إذْ يَتَعَلَّقُ بِهِ الطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ وَغَيْرُهَا فَلَا يَنْدَفِعُ بِالْأَضْعَفِ بَلْ يَدْفَعُهُ
(وَ) يَحِلُّ (لِحُرٍّ أَرْبَعٌ) فَقَطْ لِآيَةِ {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣] «وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغَيْلَانَ وَقَدْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمَا وَصَحَّحُوهُ (وَلِغَيْرِهِ) عَبْدًا كَانَ أَوْ مُبَعَّضًا فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْعَبْدِ (ثِنْتَانِ) فَقَطْ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَنْكِحُ أَكْثَرَ مِنْهُمَا وَمِثْلُهُ الْمُبَعَّضُ وَلِأَنَّهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ قَدْ تَتَعَيَّنُ الْوَاحِدَةُ لِلْحُرِّ وَذَلِكَ فِي سَفِيهٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَتَوَقَّفُ نِكَاحُهُ عَلَى الْحَاجَةِ (فَلَوْ زَادَ) مَنْ ذُكِرَ بِأَنَّ زَادَ حُرٌّ عَلَى أَرْبَعٍ وَغَيْرُهُ عَلَى ثِنْتَيْنِ (فِي عَقْدٍ) وَاحِدٍ (بَطَلَ) الْعَقْدُ فِي الْجَمِيعِ إذْ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ وَلَا أَوْلَوِيَّةَ لِإِحْدَاهُنَّ عَلَى الْبَاقِيَاتِ نَعَمْ إنْ كَانَ فِيهِنَّ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهُ كَأُخْتَيْنِ وَهُنَّ خَمْسٌ أَوْ سِتٌّ فِي حُرٍّ أَوْ ثَلَاثٌ أَوْ أَرْبَعٌ فِي غَيْرِهِ اخْتَصَّ الْبُطْلَانُ بِهِمَا (أَوْ) فِي (عَقْدَيْنِ فَكَمَا مَرَّ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ أُخْتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ وَبِزَادَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ نَكَحَ خَمْسًا مَعًا بَطَلْنَ أَوْ مُرَتَّبًا فَالْخَامِسَةُ (وَتَحِلُّ نَحْوُ أُخْتٍ) كَخَالَةٍ (وَزَائِدَةٍ) هِيَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَخَامِسَةٌ وَالتَّصْرِيحُ بِنَحْوِ مِنْ زِيَادَتِي (فِي عِدَّةِ بَائِنٍ) لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ لَا فِي عِدَّةِ رَجْعِيَّةٍ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ
(وَإِذَا طَلَّقَ حُرٌّ ثَلَاثًا أَوْ غَيْرُهُ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ الْعَبْدُ (ثِنْتَيْنِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَغِيبَ بِقُبُلِهَا مَعَ افْتِضَاضٍ) لِبِكْرٍ
ــ
[حاشية الجمل]
لِكَوْنِ فِرَاشِ النِّكَاحِ أَقْوَى مِنْ فِرَاشِ الْمِلْكِ فَلَا تَنَافِيَ اهـ م ر (قَوْلُهُ إذْ يَتَعَلَّقُ بِهِ إلَخْ) وَجْهُ دَلَالَةِ هَذَا عَلَى الْقُوَّةِ أَنَّهُ يَقْتَضِي زِيَادَةَ اعْتِنَاءِ الشَّارِعِ بِفِرَاشِ النِّكَاحِ وَاعْتِنَاؤُهُ الزَّائِدُ يَدُلُّ عَلَى قُوَّتِهِ اهـ (قَوْلُهُ وَغَيْرِهَا) مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ لُحُوقُ الْوَلَدِ فِيهِ بِالْإِمْكَانِ وَلَا يُجَامِعُهُ الْحِلُّ لِلْغَيْرِ بِخِلَافِ مِلْكِ الْيَمِينِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ فَلَا يَنْدَفِعُ) أَيْ النِّكَاحُ بِمَعْنَى إبَاحَتِهِ بِالْأَضْعَفِ وَهُوَ إبَاحَةُ الْمِلْكِ وَقَوْلُهُ بَلْ يَدْفَعُهُ أَيْ يَدْفَعُ النِّكَاحَ أَيْ إبَاحَتَهُ الْأَضْعَفُ وَهُوَ الْإِبَاحَةُ بِالْمِلْكِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ أَقْوَى
(قَوْلُهُ وَيَحِلُّ لِحُرٍّ أَرْبَعٌ) وَقَدْ تَتَعَيَّنُ الْوَاحِدَةُ لِلْحُرِّ وَذَلِكَ فِي كُلِّ نِكَاحٍ تَوَقَّفَ عَلَى الْحَاجَةِ كَالسَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ وَالْحُرِّ النَّاكِحِ لِلْأَمَةِ وَقَدْ لَا يَنْحَصِرُ كَمَنْصِبِ النُّبُوَّةِ فَالْأَحْوَالُ ثَلَاثَةٌ.
