للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَبِ وَالْجَدِّ دَيْنَ مَحْجُورِهِمَا بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ.

(وَلَوْ صَالَحَ عَنْ الدَّيْنِ) الْمَضْمُونِ (بِمَا دُونَهُ) كَأَنْ صَالَحَ عَنْ مِائَةٍ بِبَعْضِهَا أَوْ بِثُبُوتِ قِيمَتِهِ دُونَهَا (لَمْ يَرْجِعْ إلَّا بِمَا غَرِمَ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي بَذَلَهُ نَعَمْ لَوْ ضَمِنَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ دَيْنًا عَلَى مُسْلِمٍ ثُمَّ تَصَالَحَا عَلَى خَمْرٍ لَمْ يَرْجِعْ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ، وَهُوَ سُقُوطُ الدَّيْنِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْمُسْلِمِ، وَلَا قِيمَةَ لِلْخَمْرِ عِنْدَهُ وَحَوَالَةُ الضَّامِنِ الْمَضْمُونَ لَهُ كَالْأَدَاءِ فِي ثُبُوتِ الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا وَخَرَجَ بِ (صَالَحَ) مَا لَوْ بَاعَهُ الثَّوْبَ بِمِائَةٍ أَوْ بِالْمِائَةِ الْمَضْمُونَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهَا لَا بِقِيمَةِ الثَّوْبِ وَتَعْبِيرِي بِمَا دُونَهُ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.

(وَمَنْ أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ بِإِذْنٍ

ــ

[حاشية الجمل]

وَضَمَانًا، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُكَذِّبْ أَيْ الْحَاضِرُ الَّذِي هُوَ زَيْدٌ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ كَذَّبَ الْبَيِّنَةَ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ ادَّعَى عَلَى الدَّائِنِ أَنَّهُ أَخَذَ خَمْسَمِائَةٍ مِنْ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهُ أَخَذَهَا مِنْهُ ظُلْمًا (قَوْلُهُ: الْأَبِ وَالْجَدِّ) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقْدِرُ عَلَى تَمْلِيكِ فَرْعِهِ فَإِذَا أَدَّى بِنِيَّةِ الْمَرْجُوعِ فَكَأَنَّهُ أَقْرَضَهُ لَهُ، وَقَبَضَ لَهُ ثُمَّ أَدَّاهُ عَنْهُ اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ إلَّا بِمَا غَرِمَ) قَضِيَّةُ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ حَيْثُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَرْضِ إلَخْ أَنْ يَرْجِعَ بِمِثْلِ الثَّوْبِ لَا قِيمَتِهَا اهـ. ع ش عَلَى م ر. وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي بَذَلَهُ.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ إلَّا بِمَا غَرِمَ أَيْ كَالْقَرْضِ فَيَرْجِعُ بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ، وَكَذَا بِمِثْلِ الْمُتَقَوِّمِ صُورَةً تَأَمَّلْ اهـ. م ر.

وَفِي سم مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: وَلَوْ صَالَحَ عَنْ الدَّيْنِ إلَخْ عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَلَوْ صَالَحَ الضَّامِنُ الْمُسْتَحِقَّ عَنْ الْأَلْفِ الْمَضْمُونَةِ بِعَبْدٍ رَجَعَ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْأَلْفِ وَقِيمَةِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْأَدَاءِ، وَقِسْ عَلَيْهِ فَلَوْ صَالَحَهُ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ أَوْ مِنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِخَمْسَةٍ؛ لِأَنَّهَا الْمَغْرُومَةُ فِي الْأُولَى، وَلِتَبَرُّعِهِ بِالزَّائِدِ عَلَيْهَا فِي الثَّانِيَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَمْ يَسْقُطْ عَلَى الرَّاجِحِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ أَيْ، وَأَمَّا عَلَى الْمَرْجُوحِ فَقَدْ عَلَّلَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْخَمْرِ بَاطِلٌ، وَأَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ اهـ. ع ش، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَا يَبْرَأُ الْمُسْلِمُ كَمَا لَوْ دَفَعَ الْخَمْرَ بِنَفْسِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِهَا) أَيْ الْمُصَالَحَةِ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَحَوَالَةُ الضَّامِنِ إلَخْ) ظَاهِرُ جَعْلِ الْحَوَالَةِ كَالْأَدَاءِ ثُبُوتُ الرُّجُوعِ قَبْلَ دَفْعِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِلْمُحْتَالِ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ الْحَوَالَةَ تَقْتَضِي انْتِقَالَ الْحَقِّ، وَفَرَاغَ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ اهـ. سم.

