أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَهَذَا أَعَمُّ، وَأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ إذَا مَاتَ وَدُفِنَ لَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ (وَلَوْ شَرَطَ أَنَّهُ يَغْرَمُهُ) أَيْ الْمَالَ، وَلَوْ مَعَ قَوْلِهِ إنْ فَاتَ التَّسْلِيمُ لِلْمَكْفُولِ (لَمْ تَصِحَّ) الْكَفَالَةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ مُقْتَضَاهَا.
(وَ) شُرِطَ (فِي الصِّيغَةِ) لِلضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ (لَفْظٌ) صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ (يُشْعِرُ بِالْتِزَامٍ) ؛ لِأَنَّ الرِّضَا لَا يُعْرَفُ إلَّا بِهِ، وَفِي مَعْنَاهُ الْكِتَابَةُ مَعَ نِيَّةٍ وَإِشَارَةِ أَخْرَسَ مُفْهِمَةٍ (كَضَمِنْتُ دَيْنَكَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى فُلَانٍ (أَوْ تَحَمَّلْتُهُ أَوْ تَقَلَّدْته أَوْ تَكَلَّفْتُ بِبَدَنِهِ أَوْ أَنَا بِالْمَالِ) الْمَعْهُودِ (أَوْ بِإِحْضَارِ الشَّخْصِ) الْمَعْهُودِ (ضَامِنٌ أَوْ كَفِيلٌ) أَوْ زَعِيمٌ، وَكُلُّهَا صَرَائِحُ بِخِلَافِ دَيْنِ فُلَانٍ إلَيَّ وَنَحْوِهِ أَمَّا مَا لَا يُشْعِرُ بِالْتِزَامٍ نَحْوُ أُؤَدِّي الْمَالَ أَوْ أُحْضِرُ الشَّخْصَ وَخَلَا عَنْ قَرِينَةٍ فَلَيْسَ بِضَمَانٍ
ــ
[حاشية الجمل]
مِنْ الْمُؤَدَّى إلَيْهِ فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ؛ لِأَنَّ أَدَاءَهُ عَنْهُ يُشْبِهُ الْقَرْضَ الضِّمْنِيَّ لَهُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرَاعِ فِي الْأَدَاءِ جِهَةَ الْمَكْفُولِ بَلْ مَصْلَحَةَ نَفْسِهِ بِتَخْلِيصِهِ لَهَا مِنْ الْحَبْسِ، كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالثَّانِي أَقْرَبُ اهـ. حَجّ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَجَهْلٍ بِمَوْضِعِهِ أَوْ إقَامَتِهِ عِنْدَ مَنْ يَمْنَعُهُ قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ، وَكَتَبَ أَيْضًا أَوْ غَيْرِهِ كَصَيْرُورَتِهِ بِمَكَانٍ لَا يُمْكِنُ إحْضَارُهُ مِنْهُ أَوْ بِجَهْلِ مَكَانِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ يُحْكَمُ مَعَهَا بِمَوْتِهِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَعَمُّ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ إذَا مَاتَ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا مَاتَ، وَلَمْ يُدْفَنْ أَنَّهُ يُطَالَبُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ. شَيْخُنَا لَكِنْ يُنَافِي هَذَا عِبَارَةَ م ر وَنَصُّهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الدَّفْنَ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَهُ قَدْ يُطَالَبُ بِإِحْضَارِهِ لِلْإِشْهَادِ عَلَى صُورَتِهِ كَمَا مَرَّ اهـ. بِحُرُوفِهِ فَعَلَيْهِ لَا يَظْهَرُ وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ، وَفِيهِ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُ الْكَفِيلَ بِالْمَالِ، وَهَذَا شَامِلٌ لِمَا قَبْلَ الدَّفْنِ، وَأَمَّا مُطَالَبَتُهُ لِلْإِحْضَارِ لِيَشْهَدَ عَلَى صُورَتِهِ فَشَيْءٌ آخَرُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَطَ أَنَّهُ يَغْرَمُهُ إلَخْ) وَصُورَتُهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنْ يَقُولَ كَفَلْتُ بَدَنَهُ بِشَرْطِ الْغُرْمِ أَوْ عَلَى أَنِّي أَغْرَمُ أَوْ نَحْوَهُ فَلَوْ قَالَ كَفَلْتُ بَدَنَهُ فَإِنْ مَاتَ فَعَلَيَّ الْمَالُ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَبَطَلَ الْتِزَامُ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ فَيَلْغُو إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ الشَّرْطَ، وَإِلَّا بَطَلْت الْكَفَالَةُ أَيْضًا، وَلَوْ قَالَ كَفَلْتُ لَك نَفْسَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَ فَأَنَا ضَامِنُهُ بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ وَالضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِيهَا أَيْضًا اهـ. شَرْحُ م ر بِاخْتِصَارٍ، وَلَوْ قَالَ كَفَلْتُ بَدَنَهُ وَضَمِنْت مَا عَلَيْهِ فَهِيَ كَفَالَةٌ وَضَمَانٌ صَحِيحَانِ اهـ. شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ: لِلضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ) عَطْفُ الْكَفَالَةِ عَلَى الضَّمَانِ يُوهِمُ أَنَّهَا قَسِيمٌ لِلضَّمَانِ، وَهُوَ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ أَنَّهَا قِسْمٌ مِنْ الضَّمَانِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا جَرَى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْكَفَالَةَ قَسِيمَةٌ لَهُ أَوْ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْأَخَصِّ عَلَى الْأَعَمِّ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ فِي الْكَفَالَةِ أَوْ عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ فِي الضَّمَانِ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَاهُ الْكِتَابَةُ) أَيْ سَوَاءٌ صَدَرَتْ مِنْ نَاطِقٍ أَوْ أَخْرَسَ وَسَوَاءٌ كَانَ لِلْأَخْرَسِ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ أَوْ لَا فَهِيَ أَيْ الْكِتَابَةُ كِتَابَةٌ مُطْلَقًا، وَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهَا قَرَائِنُ لَا تُصَيِّرُهَا صَرِيحًا. اهـ. مِنْ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ تَقَلَّدْتُهُ) أَوْ الْتَزَمْته إلَخْ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصَرَاحَةِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ ذِكْرُ الْمَالِ فَنَحْوُ ضَمِنْت فُلَانًا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْمَالِ كِنَايَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. شَرْحُ م ر، وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ أَيْ فَإِنْ نَوَى بِهِ ضَمَانَ الْمَالِ وَعَرَفَ قَدْرَهُ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا، وَقَالَ ع مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُرِدْ ضَمَانَ الْمَالِ حُمِلَ عَلَى كَفَالَةِ الْبَدَنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا مَعْرِفَةُ قَدْرِ الْمَالِ الْمَضْمُونِ اهـ. وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ بِمَا ذَكَرَهُ الْتِزَامًا كَانَ لَغْوًا، وَإِنْ نَوَى الْتِزَامَ الْمَالِ أَوْ الْبَدَنِ عَمِلَ بِمَا نَوَاهُ، وَإِنْ نَوَى بِهِ الِالْتِزَامَ لَا بِقَيْدِ الْمَالِ، وَلَا الْبَدَنِ حُمِلَ عَلَى الْبَدَنِ (قَوْلُهُ: الْمَعْهُودِ) لَيْسَ مِنْ لَفْظِ الضَّامِنِ بَلْ مُرَادُهُ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ اللَّامَ عَهْدِيَّةٌ لِمَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ، وَكَفَالَتُهُ لَا مُطْلَقُ الْمَالِ أَوْ الشَّخْصِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الْمَالُ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ أَوْ الشَّخْصُ الَّذِي هُوَ فُلَانٌ بِدَلِيلِ أَنَّهَا كُلَّهَا صَرَائِحُ كَمَا يَأْتِي اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
وَعِبَارَةُ حَجّ مَعَ الْمَتْنِ أَوْ أَنَا بِالْمَالِ الَّذِي عَلَى زَيْدٍ مَثَلًا أَوْ بِإِحْضَارِ الشَّخْصِ الَّذِي هُوَ فُلَانٌ، وَإِنَّمَا قَيَّدْت الْمَالَ وَالشَّخْصَ بِمَا ذَكَرْته لِمَا هُوَ وَاضِحٌ أَنَّهُ لَا يَكْفِي ذِكْرُ مَا فِي الْمَتْنِ وَحْدَهُ فَإِنْ قُلْتَ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ ذِكْرِهِمَا، وَتَكُونُ أَلْ لِلْعَهْدِ الذَّكَرِيِّ بَلْ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهُمَا ذِكْرٌ حَمْلًا لَهَا عَلَى الْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ قُلْت لَا يَصِحُّ هَذَا الْحَمْلُ، وَإِنْ أَوْهَمَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْمَعْهُودِ بَلْ الَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ فِيهِمَا كِنَايَةٌ لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْقَرِينَةِ فِي الصَّرَاحَةِ. انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَكُلُّهَا صَرَائِحُ) ، وَمِنْهَا الَّذِي عِنْدَ فُلَانٍ عَلَيَّ بِخِلَافِ عِنْدِي فَهُوَ كِنَايَةٌ، وَكَذَا ضَمِنْتُ فُلَانًا أَوْ ضَمَانُ فُلَانٍ عَلَيَّ أَوْ دَيْنُ فُلَانٍ إلَيَّ أَوْ عِنْدِي فَإِنْ نَوَى فِي ذَلِكَ الْمَالَ لَزِمَ أَوْ الْبَدَنَ لَزِمَ، وَإِلَّا لَغَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَفِي الثَّانِيَةِ نَظَرٌ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ دَيْنِ فُلَانٍ إلَيَّ وَنَحْوِهِ) كَعِنْدِي، وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ، وَكُلُّهَا صَرَائِحُ أَيْ فَهِيَ كِنَايَةٌ، وَقَوْلُهُ: أَمَّا مَا لَا يُشْعِرُ أَيْ لَا صَرِيحًا، وَلَا كِنَايَةً؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمُشْعِرَ شَامِلًا لَهُمَا فَقَوْلُهُ: وَخَلَا عَنْ قَرِينَةٍ الْمُرَادُ بِهَا غَيْرُ النِّيَّةِ فَيَكُونُ هَذَا وَنَحْوُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ لَا صَرِيحًا، وَلَا كِنَايَةً هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ كَلَامُهُ، وَأَمَّا حَمْلُ الْقَرِينَةِ فِيهِ عَلَى النِّيَّةِ كَمَا فِي م ر فَلَا يُنَاسِبُ سِيَاقَ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى التَّقْيِيدِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ عِنْدَ الْقَرِينَةِ يَكُونُ كِنَايَةً، وَهُوَ قَدْ جَعَلَهُ خَارِجًا مِنْ الْمُشْعِرِ الشَّامِلِ لِلصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي تَفْسِيرِ الْقَرِينَةِ قَوْلَيْنِ قِيلَ إنَّهَا غَيْرُ النِّيَّةِ وَجَرَى عَلَيْهِ حَجّ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute