للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا» (يَتَيَمَّمُ مُحْدِثٌ وَمَأْمُورٌ بِغُسْلٍ) ، وَلَوْ مَسْنُونًا (لِلْعَجْزِ) عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ يَتَيَمَّمُ الْمُحْدِثُ وَالْجُنُبُ لِأَسْبَابٍ (وَأَسْبَابُهُ) أَيْ الْعَجْزُ ثَلَاثَةٌ أَحَدُهَا (فَقْدُ مَاءٍ) لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ (فَإِنْ تَيَقَّنَهُ) أَيْ فَقْدَ الْمَاءِ (تَيَمَّمَ بِلَا طَلَبٍ) ، إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ مُسَافِرًا أَمْ لَا وَقَوْلُ الْأَصْلِ، فَإِنْ تَيَقَّنَ الْمُسَافِرُ فَقْدَهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (وَإِلَّا)

ــ

[حاشية الجمل]

كَالْحَجَرِ الصُّلْبِ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْعَامِّ بَلْ مِنْ بَابِ الْمُطْلَقِ كَمَا فِي تَقْيِيدِ الرَّقَبَةِ وَإِطْلَاقِهَا فِي الْكَفَّارَةِ وَبِأَنَّ الْآيَةَ الشَّرِيفَةَ دَالَّةٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: ٦] ، إذْ لَا يُفْهَمُ مِنْ مِنْ إلَّا التَّبْعِيضُ نَحْوُ مَسَحْت الرَّأْسَ مِنْ الدُّهْنِ وَهُوَ الْغُبَارُ وَالْغَالِبُ أَنْ لَا غُبَارَ لِغَيْرِ التُّرَابِ فَتَعَيَّنَ وَجَعْلُ مِنْ لِلِابْتِدَاءِ خِلَافُ الْحَقِّ وَالْحَقُّ أَحَقُّ مِنْ الْمِرَاءِ {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} [الأحزاب: ٤] وَأُجِيبَ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُعْرَفُ مِنْ مَحِلِّهِ اهـ. (قَوْلُهُ وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا) بِفَتْحِ الطَّاءِ مَا يُتَطَهَّرُ بِهِ وَبِضَمِّهَا الْفِعْلُ أَيْ الطُّهْرُ، وَقِيلَ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا كَذَا بِخَطِّ ابْنِ الْمُؤَلِّفِ بِهَامِشِ شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ لِوَالِدِهِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَمَأْمُورٌ بِغُسْلٍ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَمَأْمُورٌ بِطُهْرٍ لِيَشْمَلَ الْغُسْلَ وَالْوُضُوءَ الْمَسْنُونَيْنِ اهـ ع ش وَالْوُضُوءُ الْمَسْنُونُ كَالْمُجَدَّدِ فَيُتَيَمَّمُ عَنْهُ اهـ شَيْخُنَا.

وَفِي سم مَا نَصُّهُ (فَرْعٌ)

وَافَقَ م ر عَلَى أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ، ثُمَّ أَرَادَ صَلَاةً قَبْلَ الْحَدَثِ وَعَدَمِ الْمَاءِ أَوْ تَعَذَّرَ اسْتِعْمَالُهُ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ عَنْ الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ اهـ.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ وَمَأْمُورٌ بِغُسْلٍ أَيْ أَوْ وُضُوءٍ مَسْنُونٍ كَالتَّجْدِيدِ فَلَوْ قَالَ وَمَأْمُورٌ بِطُهْرٍ عَنْ غَيْرِ نَجَسٍ لَكَانَ أَعَمَّ وَأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ وَمَعَ ذَلِكَ يَرِدُ عَلَيْهِ نَحْوُ الْمَيِّتِ وَالْمَجْنُونَةِ إذَا انْقَطَعَ حَيْضُهَا لِيَحِلَّ وَطْؤُهَا وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّوَافِ وَنَحْوِهِ تَأَمَّلْ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ) أَوْلَوِيَّةُ عُمُومٍ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ وَمَأْمُورٌ بِغُسْلٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَالْجُنُبُ وَأَوْلَوِيَّةُ إيهَامٍ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ لِلْعَجْزِ، إذْ قَوْلُ الْأَصْلِ لِأَسْبَابٍ يُوهِمُ أَنَّ السَّبَبَ الْمُبِيحَ لِلتَّيَمُّمِ مُتَعَدِّدٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ سَبَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْعَجْزُ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْعَجْزُ لَهُ أَسْبَابٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَلِهَذَا قَالَ حَجّ (تَنْبِيهٌ)

جَعْلُهُ هَذِهِ أَسْبَابًا نَظَرَ فِيهِ لِلظَّاهِرِ أَنَّهَا الْمُبِيحَةُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمُبِيحَ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ سَبَبٌ وَاحِدٌ هُوَ الْعَجْزُ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا وَتِلْكَ أَسْبَابٌ لِهَذَا الْعَجْزِ اهـ. (قَوْلُهُ فَقْدُ مَاءٍ) أَيْ حِسًّا لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ السَّبَبَيْنِ الْآتِيَيْنِ وَضَابِطُ الْحِسِّيِّ أَنْ يَتَعَذَّرَ اسْتِعْمَالُهُ، وَمِنْ الْحِسِّيِّ مَا لَوْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ عَدُوٌّ أَوْ سَبُعٌ أَوْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ وَخَافَ غَرَقًا لَوْ اسْتَقَاءَ. وَأَمَّا وُجُودُ مَاءٍ مُسَبَّلٍ فَهُوَ مِنْ الْفَقْدِ الشَّرْعِيِّ اهـ شَيْخُنَا لَكِنْ سَيَأْتِي لِلْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْجَلَالِ فِي آخِرِ الْبَابِ مَا نَصُّهُ وَكَالْمَرَضِ حَيْلُولَةٌ نَحْوُ سَبُعٍ أَوْ خَوْفِ رَاكِبِ سَفِينَةٍ فِي الْبَحْرِ مِنْ الْوُقُوعِ فِيهِ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ اهـ. وَأَمَّا وُجُودُ مَاءٍ مُسَبَّلٍ فَهُوَ مِنْ الْفَقْدِ الشَّرْعِيِّ اهـ شَيْخُنَا وَمِمَّا يَنْبَنِي عَلَى كَوْنِ الْفَقْدِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا التَّفْصِيلُ بَيْنَ كَوْنِ الْمَحِلِّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ أَوْ لَا فِي الْحِسِّيِّ وَعَدَمِهِ فِي الشَّرْعِيِّ فَلَا يُعِيدُ فِي السَّبَبِ الشَّرْعِيِّ مُطْلَقًا وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّ الْعَاصِيَ بِسَفَرِهِ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ فِي الْفَقْدِ الشَّرْعِيِّ إلَّا إنْ تَابَ وَيَصِحُّ فِي الْفَقْدِ الْحِسِّيِّ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ مُطْلَقًا اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ فَقْدُ مَاءٍ أَيْ حِسًّا كَأَنْ عُدِمَ مُطْلَقًا أَوْ شَرْعًا كَالْمُسَبَّلِ لِلشُّرْبِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا، وَلَوْ بِحَسَبِ الْعُرْفِ كَالسِّقَايَاتِ الَّتِي عَلَى الطُّرُقِ وَالصَّهَارِيجِ الْمُسَبَّلَةِ لِلشُّرْبِ بِخِلَافِ الْمُسَبَّلَةِ لِلِانْتِفَاعِ، وَمِنْهَا صِهْرِيجُ ابْنِ طُعْمَةَ بِصَحْنِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ، فَإِنَّهُ عُمِّمَ فِي وَقْفِهِ الِانْتِفَاعَ بِهِ حَتَّى غَسْلُ خِرَقِ الْحَيْضِ بِإِرْشَادٍ مِنْ الْعَلَّامَةِ الزِّيَادِيِّ، وَلَوْ تَوَضَّأَ مِنْ صِهْرِيجٍ مُسَبَّلٍ لِلشُّرْبِ صَحَّ وُضُوءُهُ مَعَ الْحُرْمَةِ كَمَا فِي الْمَاءِ الْمَغْصُوبِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ السِّقَايَةِ وَالصِّهْرِيجِ وَهُوَ كَقِنْدِيلٍ مَوْضِعٌ يَجْتَمِعُ فِيهِ مَاءٌ كَثِيرٌ، وَلَوْ مَرَّ بِأَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ أَوْ مَمْلُوكَةٍ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ بِتُرَابِ كُلٍّ؛ لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِهِ عَادَةً انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَيَقَّنَهُ) أَيْ تَيَقَّنَ الْفَقْدَ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي يَجِبُ طَلَبُهُ مِنْهُ وَهُوَ حَدُّ الْغَوْثِ أَوْ الْقُرْبِ، وَإِنْ عَلِمَهُ فِي غَيْرِهِ وَكَانَ الْمُنَاسِبَ، فَإِنْ تَيَقَّنَاهُ أَيْ الْمُحْدِثُ وَالْمَأْمُورُ بِالْغُسْلِ وَيُمْكِنُ التَّأْوِيلُ فِي مَرْجِعِ الضَّمِيرِ بِأَنْ يُرَادَ بِهِ مَنْ ذُكِرَ الشَّامِلُ لِلْقِسْمَيْنِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ بِلَا طَلَبٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ لَا) وَقَوْلُهُ إنْ أَمِنَ مَعَ مَا يَأْتِي إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ صَنِيعَهُ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُقِيمَ إذَا جُوِّزَ وُجُودُ الْمَاءِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ طَلَبُهُ إلَّا إنْ أَمِنَ مَا ذُكِرَ الَّذِي مِنْهُ الْوَقْتُ وَفِيهِ بُعْدٌ، فَإِنَّ الْمُقِيمَ يَجِبُ عَلَيْهِ الطَّلَبُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ التَّجْوِيزِ أَيْ فِيمَا إذَا ظَنَّ أَوْ شَكَّ أَوْ تَوَهَّمَ، وَإِنْ خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا وَاضِحٌ عِنْدَ التَّيَقُّنِ دُونَ غَيْرِهِ هَذَا وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ لَا خَاصًّا بِمُتَيَقَّنِ الْفَقْدِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ فَاعِلُ طَلَبَهُ الْمُسَافِرَ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ مِنْ رَحْلِهِ وَرُفْقَتِهِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>