للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اسْتَأْجَرَا رَجُلًا مِنْ بَنِي الدَّيْلِ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأُرَيْقِطِ» وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْمُزَارَعَةِ وَأَمَرَ بِالْمُؤَاجَرَةِ» وَالْمَعْنَى فِيهَا أَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا إذْ لَيْسَ لِكُلِّ أَحَدٍ مَرْكُوبٌ وَمَسْكَنٌ وَخَادِمٌ فَجُوِّزَتْ لِذَلِكَ كَمَا جُوِّزَ بَيْعُ الْأَعْيَانِ.

(أَرْكَانُهَا) أَرْبَعَةٌ (صِيغَةٌ وَأُجْرَةُ وَمَنْفَعَةٌ وَعَاقِدٌ) مِنْ مُكْرٍ وَمُكْتِرٍ (وَشُرِطَ فِيهِ) أَيْ فِي الْعَاقِدِ (مَا) مَرَّ فِيهِ (فِي الْبَيْعِ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ ثَمَّ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ هُنَا إسْلَامُ الْمُكْتَرِي لِمُسْلِمٍ كَمَا قَدَّمْتُهُ ثُمَّ مَعَ زِيَادَةٍ وَتَصِحُّ إجَارَةُ السَّفِيهِ نَفْسَهُ لِمَا لَا يَقْصِدُ مِنْ عَمَلِهِ كَالْحَجِّ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِهِ وَلَا يَصِحُّ اكْتِرَاءُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ وَإِنْ صَحَّ شِرَاؤُهُ نَفْسَهُ مِنْهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ.

(وَ) شُرِطَ (فِي الصِّيغَةِ مَا) مَرَّ فِيهَا (فِيهِ) أَيْ فِي الْبَيْعِ (غَيْرَ عَدَمِ التَّأْقِيتِ كَأَجَّرْتُكَ) أَوْ اكْتَرَيْتُكَ (هَذَا أَوْ مَنَافِعَهُ أَوْ مَلَّكْتُكَهَا سَنَةً بِكَذَا) فَيَقْبَلُ الْمُكْتَرِي (لَا بِعْتُكَهَا) أَيْ مَنَافِعَهُ سَنَةً بِكَذَا لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ وُضِعَ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَنْفَعَةِ كَمَا لَا يُسْتَعْمَلُ لَفْظُ الْإِجَارَةِ فِي الْبَيْعِ

ــ

[حاشية الجمل]

عَزِيزِيٌّ وَقَالَ سم ظَاهِرًا بِمَعْنَى غَالِبًا وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْأُجْرَةَ لَمْ تَجِبْ وَرُدَّ بِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا الَّذِي يَتَبَيَّنُ عَدَمُ الِاسْتِقْرَارِ وَتَوَقَّفَ شَيْخُنَا وَقَالَ: لَا مَفْهُومَ لَهُ اهـ. س ل (قَوْلُهُ اسْتَأْجَرَا رَجُلًا إلَخْ) وَكَانَ اسْتِئْجَارُهُمَا لَهُ لِيَدُلَّهُمَا عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ حِينَ الْهِجْرَةِ وَالْمُسْتَأْجِرُ أَبُو بَكْرٍ وَأَقَرَّهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنِسْبَةُ الْإِجَارَةِ إلَيْهِ تَجُوزُ اهـ. ق ل.

(قَوْلُهُ مِنْ بَنِي الدَّيْلِ) قَالَ ق ل هُوَ بِالْهَمْزَةِ بَعْدَ الدَّالِ وَقَالَ ابْنُ شَرَفٍ بِالْيَاءِ لَا بِالْهَمْزَةِ وَضَبَطَهُ الشَّوْبَرِيُّ وع ش بِكَسْرِ الدَّالِ وَإِسْكَانِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ (قَوْلُهُ ابْنُ الْأُرَيْقِطِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ كَذَا أَخَذْتُهُ مِنْ تَضْبِيبِهِ بِالْقَلَمِ اهـ.

شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَمَرَ بِالْمُؤَاجَرَةِ) هُوَ بِالْهَمْزِ يُقَالُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ آجَرَهُ إيجَارًا وَمُؤَاجَرَةً اهـ.

