للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَعِلْمُ عَامِلٍ) وَلَوْ مُبْهَمًا (بِالْتِزَامٍ) فَلَوْ قَالَ إنْ رَدَّهُ زَيْدٌ فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِذَلِكَ، أَوْ مَنْ رَدَّ آبِقِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا (وَأَهْلِيَّةُ عَمَلِ عَامِلٍ مُعَيَّنٍ) فَتَصِحُّ مِمَّنْ هُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ وَلَوْ عَبْدًا وَصَبِيًّا وَمَجْنُونًا وَمَحْجُورَ سَفَهٍ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ بِخِلَافِ صَغِيرٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ مَعْدُومَةٌ كَاسْتِئْجَارِ أَعْمَى لِلْحِفْظِ.

(وَ) شَرْطٌ (فِي الْعَمَلِ كُلْفَةٌ وَعَدَمُ تَعَيُّنِهِ) فَلَا جُعْلَ فِيمَا لَا كُلْفَةَ فِيهِ كَأَنْ قَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَى مَالِي فَلَهُ كَذَا فَدَلَّهُ وَالْمَالُ بِيَدِ غَيْرِهِ وَلَا كُلْفَةَ، وَلَا فِيمَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ كَأَنْ قَالَ مَنْ رَدَّ مَالِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ وَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الرَّدُّ لِنَحْوِ غَصْبٍ وَإِنْ كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ؛ لِأَنَّ مَا لَا كُلْفَةَ فِيهِ وَمَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ شَرْعًا لَا يُقَابَلَانِ بِعِوَضٍ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ شَامِلٌ لِلْوَاجِبِ عَلَى الْكِفَايَةِ كَمَنْ حُبِسَ ظُلْمًا فَبَذَلَ مَالًا

ــ

[حاشية الجمل]

الْتِزَامُ مُكْرَهٍ) مُقْتَضَى اقْتِصَارِهِ عَلَى هَذَا أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ اخْتِيَارٌ خَاصٌّ بِالْمُلْتَزِمِ فَيَكُونُ مُضَافًا لَا مُنَوَّنًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْعَقْدِ وَإِكْرَاهُ الْعَامِلِ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْعَمَلِ، وَهُوَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَلَا يَتَأَتَّى إكْرَاهُهُ عَلَى الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ كَمَا سَيَأْتِي اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَعِلْمُ عَامِلٍ، وَلَوْ مُبْهَمًا إلَخْ) فَالْجَعَالَةُ تُفَارِقُ الْإِجَارَةَ مِنْ أَوْجُهٍ: جَوَازُهَا عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ، وَصِحَّتُهَا مَعَ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ قَبُولِ الْعَامِلِ، وَكَوْنُهَا جَائِزَةً لَا لَازِمَةً، وَعَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ الْجُعْلَ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ فَلَوْ شَرَطَ تَعْجِيلَ الْجُعْلِ فَسَدَ الْعَقْدُ وَاسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، فَإِنْ سَلَّمَهُ بِلَا شَرْطٍ امْتَنَعَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِجَارَةِ بِأَنَّهُ ثَمَّ مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ وَهُنَا لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْعَمَلِ، وَلَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ دِرْهَمٌ قَبْلَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِ الدُّرَرِ، وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ قَبْضِهِ فِي الْمَجْلِسِ مُطْلَقًا اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَأَهْلِيَّةُ عَمَلِ عَامِلٍ) لَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ قَلْبًا أَيْ وَأَهْلِيَّةُ عَامِلٍ لِعَمَلٍ، وَقَوْلُهُ مُعَيَّنٍ أَيْ وَقْتَ النِّدَاءِ وَالْعَمَلِ وَخَرَجَ بِهِ الْمُبْهَمُ فَيُشْتَرَطُ أَهْلِيَّتُهُ وَقْتَ الرَّدِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا وَقْتَ النِّدَاءِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ مَنْ لَيْسَ أَهْلًا وَقْتَ النِّدَاءِ، وَقَدْ صَارَ أَهْلًا وَقْتَ الرَّدِّ فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْأَهْلِيَّةِ وَقْتَ الرَّدِّ فِي الْمُعَيَّنِ وَالْمُبْهَمِ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الْعَامِلِ الْمُعَيَّنِ الْعَمَلُ بِنَفْسِهِ فَلَوْ قَالَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ إنْ رَدَدْت عَبْدِي الْآبِقَ فَلَكَ كَذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ السَّعْيُ بِنَفْسِهِ بَلْ لَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِغَيْرِهِ فَإِذَا حَصَلَ الْعَمَلُ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ قَالَ الْغَزَالِيُّ، وَهُوَ مُلَخَّصٌ مِنْ النِّهَايَةِ وَلَمْ يَقِفْ الشَّيْخَانِ عَلَى ذَلِكَ فَذَكَرَاهُ بَحْثًا وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَوْكِيلَ الْعَامِلِ الْمُعَيَّنِ غَيْرَهُ فِي الرَّدِّ كَتَوْكِيلِ الْوَكِيلِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيمَا يَعْجِزُ عَنْهُ وَعَلِمَ بِهِ الْقَائِلُ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ كَمَا يَسْتَعِينُ بِهِ وَتَوْكِيلُ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ بَعْدَ سَمَاعِهِ النِّدَاءَ غَيْرَهُ كَالتَّوْكِيلِ فِي الِاحْتِطَابِ وَالِاسْتِقَاءِ وَنَحْوِهَا فَيَجُوزُ، فَعُلِمَ أَنَّ الْعَامِلَ الْمُعَيَّنَ لَا يَسْتَنِيبُ فِيهَا إلَّا إنْ عُذِرَ وَعَلِمَ بِهِ الْجَاعِلُ حَالَ الْجَعَالَةِ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ وَعَلِمَ بِهِ الْجَاعِلُ حَالَ الْجَعَالَةِ أَيْ فَلَوْ لَمْ يُعْذَرْ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُلْتَزِمُ امْتَنَعَ التَّوْكِيلُ وَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الْمُلْتَزِمِ شَيْئًا بَلْ يَنْبَغِي ضَمَانُ الْعَامِلِ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَى الْعَيْنِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ رِضَا الْمَالِكِ بِالْوَضْعِ هَذَا إذَا كَانَ غَرَضُ الْمَالِكِ الرَّدَّ مِنْ الْمُعَيَّنِ بِخُصُوصِهِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ أَذِنَ لِمُعَيَّنٍ وَقَصَدَ غَيْرُهُ إعَانَتَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَأَهْلِيَّةُ عَمَلِ عَامِلٍ إلَخْ) أَيْ قُدْرَتُهُ عَلَى الْعَمَلِ اهـ شَرْحُ م ر وَيُشِيرُ لَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ بِخِلَافِ صَغِيرٍ، وَقَوْلُهُ مُعَيَّنٍ مَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ لَا يُشْتَرَطُ أَهْلِيَّتُهُ لِلْعَمَلِ وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنْ يَكُونَ حَالَ النِّدَاءِ غَيْرَ أَهْلٍ كَصَغِيرٍ لَا يَقْدِرُ ثُمَّ يَصِيرُ أَهْلًا وَيُرَدُّ لِكَوْنِهِ سَمِعَ حِينَ النِّدَاءِ أَوْ بَلَغَهُ النِّدَاءُ حِينَ صَيْرُورَتِهِ قَادِرًا اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَصَبِيًّا وَمَجْنُونًا) أَيْ لَهُمَا نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَلَيْسَ لَنَا عَقْدٌ يَصِحُّ مَعَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ أَوْ الْمَجْنُونِ الْمُمَيِّزِ إلَّا هَذَا اهـ. شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ) أَيْ مِنْ وَلِيِّهِمْ أَوْ السَّيِّدِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ صَغِيرٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ) أَيْ فَإِذَا اتَّفَقَ أَنَّهُ عَمِلَ الْعَمَلَ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا قَالَ ع ش عَلَى م ر لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُ حَيْثُ أَتَى بِهِ بَانَتْ قُدْرَتُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالْقُدْرَةِ كَوْنُهُ قَادِرًا بِحَسَبِ الْعَادَةِ غَالِبًا وَهَذَا لَا يُنَافِي وُجُودَ الْعَجْزِ مَعَ الْعَمَلِ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ. اهـ

(قَوْلُهُ فَدَلَّهُ وَالْمَالُ بِيَدِ غَيْرِهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَلَوْ قَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَى مَالِي فَلَهُ كَذَا فَدَلَّهُ غَيْرُ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ اسْتَحَقَّ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ تَلْحَقُهُ مَشَقَّةُ الْبَحْثِ عَنْهُ كَذَا قَالَاهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَا إذَا بَحَثَ عَنْهُ بَعْدَ جَعْلِ الْمَالِكِ أَمَّا الْبَحْثُ السَّابِقُ وَالْمَشَقَّةُ السَّابِقَةُ قَبْلَ الْجَعْلِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِمَا اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الرَّدُّ لِنَحْوِ غَصْبٍ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ رَدَّهُ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ أَمَانَةً كَأَنْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا إلَى دَارِهِ أَوْ دَخَلَتْ دَابَّةٌ دَارِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِالرَّدِّ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ التَّخْلِيَةُ لَا الرَّدُّ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَمَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ شَرْعًا إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الرَّادُّ غَيْرَ مُكَلَّفٍ اسْتَحَقَّ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْخِطَابَ مُتَعَلِّقٌ بِوَلِيِّهِ لِتَعَذُّرِ تَعَلُّقِهِ بِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ كَمَنْ حُبِسَ ظُلْمًا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا حُبِسَ بِحَقٍّ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُتَكَلِّمُ مَا جُعِلَ لَهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّ الْمَحْبُوسَ إذَا جَاعَلَ الْعَامِلَ عَلَى أَنْ يَتَكَلَّمَ مَعَ مَنْ يُطْلِقُهُ عَلَى وَجْهٍ جَائِزٍ كَأَنْ يَتَكَلَّمَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يُنْظِرَ الدَّائِنَ إلَى بَيْعِ غَلَّاتِهِ مَثَلًا اسْتَحَقَّ مَا جُعِلَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا بِمِصْرِنَا مِنْ أَنَّ الزَّيَّاتِينَ وَالطَّحَّانِينَ وَنَحْوَهُمْ كَالْمَرَاكِبِيَّةِ يَجْعَلُونَ لِمَنْ يَمْنَعُ عَنْهُمْ الْمُحْتَسِبَ وَأَعْوَانَهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا هَلْ ذَلِكَ مِنْ الْجَعَالَةِ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّهُ مِنْ الْجَعَالَةِ؛ لِأَنَّ دَفْعَ مَا يَلْتَزِمُهُ مِنْ الْمَالِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ مَا يَلْتَزِمُهُ الْإِنْسَانُ فِي مُقَابَلَةِ تَخْلِيصِهِ مِنْ الْحَبْسِ وَهَذَا مِثْلُهُ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>