للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرَ صَبِيٍّ، وَمَجْنُونٍ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي نَسَبِهِ فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ بِأَنْ كَذَّبَهُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ أَوْ سَكَتَ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ حَلَّفَهُ فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَثَبَتَ نَسَبُهُ، وَلَوْ تَصَادَقَا ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَسْقُطْ النَّسَبُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَصَحَّحَهُ جَمْعٌ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَسْقُطُ وَشَرَطَ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ الْمُسْتَلْحَقُ مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ عَنْ فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ لِغَيْرِ النَّافِي بِاسْتِلْحَاقِهِ وَخَرَجَ بِالْأَهْلِ غَيْرُهُ كَصَبِيٍّ وَمَيِّتٍ، وَلَوْ كَبِيرًا فَلَا يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُهُ بَلْ لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ فَكَذَّبَ الْمُسْتَلْحَقَ لَهُ لَمْ يَبْطُلْ نَسَبُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ لَهُ فَلَا يَبْطُلُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَقَضِيَّةُ ثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْهُ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَرِثُهُ، وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ مَيِّتًا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ، وَلَا نَظَرَ إلَى التُّهْمَةِ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ فَرْعُ النَّسَبِ، وَقَدْ ثَبَتَ.

(وَلَوْ اسْتَلْحَقَ اثْنَانِ أَهْلًا) لِلتَّصْدِيقِ هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بَالِغًا (لَحِقَ مَنْ صَدَّقَهُ) مِنْهُمَا فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْ

ــ

[حاشية الجمل]

قَالَ هَذَا ابْنِي (قَوْلُهُ: غَيْرَ صَبِيٍّ) لَمْ يَقُلْ حَيًّا مُكَلَّفًا لِيَشْمَلَ السَّكْرَانَ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَيَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي نَسَبِهِ) أَيْ، وَلِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) فُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ فِي هَذِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا لَوْ اسْتَلْحَقَهُ اثْنَانِ فَصَدَّقَهُمَا أَوْ لَمْ يُصَدِّقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا بِأَنْ عَرَضَهُ عَلَى الْقَائِفِ ثُمَّ لِقَطْعِ الْمُنَازَعَةِ بَيْنَ الْمُسْتَلْحَقَيْنِ، وَهُنَا الْمُنَازَعَةُ بَيْنَ الْمُسْتَلْحَقِ وَالْمَجْهُولِ وَالْحَقُّ فِي النَّسَبِ لَهُ فَلَمْ يَنْظُرْ لِلْقَائِفِ ثُمَّ رَأَيْت فِي سَمِّ عَلَى حَجّ مَا يُوَافِقُهُ حَيْثُ قَالَ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْقَائِفَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ الْمُزَاحَمَةِ وَنَحْوِهَا. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ حَلَّفَهُ) أَيْ حَلَّفَ الْمُدَّعِي الْمُسْتَلْحَقَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَقَوْلُهُ: سَقَطَتْ دَعْوَاهُ أَيْ الْمُدَّعِي الَّذِي هُوَ الْمُقِرُّ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ نَكَلَ أَيْ الْمُسْتَلْحَقُ بِفَتْحِ الْحَاءِ حَلَفَ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَصَادَقَا إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَتَصْدِيقُ مُسْتَلْحَقٍ عَلَى سَبِيلِ التَّعْمِيمِ فِيهِ كَأَنَّهُ قَالَ فَمَتَى صَدَّقَهُ ثَبَتَ النَّسَبُ سَوَاءٌ كَذَّبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَا فَلَا يَضُرُّ التَّكْذِيبُ بَعْدَ التَّصْدِيقِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَسْقُطْ النَّسَبُ) أَيْ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ الْمَحْكُومَ بِثُبُوتِهِ لَا يَرْتَفِعُ بِالِاتِّفَاقِ كَالثَّابِتِ بِالِافْتِرَاشِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَشُرِطَ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ الْمُسْتَلْحَقُ مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ وَخَرَجَ بِالْأَهْلِ غَيْرُهُ فَيُتَمِّمُ شَرْحَ الْمَتْنِ أَوَّلًا ثُمَّ يَذْكُرُ مَا زَادَ عَلَيْهِ مِنْ الشُّرُوطِ وَصَنِيعُهُ يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ غَيْرُ مُسْتَفَادٍ مِنْ اشْتِرَاطِ الْإِمْكَانِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْمَتْنِ وَصَنِيعُ شَرْحِ م ر يَقْتَضِي أَنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْهُ وَعِبَارَتُهُ اُشْتُرِطَ أَنْ لَا يُكَذِّبَهُ الْحِسُّ، وَلَا الشَّرْعُ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ كَذَّبَهُ أَيْ الشَّرْعُ بِأَنْ يَكُونَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ لَمْ يَصِحَّ اسْتِلْحَاقُهُ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُسْتَلْحَقُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ صِحَّةِ اسْتِلْحَاقِ مَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ النَّافِي إذْ لَهُ اسْتِلْحَاقُهُ، وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ قَائِفٌ، وَلَا انْتِسَابٌ يُخَالِفُهُ حُكْمُ الْفِرَاشِ بَلْ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِاللِّعَانِ رُخْصَةً أَثْبَتَهَا الشَّارِعُ لِرَفْعِ الْأَنْسَابِ الْبَاطِلَةِ فَإِنْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ جَازَ لِلْغَيْرِ اسْتِلْحَاقُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَازَعَهُ قَبْلَ النَّفْيِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ، وَيَمْتَنِعُ اسْتِلْحَاقُ وَلَدِ الزِّنَا مُطْلَقًا. انْتَهَتْ.

