِّي؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ ح ل. (قَوْلُهُ: وَمَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ إلَخْ) مَحَلُّ عَدَمِ صِحَّةِ ضَمَانِ الْمَرِيضِ إذَا قَضَى الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَدَثَ لَهُ مَالٌ أَوْ أَبْرَأَ فَمَا أَطْلَقَهُ الشَّارِحُ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ كَمَا قَالَهُ حَجّ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمُكْرَهٍ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ بِحَقٍّ أَمَّا مَا كَانَ بِحَقٍّ كَأَنْ نَذَرَ أَنْ يَضْمَنَ فُلَانًا ثُمَّ امْتَنَعَ فَأَكْرَهُهُ الْحَاكِمُ عَلَى الضَّمَانِ فَضَمِنَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ. اهـ مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا الْأَشْبُولِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِكْرَاهِ سَيِّدِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الِاسْتِخْدَامَاتِ اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّ ضَمَانُ رَقِيقٍ إلَخْ) لَمْ يُفَرِّعْهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لَا يُقَالُ لَهُ أَهْلُ تَبَرُّعٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدٍ، وَإِنَّمَا صَحَّ خُلْعُ أَمَةٍ بِمَالٍ فِي ذِمَّتِهَا بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَضْطَرُّ إلَيْهِ لِنَحْوِ سُوءِ عِشْرَةٍ اهـ. ح. وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ السَّيِّدِ بِقَدْرِ الْمَالِ الْمَأْذُونِ فِي ضَمَانِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَإِذَا أَدَّى بَعْدَ الْعِتْقِ فَالرُّجُوعُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى مِلْكَهُ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ. اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لَا لَهُ) أَمَّا ضَمَانُ مَا عَلَى سَيِّدِهِ لِأَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِهِ فَيَصِحُّ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُ الْمَتْنِ أَوَّلًا، وَيُصَرِّحُ بِهَذَا قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فَإِنْ ضَمِنَ الرَّقِيقُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ صَحَّ، وَلَوْ عَنْ السَّيِّدِ لَا لَهُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِ، وَهُوَ لِسَيِّدِهِ اهـ. شَرْحُ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرُ، وَمِثْلُهُ حَجّ ثُمَّ إذَا غَرِمَ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى سَيِّدِهِ، وَإِنْ أَدَّى بَعْدَ الْعِتْقِ كَمَا يَأْتِي لِلشَّرْحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلِلضَّامِنِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصْلِ إلَخْ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمَّا جَرَى سَبَبُ الْوُجُوبِ قَبْلَ الْعِتْقِ كَانَ الْمَغْرُومُ بِسَبَبِ الضَّمَانِ كَأَنَّهُ مَالُ السَّيِّدِ اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: كَالرَّقِيقِ الْمُبَعَّضُ إلَخْ) ثُمَّ إذَا أَذِنَ السَّيِّدُ فِي نَوْبَتِهِ فَهَلْ يَكُونُ مَا يُؤَدِّيهِ مِنْ الْكَسْبِ الْوَاقِعِ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ دُونَ الْعَبْدِ أَوْ مِنْ كَسْبِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ أَوْ الرَّقِيقِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ. وَلَوْ ادَّعَى الْمُبَعَّضُ أَنَّ ضَمَانَهُ بِغَيْرِ الْإِذْنِ كَانَ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُهُ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ كَمَا لَوْ ادَّعَى الضَّامِنُ الصِّبَا عِنْدَ الضَّمَانِ، وَأَمْكَنَ اهـ. سم عَلَى حَجّ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَيَّنَ لِلْأَدَاءِ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَفِ مَا عَيَّنَهُ لَهُ بِأَنْ كَانَ غَيْرَ كَسْبِهِ، وَمَا بِيَدِهِ اُتُّبِعَ الرَّقِيقُ بِالْبَاقِي بَعْدَ عِتْقِهِ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ قَصَرَ الطَّمَعَ عَنْ تَعَلُّقِهِ بِكَسْبِهِ، وَمَا فِي يَدِهِ مِنْ أَمْوَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>