(لِفَقِيرٍ) وَهُوَ (مَنْ لَا مَالَ لَهُ وَلَا كَسْبَ لَائِقٌ) بِهِ (يَقَعُ) جَمِيعُهُمَا أَوْ مَجْمُوعُهُمَا (مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ) مَطْعَمًا وَمَلْبَسًا وَمَسْكَنًا وَغَيْرَهَا مِمَّا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ وَحَالِ مُمَوَّنِهِ كَمَنْ يَحْتَاجُ إلَى عَشَرَةٍ وَلَا يَمْلِكُ، أَوْ لَا يَكْسِبُ إلَّا دِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَا يَمْلِكُهُ نِصَابًا أَمْ أَقَلَّ أَمْ أَكْثَرَ (وَلَوْ غَيْرَ زَمِنٍ وَمُتَعَفِّفٍ) عَنْ الْمَسْأَلَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: ١٩] أَيْ غَيْرِ السَّائِلِ وَلِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ (وَلِمِسْكِينٍ) وَهُوَ (مَنْ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ مَالٌ، أَوْ كَسْبٌ لَائِقٌ بِهِ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ (وَلَا يَكْفِيهِ) كَمَنْ يَمْلِكُ، أَوْ يَكْسِبُ سَبْعَةً، أَوْ ثَمَانِيَةً وَلَا يَكْفِيهِ إلَّا عَشَرَةٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ الْعُمُرَ الْغَالِبَ وَقِيلَ: سَنَةً وَخَرَجَ بِلَائِقٍ كَسْبٌ لَا يَلِيقُ بِهِ فَهُوَ كَمَنْ لَا كَسْبَ لَهُ (وَيَمْنَعُ فَقْرَ الشَّخْصِ وَمَسْكَنَتَهُ) وَالتَّصْرِيحُ بِهَا مِنْ زِيَادَتِي (كِفَايَتُهُ بِنَفَقَةِ قَرِيبٍ، أَوْ زَوْجٍ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ كَمُكْتَسِبٍ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرَ
ــ
[حاشية الجمل]
وَهَذَا فِي زَكَاةِ الْعَيْنِ فَلَا تُرَدُّ التِّجَارَةُ بَلْ هِيَ رَاجِعَةٌ إلَى الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَدْ جَمَعَ بَعْضُهُمْ الْأَصْنَافَ الثَّمَانِيَةَ فِي قَوْلِهِ: صَرَفْت
زَكَاةَ الْحُسْنِ لِمَ لَا بَدَأْتَ بِي ... فَإِنِّي لَهَا الْمُحْتَاجُ لَوْ كُنْتَ تَعْرِفُ
فَقِيرٌ وَمِسْكِينٌ وَغَازٍ وَعَامِلٌ ... وَرِقٌّ سَبِيلٌ غَارِمٌ وَمُؤَلَّفُ
(قَوْلُهُ أَيْضًا: هِيَ لِثَمَانِيَةٍ إلَخْ) وَعَطَفَهَا بِالْوَاوِ دُونَ " أَوْ " لِإِفَادَةِ التَّشْرِيكِ بَيْنَهُمْ فِيهَا فَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ بَعْضِ الْأَصْنَافِ الْمَوْجُودِينَ بِهَا وَقَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَكَثِيرُونَ يَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ وَمَالَ إلَيْهِ الْفَخْرُ الرَّازِيّ وَبَسَطُوا الْكَلَامَ فِي الِاسْتِدْلَالِ لَهُ بِمَا رَدَدْته عَلَيْهِمْ فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ قَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ الْيَمَنِيُّ: ثَلَاثُ مَسَائِلَ فِي الزَّكَاةِ نُفْتِي فِيهَا عَلَى خِلَافِ الْمَذْهَبِ أَيْ نُقَلِّدُ؛ فِي نَقْلِ الزَّكَاةِ وَدَفْعِهَا إلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ وَدَفْعِ زَكَاةِ وَاحِدٍ إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ اهـ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ.
(قَوْلُهُ: هِيَ لِفَقِيرٍ إلَخْ) وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمْ مِنْ أَوْلَادِ آدَمَ، أَوْ لَا حَتَّى لَوْ عُلِمَ اسْتِحْقَاقُ جَمَاعَةٍ فِي الْبَلَدِ مِنْ الْجِنِّ يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَيْهِمْ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ لِلْجِنِّ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» ؛ إذْ الظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّ الْإِضَافَةَ لِلْعَهْدِ وَالْمَعْهُودُ فُقَرَاءُ بَنِي آدَمَ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ لَا مَالَ لَهُ وَلَا كَسْبَ) قَضِيَّةُ الْحَدِّ أَنَّ الْكَسُوبَ غَيْرُ فَقِيرٍ، وَإِنْ لَمْ يَكْتَسِبْ وَهُوَ كَذَلِكَ هُنَا إنْ وَجَدَ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ وَقَدَرَ عَلَيْهِ أَيْ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً فِيمَا يَظْهَرُ وَحَلَّ لَهُ تَعَاطِيهِ وَلَاقَ بِهِ، وَإِلَّا أُعْطِيَ فَالشُّرُوطُ أَرْبَعَةٌ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يَكْفِيهِ وَمَمُونَهُ لَكِنْ عَلَيْهِ دُيُونٌ قَدْرَ مَا عِنْدَهُ وَلَوْ حَالَّةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَمْ يُعْطَ حَتَّى يَصْرِفَهُ فِيهَا اهـ شَرْحُ م ر بِتَصَرُّفٍ. (قَوْلُهُ: مَنْ لَا مَالَ لَهُ) أَيْ وَلَمْ يَكْتَفِ بِنَفَقَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ التَّعْرِيفَ هُنَا شَامِلٌ لِلْمُكْتَفِي بِنَفَقَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: يَقَعُ مَوْقِعًا) ظَاهِرُ اللَّفْظِ أَنَّهُ وَصْفٌ لِكُلٍّ بِانْفِرَادِهِ فَيَكُونُ الْمَنْفِيُّ وُقُوعَ كُلٍّ بِانْفِرَادِهِ وَذَلِكَ النَّفْيُ صَادِقٌ بِوُقُوعِ الْمَجْمُوعِ وَلَيْسَ مُرَادًا فَلِذَا بَيَّنَ الشَّارِحُ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ " جَمِيعُهُمَا، أَوْ مَجْمُوعُهُمَا " اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: جَمِيعُهُمَا) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا ذَلِكَ أَوْ مَجْمُوعُهُمَا أَيْ بِأَنْ وُجِدَا فَمَنْ لَهُ كَسْبٌ يُكَلَّفُ الْكَسْبَ حَيْثُ حَلَّ وَكَانَ لَائِقًا بِهِ وَلَا مَشَقَّةَ فَلَوْ كَانَ مِنْ ذَوِي الْبُيُوتِ الَّذِينَ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُمْ بِالْكَسْبِ لَمْ يُكَلَّفْهُ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَحَالِ مَمُونِهِ) أَيْ الَّذِي تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ لَا غَيْرِهِ، وَإِنْ اقْتَضَتْ الْعَادَةُ إنْفَاقَهُ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ وَلَا تَقْتِيرٍ اهـ شَرْحُ م ر نَعَمْ يَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ صِغَارٌ وَمَمَالِيكُ وَحَيَوَانَاتٌ فَهَلْ نَعْتَبِرُهُمْ بِالْعُمُرِ الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُمْ وَبَقَاءُ نَفَقَتِهِمْ عَلَيْهِ، أَوْ بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُهُ بِالنَّظَرِ إلَى الْأَطْفَالِ بِبُلُوغِهِمْ، وَإِلَى الْأَرِقَّاءِ بِمَا بَقِيَ مِنْ أَعْمَارِهِمْ الْغَالِبَةِ وَكَذَا الْحَيَوَانَاتُ لِلنَّظَرِ فِي ذَلِكَ مَجَالٌ وَكَلَامُهُمْ يُومِئُ إلَى الْأَوَّلِ لَكِنَّ الثَّانِيَ أَقْوَى مَدْرَكًا فَإِنْ تَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِهِ تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ اهـ حَجّ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ ثَلَاثَةً) أَيْ أَوْ أَرْبَعَةً فَقَطْ فَضَابِطُ الَّذِي لَا يَقَعُ مَوْقِعًا أَنْ يَكُونَ دُونَ النِّصْفِ وَضَابِطُ مَا يَقَعُ أَنْ يَكُونَ نِصْفًا فَمَا فَوْقُ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَا يَمْلِكُهُ) نِصَابًا إلَخْ وَقَدْ لَا يَمْلِكُ إلَّا فَأْسًا وَحَبْلًا وَهُوَ غَنِيٌّ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ زَمِنٍ وَمُتَعَفِّفٍ) رَدٌّ عَلَى الْقَدِيمِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْ الْفَقِيرِ الزَّمَانَةُ وَلَا التَّعَفُّفُ عَلَى الْجَدِيدِ، وَالْقَدِيمِ يُشْتَرَطَانِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ الْعُمُرَ الْغَالِبَ) فَإِذَا كَانَ يَخُصُّ كُلَّ يَوْمٍ نَحْوُ ثَلَاثَةٍ فَهُوَ فَقِيرٌ، أَوْ نَحْوُ سِتَّةٍ فَمِسْكِينٌ، أَوْ عَشَرَةٍ فَغَنِيٌّ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ الْعُمُرَ الْغَالِبَ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْآخِذِ نَفْسِهِ أَمَّا مَمُونُهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ فِيهِ بَلْ يُلَاحَظُ فِيهِ كِفَايَةُ مَا يَحْتَاجُهُ الْآنَ مِنْ زَوْجَةٍ وَعَبْدٍ وَدَابَّةٍ مَثَلًا بِتَقْدِيرِ بَقَائِهَا أَوْ بَدَلِهَا لَوْ عُدِمَتْ بَقِيَّةَ عُمُرِهِ الْغَالِبِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَيَمْنَعُ فَقْرَ الشَّخْصِ وَمَسْكَنَتَهُ إلَخْ) أَيْ لَا غَيْرَهُمَا فَلَا تَمْنَعُهُ الْكِفَايَةُ الْمَذْكُورَةُ بَلْ لِلْمَكْفِيِّ بِنَفَقَةِ الْغَيْرِ أَنْ يَأْخُذَ بِوَصْفٍ آخَرَ غَيْرِ الْفَقْرِ، وَالْمَسْكَنَةِ مِنْ زَكَاةِ الْمُنْفِقِ وَغَيْرِهِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: كِفَايَتُهُ بِنَفَقَةِ قَرِيبٍ، أَوْ زَوْجٍ) أَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِالْكِفَايَةِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي زَوْجٍ مُوسِرٍ أَمَّا مُعْسِرٌ لَا يَكْفِي فَتَأْخُذُ تَمَامَ كِفَايَتِهَا بِالْفَقْرِ وَيُفْهِمُ أَيْضًا أَنَّ مَنْ لَمْ يَكْفِهَا مَا وَجَبَ لَهَا عَلَى الْمُوسِرِ لِكَوْنِهَا أَكُولَةً تَأْخُذُ تَمَامَ كِفَايَتِهَا بِالْفَقْرِ