الْبَلَدِ أَوْ بِجِنْسٍ رَدِيءٍ قُبِلَ، وَيُخَالِفُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْمُعَامَلَةِ قَصْدُ مَا يَرُوجُ فِي الْبَلَدِ وَالْإِقْرَارُ إخْبَارٌ بِحَقٍّ سَابِقٍ.
(أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ فِي عَشَرَةٍ فَإِنْ أَرَادَ مَعِيَّةً) أَيْ مَعْنَاهَا (فَأَحَدَ عَشَرَ) دِرْهَمًا تَلْزَمُهُ لِوُرُودِ فِي بِمَعْنَى مَعَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: ٣٨] أَيْ مَعَهُمْ (أَوْ) أَرَادَ (حِسَابًا) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (عَرَفَهُ فَعَشَرَةٌ) لِأَنَّهَا مُوجِبُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَرَادَ ظَرْفًا أَوْ حِسَابًا لَمْ يَعْرِفْهُ أَوْ أَطْلَقَ (فَدِرْهَمٌ) يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ.
ــ
[حاشية الجمل]
الْبَلَدِ إلَخْ) ، وَلَوْ فَسَّرَهَا بِالْفُلُوسِ لَمْ يُقْبَلْ لِانْتِفَاءِ تَسْمِيَتِهَا دَرَاهِمَ سَوَاءٌ أَفَصَلَهُ أَمْ وَصَلَهُ نَعَمْ لَوْ غَلَبَ التَّعَامُلُ بِهَا بِبَلَدٍ بِحَيْثُ هُجِرَ التَّعَامُلُ بِالْفِضَّةِ وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ عِوَضًا عَنْ الْفُلُوسِ كَالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ فَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْقَبُولُ، وَإِنْ كَانَ مُنْفَصِلًا وَلَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ حُمِلَ عَلَى دَرَاهِمِ الْبَلَدِ الْغَالِبَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الْمَكِيلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِإِرْدَبِّ بُرٍّ وَبِمَحَلِّ الْإِقْرَارِ مَكَايِيلُ مُخْتَلِفَةٌ وَلَا غَالِبَ فِيهَا تَعَيَّنَ أَقَلُّهَا مَا لَمْ يَخْتَصَّ الْمُقَرُّ بِهِ بِمِكْيَالٍ مِنْهَا فَيُحْمَلُ عَلَيْهَا لَا عَلَى غَيْرِهِ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ أَرَدْتُ غَيْرَهَا، وَفِي النُّقُودِ يُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ الْمُخْتَصِّ مِنْ تِلْكَ الْمَكَايِيلِ كَالنَّقْدِ، وَيُصَدَّقُ الْغَاصِبُ وَالْمُتْلِفُ بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِ كَيْلِ مَا غَصَبَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ اهـ. شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ: كَالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ أَيْ فِي زَمَنِهِ إذْ ذَاكَ، وَأَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ التَّفْسِيرُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا يُتَعَامَلُ بِهَا الْآنَ إلَّا فِي الْمُحَقَّرَاتِ (قَوْلُهُ: وَيُخَالِفُ الْبَيْعَ إلَخْ) ، وَيُخَالِفُ أَيْضًا النَّاقِصَ بِأَنَّهُ يُرْفَعُ بَعْضُ مَا أَقَرَّ بِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَالْإِقْرَارُ إخْبَارٌ بِحَقٍّ سَابِقٍ) أَيْ يُحْتَمَلُ ثُبُوتُهُ بِمُعَامَلَةٍ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَيَرْجِعُ إلَى إرَادَتِهِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: أَيْ مَعْنَاهَا) أَيْ الْمَعْنَى الْحَاصِلُ مِنْ قَوْلِنَا مَعَ عَشَرَةٍ وَحِينَئِذٍ أَشْكَلَ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ لِاحْتِمَالِ مَعَ دِرْهَمٍ لِي وَكَيْفَ وَجَبَ كَوْنُ الْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ لَا يَأْتِي مَعَ الظَّرْفِيَّةِ الْمَلْحُوظُ فِيهَا هَذَا الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الظَّرْفِيَّةَ مُقْتَضِيَةٌ لِوُجُوبِ الْعَشَرَةِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَشْرَفِيٌّ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِالْقَدْرِ الْمَعْلُومِ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ شَيْخِنَا اهـ. ح ل.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: أَيْ مَعْنَاهَا، وَهُوَ مُصَاحَبَةُ الدَّرَاهِمِ لِلْعَشَرَةِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَ مَعِيَّةً فَأَحَدَ عَشَرَ) اُعْتُرِضَ هَذَا بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ جَزْمًا لِاحْتِمَالِ مَعَ دِرْهَمٍ لِي وَحَاصِلُ الْإِيرَادِ أَنَّهُ عِنْدَ التَّصْرِيحِ بِالْمَعِيَّةِ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا حُكْمٌ بَلْ يُلْغَى اعْتِبَارُهَا وَعِنْدَ الْإِتْيَانِ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا وَهُوَ فِي بِدُونِ تَصْرِيحٍ بِهَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْحُكْمُ وَتُعْتَبَرُ، وَيُعَوَّلُ عَلَيْهَا وَكَانَ قِيَاسُ الْحُكْمِ فِي دِرْهَمٍ مَعَ دِرْهَمٍ أَنْ يَكُونَ اللَّازِمُ لَهُ فِي دِرْهَمٍ مَعَ عَشَرَةٍ دِرْهَمًا وَاحِدًا فَقَطْ لِاحْتِمَالِ فِي عَشَرَةٍ لِي كَمَا قُلْتُمْ لِاحْتِمَالِ مَعَ دِرْهَمٍ لِي، وَيُجَابُ بِحَمْلِ كَلَامِ الْمَتْنِ عَلَى مَا إذَا أَرَادَ الْمُقِرُّ مَعَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ قَصْدَ الْمَعِيَّةِ فِي قَوْلِهِ لَهُ دِرْهَمٌ فِي عَشَرَةٍ بِمَثَابَةِ حَرْفِ الْعَطْفِ وَالتَّقْدِيرُ لَهُ دِرْهَمٌ وَعَشَرَةٌ وَلَفْظُ الْمَعِيَّةِ مُرَادِفٌ لِحَرْفِ الْعَطْفِ بِدَلِيلِ تَقْدِيرِهِمْ فِي جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو بِقَوْلِهِمْ مَعَ عَمْرٍو بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ فَإِنَّ مَعَ فِيهِ لِمُجَرَّدِ الْمُصَاحَبَةِ وَالْمُصَاحَبَةُ تَصْدُقُ بِمُصَاحَبَةِ دِرْهَمٍ لِدِرْهَمٍ غَيْرِهِ، وَلَا يُقَدَّرُ فِيهَا عَطْفٌ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ بِتَصَرُّفٍ وَهُوَ مُلَخَّصٌ مِنْ م ر.
