للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذِئْبٍ وَنِمْرٍ وَفَهْدٍ بِقُوَّةٍ أَوْ عَدُوٍّ أَوْ طَيَرَانٍ (كَبَعِيرٍ وَظَبْيٍ وَحَمَامٍ يَجُوزُ لَقْطُهُ) مِنْ مَفَازَةٍ وَعُمْرَانٍ زَمَنَ أَمْنٍ أَوْ نَهْبٍ لِحِفْظٍ أَوْ تَمَلُّكٍ لِئَلَّا يَأْخُذَهُ خَائِنٌ فَيَضِيعَ (إلَّا مِنْ مَفَازَةٍ) وَهِيَ الْمَهْلَكَةُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ عَلَى الْقَلْبِ تَفَاؤُلًا بِالْفَوْزِ (آمِنَةٍ) فَلَا يَجُوزُ لَقْطُهُ (لِتَمَلُّكٍ) لِأَنَّهُ مَصُونٌ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ أَكْثَرِ السِّبَاعِ مُسْتَغْنٍ بِالرَّعْيِ إلَى أَنْ يَجِدَهُ صَاحِبُهُ لِتَطَلُّبِهِ لَهُ وَلِأَنَّ طُرُوقَ النَّاسِ فِيهَا لَا يَعُمُّ فَمَنْ أَخَذَهُ لِلتَّمَلُّكِ ضَمِنَهُ يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ بِدَفْعِهِ إلَى الْقَاضِي لَا بِرَدِّهِ إلَى مَوْضِعِهِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي " آمِنَةٍ " مَا لَوْ لَقَطَهُ مِنْ مَفَازَةٍ زَمَنَ نَهَبٍ فَيَجُوزُ لَقْطُهُ لِلتَّمَلُّكِ كَمَا شَمَلَهُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَضِيعُ بِامْتِدَادِ الْيَدِ الْخَائِنَةِ إلَيْهِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَمَا لَا يَمْتَنِعُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ (كَشَاةٍ) وَعِجْلٍ (يَجُوزُ لَقْطُهُ مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ مَفَازَةٍ وَعُمْرَانٍ زَمَنَ أَمْنٍ أَوْ نَهْبٍ لِحِفْظٍ أَوْ تَمَلُّكٍ صِيَانَةً لَهُ عَنْ الْخَوَنَةِ وَالسِّبَاعِ (فَإِنْ لَقَطَهُ لِتَمَلُّكٍ) مِنْ مَفَازَةٍ أَوْ عُمْرَانٍ (عَرَّفَهُ، ثُمَّ تَمَلَّكَهُ أَوْ بَاعَهُ)

ــ

[حاشية الجمل]

عَلَى الْكَثِيرِ الْأَغْلَبِ وَلِهَذَا يُشِيرُ الشَّارِحُ فِي التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مَصُونٌ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ أَكْثَرِ السِّبَاعِ (قَوْلُهُ كَذِئْبٍ وَنِمْرٍ) وَمَا نُوزِعَ بِهِ مِنْ كَوْنِ هَذِهِ مِنْ كِبَارِهَا وَأُجِيبَ عَنْهُ بِحَمْلِهَا عَلَى صِغَارِهَا أَيْ الصِّغَارِ مِنْهَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الصِّغَرَ مِنْ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ فَهَذِهِ، وَإِنْ كَبِرَتْ فِي نَفْسِهَا هِيَ صَغِيرَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَسَدِ وَنَحْوِهِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ بِقُوَّةٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ نِمْرٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ عَدُوٌّ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَذِئْبٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ طَيَرَانٌ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ فَهْدٌ كَذَا أَخَذْته مِنْ تَضْبِيبِهِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ بِقُوَّةٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ كَبَعِيرٍ، وَقَوْلَهُ أَوْ عَدُوٌّ رَاجِعٌ لِلظَّبْيِ، وَقَوْلَهُ أَوْ طَيَرَانٌ رَاجِعٌ لِلْحَمَامِ خِلَافًا لِلْمُحَشِّي (قَوْلُهُ كَبَعِيرٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مَعْقُولًا وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ فَكُّ عِقَالِهِ إذَا لَمْ يَأْخُذْهُ لِيَرُدَّ الْمَاءَ وَالشَّجَرَةَ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ أَيْضًا كَبَعِيرٍ) أَيْ وَفَرَسٍ وَحِمَارٍ وَبَغْلٍ وَبَقَرٍ، وَقَوْلُهُ وَظَبْيٍ أَيْ وَأَرْنَبٍ، وَقَوْلُهُ وَحَمَامٍ أَيْ وَقُمْرِيٍّ وَيَمَامٍ. اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ وَحَمَامٍ) وَهُوَ مَا عَبَّ وَهَدَرَ وَكَيَمَامٍ وَقُمْرِيٍّ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ لَقْطُهُ لِتَمَلُّكٍ) وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ أَمْتِعَةٌ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ أَخْذُهَا إلَّا بِأَخْذِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ أَخْذَهُ بِالتَّمَلُّكِ تَبَعًا لَهَا وَلِأَنَّ وُجُودَهَا عَلَيْهِ وَهِيَ ثَقِيلَةٌ يَمْنَعُهَا مِنْ وُرُودِ الْمَاءِ وَالشَّجَرِ وَالْفِرَارِ مِنْ السِّبَاعِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْأَمْتِعَةِ الْخَفِيفَةِ وَالثَّقِيلَةِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ إذْ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ أَخْذِهَا وَأَخْذِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ أَخْذِهَا وَهِيَ عَلَيْهِ وَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ فَيَتَخَيَّرُ فِي أَخْذِهَا بَيْنَ التَّمَلُّكِ وَالْحِفْظِ، وَهُوَ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا لِلْحِفْظِ وَدَعْوَى أَنَّ وُجُودَهَا ثَقِيلَةٌ عَلَيْهِ صَيَّرَهُ كَغَيْرِ الْمُمْتَنِعِ مَمْنُوعَةً، وَقَدْ يَمْتَنِعُ التَّمَلُّكُ كَالْبَعِيرِ الْمُقَلَّدِ تَقْلِيدَ الْهَدْيِ فَيَأْخُذُهُ وَاجِدُهُ فِي أَيَّامِ مِنًى وَيُعَرِّفُهُ، فَإِنْ خَافَ خُرُوجَ وَقْتِ النَّحْرِ نَحَرَهُ وَفَرَّقَهُ وَيُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُ الْحَاكِمِ وَلَعَلَّ وَجْهَ تَجْوِيزِهِمْ ذَلِكَ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِمُجَرَّدِ التَّقْلِيدِ مَعَ كَوْنِ الْمِلْكِ لَا يَزُولُ بِهِ قُوَّةُ الْقَرِينَةِ الْمُغَلَّبَةِ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ هَدْيٌ مَعَ التَّوْسِعَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَعَدَمِ تُهْمَةِ الْوَاجِدِ فَإِنَّ الْمَصْلَحَةَ لَهُمْ لَا لَهُ فَانْدَفَعَ مَا لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ هُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ مَالِكُهُ وَأَنْكَرَ كَوْنَهُ هَدْيًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَسْتَقِرُّ عَلَى الذَّابِحِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ حَيًّا وَمَذْبُوحًا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي فَوَّتَهُ بِذَبْحِهِ وَيَسْتَقِرُّ عَلَى الْآكِلِينَ بَدَلُ اللَّحْمِ وَالذَّابِحُ طَرِيقٌ، وَلَوْ أُعْيِيَ بَعِيرٌ مَثَلًا فَتَرَكَهُ مَالِكُهُ فَقَامَ بِهِ غَيْرُهُ حَتَّى عَادَ لِحَالِهِ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءٍ إلَّا إنْ اسْتَأْذَنَ الْحَاكِمُ فِي الْإِنْفَاقِ أَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ فَقْدِهِ وَمَنْ أَخْرَجَ مَتَاعًا غَرِقَ لَمْ يَمْلِكْهُ وَمَا نُقِلَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مِنْ مِلْكِهِ لَهُ رُدَّ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى خِلَافِهِ اهـ. شَرْحُ م ر.

وَقَوْلُهُ حَتَّى عَادَ لِحَالِهِ لَمْ يَمْلِكْهُ أَيْ ثُمَّ إنْ اسْتَعْمَلَهُ لَزِمَتْهُ أُجْرَتُهُ ثُمَّ إنْ ظَهَرَ مَالِكُهُ فَظَاهِرٌ وَإِلَّا فَهَلْ يَكُونُ مِنْ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ فِيمَا لَوْ أَلْقَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا فِي حِجْرِهِ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ الْأَوَّلُ، وَقَوْلُهُ وَمَنْ أَخْرَجَ مَتَاعًا غَرِقَ لَمْ يَمْلِكْهُ أَيْ وَيَكُونُ لِمَالِكِهِ إنْ وَجَبَتْ مَعْرِفَتُهُ وَإِلَّا فَلُقَطَةٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي اللُّؤْلُؤِ وَقِطْعَةَ الْعَنْبَرِ، وَلَوْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ مِمَّا يُؤَجَّرُ كَجَمَلٍ مَثَلًا هَلْ يَجُوزُ لِلْمُلْتَقِطِ إيجَارُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لِلْمَالِكِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَيَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ بِدَفْعِهِ إلَى الْقَاضِي) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ غَيْرَ الْحَاكِمِ، فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ فَهَلْ يَكْفِي فِي زَوَالِ الضَّمَانِ عَنْهُ جَعْلُ يَدِهِ لِلْحِفْظِ مِنْ الْآنَ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ إلَى قَاضٍ، وَلَوْ نَائِبَهُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْعَبْدِ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَتَقَ جَازَ لَهُ تَمَلُّكُهَا إنْ بَطَلَ بَطَلَ الِالْتِقَاطُ وَإِلَّا فَهُوَ كَسْبُ قِنِّهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ كَشَاةٍ وَعِجْلٍ) أَيْ وَفَصِيلٍ وَكَسِيرِ إبِلٍ وَخَيْلٍ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ صِيَانَةً لَهُ عَنْ الْخَوَنَةِ) لَا يَخْفَى مَا فِي التَّعْبِيرِ هُنَا بِالْجَمْعِ وَفِيمَا مَرَّ بِالْأَفْرَادِ مِنْ الْحُسْنِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَقَطَهُ) أَيْ مَا يَمْتَنِعُ وَمَا لَا يَمْتَنِعُ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ ثُمَّ تَمَلَّكَهُ) أَيْ بِاللَّفْظِ لَا بِالنِّيَّةِ اهـ. شَرْحُ م ر قَالَ فِي الْعُبَابِ كَالرَّوْضِ، وَإِذَا اخْتَارَ الْإِمْسَاكَ، فَإِنْ تَبَرَّعَ بِإِنْفَاقِهِ فَذَاكَ وَإِلَّا اسْتَأْذَنَ فِيهِ الْقَاضِيَ ثُمَّ أَشْهَدَ لِيَرْجِعَ، وَإِنْ اخْتَارَ الْبَيْعَ فَكَنَظِيرِهِ فِيمَا أَخَذَهُ مِنْ مَفَازَةٍ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ بَعْضِهِ وَلَا الِاقْتِرَاضُ عَلَى الْمَالِكِ لِلنَّفَقَةِ اهـ.

وَعَلَّلُوا مَنْعَ اقْتِرَاضِهِ عَلَى الْمَالِكِ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى اسْتِغْرَاقِهِ. وَأَقُولُ هَذَا التَّعْلِيلُ مَوْجُودٌ فِي إنْفَاقِهِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ ثُمَّ بِالْإِشْهَادِ مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ أَوْرَدْت ذَلِكَ عَلَى م ر فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَوْ جَوَّزَ الْقَرْضَ عَلَى الْمَالِكِ فَرُبَّمَا يَقْتَرِضُ وَيَتْلَفُ الْحَيَوَانُ أَوْ مَا اقْتَرَضَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>