(وَلَوْ وَهَبَتْهُ) وَقَبَضَتْهُ (النِّصْفَ فَلَهُ نِصْفُ الْبَاقِي وَرُبُعُ بَدَلِ كُلِّهِ) ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ وَرَدَتْ عَلَى مُطْلَقِ النِّصْفِ فَيَشِيعُ فِيمَا أَخْرَجَتْهُ وَمَا أَبْقَتْهُ.
(وَلَوْ كَانَ) الصَّدَاقُ (دَيْنًا فَأَبْرَأَتْهُ) مِنْهُ، وَلَوْ بِهِبَتِهِ لَهُ، ثُمَّ فَارَقَ قَبْلَ وَطْءٍ (لَمْ يَرْجِعْ) عَلَيْهَا بِشَيْءٍ بِخِلَافِ هِبَةِ الْعَيْنِ
ــ
[حاشية الجمل]
وَعَائِدٌ كَزَائِلٍ لَمْ يُعَدْ ... فِي فَلَسٍ مَعَ هِبَةٍ لِلْوَلَدْ
فِي الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ وَالصَّدَاقْ ... بِعَكْسِ ذَاكَ الْحُكْمِ بِاتِّفَاقْ
اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ فَلَهُ نِصْفُ الْبَاقِي) ، وَهُوَ الرُّبُعُ وَرُبُعُ بَدَلِهِ كُلِّهِ فَيُقَوِّمُهُ كُلَّهُ وَيَأْخُذُ رُبُعَ بَدَلِهِ.
وَقَوْلُهُ فَيَشِيعُ فِيمَا أَخْرَجَتْهُ أَيْ فِيمَا وَهَبَتْهُ، وَهَذَا قَوْلُ الْإِشَاعَةِ وَرَجَّحُوهُ عَلَى قَوْلِ الْحَصْرِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَأْخُذُ النِّصْفَ الْبَاقِيَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ النِّصْفَ بِالطَّلَاقِ، وَقَدْ وَجَدَهُ فَانْحَصَرَ حَقُّهُ فِيهِ وَقِيلَ يُخَيَّرُ بَيْنَ بَدَلِ نِصْفِهِ كُلِّهِ أَوْ نِصْفِ الْبَاقِي وَرُبُعِ بَدَلِ كُلِّهِ لِئَلَّا يَلْحَقَهُ ضَرَرُ التَّشْطِيرِ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ قَالَ الشَّيْخُ حَجّ مَا صَحَّحُوهُ هُنَا مِنْ الْإِشَاعَةِ هُوَ مِنْ جُزَيْئَاتِ قَاعِدَةِ الْحَصْرِ وَالْإِشَاعَةِ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ فَرَاجِعْهُ اهـ ح ل وَعِبَارَتُهُ.
(تَنْبِيهٌ) مَا صَحَّحُوهُ هُنَا مِنْ الْإِشَاعَةِ هُوَ مِنْ جُزَيْئَاتِ قَاعِدَةِ الْحَصْرِ وَالْإِشَاعَةِ وَهِيَ قَاعِدَةٌ مُهِمَّةٌ تَحْتَاجُ لِمَزِيدِ تَأَمُّلٍ لِدِقَّةِ مَدَارِكِهِمْ الَّتِي حَمَلَتْهُمْ عَلَى تَرْجِيحِ الْحَصْرِ تَارَةً، وَالْإِشَاعَةِ أُخْرَى وَلَمْ أَرَ مَنْ وَجَّهَ ذَلِكَ مَعَ مَسِّ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَيَتَّضِحُ بِذِكْرِ مِثَالٍ لِكُلٍّ مِنْ جُزَيْئَاتِهَا مَعَ تَوْجِيهِهِ بِمَا يَتَّضِحُ بِهِ نَظَائِرُهُ، فَأَقُولُ هِيَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: مَا نَزَّلُوهُ عَلَى الْإِشَاعَةِ قَطْعًا كَأَنْ يَكُونَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ عَشَرَةٌ وَزْنًا فَيُعْطِيَهَا لَهُ عَدًّا فَتَزِيدَ وَاحِدًا فَيَشِيعَ فِي الْكُلِّ وَيَضْمَنَهُ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّ مَنْ طَلَبَ اقْتِرَاضَ أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَوُزِنَ لَهُ أَلْفٌ وَثَلَثُمِائَةٍ غَلَطًا، ثُمَّ ادَّعَى الْمُقْتَرِضُ تَلَفَ الثَّلَثِمِائَةِ بِلَا تَقْصِيرٍ لِكَوْنِ يَدِهِ يَدَ أَمَانَةٍ نَزَّلَهُ مِنْهَا مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ؛ لِأَنَّ جُمْلَةَ الزَّائِدِ أَشْيَعُ فِي الْبَاقِي فَصَارَ الْمَضْمُونُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ خَمْسَةَ أَسْدَاسِهَا وَسُدُسُهَا أَمَانَةً فَالْأَمَانَةُ مِنْ الزَّائِدِ خَمْسُونَ لَا غَيْرُ، وَيُوَجَّهُ الْقَطْعُ بِالْإِشَاعَةِ هُنَا بِأَنَّ الْيَدَ الْمُسْتَوْلِيَةَ عَلَى الزَّائِدِ الْمُبْهَمِ لَا يُمْكِنُ تَخْصِيصُهَا بِبَعْضِهِ لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ إذْ لَا مُقْتَضَى لِلضَّمَانِ أَوْ الْأَمَانَةِ قَبْلَهَا حَتَّى يُحَالَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا هُنَا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّشْطِيرَ وَقَعَ بَعْدَ الْهِبَةِ فَرَفَعَ بَعْضَهَا فَلَزِمَتْ الْإِشَاعَةُ لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ وَكَبَيْعِ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ تُعْلَمُ صِيعَانُهَا فَيُنَزَّلُ عَلَى الْإِشَاعَةِ كَمَا مَرَّ.
لِأَنَّ الْبَعْضِيَّةَ الْمُنْبَثَّةَ فِي الصُّبْرَةِ الَّتِي أَفَادَتْهَا مِنْ ظَاهِرَةٌ فِي ذَلِكَ وَقِيلَ عَلَى الْحَصْرِ حَتَّى لَوْ صَبَّ عَلَيْهَا صُبْرَةً أُخْرَى، ثُمَّ تَلِفَ الْكُلُّ إلَّا صَاعًا تَعَيَّنَ وَكَمَا إذَا أَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِدَيْنٍ فَيَشِيعُ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ إلَّا قَدْرُ حِصَّتِهِ عَمَلًا بِقَضِيَّةِ كَوْنِ الْإِقْرَارِ إخْبَارًا عَمَّا لَزِمَ الْمَيِّتُ فَلَمْ يَلْزَمْهُ مِنْهُ إلَّا بِقَدْرِ إرْثِهِ وَمَا نَزَّلُوهُ عَلَى الْحَصْرِ قَطْعًا كَأَعْطُوهُ عَبْدًا مِنْ رَقِيقِي فَمَاتَ وَمَاتُوا كُلُّهُمْ إلَّا وَاحِدًا تَعَيَّنَتْ الْوَصِيَّةُ فِيهِ أَيْ رِعَايَةً لِغَرَضِ الْمُوصِي مِنْ بَقَاءِ وَصِيَّتِهِ بِحَالِهَا حَيْثُ لَمْ يُعَارِضْهَا شَيْءٌ كَمَا رَاعَوْهُ فِي تَعَيُّنِ مَا عَيَّنَهُ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ مِنْهُ وَفِي صِحَّتِهَا إذَا تَرَدَّدَتْ بَيْنَ مُفْسِدٍ وَمُصَحِّحٍ كَالطَّبْلِ يُحْمَلُ عَلَى الْمُبَاحِ وَعَلَى الْأَصَحِّ كَمَا لَوْ وَكَّلَ شَرِيكَهُ فِي قِنٍّ فِي عِتْقِ نَصِيبِهِ فَقَالَ لَهُ أَعْتَقْت نِصْفَك وَأَطْلَقَ فَيُحْمَلُ عَلَى مِلْكِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الْأَقْوَى فَاحْتَاجَ لِصَارِفٍ وَلَمْ يُوجَدْ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ مَلَكَ نِصْفَ عَبْدٍ وَقَالَ بِعْتُك نِصْفَ هَذَا اخْتَصَّ بِمِلْكِهِ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِنِصْفِ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ يَنْحَصِرُ فِي حِصَّتِهِ كَمَا مَرَّ قُبَيْلَ فَصْلِ النَّسَبِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَرُبُعُ بَدَلِ كُلِّهِ) وَفِي قَوْلٍ لَهُ النِّصْفُ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ النِّصْفَ بِالطَّلَاقِ، وَقَدْ وَجَدَهُ فَانْحَصَرَ حَقُّهُ فِيهِ وَمِنْ ثَمَّ سُمِّيَ هَذَا قَوْلَ الْحَصْرِ اهـ شَرْحُ م ر وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ الْإِشَاعَةِ. (قَوْلُهُ فَيَشِيعُ إلَخْ) إنْ كَانَ ضَمِيرُهُ عَائِدًا لِمُطْلَقِ النِّصْفِ لَمْ يَظْهَرْ مَعْنَاهُ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ، وَإِنْ كَانَ عَائِدًا إلَى حَقِّ الزَّوْجِ فَيُتَأَمَّلْ هَذَا التَّفْرِيعُ وَيُتَأَمَّلْ أَيْضًا مَعْنَى الْمُفَرَّعِ تَأَمَّلْ هَذَا الْمَحَلَّ بِإِنْصَافٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الصَّدَاقُ دَيْنًا إلَخْ) شَمِلَ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ مَا لَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الصَّدَاقِ كَأَنْ أَصْدَقَهَا مِائَةً، ثُمَّ قَالَ قَبْلَ الْوَطْءِ إنْ أَبْرَأْتِينِي مِنْهَا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ فَيَقَعُ بَائِنًا وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا كَمَا تَقَرَّرَ كَذَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا، ثُمَّ رَدَّ فَتْوَى الْحَضْرَمِيِّ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَابْنُ عُجَيْلٍ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ فَانْظُرْهُ.
(فَرْعٌ) قَالَ بِرّ، وَلَوْ كَانَ دَيْنًا فَقَبَضَتْهُ، ثُمَّ وَهَبَتْهُ فَهُوَ كَالْمُعَيَّنِ ابْتِدَاءً اهـ سم. (قَوْلُهُ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ كُلِّهِ أَمَّا إذَا أَبْرَأَتْهُ مِنْ النِّصْفِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَهَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ نِصْفُ الْبَاقِي أَمْ يَلْزَمُهُ لَهَا الْبَاقِي فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْهُ فَيَكُونُ مَا أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ مَحْسُوبًا عَنْ حَقِّهِ كَأَنَّهَا عَجَّلَتْهُ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا الثَّانِي اهـ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ، وَلَوْ بِهِبَتِهِ لَهُ) وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولٌ لِهَذِهِ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّهَا إبْرَاءٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا كَمَا لَوْ شَهِدَا بِدَيْنٍ وَحَكَمَ بِهِ، ثُمَّ أَبْرَأَ مِنْهُ الْمَحْكُومَ لَهُ، ثُمَّ