وَعِبَارَةُ حَجّ، وَهِيَ أَصْرَحُ مِنْ عِبَارَةِ شَرْحِ م ر فِي هَذَا الْمَقَامِ نَصُّهَا وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ بِشَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا جَزْمُهُمْ فِي دِرْهَمٍ مَعَ دِرْهَمٍ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ مَعَ دِرْهَمٍ لِي فَمَعَ نِيَّتِهِ أَوْلَى وَأَجَابَ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ فَرْضَ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الظَّرْفَ بَلْ الْمَعِيَّةَ فَوَجَبَ أَحَدَ عَشَرَ، وَفَرْضُ دِرْهَمٍ مَعَ دِرْهَمٍ أَنَّهُ أُطْلِقَ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِلظَّرْفِ أَيْ مَعَ دِرْهَمٍ لِي فَلَمْ يَجِبْ إلَّا وَاحِدٌ فَالْمَسْأَلَتَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، وَفِيهِ تَكَلُّفٌ يُنَافِيهِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي الثَّانِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الدِّرْهَمُ مُطْلَقًا أَيْ مَا لَمْ يَنْوِ مَعَ دِرْهَمٍ يَلْزَمُنِي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّ نِيَّةَ الْمَعِيَّةِ تُجْعَلُ فِي عَشَرَةٍ بِمَعْنًى وَعَشَرَةٍ بِدَلِيلٍ تَقْدِيرُهُمْ جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو مَعَ عَمْرٍو بِخِلَافِ لَفْظَةِ مَعَ فَإِنَّ غَايَتَهَا الْمُصَاحَبَةُ وَهِيَ تَصْدُقُ بِمُصَاحَبَةِ دِرْهَمٍ لِلْمُقِرِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَتَكَلُّفٌ وَلَيْسَتْ الْوَاوُ بِمَعْنَى مَعَ بَلْ تَحْتَمِلُهَا وَغَيْرَهَا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَعَ دِرْهَمٍ صَرِيحٌ فِي الْمُصَاحَبَةِ الصَّادِقَةِ بِدِرْهَمٍ لَهُ، وَلِغَيْرِهِ فَلَيْسَ فِيهَا تَصْرِيحٌ بِلُزُومِ الدِّرْهَمِ الثَّانِي بَلْ، وَلَا الْإِشَارَةَ إلَيْهِ فَلَمْ يَجِبْ فِيهَا إلَّا وَاحِدٌ، وَأَمَّا فِي عَشَرَةٍ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي الظَّرْفِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلُزُومِ وَاحِدٍ فَقَطْ فَنِيَّةُ مَعَ بِهَا قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ مَا يُرَادُ بِمَعَ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُ يُرَادِفُهَا بَلْ ضَمَّ الْعَشَرَةَ إلَى الدِّرْهَمِ فَوَجَبَ الْأَحَدَ عَشَرَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدِّرْهَمَ لَازِمٌ فِيهِمَا وَالدِّرْهَمُ الثَّانِي فِي مَعَ دِرْهَمٍ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى لُزُومِهِ وَالْعَشَرَةُ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى لُزُومِهَا إذْ لَوْلَا أَنَّ نِيَّةَ الْمَعِيَّةِ تُفِيدُ مَعْنًى زَائِدًا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ الَّتِي هِيَ صَرِيحُ اللَّفْظِ لَمَا أَخْرَجَهُ عَنْ مَدْلُولِهِ الصَّرِيحِ إلَى غَيْرِهِ فَتَأَمَّلْهُ.
ثَانِيهِمَا يَنْبَغِي أَنَّ الْعَشَرَةَ مُبْهَمَةٌ كَالْأَلْفِ فِي أَلْفٍ وَدِرْهَمٍ بِالْأَوْلَى، وَأَجَابَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الْعَطْفَ فِي هَذِهِ يَقْتَضِي مُغَايَرَةَ الْأَلْفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute