للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

؛ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ انْقَطَعَتْ بِالرُّجُوعِ فَإِنْ اُعْتِيدَ قَلْعُهُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ أَوْ لَمْ يَنْقُصْ أُجْبِرَ عَلَى قَلْعِهِ (وَلَوْ عَيَّنَ مُدَّةً، وَلَمْ يُدْرِكْ فِيهَا لِتَقْصِيرٍ) مِنْ الْمُسْتَعِيرِ إمَّا بِتَأْخِيرِ الزِّرَاعَةِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ أَوْ بِهَا كَأَنْ عَلَا الْأَرْضَ سَيْلٌ أَوْ ثَلْجٌ أَوْ نَحْوُهُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الزَّرْعُ ثُمَّ زَرَعَ بَعْدَ زَوَالِهِ، وَهُوَ لَا يُدْرَكُ فِي الْمُدَّةِ (قَلَعَ) أَيْ الْمُعِيرُ (مَجَّانًا) بِخِلَافِ مَا إذَا تَأَخَّرَ إدْرَاكُهُ لَا لِتَقْصِيرِهِ بَلْ لِنَحْوِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَطَرٍ (كَمَا لَوْ حَمَلَ نَحْوُ سَيْلٍ) كَهَوَاءٍ (بَذْرًا) بِمُعْجَمَةٍ (إلَى أَرْضِهِ فَنَبَتَ) فِيهَا فَيَقْلَعُهُ مَجَّانًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُعْرِضْ عَنْهُ، وَإِلَّا فَقَدْ صَارَ مِلْكًا لِمَالِكِ الْأَرْضِ وَيَلْزَمُ مَالِكَ الْبَذْرِ إنْ قَلَعَ بِاخْتِيَارِهِ تَسْوِيَةُ الْحُفَرِ الْحَاصِلَةِ بِالْقَلْعِ دُونَ الْأُجْرَةِ لِلْمُدَّةِ الَّتِي قَبْلَ الْقَلْعِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِعَدَمِ الْفِعْلِ مِنْهُ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَلَوْ قَالَ مَنْ بِيَدِهِ عَيْنٌ) كَدَابَّةٍ، وَأَرْضٍ (أَعَرْتنِي فَقَالَ) لَهُ (مَالِكُهَا) بَلْ (آجَرْتُك أَوْ غَصَبْتنِي) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (وَمَضَتْ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ صُدِّقَ) أَيْ الْمَالِكُ كَمَا لَوْ أَكَلَ طَعَامَ غَيْرِهِ، وَقَالَ كُنْتَ أَبَحْتَهُ لِي، وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ، وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يُؤْذَنُ فِي الِانْتِفَاعِ غَالِبًا بِمُقَابِلٍ فِي الْأُولَى وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْإِذْنِ فِي الثَّانِيَةِ وَالتَّصْدِيقُ يَكُونُ بِيَمِينِهِ إنْ بَقِيَتْ الْعَيْنُ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَعَارَهُ، وَأَنَّهُ آجَرَهُ أَوْ غَصَبَهُ

ــ

[حاشية الجمل]

عَلَيْهِ الْقَلْعَ أَوْ لَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَلْيُنْظَرْ مَا وَجْهُ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ انْقَطَعَتْ بِالرُّجُوعِ) ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي وُجُوبِ الْأُجْرَةِ إلَى عَقْدٍ قَالَ شَيْخُنَا، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ حَيْثُ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ صَارَتْ الْعَيْنُ أَمَانَةً لِأَنَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ عَارِيَّةً صَارَ لَهَا حُكْمُ الْمُسْتَأْجَرَةِ لَكِنْ يُشْكِلُ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ إلَى عَقْدٍ هُنَا بِمَا مَرَّ فِي الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ حَجّ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِإِيجَابِ الْمُسَمَّى فَلَوْ رَجَعَ بِلَا عَقْدٍ وَجَبَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا هُنَا عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَبَيْنَ مَا هُنَا وَنَحْوِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي الْإِمْدَادِ بَعْدَ قَوْلِ الْإِرْشَادِ أَوْ يَتَمَلَّكُ الْمَبْنِيَّ أَوْ الْمَغْرُوسَ بِقِيمَتِهِ مَا نَصُّهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّمَلُّكِ مِنْ عَقْدٍ، وَلَا يُلْحَقُ بِالشَّفِيعِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْبَغَوِيّ لَا بُدَّ فِي التَّمَلُّكِ وَالتَّبْقِيَةِ بِأُجْرَةٍ مِنْ رِضَا الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ بَيْعٌ وَالثَّانِي إجَارَةٌ، وَإِلَى ذَلِكَ يَمِيلُ كَلَامُ السُّبْكِيّ وَهُوَ مُتَّجَهٌ اهـ. قَالَ الشَّيْخُ التَّأْيِيدُ بِقَوْلِ الْبَغَوِيّ الْمَذْكُورِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّبْقِيَةِ بِأُجْرَةٍ مِنْ عَقْدٍ فَتَأَمَّلْهُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِهَا) أَيْ بِنَفْسِ الزِّرَاعَةِ لَا بِالتَّأْخِيرِ وَمَثَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ كَأَنْ عَلَا الْأَرْضَ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَلَعَ مَجَّانًا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّهِ حِينَئِذٍ أَنْ لَا يَزْرَعَ اهـ. شَوْبَرِيٌّ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْلُوعُ قَدْرًا يَنْتَفِعُ بِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر، وَيَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: بَذْرًا) الْبَذْرُ اسْمٌ لِمَا يَشْمَلُ الْحَبَّ وَالنَّوَى وَأَصْلُهُ مَصْدَرٌ سُمِّيَ بِهِ الْمَبْذُورُ؛ لِأَنَّهُ سَيَصِيرُ مَبْذُورًا فَفِيهِ مَجَازٌ مِنْ وَجْهَيْنِ إطْلَاقُ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ وَتَسْمِيَةُ الشَّيْءِ بِمَا سَيَصِيرُ إلَيْهِ اهـ. ز ي. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقَدْ صَارَ مَالِكًا لِمَالِكِ الْأَرْضِ) أَيْ إنْ قُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِ مَالِكِهِ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ الْإِعْرَاضِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ مَالِكَ الْبَذْرِ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِذَا رَجَعَ قَبْلَ إدْرَاكِ زَرْعٍ لَا لِمَسْأَلَةِ السَّيْلِ إذْ لَا تَخْيِيرَ فِيهَا فَلَا يُنَاسِبُ رُجُوعُهُ لَهَا مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ إنْ قَلَعَ بِاخْتِيَارِهِ. اهـ. شَيْخُنَا فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ التَّعْبِيرُ بِالزَّرْعِ بَدَلَ الْبَذْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيهَامِ، وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ الْقُصُورِ وَعَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَى النَّقْلِ، وَإِلَّا فَفِي شَرْحِ م ر مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي رُجُوعِ هَذَا لِمَسْأَلَةِ الْبَذْرِ. وَعِبَارَتُهُ مَعَ الْمَتْنِ: وَلَوْ حَمَلَ السَّيْلُ بَذْرًا إلَى الْأَرْضِ فَنَبَتَ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِهِ لِانْتِفَاءِ إذْنِ الْمَالِكِ فِيهِ، وَلَا أُجْرَةَ لِمَالِكِ الْأَرْضِ عَلَى مَالِكِ الْبَذْرِ لِمُدَّتِهِ قَبْلَ الْقَلْعِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا كَمَا فِي الْمَطْلَبِ لِعَدَمِ الْفِعْلِ مِنْهُ، وَمِنْ ثَمَّ أُجْبِرَ عَلَى تَسْوِيَةِ الْحُفَرِ الْحَاصِلَةِ بِالْقَلْعِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: إنْ قَلَعَ بِاخْتِيَارِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَجْبَرَهُ الْمَالِكُ أَوْ الْحَاكِمُ لَا يَلْزَمُهُ مَا ذَكَرَ اهـ. سَمِّ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ فِي الْأَصْلِ تَعَدٍّ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: تَسْوِيَةُ الْحُفَرِ الْحَاصِلَةِ بِالْقَلْعِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْقَلْعَ فِعْلُهُ فَيَلْزَمُهُ إصْلَاحُ مَا نَشَأَ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْفِعْلِ مِنْهُ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ دُونَ الْأُجْرَةِ إلَخْ أَيْ لِعَدَمِ الْفِعْلِ الَّذِي يَشْغَلُ الْأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْذُرْ الْبَذْرَ بَلْ جَاءَ إلَى الْأَرْضِ بِنَفْسِهِ اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر.

(قَوْلُهُ: مَنْ بِيَدِهِ عَيْنٌ) أَيْ مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى عَيْنٍ سَوَاءٌ كَانَتْ وَقْتَ النِّزَاعِ بَاقِيَةً أَوْ تَالِفَةً، وَلَا يُنْظَرُ لِمَا تُوهِمُهُ الْعِبَارَةُ مِنْ تَصْوِيرِ ذَلِكَ بِبَقَاءِ الْعَيْنِ، وَحَاصِلُ الصُّوَرِ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ إمَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْإِجَارَةَ أَوْ الْغَصْبَ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ أَوْ لَا وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ بَاقِيَةً أَوْ تَالِفَةً وَحُكْمُ الثَّمَانِيَةِ فِي كَلَامِهِ مَتْنًا وَشَرْحًا اهـ. شَيْخُنَا فَقَوْلُهُ: مَنْ بِيَدِهِ عَيْنٌ أَيْ تَالِفَةً كَانَتْ أَوْ بَاقِيَةً، وَقَوْلُهُ: آجَرْتُك أَوْ غَصَبْتنِي يَرْجِعَانِ لِكُلٍّ مِنْ التَّلَفِ وَالْبَقَاءِ فَمَنْطُوقُ الْمَتْنِ هُنَا أَرْبَعُ صُوَرٍ وَسَيَأْتِي ثِنْتَانِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ تَلِفَتْ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ وَذَكَرَ الشَّارِحُ ثِنْتَيْنِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ تَلِفَتْ فِي الْأُولَى بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ إلَخْ هَذِهِ صُورَةٌ وَذَكَرَ الثَّانِيَةَ بِقَوْلِهِ أَوْ وَالْعَيْنَ تَالِفَةً فِي الْأُولَى إلَخْ فَقَوْلُهُ: صُدِّقَ رَاجِعٌ لِلْأَرْبَعَةِ لَكِنَّ تَصْدِيقَهُ تَارَةً يَكُونُ بِيَمِينٍ وَتَارَةً بِدُونِهِ، وَلِذَا فَصَّلَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ، وَالتَّصْدِيقُ يَكُونُ بِيَمِينِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَقَالَ مَالِكُهَا بَلْ آجَرْتُك إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ ادَّعَى وَاضِعُ الْيَدِ بَعْدَ تَلَفِ الْعَيْنِ الْإِجَارَةَ وَالْمَالِكُ ادَّعَى الْعَارِيَّةَ فَالْمُصَدَّقُ وَاضِعُ الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ضَمَانِ وَاضِعِ الْيَدِ وَعَدَمُ الْعَارِيَّةِ اهـ. عِ ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: صُدِّقَ أَيْ الْمَالِكُ) أَيْ عَلَى الْمَذْهَبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ زَعَمَ الْخَيَّاطُ وَالْغَسَّالُ أَنَّهُ خَاطَ أَوْ غَسَلَ بِأُجْرَةٍ، وَقَالَ الْمَالِكُ مَجَّانًا فَإِنَّ الْمَالِكَ يُصَدَّقُ قَطْعًا لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا مَنْفَعَةَ أَنْفُسِهِمَا، وَيُرِيدَانِ الْعِوَضَ وَهُنَا الْمُتَصَرِّفُ فَوَّتَ مَنْفَعَةَ غَيْرِهِ. (فَرْعٌ) . لَوْ نَكَلَ الْمَالِكُ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يَحْلِفْ الرَّاكِبُ وَالزَّارِعُ؛ لِأَنَّهُمَا يَدَّعِيَانِ الْعَارِيَّةَ، وَلَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ. (فَرْعٌ) . عَلَى الْقَوْلِ بِتَصْدِيقِ الرَّاكِبِ وَالزَّارِعِ إذَا نَكَلَا عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْمَالِكُ

<<  <  ج: ص:  >  >>