للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَذَلِكَ لِأَنَّ عِلَّةَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِي الْمُنْقَسِمِ كَمَا مَرَّ دَفْعُ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ وَالْحَاجَةُ إلَى إفْرَادِ الْحِصَّةِ الصَّائِرَةِ لَلشَّرِيكِ بِالْمَرَافِقِ وَهَذَا الضَّرَرُ حَاصِلٌ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَمِنْ حَقِّ الرَّاغِبِ فِيهِ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُخَلِّصَ صَاحِبَهُ مِنْهُ بِالْبَيْعِ لَهُ فَلَمَّا بَاعَ لِغَيْرِهِ سَلَّطَهُ الشَّرْعُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا يَبْطُلُ نَفْعُهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ لَوْ قُسِمَ كَطَاحُونٍ وَحَمَّامٍ صَغِيرَيْنِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الشُّفْعَةَ تَثْبُتُ لِمَالِكِ عُشْرِ دَارٍ صَغِيرَةٍ إنْ بَاعَ شَرِيكُهُ بَقِيَّتَهَا لَا عَكْسَهُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ دُونَ الثَّانِي

(وَ) شَرْطٌ (فِي الْآخِذ كَوْنُهُ شَرِيكًا) وَلَوْ مُكَاتِبًا وَغَيْرَ عَاقِلٍ كَمَسْجِدٍ لَهُ شِقْصٌ

ــ

[حاشية الجمل]

الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ، وَقَوْلُهُ أَوْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ أَيْ إنْ كَانَ الْغَرَضُ مِنْهُ الِاحْتِرَازَ عَنْ صُورَةِ خِيَارِ الْبَائِعِ أَوْ خِيَارِهِمَا أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ لِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ إلَخْ، وَلِلثَّانِي بِقَوْلِهِ وَعَدَمُ ثُبُوتِهَا إلَخْ اهـ. شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ وَوَجْهُ اشْتِرَاطِ أَنْ لَا يَبْطُلَ نَفْعُهُ إلَخْ لَكِنْ الدَّلِيلُ الْمَذْكُورُ يَحْتَاجُ لِضَمِيمَةٍ حَتَّى يَظْهَرَ إثْبَاتُ هَذَا الْمَطْلُوبِ بِهِ بِأَنْ يُقَالَ وَاَلَّذِي يَبْطُلُ نَفْعُهُ بِالْقِسْمَةِ لَا يُقْسَمُ فَلَا ضَرَرَ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا الضَّرَرُ وَإِنْ كَانَ وَاقِعًا قَبْلَ الْبَيْعِ لَوْ اقْتَسَمَ الشَّرِيكَانِ لَكِنْ كَانَ مِنْ حَقِّ الرَّاغِبِ فِي الْبَيْعِ تَخْلِيصُ شَرِيكِهِ بِالْبَيْعِ مِنْهُ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ سَلَّطَهُ الشَّارِعُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ فَعُلِمَ أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ إلَّا فِيمَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ فِيهِ عَلَى الْقِسْمَةِ إذَا طَلَبَهَا الشَّرِيكُ انْتَهَتْ. وَبِهَذَا سَقَطَ مَا قَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ هُنَا حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ عِلَّةَ إلَخْ اُنْظُرْ هَذَا الدَّلِيلَ لَمْ يُنْتَجْ الْمُدَّعِي هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ الْعِلَّةِ السَّابِقَةِ فَلَمَّا قَالَ دَفْعُ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ إلَخْ، وَهَذَا الضَّرَرُ حَاصِلٌ إلَخْ الْعِلَّةُ فَكَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَ هَذَا هُنَا؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الثُّبُوتِ الْقَهْرِيِّ لَا تَتِمُّ إلَّا بِهَذَا تَأَمَّلْ بِإِنْصَافٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْحَاجَةِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُؤْنَةِ وَقَوْلُهُ الصَّائِرَةِ أَيْ لَوْ وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ اهـ. شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَمِنْ حَقِّ الرَّاغِبِ فِيهِ إلَخْ) أَيْ فِي الْبَيْعِ وَقَوْلُهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الضَّرَرِ اهـ. ز ي اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ وَمِنْ حَقِّ الرَّاغِبِ فِيهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَرَضَ عَلَيْهِ الْبَيْعَ فَأَبَى ثُمَّ بَاعَ لِأَجْنَبِيٍّ لَيْسَ لَهُ أَيْ لَلشَّرِيكِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَمَا ذَكَرَهُ حِكْمَةً اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا يَبْطُلُ نَفْعُهُ إلَخْ) فَالشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ بِالشُّفْعَةِ يَتَأَتَّى الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْهُ، وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْمَأْخُوذِ وَغَيْرِهِ يَتَأَتَّى الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْهُ فَيَتَأَتَّى مِنْ الْحَمَّامِ حَمَّامَانِ تَأَمَّلْ اهـ. ح ل، وَهَذَا غَيْرُ مُسْلَمٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ لِمَالِكٍ عُشْرُ دَارٍ صَغِيرَةٍ إذَا بَاعَ شَرِيكُهُ التِّسْعَةَ الْأَعْشَارِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تَثْبُتُ لَهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ هُوَ أَيْ م ر، وَكَذَلِكَ الشَّرْحُ بِقَوْلِهِ وَبِذَلِكَ عَلِمَ إلَخْ. (قَوْلُهُ كَطَاحُونٍ وَحَمَّامٍ صَغِيرَيْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ جَازَ وَإِنْ أَعْرَضَا عَنْ بَقَائِهِمَا عَلَى ذَلِكَ وَقَصَدَا جَعْلَهُمَا دَارَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مَا دَامَا عَلَى صُورَةِ الْحَمَّامِ وَالطَّاحُونِ فَلَوْ غُيِّرَا صُورَتُهُمَا عَنْ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ مَا غُيِّرَا إلَيْهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَبِذَلِكَ عُلِمَ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ عِلَّةَ إلَخْ. (قَوْلُهُ لَا عَكْسَهُ) أَيْ لَوْ بَاعَ مَالِكٌ الْعُشْرَ حِصَّتَهُ فَلَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِشَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ آمَنَ مِنْ الْقِسْمَةِ، وَقَوْلُهُ دُونَ الثَّانِي أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ آمَنُ مِنْهَا اهـ. ح ل؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْعُشْرِ إذَا طَلَبَهَا لِإِيجَابٍ لَهَا (قَوْلُهُ لَا عَكْسُهُ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مُشْتَرِي الْعُشْرِ لَهُ مِلْكٌ مُلَاصِقٌ لَهُ فَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ حِينَئِذٍ لِصَاحِبِ التِّسْعَةِ؛ لِأَنَّ مُشْتَرِيَ الْعُشْرِ حِينَئِذٍ يُجَابُ لِطَلَبِ الْقِسْمَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ وَفِي الْآخِذِ كَوْنُهُ شَرِيكًا) وَقَدْ لَا يَشْفَعُ الشَّرِيكُ لَكِنْ لِعَارِضٍ كَوَلِيٍّ غَيْرِ أَصْلٍ شَرِيكٍ لِمُوَلِّيهِ بَاعَ شِقْصَ مَحْجُورِهِ فَلَا تَثْبُتُ لَهُ لِاتِّهَامِهِ بِمُحَابَاتِهِ فِي الثَّمَنِ، وَفَارَقَ مَا لَوْ وَكَّلَ شَرِيكَهُ فَبَاعَ فَإِنَّهُ يَشْفَعُ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ مُتَأَهِّلٌ لِلِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ عِنْدَ تَقْصِيرِهِ اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ كَوْنُهُ شَرِيكًا) أَيْ مَالِكًا فَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ شِقْصٍ مِنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ إذَا بَاعَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يُسْتَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ فَلَا تُسْتَحَقُّ بِهِ الشُّفْعَةُ وَلَا لِشَرِيكِهِ إذَا بَاعَ شَرِيكٌ آخَرُ نَصِيبَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ لِامْتِنَاعِ قِسْمَةِ الْوَقْفِ عَنْ الْمِلْكِ إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْعًا، وَلِانْتِفَاءِ مِلْكِ الْأَوَّلِ عَنْ الرَّقَبَةِ نَعَمْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ قِسْمَتِهِ عَنْهُ إذَا كَانَتْ إفْرَازًا لَا مَانِعَ مِنْ أَخْذِ الثَّانِي، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا لِمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَلَوْ مُؤَبَّدًا اهـ شَرْحُ م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالْمُرَادُ بِالشَّرِيكِ مَالِكُ الرَّقَبَةِ لَا مُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَلَا مَوْقُوفَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يُؤْخَذُ وَلَا يُؤْخَذُ لَهُ وَلَا بِهِ وَلَا لِشَرِيكِهِ فَلَوْ كَانَتْ أَرْضٌ ثُلُثُهَا وَقْفٌ لِمَسْجِدٍ مَثَلًا وَثُلُثَاهَا مَمْلُوكَانِ لِاثْنَيْنِ فَبَاعَا أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ فَلَا شُفْعَةَ لِلْآخَرِ إلَّا إنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ إفْرَازًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلِنَاظِرِ الْمَسْجِدِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ حِينَئِذٍ كَمَا لَوْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ شِقْصٌ لَمْ يُوقَفْ، وَبَاعَ شَرِيكُهُ فَلَهُ الْأَخْذُ أَيْضًا وَمِثْلُهُ الْإِمَامُ.

(فَرْعٌ) قَالَ شَيْخُنَا كحج وَأَرَاضِي مِصْرَ كُلُّهَا وَقْفٌ؛ لِأَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا وَنُوزِعَ فِيهِ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر خِلَافُهُ، وَهُوَ الْوَجْهُ الَّذِي جَرَى النَّاسُ عَلَيْهِ فِي الْأَعْصَارِ، وَخَرَجَ بِالشَّرِيكِ غَيْرُهُ كَنَفْسِهِ كَأَنْ مَاتَ عَنْ دَارٍ شَرِيكُهُ فِيهَا وَارِثُهُ فَبِيعَتْ حِصَّةُ الْمَيِّتِ فِي دَيْنِهِ فَلَا شُفْعَةَ لِوَارِثِهِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>