وَيَجُوزُ إبْدَالُ الْهَمْزَةِ وَاوًا لِكَوْنِهَا مَفْتُوحَةً بَعْدَ ضَمَّةٍ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَأُجْرَةٌ وَمَنْفَعَةٌ) اعْتَرَضَهُ سم بِأَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرُوهُ فِي الْبَيْعِ مِنْ عَدِّ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ رُكْنًا وَاحِدًا حَيْثُ عَبَّرُوا عَنْهَا بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَالْأَوْلَى جَعْلُ الْأَرْكَانِ هُنَا ثَلَاثَةً إجْمَالًا وَسِتَّةً تَفْصِيلًا وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا وَالْتَمَسَ جَوَابًا فَأَجَبْتُهُ بِأَنَّ الثَّمَنَ وَالْمُثَمَّنَ إنَّمَا عُدَّا رُكْنًا فِي الْبَيْعِ لِأَنَّهُمَا فِي الشُّرُوطِ مُتَّحِدَانِ بِخِلَافِ الْأُجْرَةِ وَالْمَنْفَعَةِ هَاهُنَا فَإِنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ فِي بَعْضِ الشُّرُوطِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فَتُوَقِّفَ فِيهِ. اهـ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ شُرِطَ فِيهِ مَا فِي الْبَيْعِ) أَيْ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ صِنْفٌ مِنْ الْبَيْعِ فَاشْتُرِطَ فِي عَاقِدِهَا مَا اُشْتُرِطَ فِي عَاقِدِ الْبَيْعِ مِمَّا مَرَّ كَالرُّشْدِ وَعَدَمِ الْإِكْرَاهِ بِغَيْرِ حَقٍّ اهـ.

شَرْحُ م ر قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إجَارَةُ الْأَعْمَى لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ نَعَمْ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ كَمَا لِلْعَبْدِ الْأَعْمَى أَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ: وَكَذَا لِلْغَيْرِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ ذِمَّتَهُ لِأَنَّهَا سَلَمٌ اهـ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَكَذَا لِلْغَيْرِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ ذِمَّتَهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ أَنْ يَلْزَمَ ذِمَّةَ الْغَيْرِ وَقِيَاسُ مَا فِي السَّلَمِ مِنْ جَوَازِ كَوْنِهِ مُسْلِمًا وَمُسْلَمًا إلَيْهِ جَوَازُ ذَلِكَ هُنَا. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ إسْلَامُ الْمُكْتَرِي لِمُسْلِمٍ) أَيْ إجَارَةِ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ وَإِنْ كَانَتْ إجَارَةُ الْعَيْنِ مَكْرُوهَةً دُونَ إجَارَةِ الذِّمَّةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ كَمَا قَدَّمْتُهُ ثُمَّ مَعَ زِيَادَةٍ) عِبَارَةُ الشَّارِحِ ثُمَّ وَيَصِحُّ بِكَرَاهَةِ اكْتِرَاءِ الذِّمِّيِّ مُسْلِمًا عَلَى عَمَلٍ يَعْمَلُهُ بِنَفْسِهِ لَكِنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْ مَنَافِعِهِ اهـ. ح ل فَقَوْلُهُ لَكِنَّهُ إلَخْ هُوَ الَّذِي عَنَاهُ هُنَا بِقَوْلِهِ مَعَ زِيَادَةٍ كَمَا فِي ع ش.

(قَوْلُهُ لِمَا لَا يَقْصِدُ مِنْ عَمَلِهِ) أَيْ لِنَوْعٍ مِنْ الْأَعْمَالِ لَا يَقْصِدُ مِنْ عَمَلِهِ أَيْ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ وَمَعْنَى كَوْنِهِ لَا يَقْصِدُ أَنَّهُ لَا يَتَكَسَّبُ بِهِ عَادَةً بِخِلَافِ النَّوْعِ الَّذِي يَتَكَسَّبُ بِهِ عَادَةً كَالْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ فَلَا يَصِحُّ كِرَاءُ نَفْسِهِ لَهُ اهـ. تَقْرِيرٌ.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ لِمَا لَا يَقْصِدُ مِنْ عَمَلِهِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ غَنِيًّا بِمَالِهِ عَنْ كَسْبٍ بِصَرْفِهِ فِي نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَمَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ اكْتِرَاءُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى فَهُوَ مُسْتَثْنًى وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يُنَاسِبُ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَشُرِطَ فِيهِ مَا فِي الْبَيْعِ لِأَنَّ الشَّرْطَ هُنَا إطْلَاقُ التَّصَرُّفِ وَكَذَا فِي الْبَيْعِ وَصُورَةُ الْعَبْدِ اُسْتُثْنِيَتْ هُنَاكَ مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ لِغَرَضِ الْعِتْقِ إلَّا أَنْ يُقَالَ كَلَامُهُ يَئُولُ إلَى ضَابِطٍ كُلِّيٍّ أَيْ كُلُّ مَنْ صَحَّ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ صَحَّ أَنْ يُؤَجَّرَ وَيُسْتَأْجَرَ فَحِينَئِذٍ يَحْسُنُ اسْتِثْنَاءُ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ يَصِحُّ شِرَاؤُهُ نَفْسَهُ لَا اكْتِرَاؤُهُ إيَّاهَا وَهَذَا نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْوِكَالَةِ عَنْ سم فِي قَوْلِ الْمَتْنِ غَالِبًا حَيْثُ جَعَلَهُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِوَاسِطَةِ تَأْوِيلِ الْمَتْنِ بِأَمْرٍ كُلِّيٍّ (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ اكْتِرَاءُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شِرَائِهِ نَفْسَهُ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تُفْضِي إلَى الْعِتْقِ بِخِلَافِ شِرَاءِ نَفْسِهِ فَيُفْضِي إلَيْهِ فَاغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ اهـ. م ر (قَوْلُهُ وَفِي الصِّيغَةِ مَا فِيهِ) وَهِيَ صَرِيحَةٌ أَوْ كِنَايَةٌ فَمِنْ الصَّرِيحَةِ أَجَّرْتُك هَذَا إلَى آخِرِ مَا فِي الْمَتْنِ وَمِنْ الْكِنَايَةِ جَعَلْت لَك مَنْفَعَةَ سَنَةٍ بِكَذَا أَوْ اُسْكُنْ دَارِي شَهْرًا بِكَذَا وَمِنْهَا الْكِتَابَةُ وَتَنْعَقِدُ بِاسْتِيجَابٍ وَإِيجَابٍ وَبِإِشَارَةِ أَخْرَسَ أَفْهَمَتْ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ اعْتِبَارَ التَّوْقِيتِ وَذِكْرَ الْأُجْرَةِ لِانْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ حِينَئِذٍ اهـ.

شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ كَأَجَّرْتُكَ إلَخْ) وَكَعَاوَضْتُكَ مَنْفَعَةَ هَذِهِ الدَّارِ بِمَنْفَعَةِ دَارِك سَنَةً كَمَا اقْتَضَاهُ إفْتَاءُ الْقَاضِي وَتَخْتَصُّ إجَارَةُ الذِّمَّةِ بِنَحْوِ أَلْزَمْت ذِمَّتَك أَوْ أَسْلَمْت إلَيْك هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فِي خِيَاطَةِ هَذَا الثَّوْبِ أَوْ فِي دَابَّةٍ صِفَتُهَا كَذَا أَوْ فِي حَمْلِي إلَى مَكَّةَ اهـ. شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ بِنَحْوِ أَلْزَمْت ذِمَّتَك أَيْ كَذَا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَهُ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ: أَلْزَمْتُك فَإِنَّهُ إجَارَةُ عَيْنٍ كَمَا نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الدَّمِيرِيِّ أَنَّهُ أَقْرَبُ احْتِمَالَيْنِ وَعِبَارَتُهُ لَوْ قَالَ لِلْأَجِيرِ أَلْزَمْتُك عَمَلَ كَذَا فَهَلْ إجَارَةُ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ ذَكَرَ فِيهِ الدَّمِيرِيُّ احْتِمَالَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>