للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَا تَحِلُّ لَهُمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَالَ «لَا أُحِلُّ لَكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ مِنْ الصَّدَقَاتِ شَيْئًا وَلَا غُسَالَةِ الْأَيْدِي إنَّ لَكُمْ فِي خُمُسِ الْخُمُسِ مَا يَكْفِيكُمْ أَوْ يُغْنِيكُمْ» أَيْ بَلْ يُغْنِيكُمْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ (وَلَا مَوْلًى لَهُمَا) فَلَا تَحِلُّ لَهُ لِخَبَرِ «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ.

ــ

[حاشية الجمل]

تَبَعًا لِزَوْجِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ هَاشِمِيًّا وَلَا مُطَّلِبِيًّا) أَيْ وَأَنْ لَا يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى الْمُصَنِّفُ فِي بَالِغٍ تَارِكٍ لِلصَّلَاةِ كَسَلًا أَنَّهُ لَا يَقْبِضُهَا لَهُ إلَّا وَلِيُّهُ أَيْ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ فَلَا تُعْطَى لَهُ، وَإِنْ غَابَ وَلِيُّهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَرَأَ تَرْكُهُ، أَوْ تَبْذِيرُهُ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَقْبِضُهَا وَيَجُوزُ دَفْعُهَا لِفَاسِقٍ إلَّا إنْ عُلِمَ أَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى مَعْصِيَةٍ فَيَحْرُمُ أَيْ وَإِنْ أَجْزَأَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ وَلَا عَمًى كَأَخْذِهَا مِنْهُ وَقِيلَ يُوَكِّلَانِ وُجُوبًا وَيَرُدُّهُ قَوْلُهُمْ يَجُوزُ دَفْعُهَا مَرْبُوطَةً مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِجِنْسٍ وَلَا قَدْرٍ وَلَا صِفَةٍ نَعَمْ الْأَوْلَى تَوْكِيلُهُمَا خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَأَفْتَى ابْنُ الْعِمَادِ وَابْنُ يُونُسَ بِمَنْعِ دَفْعِهَا لِأَبٍ قَوِيٍّ صَحِيحٍ فَقِيرٍ وَآخَرُونَ بِجَوَازِهِ اهـ حَجّ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر وَقَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى الْمُصَنِّفُ إلَخْ عِبَارَتُهُ أَيْ الْمُصَنِّفِ النَّوَوِيُّ فِي الْفَتَاوَى ". (مَسْأَلَةٌ) : هَلْ يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى مُسْلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ لَا يُصَلِّي وَيَعْتَقِدُ وُجُوبَ الصَّلَاةِ وَيَتْرُكُهَا كَسَلًا؟

الْجَوَابُ: إنْ بَلَغَ تَارِكًا لِلصَّلَاةِ وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ إلَى حِينِ دَفْعِ الزَّكَاةِ لَمْ يَجُزْ دَفْعُهَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ فَلَا يَصِحُّ قَبْضُهُ وَلَكِنْ يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى وَلِيِّهِ فَيَقْبِضُهَا لِهَذَا السَّفِيهِ، وَإِنْ كَانَ بَلَغَ مُصَلِّيًا رَشِيدًا، ثُمَّ طَرَأَ تَرْكُ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي جَازَ دَفْعُهَا إلَيْهِ وَصَحَّ قَبْضُهُ بِنَفْسِهِ كَمَا يَصِحُّ جَمِيعُ تَصَرُّفَاتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَحِلُّ لَهُمَا) أَيْ وَإِنْ مُنِعَا حَقَّهُمَا مِنْ الْخُمُسِ وَكَالزَّكَاةِ كُلُّ وَاجِبٍ كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُسْلَكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ عَلَى أَوْجَهِ احْتِمَالَيْنِ كَمَا يُؤْخَذُ تَرْجِيحُ ذَلِكَ مِنْ إفْتَاءِ الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الْأُضْحِيَّةَ الْوَاجِبَةُ وَالْجُزْءُ الْوَاجِبُ مِنْ أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ وَحَرُمَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْكُلُّ؛ لِأَنَّ مَقَامَهُ أَشْرَفُ وَحَلَّتْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْهَدِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا شَأْنُ الْمُلُوكِ بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ اهـ شَرْحُ م ر وَخَرَجَ بِالْوَاجِبِ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ فَتَحِلُّ لَهُمْ كَمَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي فَصْلِهَا.

وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَبْدِ الْبَاقِي الزَّرْقَانِيُّ عَلَى الشَّيْخِ خَلِيلٍ نَصُّهَا ثُمَّ الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ حُرْمَةِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ عَلَى آلِهِ وَاخْتِصَاصُ الْحُرْمَةِ بِالْفَرْضِ إنْ أُعْطُوا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ، وَإِلَّا أُعْطُوا مِنْهَا إنْ أَضَرَّ بِهِمْ الْفَقْرُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ، أَوْ أُبِيحَتْ لَهُمْ الصَّدَقَةُ كَمَا فِي الْبَاجِيَّ بَلْ الْإِعْطَاءُ لَهُمْ حِينَئِذٍ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ وَكَلَامُ الْبَاجِيَّ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَقَلُ مِنْ حُرْمَةٍ إلَى حِلٍّ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَا غُسَالَةِ الْأَيْدِي) يَحْتَمِلُ نَصْبَهُ عَطْفًا عَلَى " شَيْئًا " عَطْفَ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ، أَوْ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ لَا كَثِيرًا وَلَا غُسَالَةَ الْأَيْدِي أَيْ لَا كَثِيرًا وَلَا قَلِيلًا، أَوْ عَلَى مَحَلِّ الصَّدَقَاتِ وَيَحْتَمِلُ جَرَّهُ عَطْفًا عَلَى " الصَّدَقَاتِ " عَطْفَ تَفْسِيرٍ وَهَذَا الْأَخِيرُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الصَّدَقَاتِ مَطْهَرَةٌ فَهِيَ كَالْغُسَالَةِ اهـ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الزَّكَاةُ وَسَمَّاهَا غُسَالَةً تَنْفِيرًا عَنْهَا أَيْ لَا أُحِلُّ لَكُمْ مِنْ الصَّدَقَاتِ؛ لِأَنَّهَا غُسَالَةُ الْأَيْدِي وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا غُسَالَةُ الْأَيْدِي حَقِيقَةً فَيَكُونُ الْمَعْنَى لَا أُحِلُّ لَكُمْ مِنْ الصَّدَقَاتِ شَيْئًا، وَلَا غُسَالَةَ قَذَرِ الْأَيْدِي وَيَكُونُ الْمَقْصُودُ الْمُبَالَغَةَ فِي الْقِلَّةِ كَذَا بِخَطِّ الشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ الشَّنَوَانِيِّ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: إنَّ لَكُمْ فِي خُمُسِ الْخُمُسِ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت قَضِيَّةُ الظَّرْفِيَّةِ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِمْ خُمُسَ الْخُمُسِ بِتَمَامِهِ وَهُوَ خِلَافُ صَرِيحِ كَلَامِهِمْ. (قُلْت) يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الظَّرْفِيَّةُ بِاعْتِبَارِ كُلِّ وَاحِدٍ أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ فِي خُمُسِ الْخُمُسِ مَا ذُكِرَ فَلَا يُنَافِي اسْتِحْقَاقَ جُمْلَتِهِمْ تَمَامَ خُمُسِ الْخُمُسِ وَأَنْ يُرَادَ بِخُمُسِ الْخُمُسِ الْمَفْهُومُ الْعَامُّ الصَّادِقُ بِكُلِّ خُمُسٍ مِنْ أَخْمَاسِ الْخُمُسِ وَحِينَئِذٍ تَصْدُقُ الظَّرْفِيَّةُ مَعَ اسْتِحْقَاقِهِمْ تَمَامَ خُمُسِ الْخُمُسِ لِصِحَّةِ ظَرْفِيَّةِ الْمَفْهُومِ الْعَامِّ لِفَرْدِهِ فِي الْجُمْلَةِ اهـ سم اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَيْ بَلْ يُغْنِيكُمْ) أَقُولُ لَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ بَلْ يُمْكِنُ حَمْلُ " أَوْ " عَلَى التَّرْدِيدِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْخُمُسَ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْأَمْرَيْنِ وَأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا كِفَايَةً اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَحِلُّ لَهُ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ: وَكَذَا مَوْلَاهُمْ أَيْ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ فِي الْأَصَحِّ لِحَدِيثِ «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَالثَّانِي قَالَ الْمَنْعُ فِيهِمْ لِاسْتِغْنَائِهِمْ بِخُمُسِ الْخُمُسِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا حَقَّ لِمَوْلَاهُمْ فِيهِ فَتَحِلُّ لَهُ انْتَهَتْ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَنِي أَخَوَاتِهِمْ مَعَ صِحَّةِ حَدِيثِ «ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ» بِأَنَّ أُولَئِكَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَبٌ وَقَبَائِلُ يُنْسَبُونَ إلَيْهِمْ غَالِبًا تَمَحَّضَتْ نِسْبَتُهُمْ لِسَادَاتِهِمْ فَحَرُمَ عَلَيْهِمْ مَا حَرُمَ عَلَيْهِمْ تَحْقِيقًا لِشَرَفِ مُوَالَاتِهِمْ وَلَمْ يُعْطَوْا مِنْ الْخُمُسِ لِئَلَّا يُسَاوُوهُمْ فِي جَمِيعِ شَرَفِهِمْ، فَإِنْ قُلْت: يُمْكِنُ ذَلِكَ بِإِعْطَائِهِمْ مِنْ الْخُمُسِ وَالزَّكَاةِ قُلْت: مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الزَّكَاةِ قَدْ يَكُونُ شَرَفًا كَمَا فِي حَقِّ الْغَازِي فَلَا يَتَحَقَّقُ حِينَئِذٍ انْحِطَاطُ شَرَفِهِمْ، وَأَمَّا بَنُو الْأُخْتِ فَلَهُمْ آبَاءٌ وَقَبَائِلُ لَا يُنْسَبُونَ إلَّا إلَيْهَا فَلَمْ يُلْحَقُوا بِغَيْرِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>