(فَائِدَةٌ) قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ كَانَ فِي شَرِيعَةِ مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ تَغْلِيبًا لِمَصْلَحَةِ الرِّجَالِ وَفِي شَرِيعَةِ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا يَتَزَوَّجُ غَيْرَ وَاحِدَةٍ تَغْلِيبًا لِمَصْلَحَةِ النِّسَاءِ فَرَاعَتْ هَذِهِ الشَّرِيعَةُ أَيْ شَرِيعَةُ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَصْلَحَةَ النَّوْعَيْنِ بِالْعَدَدِ الْمَخْصُوصِ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ قِيلَ مَا الْحِكْمَةُ فِي رِعَايَةِ شَرِيعَةِ سَيِّدِنَا مُوسَى لِلرِّجَالِ وَشَرِيعَةِ سَيِّدِنَا عِيسَى لِلنِّسَاءِ قُلْت يُحْتَمَلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ فِرْعَوْنَ لَمَّا ذَبَحَ الْأَبْنَاءَ وَاسْتَضْعَفَ الرِّجَالَ نَاسَبَ أَنْ يُعَامِلَهُمْ سَيِّدُنَا مُوسَى بِالرِّعَايَةِ عَلَى خِلَافِ فِعْلِ ذَلِكَ الْجَبَّارِ بِهِمْ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِنَا عِيسَى فِي الرِّجَالِ أَبٌ وَكَانَ أَصْلُهُ امْرَأَةً نَاسَبَ أَنْ يُرَاعِيَ جِنْسَ أَصْلِهِ وَرِعَايَةً لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَا نَصُّهُ وَقَدْ اعْتَدَلَتْ شَرِيعَةُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرِعَايَةِ مَصْلَحَةِ الْفَرِيقَيْنِ وَحِكْمَةُ تَخْصِيصِ الْأَرْبَعِ كَمَا قِيلَ إنَّ غَالِبَ أُمُورِ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّثْلِيثِ وَتَرْكِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ كَمَا فِي الطَّهَارَاتِ وَإِمْهَالِ مُدَّةِ الشَّرْعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَوْ زِيدَ هُنَا عَلَى الْأَرْبَعِ لَكَانَتْ نَوْبَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ لَا تَعُودُ إلَّا بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ لَيَالٍ وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا مَرَّ وَقِيلَ الْحِكْمَةُ مُرَاعَاةُ الْأَخْلَاطِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْإِنْسَانِ الْمُتَوَلِّدِ عَنْهَا أَنْوَاعُ الشَّهْوَةِ وَرَدَّ بَعْضُهُمْ هَذِهِ بِعَدَمِ اعْتِبَارِهَا فِي الرَّقِيقِ مَعَ تَمَامِ الْأَخْلَاطِ فِيهِ اهـ (قَوْلُهُ لِآيَةِ فَانْكِحُوا إلَخْ) فَقَوْلُهُ فِيهَا مَثْنَى أَيْ اثْنَيْنِ وَثُلَاثَ أَيْ ثَلَاثَةً وَرُبَاعَ أَيْ أَرْبَعَةً وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُبَاحَ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ لَا مَجْمُوعُهَا الَّذِي هُوَ تِسْعَةٌ وَلَا اثْنَانِ مِنْهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِمَثْنَى اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ مُكَرَّرًا وَهَكَذَا الْبَقِيَّةُ كَمَا اسْتَنَدَ لَهُ بَعْضُ الْمَلَاحِدَةِ فَجَوَّزَ لَهُ ثَمَانِيَةَ عَشْرَ امْرَأَةً فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مَدْفُوعٌ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ أَمْسِكْ إلَخْ فَإِنَّ فِيهِ مَنْعَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ فِي الدَّوَامِ فَفِي الِابْتِدَاءِ أَوْلَى وَتَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ) وَإِذَا امْتَنَعَ ذَلِكَ فِي الدَّوَامِ فَلَأَنْ يَمْتَنِعَ فِي الِابْتِدَاءِ بِالْأَوْلَى وَهَذَا الْحَدِيثُ مُعَيَّنٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْآيَةِ وَهُوَ أَنْ يَنْكِحَ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً وَلَا يَجْمَعُ وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ قَدْ تَتَعَيَّنُ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهِ تَقْيِيدُ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلِحُرٍّ أَرْبَعٌ أَيْ إنْ كَانَ رَشِيدًا عَاقِلًا اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ لِلْحُرِّ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ وَلِلْعَبْدِ لِيَكُونَ تَقْيِيدًا أَيْضًا لِقَوْلِهِ وَلِغَيْرِهِ ثِنْتَانِ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا قَدْ تَتَعَيَّنُ لَهُ فِيمَا إذَا قَصَرَ السَّيِّدُ إذْنَهُ عَلَى وَاحِدَةٍ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَذَلِكَ فِي سَفِيهٍ وَنَحْوِهِ) كَالْمَجْنُونِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقَدْ تَتَعَيَّنُ الْوَاحِدَةُ كَمَا مَرَّ فِي نِكَاحِ السَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ اخْتَصَّ الْبُطْلَانُ بِهِمَا) لِوُجُودِ الْمُرَجِّحِ لِأَنَّهُمَا أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ لِعَدَمِ جَوَازِ جَمْعِهِمَا (قَوْلُهُ أَوْ فِي عَقْدَيْنِ) كَأَنْ عَقَدَ عَلَى قَدْرِ الْجَائِزِ لَهُ فِي عَقْدٍ وَعَلَى الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ فِي عَقْدٍ آخَرَ اهـ سم (قَوْلُهُ فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَوْ عَقْدَيْنِ فَكَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ أَيْ أَوْلَوِيَّةُ عُمُومٍ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ فَإِنْ نَكَحَ خَمْسًا لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ زِيَادَةَ الرَّقِيقِ عَلَى اثْنَيْنِ وَلَا زِيَادَةَ الْحُرِّ عَلَى خَمْسَةٍ وَأَوْلَوِيَّةُ إيهَامٍ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ أَوْ مُرَتَّبًا فَالْخَامِسَةُ وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ يَصْدُقُ بِمَا إذَا عُلِمَ سَبْقٌ دُونَ عَيْنِ السَّابِقِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَبْطُلُ الْجَمِيعُ أَيْ فَكَلَامُ الْأَصْلِ يُوهِمُ أَنَّ الَّذِي يَبْطُلُ الْخَامِسَةُ فَقَطْ عَلَى أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا خَامِسَةَ تُعْلَمُ حَتَّى يُقَالَ بَطَلَتْ الْخَامِسَةُ (قَوْلُهُ فِي عِدَّةِ بَائِنٍ) أَيْ بَيْنُونَةٍ صُغْرَى أَوْ كُبْرَى
(قَوْلُهُ وَإِذَا طَلَّقَ حُرٌّ ثَلَاثًا) أَيْ وَلَوْ لِزَوْجَتِهِ الْأَمَةِ فَلَوْ اشْتَرَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَحِلَّ لَهُ إلَّا بِمُحَلِّلٍ اهـ ح ل (قَوْلُهُ حَتَّى تَغِيبَ) كَذَا فِي الْأَصْلِ قِيلَ يَنْبَغِي فَتْحُ أَوَّلِهِ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ أَوْ انْتَفَى قَصْدُهُمَا وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَمَّا لَوْ ضُمَّ وَبُنِيَ لِلْفَاعِلِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ بِتَحْتِيَّةٍ أَوْهَمَ اشْتِرَاطَ فِعْلِهِ أَوْ فَوْقِيَّةٍ أَوْهَمَ اشْتِرَاطَ فِعْلِهَا اهـ تُحْفَةٌ اهـ