للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ تُخَفَّفُ، وَهِيَ اسْمٌ لِمَا يُعَارُ وَلِعَقْدِهَا مِنْ عَارَ إذَا ذَهَبَ وَجَاءَ بِسُرْعَةٍ، وَقِيلَ مِنْ التَّعَاوُرِ، وَهُوَ التَّنَاوُبُ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: ٧] فَسَّرَهُ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ بِمَا يَسْتَعِيرُهُ الْجِيرَانُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَعَارَ فَرَسًا مِنْ أَبِي طَلْحَةَ فَرَكِبَهُ»

وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا

وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ، وَقَدْ تَجِبُ كَإِعَارَةِ الثَّوْبِ

ــ

[حاشية الجمل]

مِنْ التَّعَاوُرِ، وَقِيلَ مِنْ عَار يُعِيرُ إذَا جَاءَ وَذَهَبَ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْغُلَامِ الْخَفِيفِ عِيَارٌ لِكَثْرَةِ ذَهَابِهِ وَمَجِيئِهِ، وَفِي الشَّرْعِ إبَاحَةُ الْمَنَافِعِ بِشُرُوطٍ مَخْصُوصَةٍ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: هِبَةُ الْمَنَافِعِ فَلَوْ رَدَّ الْمُسْتَعِيرُ ارْتَدَّتْ عَلَى هَذَا دُونَ الْأَوَّلِ فَيَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بَعْدَ الرَّدِّ اهـ. أَقُولُ قَالَ شَيْخُنَا حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ كَذَا قِيلَ وَصَرِيحُ مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَا لَمْ يَنْهَ أَنَّهَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فَإِنْ قُلْتَ مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّ الْإِبَاحَةَ لَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ قُلْتُ ذَاكَ فِي الْإِبَاحَةِ الْمُخَصَّصَةِ، وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ اهـ. وَكَانَ مُرَادُهُ بِمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي فِي الْإِرْشَادِ مَا لَمْ يَنْهَ الْفَرْعَ الْآتِيَ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ فِيمَا لَوْ فَعَلَ مَا مُنِعَ مِنْهُ. اهـ. سَمِّ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُخَفَّفُ) وَفِيهَا لُغَةٌ ثَالِثَةٌ عَارَةٌ بِوَزْنِ نَاقَةٍ اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَهِيَ اسْمٌ لِمَا يُعَارُ) أَيْ لُغَةً وَشَرْعًا أَوْ لُغَةً فَقَطْ أَوْ لُغَةً لِمَا يُعَارُ وَشَرْعًا لِلْعَقْدِ لَكِنْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُفِيدُ أَنَّ إطْلَاقَهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الْعَقْدِ وَمَا يُعَارُ لُغَوِيٌّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَحَقِيقَتُهَا الشَّرْعِيَّةُ إبَاحَةُ مَنْفَعَةٍ إلَخْ فَرَاجِعْ عِبَارَتَهُ وَيُقَالُ فِيهَا عَارَةٌ كَنَاقَةٍ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: وَلِعَقْدِهَا) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَلِلْعَقْدِ الْمُتَضَمِّنِ لِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِمَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ لِيَرُدَّهُ. انْتَهَتْ. وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الْأَثَرِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَعَدَمِ الضَّمَانِ، وَهَذَا مَوْرِدُ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ اهـ. ع ش عَلَى م ر. وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ عَدَمُ ضَمَانِ الْمَنَافِعِ الَّتِي يَسْتَوْفِيهَا الْمُسْتَعِيرُ، وَإِلَّا فَالْعَيْنُ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: مِنْ عَارَ إذَا ذَهَبَ إلَخْ) أَيْ لَا مِنْ الْعَارِ لِأَنَّهُ يَأْتِي، وَهِيَ رِوَايَةٌ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَقِيلَ مِنْ التَّعَاوُرِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَحَقِيقَتُهَا شَرْعًا إبَاحَةُ الِانْتِفَاعِ بِمَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ اهـ. قَالَ الشَّيْخُ فِي حَوَاشِيهِ فَلَيْسَتْ هِبَةً لِلْمَنَافِعِ فَلَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَيَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بَعْدَ التَّصْرِيحِ بِالرَّدِّ اهـ. م ر اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ التَّنَاوُبُ) أَيْ لِتَنَاوُبِ الْمَالِكِ وَالْمُسْتَعِيرِ فِي الِانْتِفَاعِ (قَوْلُهُ: بِمَا يَسْتَعِيرُهُ الْجِيرَانُ) كَالْإِبْرَةِ وَالْفَأْسِ بِالْهَمْزِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَمَّا غَيْرُ الْجُمْهُورِ فَفَسَّرُوهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَالزَّكَاةِ، وَكُلِّ مَعْرُوفٍ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ الْمَاعُونُ اسْمٌ جَامِعٌ لِأَثَاثِ الْبَيْتِ كَالْقِدْرِ وَالْفَأْسِ وَالْقَصْعَةِ وَالْمَاعُونِ أَيْضًا الطَّاعَةُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ) ، وَكَانَتْ وَاجِبَةً فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَتْ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَجِبُ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرُوا أَنَّهَا قَدْ تُبَاحُ اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ أَقُولُ، وَقَدْ تُصَوَّرُ الْإِبَاحَةُ بِإِعَارَةِ مَنْ لَا حَاجَةَ لَهُ بِالْمُعَارِ بِوَجْهٍ اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَجِبُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ بَذْلُ ذَلِكَ مَجَّانًا، وَفِيهِ نَظَرٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْمُضْطَرِّ اهـ. وَوَافَقَ م ر عَلَى أَنَّهَا حَيْثُ وَجَبَتْ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأُجْرَةَ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْبَذْلُ مَجَّانًا كَمَا فِي الْمُضْطَرِّ، وَإِذَا أَخَذَ الْأُجْرَةَ فَإِنْ عَقَدَ بِشُرُوطِ الْإِجَارَةِ فَإِجَارَةٌ صَحِيحَةٌ، وَإِلَّا فَفَاسِدَةٌ وَتَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ثُمَّ قَرَّرَ أَنَّهُ إذَا عَقَدَ بِلَفْظِ الْإِعَارَةِ بِمَالٍ كَأَعَرْتك كَذَا شَهْرًا بِدِرْهَمٍ كَانَ عَارِيَّةً لَا إجَارَةً تَغْلِيبًا لِلَّفْظِ كَمَا فِي وَكَّلْتُك فِي كَذَا بِكَذَا فَإِنَّهُ وَكَالَةٌ لَا إجَارَةٌ حَتَّى يَجُوزَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْعَزْلُ فَلْيُحَرَّرْ أَقُولُ لَكِنْ كَوْنُهُ عَارِيَّةً لَا إجَارَةً يُخَالِفُ مَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ حَيْثُ قَالَا.

