(غَيْرُ ذَاتِ قَرَابَةٍ قَرِيبَةٍ) بِأَنْ تَكُونَ أَجْنَبِيَّةً أَوْ ذَاتَ قَرَابَةٍ بَعِيدَةٍ لِضَعْفِ الشَّهْوَةِ فِي الْقَرِيبَةِ فَيَجِيءُ الْوَلَدُ نَحِيفًا وَالْبَعِيدَةُ أَوْلَى مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ لَكِنْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالْبَيَانِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ مِنْ عَشِيرَتِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ حِينَئِذٍ عَلَى الْوَلَدِ الْحُمْقُ فَيُحْمَلُ نَصُّهُ عَلَى عَشِيرَتِهِ الْأَدْنَيْنَ
(وَ) سُنَّ (نَظَرُ كُلٍّ) مِنْ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ (لِلْآخَرِ بَعْدَ قَصْدِهِ نِكَاحَهُ قَبْلَ خِطْبَتِهِ غَيْرَ عَوْرَةٍ) فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ أَوْ خِيفَ مِنْهُ الْفِتْنَةُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فَيَنْظُرُ الرَّجُلُ مِنْ الْحُرَّةِ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَمِمَّنْ بِهَا رِقٌّ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْأَمَةِ وَقَالَ أَنَّهُ مَفْهُومُ كَلَامِهِمْ وَهُمَا يَنْظُرَانِهِ مِنْهُ فَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ كَغَيْرِهِ بِالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ «بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُغِيرَةِ وَقَدْ خَطَبَ امْرَأَةً: اُنْظُرْ إلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا» أَيْ أَنْ تَدُومَ بَيْنَكُمَا الْمَوَدَّةُ وَالْأُلْفَةُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَقِيسَ بِمَا فِيهِ عَكْسُهُ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَصْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ قَبْلَهُ
ــ
[حاشية الجمل]
إلَخْ) إضْرَابٌ إبْطَالِيٌّ لِمَا يَقْتَضِيهِ مَا قَبْلَهُ مِنْ خِلَافِ الْأَوْلَى اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بَلْ تُكْرَهُ بِنْتُ الزِّنَا وَبِنْتُ الْفَاسِقِ) أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُعَيَّرُ بِهَا لِدَنَاءَةِ أَصْلِهَا وَرُبَّمَا اكْتَسَبَ مِنْ طِبَاعِ أَبِيهَا اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: غَيْرُ ذَاتِ قَرَابَةٍ قَرِيبَةٍ) الْمُرَادُ بِالْقَرَابَةِ مَنْ هِيَ فِي أَوَّلِ دَرَجَاتِ الخئولة أَوْ الْعُمُومَةِ فَلَا يَرِدُ تَزْوِيجُ عَلِيٍّ قَوْله تَعَالَى لِفَاطِمَةَ؛ لِأَنَّهَا بِنْتُ ابْنِ عَمٍّ فَهِيَ بَعِيدَةٌ وَنِكَاحُهَا أَوْلَى مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ لِانْتِفَاءِ ذَلِكَ الْمَعْنَى مَعَ حُنُوِّ الدَّمِ وَتَزَوُّجُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِزَيْنَبِ بِنْتِ جَحْشٍ مَعَ كَوْنِهَا بِنْتَ عَمَّتِهِ لِمَصْلَحَةٍ هِيَ حِلُّ نِكَاحِ زَوْجَةِ الْمُتَبَنَّى وَتَزْوِيجُهُ زَيْنَبَ بِنْتَه لِأَبِي الْعَاصِ مَعَ أَنَّهَا بِنْتُ خَالَتِهِ بِتَقْدِيرِ وُقُوعِهِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَاقِعَةُ حَالٍ فِعْلِيَّةٍ اهـ. شَرْحُ م ر بِتَصَرُّفٍ.
(قَوْلُهُ: وَالْبَعِيدَةُ أَوْلَى مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ) قَالُوا لِأَنَّ مَقْصُودَ النِّكَاحِ اتِّصَالُ الْقَبَائِلِ لِأَجْلِ اجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ وَهَذَا مَفْقُودٌ فِي نِكَاحِ الْقَرِيبَةِ؛ لِأَنَّ الِاتِّصَالَ فِيهَا مَوْجُودٌ وَالْأَجْنَبِيَّةُ لَيْسَتْ مِنْ قَبَائِلِهِ حَتَّى يَطْلُبَ اتِّصَالَهَا اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: الْحُمْقُ) فِي الْمِصْبَاحِ الْحُمْقُ فَسَادٌ فِي الْعَقْلِ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَحَمِقَ يَحْمَقُ مِنْ بَابِ تَعِبَ وَحَمُقَ بِالضَّمِّ فَهُوَ أَحْمَقُ وَالْأُنْثَى حَمْقَاءُ وَالْحَمَاقَةُ اسْمٌ مِنْهُ وَالْجَمْعُ حُمُقُ مِثْلُ أَحْمَرُ وَحَمْرَاءَ وَحُمُرُ اهـ. (قَوْلُهُ: الْأَدْنَيْنَ) هُوَ جَمْعُ الْأَدْنَى عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ} [ص: ٤٧] اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: وَسُنَّ نَظَرُ كُلٍّ لِلْآخَرِ إلَخْ) خَرَجَ بِالْآخِرِ نَحْوُ وَلَدِهَا الْأَمْرَدِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ نَظَرُهُ، وَإِنْ بَلَغَهُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْحُسْنِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ اهـ. حَجّ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَهُنَا) أَيْ فِي مَبْحَثِ نَظَرِ الْمَخْطُوبَةِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فِي مَبْحَثِ نَظَرِ الْأَمْرَدِ نَصُّهَا وَشَرْطُ الْحُرْمَةِ أَنْ لَا تَدْعُوَ إلَى نَظَرِهِ حَاجَةٌ، فَإِنْ دَعَتْ كَمَا لَوْ كَانَ لِلْمَخْطُوبَةِ نَحْوُ وَلَدٍ أَمْرَدَ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ رُؤْيَتُهَا وَسَمَاعُ وَصْفِهَا جَازَ لَهُ نَظَرُهُ إنْ بَلَغَهُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْحُسْنِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الشَّهْوَةِ وَعَدَمِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ انْتَهَتْ وَكَتَبَ عَلَيْهَا ع ش قَوْلُهُ نَحْوُ وَلَدٍ أَمْرَدَ لَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُشَابَهَةَ فِي الْغَالِبِ إنَّمَا تَقَعُ بَيْنَ نَحْوِ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا وَإِلَّا فَلَوْ بَلَغَهُ اسْتِوَاءُ الْمَرْأَةِ وَشَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ وَتَعَذَّرَتْ رُؤْيَتُهَا فَيَنْبَغِي جَوَازُ النَّظَرِ إلَيْهِ وَفِي سم عَلَى حَجّ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ يَجُوزُ نَظَرُ نَحْوِ أُخْتِهَا لَكِنْ إنْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً فَيَنْبَغِي امْتِنَاعُ نَظَرِهَا بِغَيْرِ رِضَا زَوْجِهَا أَوْ ظَنِّ رِضَاهُ وَكَذَا بِغَيْرِ رِضَاهَا إنْ كَانَتْ عَزْبَاءَ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَتَهَا وَمَصْلَحَةَ زَوْجِهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَصْلَحَةِ هَذَا الْخَاطِبِ اهـ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِأَمْنِ الْفِتْنَةِ وَعَدَمِ الشَّهْوَةِ، وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ فِي الْمَخْطُوبَةِ نَفْسِهَا اهـ. وَقَوْلُهُ وَسَمَاعُ وَصْفِهَا قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ إرْسَالَ امْرَأَةٍ تَنْظُرُهَا لَهُ وَتَصِفُهَا لَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ، فَإِنَّ الْخَبَرَ لَيْسَ كَالْمُعَايَنَةِ فَقَدْ يُدْرِكُ النَّاظِرُ مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ مَا تَقْصُرُ الْعِبَارَةُ عَنْهُ اهـ.
وَقَوْلُهُ جَازَ لَهُ نَظَرُهُ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ رُؤْيَةِ الْأَمْرَدِ رِضَاهُ وَلَا رِضَا وَلِيِّهِ وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظَرِ أُخْتِ الزَّوْجَةِ بِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ فِي نَظَرِ الْأَمْرَدِ مَا لَا يُتَسَامَحُ بِهِ فِي نَظَرِ الْمَرْأَةِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْمُعْتَمَدُ جَوَازَ نَظَرِ الْأَمْرَدِ الْجَمِيلِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ اهـ وَقَوْلُهُ وَعَدَمِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ وَلَا يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ النَّظَرِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمَخْطُوبَةَ مَحَلُّ التَّمَتُّعِ فِي الْجُمْلَةِ اهـ خَطِيبٌ (قَوْلُهُ: وَسُنَّ نَظَرُ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ الْمَسُّ فَيُحَرَّمُ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: بَعْدَ قَصْدِهِ نِكَاحَهُ إلَخْ) أَيْ وَقَدْ رَجَا الْإِجَابَةَ رَجَاءً ظَاهِرًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ لَا يَجُوزُ إلَّا عِنْدَ غَلَبَةِ الظَّنِّ الْمُجَوِّزِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِخُلُوِّهَا عَنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ تُحَرِّمُ التَّعْرِيضَ وَإِلَّا فَغَايَةُ النَّظَرِ مَعَ عِلْمِهَا بِهِ كَوْنُهُ كَالتَّعْرِيضِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: قَبْلَ خِطْبَةٍ) فَلَا يُسَنُّ بَعْدَهَا عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا اسْتِحْبَابُهُ فَالتَّقْيِيدُ بِالْقَبَلِيَّةِ لِلْأَوْلَوِيَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
(تَنْبِيهٌ) لَوْ رَأَى امْرَأَتَيْنِ مَعًا مِمَّنْ يَحْرُمُ جَمْعُهُمَا فِي النِّكَاحِ لِتُعْجِبَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا يَتَزَوَّجُهَا جَازَ وَلَا وَجْهَ لِمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ مِنْ الْحُرْمَةِ وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ خَطَبَ خَمْسًا مَعًا حَيْثُ تَحْرُمُ الْخِطْبَةُ حَتَّى يَخْتَارَ شَيْئًا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا م ر وَمِنْهُ نَقَلْت اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهُمَا يَنْظُرَانِهِ مِنْهُ) أَيْ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ. م ر اهـ. سم (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْيَدِ وَالْكَفَّيْنِ) أَيْ لِاقْتِضَاءِ تَعْبِيرِهِ أَنَّهُ لَا يَنْظُرُ مِنْ الْأَمَةِ إلَّا لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَلِمْت اهـ. (قَوْلُهُ: وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ وَاسْتَدَلَّ لِاحْتِمَالِ الْخُصُوصِيَّةِ أَوْ لِعَدَمِ صَرَاحَتِهِ فِيمَا يَنْظُرُهُ مِنْهَا اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَعْنَى يُؤْدَمَ