للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَقُّ تَمَلُّكٍ قَهْرِيٍّ يَثْبُتُ لَلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ عَلَى الْحَادِثِ فِيمَا مُلِكَ بِعِوَضٍ وَالْأَصْلُ فِيهَا خَبَرُ الْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ» ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ «فِي أَرْضٍ أَوْ رَبْعٍ أَوْ حَائِطٍ» وَالْمَعْنَى فِيهِ دَفْعُ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ وَاسْتِحْدَاثُ الْمَرَافِقِ كَالْمِصْعَدِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْبَالُوعَةِ فِي الْحِصَّةِ الصَّائِرَةِ إلَيْهِ وَالرَّبْعُ الْمَنْزِلُ وَالْحَائِطُ الْبُسْتَانُ

ــ

[حاشية الجمل]

جَعَلْتهَا ثِنْتَيْنِ وَمِنْ هُنَا اُشْتُقَّتْ الشُّفْعَةُ وَهِيَ مِثَالُ غُرْفَةٍ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا يَشْفَعُ مَالَهُ بِهَا، وَهِيَ اسْمٌ لِلْمِلْكِ الْمَشْفُوعِ مِثْلَ اللُّقْمَةِ اسْمٌ لِلشَّيْءِ الْمَلْقُومِ، وَتُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى التَّمَلُّكِ لِذَلِكَ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ مَنْ ثَبَتَتْ لَهُ شُفْعَةٌ فَأَخَّرَ الطَّلَبَ بِغَيْرِ عُذْرٍ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ فَفِي هَذَا الْمِثَالِ جَمَعَ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ فَإِنَّ الْأُولَى لِلْمَالِ وَالثَّانِيَةَ لِلتَّمَلُّكِ اهـ (قَوْلُهُ حَقُّ تَمَلُّكٍ) هُوَ بِمَعْنَى الِاسْتِحْقَاقِ فَمَعْنَاهَا شَرْعًا هُوَ الِاسْتِحْقَاقُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ التَّمَلُّكُ، وَقَوْلُهُ قَهْرِيٌّ بِالرَّفْعِ وَالْجَرِّ أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلِهَذَا ذُكِرَتْ عَقِبَ الْغَصْبِ إشَارَةً إلَى اسْتِثْنَائِهَا مِنْهُ اهـ. شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِيهَا) أَيْ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ شَرْحُ بَهْجَةٍ وَلَعَلَّهُ أَسْقَطَهُ هُنَا مُرَاعَاةً لِمَنْ شَذَّ فَمُنِعَ الْأَخْذُ بِهَا فَفِيهَا خِلَافٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَذَكَرَهُ هُنَاكَ تَنْزِيلًا لِلشَّاذِّ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالشُّفْعَةِ) فَإِنْ قُلْت الْأَفْعَالُ وَمَا نَزَلَ مَنْزِلَتَهَا لَا عُمُومَ فِيهَا وَمَا مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي إخْبَارٌ عَنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْعُمُومُ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الْأَلْفَاظِ، وَلَمْ يُعْلَمْ مَا وَقَعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِاحْتِمَالِ أَنَّ شَخْصًا بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ دَارٍ فَقَضَى لِشَرِيكِهِ بِالشُّفْعَةِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُ ذَلِكَ فَلَمْ يَصِحَّ الِاسْتِدْلَال بِالْعُمُومِ الَّذِي فِي مَا، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ أَنَّ الرَّاوِيَ فَهِمَ الْعُمُومَ مِمَّا وَقَعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَ عَمَّا فَهِمَهُ مِنْ حَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَقَرَّ عَلَيْهِ فَصَارَ إجْمَاعًا عَلَى «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ» ، أَوْ يُقَالُ نَزَلَ الْقَضَاءُ مَنْزِلَةَ الْإِفْتَاءِ أَيْ أَفْتَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ) أَيْ شِرْكٌ لَمْ يُقْسَمْ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْقِسْمَةِ يَسْتَلْزِمُ الشَّرِكَةَ، وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ شَرِكَةٍ لَمْ تُقْسَمْ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ) رِوَايَةُ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ شِرْكٍ لَمْ يُقْسَمْ رَبْعَةٍ أَوْ حَائِطٍ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَإِذَا بَاعَ وَلَمْ يُؤْذِنَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخَذَ بِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فَحَرَّمَ الْبَيْعَ قَبْلَ الِاسْتِئْذَانِ.

(تَنْبِيهٌ) إنَّمَا لَمْ تَثْبُتْ فِي الْمَنْقُولِ؛ لِأَنَّهَا تَمَلُّكٌ قَهْرِيٌّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَاخْتَصَّتْ بِمَا يَدُومُ ضَرَرُهُ مِنْ الْعَقَارِ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَضِيَّةَ مَفْهُومِ هَذَا الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ عَدَمُ ثُبُوتِهَا لِلشَّرِيكِ فِيمَا لَوْ اسْتَأْذَنَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَتَرَكَ أَيْ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَأْخُذَ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ السُّبْكِيُّ لَكِنْ قَدَّمَ عَلَيْهِ مَا يَقْتَضِي الثُّبُوتَ مُطْلَقًا مِنْ الْأَحَادِيثِ؛ لِأَنَّهُ مَنْطُوقٌ وَاعْتَضَدَ بِالْقِيَاسِ، وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى أَنَّهُ إذَا تُرِكَ لَا يَعُودُ يُطْلَبُ.

(فَرْعٌ) لَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ بَعْدَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ جَازَ أَخْذُ النَّقْصِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ وَلَوْ بِيعَ الشَّجَرُ أَوْ الْبِنَاءُ وَحْدَهُ ثَبَتَ فِيهِ الشُّفْعَةُ عِنْدَ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(فَرْعٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ دَارٌ نِصْفُهَا وَقْفٌ وَنِصْفُهَا طَلْقٌ فَبَاعَ صَاحِبُ الطَّلْقِ قَالَ السُّبْكِيُّ فَلَا شُفْعَةَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَإِنْ قُلْنَا بِمِلْكِ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ اهـ. سم. (قَوْلُهُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ) قَالَ حَجّ ظَاهِرٌ أَنَّهُ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَنْفِيِّ بِلَمْ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُمْكِنِ بِخِلَافِهِ بِلَا وَاسْتِعْمَالُ أَحَدِهِمَا مَحَلَّ الْآخَرِ تَجَوُّزٌ وَإِجْمَالٌ قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ) مَعْنَى وُقُوعِ الْحُدُودِ وَتَصْرِيفِ الطُّرُقِ أَنَّهُ حَصَلَتْ الْقِسْمَةُ بِالْفِعْلِ فَصَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا جَارًا لِلْآخَرِ بَعْدَ أَنْ كَانَ شَرِيكًا وَلَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ وَصَرَّفَتْ الطُّرُقُ) بِالتَّشْدِيدِ بَيَّنَتْ وَبِالتَّخْفِيفِ فَرَّقَتْ، وَقَوْلُهُ فَلَا شُفْعَةَ لِأَنَّهُمَا صَارَا جَارَيْنِ اهـ. ح ل.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ وَصَرَّفَتْ أَيْ مَيَّزَتْ وَبَيَّنَتْ وَهُوَ بِالتَّشْدِيدِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ مَالِكٍ حَيْثُ قَالَ مِنْ الصِّرْفِ بِكَسْرِ الصَّادِ وَهُوَ الشَّيْءُ الْخَالِصُ اهـ. شَرْحُ الْمِشْكَاةِ بِالْمَعْنَى وَنَصُّهَا وَفَسَّرَتْ صَرَّفَتْ بِبَيْتٍ لِقَوْلِ مَالِكٍ مَعْنَاهُ خَلَصَتْ وَبَيَّنَتْ مِنْ الصِّرْفِ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَهُوَ الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.

(قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ إلَخْ) أُتِيَ بِهَذَا لِتَخْصِيصِ مَا لِصِدْقِهَا بِالْمَنْقُولِ الْمَحْضِ وَاوٍ لِلتَّنْوِيعِ، وَيُفِيدُ هَذَا اشْتِرَاطَ أَنْ يَكُونَ الْمَشْفُوعُ أَرْضًا فَقَطْ أَوْ مَعَ تَابِعِهَا كَمَا سَيَأْتِي، وَقَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَيْ فِي الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهَا الِاسْتِحْقَاقُ أَوْ فِيهِ أَيْ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ، وَقَوْلُهُ وَاسْتِحْدَاثُ مَعْطُوفٍ عَلَى مُؤْنَةٍ، وَقَوْلُهُ فِي الْحِصَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِحْدَاثٍ وَقَوْلُهُ الصَّائِرَةُ إلَيْهِ أَيْ الَّتِي سَتَصِيرُ اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ فِي أَرْضٍ) لَعَلَّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ وَحِينَئِذٍ فَيُوَافِقُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ «فِي كُلِّ شَرِكَةٍ لَمْ تُقْسَمْ رَبْعَةٌ أَوْ حَائِطٌ» اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ دَفْعُ ضَرَرٍ إلَخْ) أَيْ وَمِنْ حَقِّ الرَّاغِبِ فِي الْبَيْعِ أَنْ يُخَلِّصَ صَاحِبَهُ مِنْ هَذَا الضَّرَرِ بِالْبَيْعِ لَهُ إلَخْ مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ وَالرَّبْعُ الْمَنْزِلُ) أَيْ فَهُوَ مُفْرَدٌ وَقِيلَ اسْمُ جَمْعٍ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَالرَّبْعُ وَالرَّبْعَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَالرَّبْعُ الدَّارُ

<<  <  ج: ص:  >  >>