(فَرْعٌ) . لَوْ قَالَ أَعَرْتُك حِمَارِي لِتُعِيرَنِي كَذَا أَوْ دَابَّتِي لِتَعْلِفَهَا أَوْ عَلَى أَنْ تَعْلِفَهَا أَوْ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَإِجَارَةٌ لَا إعَارَةٌ نَظَرًا لِلْمَعْنَى فَاسِدَةٌ لِلتَّعْلِيقِ فِي الْأُولَى وَلِجَهْلِ الْعَلَفِ فِي الثَّانِيَةِ وَالْمُدَّةِ فِي الثَّالِثَةِ فَيَجِبُ فِي الثَّلَاثِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بَعْدَ الْقَبْضِ مُدَّةَ الْإِمْسَاكِ، وَلَا يَضْمَنُ الْعَيْنَ فَإِنْ قَدَّرَ مَعَ ذِكْرِ الدَّرَاهِمِ فِي الثَّالِثَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَأَنْ قَالَ أَعَرْتُك دَارِي شَهْرًا مِنْ الْيَوْمِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَعَارِيَّةٌ فَاسِدَةٌ أَوْ إجَارَةٌ صَحِيحَةٌ وَجْهَانِ قَالَ فِي الْأَصْلِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِاللَّفْظِ أَوْ الْمَعْنَى قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَقَضِيَّتُهُ تَصْحِيحُ الثَّانِي اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى كَمَا صَحَّحَهُ فِيهَا بِدُونِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ اهـ. وَقَدْ اعْتَمَدَهُ م ر وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إجَارَةٌ لَا عَارِيَّةٌ فَإِنْ قُلْتَ قَضِيَّةُ بِنَاءِ الْوَجْهَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرَ يَقْتَضِي تَصْحِيحَ أَنَّهَا عَارِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ مُرَاعَاتُهُمْ اللَّفْظَ فَكَيْفَ ادَّعَى أَنَّهُ قَضِيَّتُهُ مَا ذَكَرَ؟ . قُلْتَ لَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَرِينَةِ تَصْحِيحِهِمْ بِدُونِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ فَإِنْ قُلْتَ مَا مَعْنَى وُجُوبِ الْإِعَارَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَارِيَّةً؟ . قُلْت إنَّمَا نُسَمِّيهَا عَارِيَّةً حَيْثُ لَا عِوَضَ، وَأَمَّا مَعَهُ فَتَسْمِيَتُهَا بِذَلِكَ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ لَا الْمَعْنَى اهـ. سَمِّ. (قَوْلُهُ: كَإِعَارَةِ ثَوْبٍ إلَخْ) ، وَكَإِعَارَةِ سِكِّينٍ لِذَبْحِ مَأْكُولٍ يُخْشَى فَوَاتُهُ وَلَا يُنَافِي وُجُوبَ الْإِعَارَةِ هُنَا أَنَّ الْمَالِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَبْحُهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ إضَاعَةُ مَالٍ؛ لِأَنَّهَا بِالتَّرْكِ هُنَا، وَهُوَ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ لَا يُنَافِي وُجُوبَ إسْعَافِهِ إذَا أَرَادَ حِفْظَ مَالِهِ كَمَا يَجِبُ الِاسْتِيدَاعُ إنْ تَعَيَّنَ، وَإِنْ جَازَ لِلْمَالِكِ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>