وَإِنْ أَبْرَأَ رَبُّ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ الْمُحْتَالُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ رَجَعَ الضَّامِنُ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ مَا فَاتَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَا كَانَ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَحَالَ الْمَضْمُونَ لَهُ عَلَى الضَّامِنِ فَأَبْرَأَهُ الْمُحْتَالُ لَمْ يَكُنْ لِلضَّامِنِ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا خِلَافًا لِلْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: فِي ثُبُوتِ الرُّجُوعِ) أَيْ إنْ ضَمِنَ بِالْإِذْنِ وَعَدَمِهِ أَيْ إنْ ضَمِنَ بِغَيْرِهِ أَوْ فِي ثُبُوتِ الرُّجُوعِ إنْ لَمْ يُصَالِحْ بِخَمْرٍ وَعَدَمِهِ إنْ صَالَحَ بِهِ (قَوْلُهُ: بِمِائَةٍ) أَيْ مِنْ جُمْلَةِ الْمَضْمُونِ، وَقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهَا أَيْ بِالْمِائَةِ لَا بِقِيمَةِ الثَّوْبِ، وَلَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِالْمِائَةِ الْمَضْمُونَةِ) اعْلَمْ أَنَّ فِي صِحَّةِ هَذَا الْبَيْعِ خِلَافًا اخْتَارَ النَّوَوِيُّ الصِّحَّةَ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَيُشْكِلُ عَلَى الْقَائِلِ بِالْفَسَادِ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى صِحَّةِ الصُّلْحِ، وَهُوَ بَيْعٌ قَالَ: وَقَوْلُهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَهُ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِمْ فِي الْمُصَالَحَةِ إنَّمَا يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَ أَيْ فَإِنَّ الصُّلْحَ بَيْعٌ فَلِمَ فَرَّقَ اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الصُّلْحَ يُشْعِرُ بِقَنَاعَةِ الْمُسْتَحِقِّ بِبَعْضِ حَقِّهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْبَيْعُ اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ بِإِذْنٍ، وَلَا ضَمَانَ رَجَعَ) كَمَا لَوْ قَالَ اعْلِفْ دَابَّتِي، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الرُّجُوعَ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ قَالَ أَطْعِمْنِي رَغِيفًا بِجَرَيَانِ الْمُسَامَحَةِ فِي مِثْلِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَا أُجْرَةَ فِي نَحْوِ اغْسِلْ ثَوْبِي؛ لِأَنَّ الْمُسَامَحَةَ فِي الْمَنَافِعِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي الْأَعْيَانِ، وَقَوْلُ الْقَاضِي لَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ عَمِّرْ دَارِي أَوْ أَدِّ دَيْنَ فُلَانٍ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ إذْ لَا يَلْزَمُهُ عِمَارَةُ دَارِهِ، وَلَا أَدَاءُ دَيْنِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ اقْضِ دَيْنِي، وَأَنْفِقْ عَلَى زَوْجَتِي أَوْ عَبْدِي اهـ. ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ لِشِقِّهِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: عَمِّرْ دَارِي أَوْ أَدِّ دَيْنَ فُلَانٍ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ لِمَا مَرَّ فِي أَوَائِلِ الْقَرْضِ أَنَّهُ مَتَى شَرَطَ الرُّجُوعَ هُنَا، وَفِي نَظَائِرِهِ رَجَعَ، وَفَارَقَ نَحْوَ أَدِّ دَيْنِي وَاعْلِفْ دَابَّتِي لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ فَيَكْفِي الْإِذْنُ فِيهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الرُّجُوعَ، وَأَلْحَقَ بِذَلِكَ فِدَاءَ الْأَسِيرِ؛ لِأَنَّهُمْ اعْتَنَوْا فِي وُجُوبِ السَّعْيِ فِي تَحْصِيلِهِ مَا لَمْ يَعْتَنُوا بِهِ فِي غَيْرِهِ قَالَ الْقَاضِي أَيْضًا، وَلَوْ قَالَ أَنْفِقْ عَلَى امْرَأَتِي مَا تَحْتَاجُهُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَهُ صَحَّ ضَمَانُ نَفَقَةِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ دُونَ مَا بَعْدَهُ اهـ.

وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا بَعْدَ الْأَوَّلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَيْسَ حَقِيقَةُ الضَّمَانِ الْمَارِّ بَلْ مَا يُرَادُ بِقَوْلِهِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَلَيَّ بَلْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْقَاضِي نَفْسِهِ أَنَّ أَنْفِقْ عَلَى زَوْجَتِي لَا يَحْتَاجُ لِشَرْطِ الرُّجُوعِ فَإِنْ أَرَادَ حَقِيقَةَ الضَّمَانِ فَالْأَوْجَهُ تَصْدِيقُهُ بِيَمِينِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ سِوَى الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْقَاضِي عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ بِعْ لِهَذَا بِأَلْفٍ، وَأَنَا أَدْفَعُهُ لَك فَفَعَلَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَلْفُ خِلَافًا لِابْنِ سُرَيْجٍ، وَلَوْ ضَمِنَ شَخْصٌ الضَّامِنَ بِإِذْنِ الْأَصِيلِ وَغَرِمَ رَجَعَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَدِّ دَيْنِي فَأَدَّاهُ اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر مَعَ زِيَادَةٍ لع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: دَيْنَ غَيْرِهِ) فَلَوْ أَذِنَ لَهُ الْغَيْرُ فِي الْأَدَاءِ ثُمَّ ضَمِنَهُ ثُمَّ أَدَّى قَالَ طب لَا رُجُوعَ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ يَقَعُ عَنْ جِهَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>