وَمِنْهَا يُعْلَمُ مَفْهُومُ قَوْلِ الشَّارِحِ عَنْ فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: بِلِعَانٍ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ.

وَعِبَارَةُ ع ش، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ وَلَدَ أَمَةٍ مَنْفِيًّا بِحَلِفِ السَّيِّدِ يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ لِغَيْرِ النَّافِي، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ مِثْلُ الْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ وَلَدُ الْأَمَةِ الْمَذْكُورَةِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: نِكَاحٌ صَحِيحٌ) أَيْ بِخِلَافِ الْمَنْفِيِّ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِلْحَاقُهُ قَالَهُ طِبّ سَمِّ ع ش. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَبِيرًا) لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُ الْمَيِّتِ الْكَبِيرِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ تَخَيُّرَ الِاسْتِلْحَاقِ إلَى الْمَوْتِ يُشْعِرُ بِإِنْكَارِهِ لَوْ وَقَعَ فِي الْحَيَاةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُهُ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ، وَأَمَّا الْمَيِّتُ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ التَّصْدِيقُ إلَّا أَنْ يُقَالَ دُفِعَ بِهِ اشْتِرَاطُ التَّصْدِيقِ مِنْ وَارِثِهِ فَالْمَعْنَى فَلَا يُشْتَرَطُ التَّصْدِيقُ مِنْ جِهَتِهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ كَمَا فِي الصَّبِيِّ أَوْ مِنْ وَارِثِهِ كَمَا فِي الْمَيِّتِ فَلَا يُقَالُ الْمَيِّتُ لَا يَتَأَتَّى تَصْدِيقُهُ فَكَيْفَ يَقُولُ فَلَا يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُهُ اهـ. ع ش بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُهُ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ قَدْ اعْتَنَى بِأَمْرِ النَّسَبِ وَأَثْبَتَهُ بِالْإِمْكَانِ، وَلَا نَظَرَ إلَى الْإِبْهَامِ فِي الْمَيِّتِ كَمَا لَوْ اُسْتُلْحِقَ فَقِيرٌ صَغِيرًا ذَا مَالٍ، وَإِنْ اُتُّهِمَ بِإِيجَابِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ بَلْ لَوْ قَتَلَهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ صَحَّ وَسَقَطَ الْقَوَدُ اهـ. سَمِّ. (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ) أَيْ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ، وَكَتَبَ أَيْضًا وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَلْحَقَ أَبَاهُ الْمَجْنُونُ ثُمَّ أَفَاقَ، وَكَذَّبَهُ لَا عِبْرَةَ بِتَكْذِيبِهِ، وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ اسْتِلْحَاقِ الْأَبِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) ، وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَيْسَ ابْنُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ الْأَوَّلِ لَمْ يَسْقُطْ النَّسَبُ فَلَا مَعْنَى لِتَحْلِيفِهِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ ثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُقِرِّ وَقَوْلُهُ: بِمَا ذُكِرَ أَيْ بِالِاسْتِلْحَاقِ مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقٍ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ إلَى التُّهْمَةِ) حَتَّى لَوْ قَتَلَهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَهُ، وَلَمْ يُقْتَلْ بِهِ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: لَحِقَ مَنْ صَدَّقَهُ) ، وَلَا يَحْلِفُ لِلْآخَرِ، وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّ كُلَّ اثْنَيْنِ ادَّعَيَا عَلَى شَخْصٍ شَيْئًا فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا أَنَّهُ يَحْلِفُ لِلْآخَرِ م ر اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا إلَخْ) اُعْتُرِضَ هَذَا بِأَنَّ اسْتِلْحَاقَ الْبَالِغِ يُعْتَبَرُ فِيهِ تَصْدِيقُهُ، وَهَذَا لَمْ يُصَدَّقْ، وَيُرَدُّ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِفِ حُكْمٌ فَثُبُوتُ النَّسَبِ لَهُ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِلْحَاقِ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلتَّصْدِيقِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْ

<<  <  ج: ص:  >  >>