للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هُوَ لُغَةً الضَّمُّ وَالْوَطْءُ وَشَرْعًا عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ إبَاحَةَ وَطْءٍ بِلَفْظِ إنْكَاحٍ أَوْ نَحْوِهِ وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنَّمَا حُمِلَ عَلَى الْوَطْءِ فِي قَوْله تَعَالَى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] لِخَبَرِ «حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ» وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ «تَنَاكَحُوا

ــ

[حاشية الجمل]

وَيَشْهَدُ لِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ بِالْأَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَانَ إذَا مَشَى فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لَا يَظْهَرُ لَهُ ظِلٌّ وَلَا يَقَعُ مِنْهُ إيلَاءٌ وَلَا ظِهَارٌ وَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ لِعَانٌ وَنَقَلَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الذُّبَابُ وَلَا يَمْتَصُّ دَمَهُ الْبَعُوضُ وَكُلُّ مَوْضِعٍ صَلَّى فِيهِ وَضُبِطَ مَوْقِفه امْتَنَعَ الِاجْتِهَادُ فِيهِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً وَوُجُوبُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَعُرِضَ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْخَلْقِ مِنْ آدَمَ إلَى مَنْ بَعْدَهُ كَمَا قَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ وَكَانَ لَا يَتَثَاءَبُ وَلَا يَظْهَرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ مِنْ الْغَائِطِ بَلْ تَبْلَعُهُ الْأَرْضُ كَمَا قَالَهُ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ وَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ حَرَجٌ عَنْ حُكْمِهِ عَلَيْهِ يَكْفُرُ بِهِ قَالَهُ الْإِصْطَخْرِيُّ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ بَلْ صَلَّى النَّاسُ أَفْرَادًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَزَادَهُ فَضْلًا وَشَرَفًا لَدَيْهِ اهـ. شَرْحُ م ر وَهُوَ مَنْقُولٌ مِنْ مَتْنِ الرَّوْضِ بِالْحَرْفِ، فَإِنْ شِئْت تَوْضِيحَهُ فَارْجِعْ لِشَرْحِهِ فَقَدْ وَضَّحَ غَايَةَ التَّوْضِيحِ.

(قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً الضَّمُّ) وَمِنْهُ تَنَاكَحَتْ الْأَشْجَارُ إذَا تَمَايَلَتْ وَانْضَمَّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ اهـ. ح ل وَقَوْلُهُ وَالْوَطْءُ أَيْ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا لُغَةً اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِلَفْظِ إنْكَاحٍ) يَتَعَلَّقُ بِعَقَدَ لَا بِيَتَضَمَّنُ وَلَا بِإِبَاحَةٍ وَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ مُشْتَقِّ إنْكَاحٍ؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ كِنَايَةٌ وَالنِّكَاحُ لَا يَنْعَقِدُ بِهَا وَأَخْرَجَ بِهِ بَيْعَ الْأَمَةِ، فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ إبَاحَةَ الْوَطْءِ لَكِنْ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَقَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ وَهُوَ التَّزْوِيجُ فَقَطْ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ) أَتَى بِهِ مَعَ عِلْمِهِ مِمَّا قَبْلَهُ لِقَوْلِهِ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ وَكَانَ أَخْصَرَ مِنْ هَذَا أَنْ يَقُولَ: وَقَدْ يُقَالُ لِلْوَطْءِ مَجَازًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي الْقُرْآنِ إلَّا كَذَلِكَ أَيْ غَالِبًا وَقِيلَ عَكْسُ ذَلِكَ وَقِيلَ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا فَهُوَ مُشْتَرَكٌ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى النِّكَاحِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْعَقْدِ لَا الْوَطْءِ إلَّا إذَا نَوَاهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَيُحْمَلُ عَلَى الْوَطْءِ لَا الْعَقْدِ إلَّا إذَا نَوَاهُ عَلَى الثَّانِي وَيُحْمَلُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الثَّالِثِ. اهـ. ح ل.

وَفِي الْمِصْبَاحِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ فِيهِ قَوْلًا رَابِعًا وَهُوَ أَنَّهُ مَجَازٌ فِيهِمَا وَعِبَارَتُهُ وَيُقَالُ مَأْخُوذٌ مِنْ نَكَحَهُ الدَّوَاءُ إذَا خَامَرَهُ وَغَلَبَهُ أَوْ مِنْ تَنَاكَحَتْ الْأَشْجَارُ إذَا انْضَمَّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ أَوْ مِنْ نَكَحَ الطَّيْرُ الْأَرْضَ إذَا اخْتَلَطَ بِثَرَاهَا وَعَلَى هَذَا يَكُونُ النِّكَاحُ مَجَازًا فِي الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ غَيْرِهِ اهـ وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ وَبَنَوْا عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ حُرِّمَ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُهَا وَبَنَاتُهَا وَحُرِّمَتْ عَلَى آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ وَأَصْلُهُ الْإِبَاحَةُ فَلَا يَصِحُّ نَذْرُهُ، وَإِنْ نُدِبَ نَظَرًا لِأَصْلِهِ خِلَافًا لحج وَقَالَ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ أَصْلُهُ النَّدْبُ وَتَعْبِيرُ بَعْضِهِمْ بِالْإِبَاحَةِ مُرَادُهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَعَلَيْهِ فَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ حَجّ.

وَالْمُرَادُ نَذْرُ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَسْتَقِلُّ بِهِ النَّاذِرُ وَفَائِدَتُهُ حِفْظُ النَّسْلِ وَتَفْرِيغُ مَا يَضُرُّ حَبْسُهُ مِنْ الْمَنِيِّ وَحُصُولُ اللَّذَّةِ وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي فِي الْجَنَّةِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(فَرْعٌ) الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي النِّكَاحِ حِلُّ الِاسْتِمْتَاعِ اللَّازِمِ الْمُؤَقَّتِ بِمَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَيَجُوزُ رَفْعُهُ بِالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ عَيْنُ الْمَرْأَةِ وَقِيلَ مَنَافِعُ الْبُضْعِ اهـ جَوَاهِرُ الْجَوَاهِرِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ مُسَبَّبٌ عَنْ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حُمِلَ عَلَى الْوَطْءِ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا الْحَمْلُ مُتَعَيِّنًا بَلْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلَى الْعَقْدِ وَيَكُونَ اشْتِرَاطُ الْوَطْءِ مَأْخُوذًا مِنْ الْحَدِيثِ كَمَا سَيَأْتِي لَهُ فِي التَّحْلِيلِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ} [النساء: ٣] اسْتِعْمَالُ مَا فِي الْعَاقِلِ قَلِيلٌ؛ لِأَنَّهَا لِغَيْرِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهَا مُسْتَعْمَلَةٌ فِي صِفَاتِ مَنْ يَعْقِلُ.

(قَوْلُهُ: وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ تَنَاكَحُوا إلَخْ) وَمِنْهَا حَدِيثٌ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ «ثَلَاثٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُغْنِيَهُمْ النَّاكِحُ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَعْفِفَ» الْحَدِيثَ وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ «حُبِّبَ إلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمْ ثَلَاثٌ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ» إلَخْ فَلَمَّا «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُبِّبَ إلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمْ» إلَخْ «قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حُبِّبَ إلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا ثَلَاثٌ الْجُلُوسُ بَيْنَ يَدَيْك وَالنَّظَرُ إلَيْك، وَإِنْفَاقُ جَمِيعِ مَالِي عَلَيْك وَقَالَ عُمَرُ وَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حُبِّبَ إلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا ثَلَاثٌ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ وَحِفْظُ الْحُدُودِ وَقَالَ عُثْمَانُ وَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حُبِّبَ إلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا ثَلَاثٌ إفْشَاءُ السَّلَامِ وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ وَالصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ وَقَالَ عَلِيٌّ وَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حُبِّبَ إلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا ثَلَاثٌ إقْرَاءُ الضَّيْفِ وَالصَّوْمُ فِي الصَّيْفِ وَالضَّرْبُ بَيْنَ يَدَيْك بِالسَّيْفِ قَالَ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَقَالَ وَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حُبِّبَ إلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمْ ثَلَاثٌ حُبُّ الْمَسَاكِينِ وَتَبْلِيغُ الرِّسَالَةِ لِلْمُرْسَلِينَ وَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَإِذَا النِّدَاءُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَهُوَ يَقُولُ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مِنْ دُنْيَاكُمْ ثَلَاثًا بَدَنًا

<<  <  ج: ص:  >  >>