تَفْوِيتِ بُضْعٍ قَهْرًا كَإِرْضَاعٍ وَرُجُوعِ شُهُودٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِإِشْعَارِهِ بِصِدْقِ رَغْبَةِ بَاذِلِهِ فِي النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي إيجَابِهِ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا مَهْرٌ وَغَيْرُهُ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ الصَّدَاقُ مَا وَجَبَ بِتَسْمِيَتِهِ فِي الْعَقْدِ وَالْمَهْرُ مَا وَجَبَ بِغَيْرِهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: ٤] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُرِيدِ التَّزْوِيجِ «الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (سُنَّ ذِكْرُهُ فِي الْعَقْدِ وَكُرِهَ إخْلَاؤُهُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ ذِكْرِهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُخْلِ نِكَاحًا عَنْهُ وَلِئَلَّا يُشْبِهَ نِكَاحَ الْوَاهِبَةِ نَفْسَهَا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعَمْ لَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ أَمَتَهُ وَلَا كِتَابَةَ لَمْ يُسَنَّ ذِكْرُهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ
ــ
[حاشية الجمل]
الرَّجُلِ وَهُوَ كَثِيرٌ اهـ (قَوْلُهُ قَهْرًا) اُنْظُرْ هَلْ لَهُ مَفْهُومٌ حَتَّى إذَا أَمَرَ الْمُرْضِعَةَ بِالْإِرْضَاعِ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْمَهْرُ أَوْ الْمَعْنَى حَتَّى إنَّ التَّفْوِيتَ لَا يَكُونُ إلَّا قَهْرًا فَلَا مَفْهُومَ لَهُ الظَّاهِرُ الثَّانِي ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ فِي بَابِ الرَّضَاعِ ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا أَمَرَ الْمُرْضِعَةَ بِالْإِرْضَاعِ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي إنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي إرْضَاعِهَا نِصْفُ مَهْرِ مِثْلٍ اهـ ح ل (قَوْلُهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ) أَيْ سُمِّيَ مَا وَجَبَ بِأَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ بِالصَّدَاقِ، وَقَوْلُهُ وَيُقَالُ لَهُ أَيْ لِمَا وَجَبَ بِأَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ أَيْ فَهُوَ مَعَ الصَّدَاقِ مُتَرَادِفَانِ عَلَى مَا وَجَبَ بِأَقْسَامِهِ فَقَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ وَيُقَالُ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا مَهْرٌ وَغَيْرُهُ) وَيُقَالُ فِيهِ صَدَقَةٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَتَثْلِيثِ ثَانِيهِ وَبِضَمِّ أَوَّلِهِ أَوْ فَتْحِهِ مَعَ إسْكَانِ ثَانِيهِ فِيهِمَا وَبِضَمِّهِمَا وَجَمْعُهُ صَدَقَاتٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) عِبَارَتُهُ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا مَهْرٌ وَنِحْلَةٌ بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا وَفَرِيضَةٌ وَأَجْرٌ وَطَوْلٌ وَعُقْرٌ وَعَلِيقَةٌ وَعَطِيَّةٌ وَحِبَاءٌ وَنِكَاحٌ قَالَ تَعَالَى {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا} [النور: ٣٣] اهـ وَفِي الْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْجَلَالِ وَلَهُ أَسْمَاءٌ أُخَرُ وَأَوْصَلَ بَعْضُهُمْ أَسْمَاءَهُ إلَى أَحَدَ عَشَرَ وَنَظَمَهَا بِقَوْلِهِ
صَدَاقٌ وَمَهْرٌ نِحْلَةٌ وَفَرِيضَةٌ ... حِبَاءٌ وَأَجْرٌ ثُمَّ عُقْرٌ عَلَائِقُ
وَطَوْلٌ نِكَاحٌ ثُمَّ خَرْصٌ تَمَامُهَا ... فَفَرْدٌ وَعَشْرٌ عَدُّ ذَاكَ مُوَافِقُ
وَزَادَ بَعْضُهُمْ عَطِيَّةٌ أَيْضًا وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقَالُ فِيهِ صَدَقَةٌ أَيْضًا فَجُمْلَتُهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ اسْمًا وَقَدْ نَظَمْتهَا بِقَوْلِي
أَسْمَاءُ مَهْرٍ مَعَ ثَلَاثَ عَشَرَ ... مَهْرٌ صَدَاقٌ طَوْلٌ خَرْصٌ
أَجْرٌ عَطِيَّةٌ حَبَا عَلَائِقُ نِحْلَةٌ ... فَرِيضَةٌ نِكَاحٌ صَدَقَةٌ عُقْرٌ
انْتَهَى (قَوْلُهُ وَآتُوا النِّسَاءَ) الضَّمِيرُ لِلْأَزْوَاجِ وَقِيلَ لِلْأَوْلِيَاءِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَمَلَّكُونَ الصَّدَاقَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ لِمُرِيدِ التَّزْوِيجِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ أَيْ الزَّوْجُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ إلَّا إزَارَهُ فَقَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْتَمِسْ أَيْ اُطْلُبْ شَيْئًا مِنْ النَّاسِ تَجْعَلُهُ صَدَاقًا وَلَوْ كَانَ مَا تَلْتَمِسُهُ أَيْ تَطْلُبُهُ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ ثُمَّ إنَّهُ تَزَوَّجَ بِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِمُرِيدِ التَّزْوِيجِ هُوَ الزَّوْجُ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ لِمُرِيدِ التَّزَوُّجِ لِأَنَّ مُرِيدَ التَّزْوِيجِ هُوَ الْوَلِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ مُرِيدُ تَزْوِيجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْقِصَّةُ فِي الْبُخَارِيِّ اهـ شَيْخُنَا عَطِيَّةُ وَنَصُّهَا كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ سَهْلٍ قَالَ «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي وَهَبْت نَفْسِي إلَيْك فَسَكَتَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوِّجْنِيهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَك بِهَا حَاجَةٌ فَقَالَ هَلْ عِنْدَك شَيْءٌ تُصْدِقُهَا إيَّاهُ قَالَ مَا عِنْدِي إلَّا إزَارِي فَقَالَ إنْ أَعْطَيْتهَا إيَّاهُ جَلَسْت وَلَا إزَارَ لَك فَالْتَمِسْ شَيْئًا قَالَ لَا أَجِدُ شَيْئًا قَالَ الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ قَالَ لَا أَجِدُ قَالَ فَهَلْ مَعَك شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ قَالَ نَعَمْ سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا قَالَ قَدْ زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ» اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ سُنَّ ذِكْرُهُ فِي الْعَقْدِ إلَخْ) وَسُنَّ أَنْ لَا يَدْخُلَ بِهَا حَتَّى يَدْفَعَ لَهَا مِنْهُ شَيْئًا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَنْقُصَ فِي الْعَقْدِ عَنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ خَالِصَةٍ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يُجَوِّزُ أَقَلَّ مِنْهَا وَتَرْكُ الْمُغَالَاةِ فِيهِ وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمِ فِضَّةٍ أَصَدَقَةُ أَزَوَاجَهُ وَبَنَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِوَى أُمِّ حَبِيبَةَ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ الْفِضَّةِ لِلِاتِّبَاعِ وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي خُطْبَتِهِ لَا تُغَالُوا بِصَدَاقِ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ كَانَ أَوْلَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ لَا تُغَالُوا بِصَدَاقِ النِّسَاءِ أَيْ بِأَنْ تُشَدِّدُوا عَلَى الْأَزْوَاجِ بِطَلَبِ الزِّيَادَةِ عَلَى مَهْرِ أَمْثَالِهِنَّ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ سُنَّ ذِكْرُهُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا ذَكَرَهُ كَانَ هُنَاكَ عَقْدَانِ عَقْدُ صَدَاقٍ تَابِعٌ وَعَقْدُ نِكَاحٍ مَتْبُوعٌ وَيَلْزَمُ مِنْ فَسَادِ الْمَتْبُوعِ فَسَادُ التَّابِعِ وَلَا عَكْسَ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَلِيلُ السَّنِّ، وَقَوْلُهُ وَلِئَلَّا يُشْبِهَ إلَخْ دَلِيلٌ لِلْكَرَاهَةِ أَيْ وَذَلِكَ يُنَافِي الْخُصُوصِيَّةَ اهـ ح ل لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اخْتَصَّ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ النِّكَاحُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ فَإِذَا وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ بِصِيغَةِ الْهِبَةِ حَلَّتْ لَهُ وَاخْتَلَفُوا هَلْ يُشْتَرَطُ مِنْ جَانِبِهِ هُوَ صِيغَةٌ أَوْ يَكْفِي فِي الْحِلِّ مُجَرَّدُ إرَادَتِهِ لَهَا وَعَلَى الْأَوَّلِ قِيلَ يُشْتَرَطُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute