يُرَاجِعَهَا وَيَطْلُبَهَا وَلَهَا تَمْكِينُهُ إنْ ظَنَّتْ صِدْقَهُ بِقَرِينَةٍ، وَإِنْ ظَنَّتْ كَذِبَهُ فَلَا وَإِنْ اسْتَوَى الْأَمْرُ إنْ كُرِهَ لَهَا تَمْكِينُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَهُ الطَّلَبُ وَعَلَيْهَا الْهَرَبُ.
(وَ) دُيِّنَ (مَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت إنْ دَخَلْت) الدَّارَ مَثَلًا (أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ) أَيْ طَلَاقَك بِخِلَافِ إنْ شَاءَ اللَّهُ؛ لِأَنَّهُ يَرْفَعُ حُكْمَ الطَّلَاقِ وَمَا قَبْلَهُ يُخَصِّصُهُ بِحَالٍ دُونَ
ــ
[حاشية الجمل]
شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلَهَا تَمْكِينُهُ إنْ ظَنَّتْ صِدْقَهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ تَرَدُّدَهَا فِي أَمْرِهِ شُبْهَةٌ فِي حَقِّهَا أَسْقَطَتْ عَنْهَا لُزُومَ التَّمْكِينِ لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ وَمَعْنَى التَّدْيِينِ أَنْ يُقَالَ لَهَا حَرُمْتِ عَلَيْهِ ظَاهِرًا وَلَيْسَ لَكِ مُطَاوَعَتُهُ إلَّا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّك صِدْقُهُ بِقَرِينَةٍ أَيْ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهَا تَمْكِينُهُ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا النُّشُوزُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ وَلَهَا تَمْكِينُهُ أَيْ وَيَلْزَمُهَا ذَلِكَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا النُّشُوزُ. (قَوْلُهُ وَلَهَا تَمْكِينُهُ إلَخْ) أَيْ وَلَا تَتَغَيَّرُ هَذِهِ الْأَحْوَالُ بِحُكْمِ قَاضٍ بِتَفْرِيقٍ وَلَا بِعَدَمِهِ تَعْوِيلًا عَلَى الظَّاهِرِ فَقَطْ لِمَا يَأْتِي أَنَّ مَحَلَّ نُفُوذِ حُكْمِ الْحَاكِمِ بَاطِنًا إذَا وَافَقَ ظَاهِرُ الْأَمْرِ بَاطِنَهُ وَلَهَا مَعَ تَكْذِيبِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا نِكَاحُ مَنْ لَمْ يُصَدِّقْ الزَّوْجَ دُونَ مَنْ صَدَّقَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالْفُرْقَةِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لَهُ الطَّلَبُ وَعَلَيْهَا الْهَرَبُ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ مِمَّنْ لَا يُصَدِّقُهُ وَلَوْ رَجَعَتْ إلَى تَصْدِيقِ الْأَوَّلِ وَلَوْ بَعْدَ فِرَاقِ الثَّانِي لَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ لَا تَتَغَيَّرُ بِالرُّجُوعِ عَنْهَا وَإِنْ حَكَمَ قَاضٍ بِخِلَافِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا م ر اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَيْ فَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ نِيَّتُهُ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا فَلَا يَعْمَلُ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ إذْ هُوَ إنْشَاءٌ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّلَفُّظِ مُسْمِعًا نَفْسَهُ كَمَا مَرَّ اهـ شَيْخُنَا قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ التَّفْسِيرُ إذَا ادَّعَاهُ الشَّخْصُ إنْ كَانَ لَا يَنْتَظِمُ لَوْ وَصَلَ بِاللَّفْظِ فَلَا قَبُولَ وَلَا تَدْيِينَ نَحْوَ أَرَدْت طَلَاقًا لَا يَقَعُ عَلَيْك أَوْ لَمْ أُرِدْ الطَّلَاقَ وَإِنْ انْتَظَمَ فَلَا يُقْبَلُ بِلَا قَرِينَةٍ وَيُدَيَّنُ إلَّا فِي قَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَيُقْبَلُ مَعَ الْقَرِينَةِ كَجَوَابِ الْمُخَاصَمَةِ وَحَلِّ الْوَثَاقِ اهـ.
أَقُولُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ إلَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِلَّا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ يَقُولُ أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً وَكَذَا نَحْوُ أَرْبَعِكُنَّ طَوَالِقُ، ثُمَّ يَقُولُ أَرَدْت إلَّا فُلَانَةَ فَإِنَّهُ لَا تَدْيِينَ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا؛ لِأَنَّهُ نَصٌّ فِي الْعَدَدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضِ وَالْعُبَابِ وَعِبَارَتُهُ لَوْ فَسَّرَ الْمُطَلِّقُ لَفْظَهُ فَإِنْ لَمْ يَرْتَفِعْ بِهِ حُكْمُهُ كَأَنْ خَصَّصَ لَفْظًا عَامًّا كَنِسَائِي طَوَالِقُ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ طَالِقٌ وَنَوَى إلَّا فُلَانَةَ أَوْ عَلَّقَ طَلَاقًا بِأَكْلِ ثَمَرٍ مَثَلًا، وَنَوَى نَوْعًا مِنْهُ وَكَانَ قَيَّدَ لَفْظًا مُطْلَقًا كَأَنْتِ طَالِقٌ، وَنَوَى إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَنَحْوُهُ أَوْ طَلَّقَ صَغِيرَةً لِسُنَّةٍ وَنَوَى إذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ، أَوْ عَلَّقَ طَلَاقًا بِتَكْلِيمِ زَيْدٍ وَنَوَى التَّكْلِيمَ شَهْرًا دُيِّنَ وَلَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا إلَّا بِقَرِينَةٍ إلَخْ اهـ سم. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَرْفَعُ حُكْمَ الطَّلَاقِ) وَلَا يُرَدُّ مَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ، وَقَالَ أَرَدْت مِنْ وِثَاقٍ وَلَا قَرِينَةَ فَإِنَّهُ يَدِينُ وَإِنْ كَانَ رَافِعًا لِأَصْلِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يُشْعِرُ بِهِ وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُمْ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ مَحَلُّهُ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ اهـ بِرّ اهـ سم. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَرْفَعُ حُكْمَ الطَّلَاقِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِأَنَّهُ يَرْفَعُ حُكْمَ الْيَمِينِ جُمْلَةً فَيُنَافِي لَفْظَهَا مُطْلَقًا، وَالنِّيَّةُ لَا تُؤَثِّرُ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ التَّعْلِيقَاتِ فَإِنَّهَا لَا تَرْفَعُهُ بَلْ تُخَصِّصُهُ بِحَالٍ دُونَ حَالٍ وَأَلْحَقَ بِالْأَوَّلِ مَا لَوْ قَالَ مَنْ أَوْقَعَ الثَّلَاثَ كُنْت طَلَّقْت قَبْلَ ذَلِكَ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ رَفْعَ الثَّلَاثِ مِنْ أَصْلِهَا وَمَا لَوْ رَفَعَ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ عَدَدٍ نَصٌّ كَأَرْبَعَتِكُنَّ طَوَالِقُ وَأَرَادَ إلَّا ثَلَاثَةً أَوْ أَنْت طَالِقٌ إلَّا ثَلَاثًا وَأَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً بِخِلَافِ نِسَائِي وَبِالثَّانِي نِيَّةٌ مِنْ وِثَاقٍ؛ لِأَنَّهُ تَأْوِيلٌ وَصَرْفٌ لِلَّفْظِ مِنْ مَعْنًى إلَى مَعْنًى فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ رَفْعٌ لِشَيْءٍ بَعْدَ ثُبُوتِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَفْسِيرَهُ بِمَا يَرْفَعُ الطَّلَاقَ مِنْ أَصْلِهِ كَأَرَدْت طَلَاقًا لَا يَقَعُ أَوْ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ أَوْ إلَّا وَاحِدَةً بَعْدَ ثَلَاثًا أَوْ إلَّا فُلَانَةَ بَعْدَ أَرْبَعَتِكُنَّ لَمْ يُدَيَّنْ أَوْ مَا يُقَيِّدُهُ أَوْ يَصْرِفُهُ لِمَعْنًى آخَرَ أَوْ يُخَصِّصُهُ كَأَرَدْت إنْ دَخَلْت أَوْ مِنْ وِثَاقٍ أَوْ إلَّا فُلَانَةَ بَعْدَ كُلِّ امْرَأَةٍ أَوْ نِسَائِي دُيِّنَ.
وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ قَصْدُهُ مَا ذَكَرَ بَاطِنًا إنْ كَانَ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ فَإِنْ حَدَثَ بَعْدَهُ لَمْ يَنْفَعْهُ كَمَا مَرَّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ، وَلَوْ زَعَمَ أَنَّهُ أَتَى بِهَا وَأَسْمَعَ نَفْسَهُ فَإِنْ صَدَّقَتْهُ فَذَاكَ، وَإِلَّا حَلَفَتْ وَطَلُقَتْ كَمَا لَوْ قَالَ عَدْلَانِ حَاضِرَانِ لَمْ يَأْتِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ نَفْيٌ مَحْصُورٌ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا وَلَا قَوْلُهُمَا لَمْ نَسْمَعْهُ أَتَى بِهَا بَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ إنْ لَمْ يَكْذِبْ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا لَوْ كَذَبَ صَرِيحًا فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ لِلْبَيِّنَةِ، وَلَوْ حَلَفَ مُشِيرًا إلَى نَفِيسٍ مَا قِيمَةُ هَذَا دِرْهَمٌ، وَقَالَ نَوَيْت بَلْ أَكْثَرُ صُدِّقَ ظَاهِرًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُ وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بَلْ أَقَلَّ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ أَقْوَى مِنْ الْقَرِينَةِ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ وَثَاقٍ هَلْ مِثْلُهُ عَلَى الطَّلَاقِ، وَأَرَادَ مِنْ ذِرَاعِي مَثَلًا أَوْ يُفَرَّقُ فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ أَجَابَ م ر عَلَى الْبَدِيهَةِ بِأَنَّهُ لَا يُدَيَّنُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute