فَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ مَا يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَآلَةِ لَهْوٍ، وَفَرَسٍ وَسِلَاحٍ لِحَرْبِيٍّ وَكَأَمَةٍ مُشْتَهَاةٍ لِخِدْمَةِ رَجُلٍ غَيْرِ نَحْوِ مَحْرَمٍ لَهَا مِمَّنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ إلَيْهَا لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ أَمَّا غَيْرُ الْمُشْتَهَاةِ لِصِغَرٍ أَوْ قُبْحٍ فَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ صِحَّةَ إعَارَتِهَا، وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مَنَعَهَا وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْمُتَّجَهُ الصِّحَّةُ فِي الصَّغِيرَةِ دُونَ الْقَبِيحَةِ انْتَهَى. وَكَالْقَبِيحَةِ الْكَبِيرَةُ غَيْرُ الْمُشْتَهَاةِ وَالْخُنْثَى يَحْتَاطُ فِيهِ مُعَارًا وَمُسْتَعِيرًا وَتَعْبِيرِي بِمُبَاحٍ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَتَجُوزُ إعَارَةُ جَارِيَةٍ لِخِدْمَةِ امْرَأَةٍ أَوْ مَحْرَمٍ وَشُرِطَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ الِانْتِفَاعُ بِهِ (مَعَ بَقَائِهِ) فَلَا يُعَارُ الْمَطْعُومُ وَنَحْوُهُ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهِ إنَّمَا هُوَ بِاسْتِهْلَاكِهِ فَانْتَفَى الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ مِنْ الْإِعَارَةِ وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمُعَارِ فَلَوْ قَالَ أَعِرْنِي دَابَّةً فَقَالَ خُذْ مَا شِئْت مِنْ دَوَابِّي صَحَّتْ
(وَتُكْرَهُ) كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ
ــ
[حاشية الجمل]
عَلَى الْجَلَالِ، وَهَذِهِ الْأَعْيَانُ مَأْخُوذَةٌ بِالْإِبَاحَةِ وَالْمُعَارُ مَحَالُّهَا عَلَى الرَّاجِحِ وَعَلَى هَذَا لَوْ رَجَعَ الْمُعِيرُ قَبْلَ الِانْتِفَاعِ فِي الْمَذْكُورَاتِ ضَمِنَهَا الْمُنْتَفِعُ، وَلَوْ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالرُّجُوعِ كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ كَذَا قَالُوا، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْعَارِيَّةِ لَيْسَ فِيهِ إبَاحَةُ عَيْنٍ، وَلَا تَصِحُّ الْإِبَاحَةُ بِهِ فَإِنْ كَانَتْ الْإِبَاحَةُ صَدَرَتْ قَبْلَ شَرْطِهَا فَهُوَ مُحْتَمَلٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ مَا يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ) هَذَا مُسَلَّمٌ عِنْدَ م ر فِي آلَةِ اللَّهْوِ، وَأَمَّا فِي السِّلَاحِ وَالْفَرَسِ فَجَرَى فِيهِمَا فِي شَرْحِهِ عَلَى صِحَّةِ الْإِعَارَةِ مَعَ الْحُرْمَةِ وَجَمَعَ ع ش عَلَيْهِ بِحَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ، وَلَمْ يَظُنَّ أَنَّ الْحَرْبِيَّ يَسْتَعِينُ بِهِمَا عَلَى قِتَالِنَا وَبِحَمْلِ كَلَامِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ ثُمَّ نَظَرَ فِي كَلَامِ م ر بَعْدَ حَمْلِهِ عَلَى مَا ذَكَرَ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْحُرْمَةِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: كَآلَةِ لَهْوٍ) قَضِيَّةُ التَّمْثِيلِ بِمَا ذُكِرَ لِلْمُحَرَّمِ أَنَّ مَا يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ مِنْ الطُّبُولِ وَنَحْوِهَا لَا يُسَمَّى آلَةَ لَهْوٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعَلَيْهِ فَالشِّطْرَنْجُ تُبَاحُ إعَارَتُهُ بَلْ وَإِجَارَتُهُ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَسِلَاحٍ لِحَرْبِيٍّ) وَيَحْرُمُ إعَارَةُ مُصْحَفٍ لِكَافِرٍ وَسِلَاحٍ لِحَرْبِيٍّ لَكِنَّ الْعَارِيَّةَ فِي ذَلِكَ صَحِيحَةٌ كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَحَجِّ أَيْ فِي السِّلَاحِ وَالْفَرَسِ وَالْمُصْحَفِ وَأَمَّا آلَةِ اللَّهْوِ فَالظَّاهِرُ عِنْدَهُمَا عَدَمُ الصِّحَّةِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: وَكَأَمَةٍ مُشْتَهَاةٍ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ إعَادَةِ الْكَافِ، وَمِثْلُهَا الْأَمْرَدُ الْجَمِيلُ، وَلَوْ لِمَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْفُجُورِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَكَأَمَةٍ مُشْتَهَاةٍ) نَعَمْ لِلْمَرْأَةِ خِدْمَةُ مُنْقَطِعٍ أَيْ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَخْدُمُهُ فَلَهُ أَنْ يَسْتَعِيرَ أَمَةً تَخْدُمُهُ اهـ. حَجّ، وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ كَإِعَارَةِ الذَّكَرِ لِخِدْمَةِ امْرَأَةٍ مُنْقَطِعَةٍ وَيَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النَّظَرُ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي نَظَرِ الطَّبِيبِ لِلْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَعَكْسِهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لِخِدْمَةِ رَجُلٍ إلَخْ) وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ سَكَتُوا عَنْ إعَارَةِ الْعَبْدِ لِلْمَرْأَةِ، وَهُوَ كَعَكْسِهِ بِلَا شَكٍّ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: غَيْرَ نَحْوِ مَحْرَمٍ) كَمَمْسُوحٍ وَكَمَالِكِهَا إذَا اسْتَعَارَهَا مِنْ الْمُكْتَرِي أَوْ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ، وَكَالزَّوْجِ إذَا اسْتَعَارَهَا مِنْ سَيِّدِهَا فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ دَاخِلُونَ فِي نَحْوِ الْمَحْرَمِ فَيَجُوزُ إعَارَتُهَا لَهُمْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: فَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ صِحَّةَ إعَارَتِهَا) لَعَلَّ قِيَاسَ ذَلِكَ جَوَازُ إعَارَةِ الْقِنِّ الْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَغِيرًا، وَلَا قَبِيحًا مِنْ صَغِيرَةٍ أَوْ قَبِيحَةٍ مَعَ الْأَمْنِ الْمَذْكُورِ اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: فَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ م ر وَعِبَارَتُهُ، وَيَجُوزُ إعَارَةُ صَغِيرَةٍ، وَقَبِيحَةٍ يُؤْمَنُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لِانْتِفَاءِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ فِي الثَّانِيَةِ اهـ. بِحُرُوفِهِ، وَأَقَرَّهُ ع ش عَلَى الشَّارِحِ، وَقَوْلُهُ: وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ اعْتَمَدَهُ ز ي وس ل تَبَعًا لِحَجِّ. (قَوْلُهُ: صِحَّةَ إعَارَتِهَا) عِبَارَةُ م ر فِي شَرْحِهِ بِخِلَافِ إعَارَتِهَا لِأَجْنَبِيٍّ، وَلَوْ شَيْخًا هَرِمًا أَوْ مُرَاهِقًا أَوْ خَصِيًّا لِخِدْمَتِهِ، وَقَدْ تَضَمَّنَتْ نَظَرًا أَوْ خَلْوَةً مُحَرَّمَةً، وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْمَظِنَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَتَضَمَّنْ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ ثُمَّ قَالَ وَتَجُوزُ إعَارَةُ صَغِيرَةٍ، وَقَبِيحَةٍ يُؤْمَنُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لِانْتِفَاءِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ فِي الثَّانِيَةِ. اهـ بِحُرُوفِهِ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْمُتَّجَهُ الصِّحَّةُ فِي الصَّغِيرَةِ) إذَا صَارَتْ مُشْتَهَاةً هَلْ تَبْطُلُ أَوْ لَا وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ هُنَا مَا تَقَدَّمَ فِي نَظِيرِهِ فِي الرَّهْنِ وَبِهِ يُجَاب عَنْ تَوَقُّفِ الْمُحَشِّي اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: يُحْتَاطُ فِيهِ مُعَارًا وَمُسْتَعِيرًا) أَيْ فَلَا يُعَارُ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ، وَلَا لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ، وَلَا يَسْتَعِيرُ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً، وَلَا رَجُلًا أَجْنَبِيًّا (قَوْلُهُ: وَشُرِطَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَخْ) ، وَمِنْهُ إعَارَةُ الْمَاءِ لِلْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ مَا يَذْهَبُ بِهِ كَالذَّاهِبِ بِانْسِحَاقِ وَانْمِحَاقِ الثَّوْبِ أَوْ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ تَنَجُّسُهُ لِإِمْكَانِ طُهْرِهِ بِالْمُكَاثَرَةِ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إذَا لَزِمَ تَنَجُّسُهُ تَمْتَنِعُ إعَارَتُهُ.
اهـ. ح ل.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَتَجُوزُ إعَارَةُ الْوَرَقِ لِلْكِتَابَةِ، وَكَذَا إعَارَةُ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ مَثَلًا، وَلِغَسْلِ مَتَاعٍ وَنَجَاسَةٍ لَا يَنْجَسُ بِهَا كَأَنْ يَكُونَ وَارِدًا وَالنَّجَاسَةُ حُكْمِيَّةٌ مَثَلًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ إعَارَةُ الدَّوَاةِ لِلْكِتَابَةِ مِنْهَا وَالْمُكْحُلَةُ لِلِاكْتِحَالِ مِنْهَا اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَانْتَفَى الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ مِنْ الْإِعَارَةِ) أَيْ وَهُوَ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا (قَوْلُهُ: وَبِمَا ذُكِرَ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ سَكَتَ عَنْ اشْتِرَاطِهِ هُنَا، وَقَيَّدَ بِهِ فِي الْمُسْتَعِيرِ اهـ. ح ل أَوْ يُقَالُ وَبِمَا ذُكِرَ، وَهُوَ اقْتِصَارُهُ عَلَى الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ فَيُفْهَمُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ غَيْرُهَا، وَمِنْهُ التَّعْيِينُ (قَوْلُهُ: فَقَالَ خُذْ مَا شِئْت مِنْ دَوَابِّي صَحَّتْ) أَيْ، وَإِذَا رَدَّهَا لَيْسَ لَهُ أَخْذُ غَيْرِهَا إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّ الْأُولَى انْتَهَتْ بِالرَّدِّ اهـ. عِ ش
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute