للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ الِاخْتِصَارِ وَهُوَ تَقْلِيلُ اللَّفْظِ وَتَكْثِيرُ الْمَعْنَى (فِي الْفِقْهِ) وَهُوَ لُغَةً الْفَهْمُ وَاصْطِلَاحًا الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ الْمُكْتَسَبِ مِنْ أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّةِ وَمَوْضُوعُهُ أَفْعَالُ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ حَيْثُ عُرُوضُ الْأَحْكَامِ لَهَا وَاسْتِمْدَادُهُ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ

ــ

[حاشية الجمل]

وَخُصُوصِ كَوْنِهِ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَلِمَدْحِ عُمُومِ الْفِقْهِ وَخُصُوصِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ قَدْ يَكُونُ فِي غَيْرِ الْفِقْهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ مِنْ الِاخْتِصَارِ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمَزِيدِ فِيهِ فَالْأَخْذُ مِنْهُ لَيْسَ مِنْ الِاشْتِقَاقِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ الْمُرَادِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ فِي الْفِقْهِ) فِي هَذِهِ الظَّرْفِيَّةِ إشْكَالٌ حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَنْهَجَ كَغَيْرِهِ مِنْ أَسْمَاءِ الْكُتُبِ اسْمٌ لِلْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ بِاعْتِبَارِ دَلَالَتِهَا عَلَى الْمَعَانِي الْمَخْصُوصَةِ وَالْفِقْهُ كَغَيْرِهِ مِنْ أَسْمَاءِ الْعُلُومِ اسْمٌ لِلْمَلَكَةِ أَوْ الْإِدْرَاكِ أَوْ الْمَسَائِلِ عَلَى مَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ وَلَا مَعْنَى لِظَرْفِيَّةِ نَحْوِ الْمَسَائِلِ لِلْأَلْفَاظِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِوُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّ فِي بِمَعْنَى عَلَى فَهُوَ مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْمَدْلُولِ لِلدَّالِّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ فِي الْفِقْهِ) أَيْضًا صِفَةٌ أُولَى لِمُخْتَصَرٍ وَقَوْلُهُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لَهُ وَقَوْلُهُ اخْتَصَرْت فِيهِ صِفَةٌ ثَالِثَةٌ وَقَوْلُهُ وَضَمَمْت إلَيْهِ صِفَةٌ رَابِعَةٌ وَقَوْلُهُ وَحَذَفْت مِنْهُ الْخِلَافَ صِفَةٌ خَامِسَةٌ وَقَوْلُهُ وَسَمَّيْتُهُ صِفَةٌ سَادِسَةٌ فَقَدْ وَصَفَ الشَّيْخُ مُخْتَصَرَهُ بِسِتِّ صِفَاتٍ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَهُوَ لُغَةً الْفَهْمُ) وَهُوَ إرْسَامُ صُورَةٍ مَا فِي الْخَارِجِ فِي الذِّهْنِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ إدْرَاكُ الشَّيْءِ وَقِيلَ: هَيْئَةٌ لِلنَّفْسِ تَتَحَقَّقُ بِهَا مَعَانِي مَا يُحَسُّ اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الْمُغْنِي لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ هُوَ لُغَةً الْفَهْمُ) أَيْضًا قَالَ النَّوَوِيُّ يُقَالُ: فَقِهَ يَفْقَهُ فَقَهًا كَفَرِحَ يَفْرَحُ فَرَحًا وَقِيلَ: فِقْهًا بِسُكُونِ الْقَافِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ مَعَ فَتْحِ الْفَاءِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّاعِ وَغَيْرُهُ: فَقِهَ بِالْكَسْرِ إذَا فَهِمَ وَفَقُهَ بِالضَّمِّ إذَا صَارَ الْفِقْهُ لَهُ سَجِيَّةً وَفَقَهَ بِالْفَتْحِ إذَا سَبَقَ غَيْرَهُ إلَى الْفَهْمِ اهـ مَلَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَاصْطِلَاحًا الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ إلَخْ) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْ مَبَادِئِ هَذَا الْعِلْمِ خَمْسَةً: حَدَّهُ وَمَوْضُوعَهُ وَاسْتِمْدَادَهُ وَفَائِدَتُهُ وَاسْمَهُ وَقَدْ أَوْصَلَهَا السُّيُوطِيّ فِي بَعْضِ مُؤَلَّفَاتِهِ إلَى أَحَدَ عَشَرَ فَقَالَ (السَّادِسُ) وَاضِعُهُ وَهُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ النُّعْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (السَّابِعُ) حُكْمُهُ وَهُوَ الْوُجُوبُ الْعَيْنِيُّ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ بِقَدْرِ مَا يَعْرِفُ تَصْحِيحَ عِبَادَاتِهِ فَإِنْ زَادَ عَنْ ذَلِكَ صَارَ وَاجِبًا كِفَائِيًّا إلَى بُلُوغِ دَرَجَةِ الْإِفْتَاءِ فَإِنْ زَادَ عَنْ ذَلِكَ إلَى أَنْ بَلَغَ دَرَجَةَ الِاجْتِهَادِ صَارَ مَنْدُوبًا.

(الثَّامِنُ) مَسَائِلُهُ وَهِيَ قَضَايَاهُ الَّتِي تُطْلَبُ نِسْبَةُ مَحْمُولَاتِهَا إلَى مَوْضُوعَاتِهَا كَقَوْلِنَا فُرُوضُ الْوُضُوءِ عِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ سِتَّةُ أَشْيَاءَ (التَّاسِعُ) فَضْلُهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْعُلُومِ فَهُوَ أَفْضَلُهَا لِأَنَّ بِهِ يُعْرَفُ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ وَالصَّحِيحُ وَالْفَاسِدُ وَغَيْرُهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ (الْعَاشِرُ) نِسْبَتُهُ إلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَأَنَّهُ يَعْصِمُ الْمُكَلَّفُ عَنْ الْخَطَأِ فِي فِعْلِهِ (الْحَادِيَ عَشَرَ) غَايَتُهُ وَهِيَ الْفَوْزُ بِسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ اهـ وَهَذَا الْأَخِيرُ أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ الْمُحَصِّلَانِ لِلْفَوَائِدِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْأُخْرَوِيَّةِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِي الشَّارِحِ سِتَّةٌ مِنْ الْأَحَدَ عَشَرَ.

(قَوْلُهُ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ) الْمُرَادُ بِالْعِلْمِ هُنَا الظَّنُّ وَأَلْ فِي الْأَحْكَامِ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَالْمُرَادُ بِالظَّنِّ مَلَكَتُهُ أَيْ الْمَلَكَةُ الَّتِي يَقْتَدِرُ بِهَا عَلَى ظَنِّ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ فَهُوَ مَجَازٌ مَبْنِيٌّ عَلَى مَجَازٍ وَالْمُرَادُ بِالْأَحْكَامِ النِّسَبُ التَّامَّةُ أَيْ الْفِقْهُ الْعِلْمُ بِجَمِيعِ النِّسَبِ التَّامَّةِ وَخَرَجَ بِالْأَحْكَامِ الْعِلْمُ بِغَيْرِهَا مِنْ الذَّوَاتِ وَالصِّفَاتِ كَتَصَوُّرِ الْإِنْسَانِ وَالْبَيَاضِ وَقَوْلُهُ الشَّرْعِيَّةِ أَيْ الْمَأْخُوذِ مِنْ الشَّرْعِ الْمَبْعُوثِ بِهِ النَّبِيُّ الْكَرِيمُ وَخَرَجَ بِهَا الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْحِسِّيَّةِ كَالْعِلْمِ بِأَنَّ الْوَاحِدَ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ وَأَنَّ النَّارَ مُحْرِقَةٌ وَقَوْلُهُ الْعَمَلِيَّةِ أَيْ الْمُتَعَلِّقَةِ بِكَيْفِيَّةِ عَمَلٍ قَلْبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ كَالْعِلْمِ بِأَنَّ النِّيَّةَ فِي الْوُضُوءِ وَاجِبَةٌ وَأَنَّ الْوِتْرَ مَنْدُوبٌ فَقَوْلُنَا النِّيَّةُ وَاجِبَةٌ مَسْأَلَةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ مَوْضُوعٍ وَمَحْمُولٍ وَنِسْبَةٍ وَالْفِقْهُ اسْمٌ لِلْعِلْمِ بِالنِّسْبَةِ وَهَذِهِ النِّسْبَةُ عَمَلِيَّةٌ أَيْ مُتَعَلِّقَةٌ بِصِفَةِ عَمَلٍ فَالْعَمَلُ هُوَ النِّيَّةُ وَصِفَتُهُ هِيَ الْوُجُوبُ وَهَذِهِ النِّسْبَةُ تَعَلَّقَتْ بِالْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ صِفَةٌ لِلنِّيَّةِ الَّتِي هِيَ الْعَمَلُ وَخَرَجَ بِالْعَمَلِيَّةِ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الْعِلْمِيَّةِ أَيْ الِاعْتِقَادِيَّةِ كَالْعِلْمِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَاحِدٌ وَأَنَّهُ يُرَى فِي الْآخِرَةِ وَقَوْلُهُ الْمُكْتَسِبُ أَيْ ذَلِكَ الْعِلْمُ مِنْ أَدِلَّتِهَا أَيْ أَدِلَّةِ تِلْكَ الْأَحْكَامِ التَّفْصِيلِيَّةِ أَيْ الْمُعَيَّنَةِ أَيْ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُكْمٍ مَخْصُوصٍ وَالِاكْتِسَابُ مِنْهَا لَيْسَ بِالِاسْتِقْلَالِ بَلْ بِوَاسِطَةِ ضَمِّ الْإِجْمَالِيَّةِ إلَيْهَا وَخَرَجَ بِالْمُكْتَسَبِ عِلْمُ اللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَجِبْرِيلَ بِمَا ذُكِرَ وَخَرَجَ بِقَيْدِ التَّفْصِيلِيَّةِ الْعِلْمُ بِذَلِكَ أَيْ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ إلَخْ الْمُكْتَسَبُ لِلْخِلَافِيِّ أَيْ الشَّخْصِ الَّذِي نَصَبَ نَفْسَهُ لِلْخِلَافِ وَالْجِدَالِ لِيَذُبَّ عَنْ مَذْهَبِ إمَامِهِ مِنْ الْمُقْتَضِي وَالنَّافِي الْمُثْبِتِ بِهِمَا مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْفَقِيهِ كَالشَّافِعِيِّ لِيَحْفَظَهُ عَنْ إبْطَالِ خَصْمِهِ كَالْحَنَفِيَّةِ.

فَعِلْمُهُ أَيْ الْخِلَافِيِّ مَثَلًا بِوُجُودِ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي وَبِعَدَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>