لِصَدَاقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (وَقَصَدَ) الْمُعَلِّقُ (إعْلَامَهُ بِهِ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُبَالِي بِالتَّعْلِيقِ (فَفَعَلَ) الْمُعَلَّقَ بِفِعْلِهِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (نَاسِيًا) لِلتَّعْلِيقِ
ــ
[حاشية الجمل]
نَزَلَ بِهِ عَظِيمُ قَرْيَةٍ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَرْتَحِلَ حَتَّى يُضَيِّفَهُ فَهُوَ مِثَالٌ لِمَا ذُكِرَ اهـ شَرْحُ م ر، وَلَوْ عَلَّقَهُ بِدُخُولِهِ فَحُمِلَ سَاكِنًا قَادِرًا عَلَى الِامْتِنَاعِ وَأُدْخِلَ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا إذَا عَلَّقَ بِجَمَاعَةٍ فَعَلَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ وَلَا أَثَرَ لِاسْتِدَامَتِهِمَا أَيْ الدُّخُولِ وَالْجِمَاعِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ كَالِابْتِدَاءِ كَمَا يَأْتِي اهـ شَرْحُ م ر مِنْ أَوَّلِ فَصْلٍ عَلَّقَ بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ أَوْ رَغِيفٍ إلَخْ وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ فَحَمَلَ سَاكِنًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْنَثْ بِذَلِكَ لِعَدَمِ نِسْبَةِ الْفِعْلِ لِلْحَالِفِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ فَرَكِبَ دَابَّةً دَخَلَتْ بِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِنِسْبَةِ الْفِعْلِ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ زِمَامُهَا بِيَدِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَنْسِبُ هَذَا الْفِعْلَ لَهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الدَّابَّةِ الْمَجْنُونُ وَقَوْلُهُ قَادِرًا عَلَى الِامْتِنَاعِ أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يَحْمِلَهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِحَمْلِهِ وَدُخُولِهِ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ حَيْثُ بَنَاهُ عَلَى الْأَمْرِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ وَفِعْلُ وَكِيلِهِ كَفِعْلِهِ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ أَيْ وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ كَلَا فِعْلٍ وَلَا يَحْنَثُ بِالِاسْتِدَامَةِ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الدُّخُولِ لَيْسَتْ دُخُولًا، وَقَوْلُهُ وَلَا أَثَرَ لِاسْتِدَامَتِهِمَا أَيْ وَإِنْ تَحَرَّكَ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَكَرَّرَ مِنْهُ حَتَّى يَنْزِعَ لِمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ أَنَّ الِاسْتِدَامَةَ لَا تُسَمَّى جِمَاعًا فَإِنْ نَزَعَ وَعَادَ حَنِثَ بِالْعَوْدِ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ جِمَاعٍ اهـ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ يَشُقَّ عَلَيْهِ حِنْثُهُ) أَيْ لِصَدَاقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا كَالزَّوْجَةِ، وَهَذَا يُرْشِدُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ وَإِنْ تَخَلَّفَ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوِهَا) كَزَوْجَتِهِ وَلَوْ كَانَتْ تُحِبُّ الْوُقُوعَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ حِنْثُهُ وَلَوْ بِحَسَبِ الشَّأْنِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَقَصَدَ الْمُعَلِّقُ إعْلَامَهُ بِهِ) مَعْنَى قَصَدَ الْإِعْلَامَ قَصَدَ مَنْعَهُ مِنْ الْفِعْلِ كَمَا سَيَأْتِي هَذَا وَقَدْ زَادَ م ر قَيْدًا آخَرَ فَقَالَ وَتَمَكَّنَ الْمُعَلِّقُ مِنْ الْإِعْلَامِ بِالتَّعْلِيقِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ بِهِ بِالْفِعْلِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْإِعْلَامِ يَقَعُ الطَّلَاقُ مُطْلَقًا وَلَوْ مَعَ النِّسْيَانِ وَغَيْرِهِ اهـ شَيْخُنَا لَكِنْ مَا نَسَبَهُ إلَى م ر مِنْ زِيَادَةِ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ لَمْ أَجِدْهُ فِي شَرْحِهِ بَعْدَ مُرَاجَعَةِ النُّسَخِ الْعَدِيدَةِ، بَلْ رَأَيْت فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ هَذَا التَّقْيِيدِ حَيْثُ عَمَّمَ فِي مَفْهُومِ الشُّرُوطِ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إعْلَامِهِ وَلَمْ يَعْلَمْهُ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ فَهَذَا التَّعْمِيمُ يُنَافِي التَّقْيِيدَ فِي الْمَنْطُوقِ. (قَوْلُهُ وَقَصَدَ الْمُعَلِّقُ إعْلَامَهُ بِهِ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ بَدَلُ ذَلِكَ يَشْتَرِطُ أَنْ يَقْصِدَ الزَّوْجُ حَثَّهُ أَوْ مَنْعَهُ كَمَا جَزَمَا بِهِ وِفَاقًا فَالْإِمَامُ وَغَيْرُهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ التَّعْلِيقَ بِصُورَةِ الْفِعْلِ اهـ.
قَالَ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ مِثْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ فِعْلِ نَفْسِهِ السَّابِقَةِ اهـ. (فَرْعٌ)
قَالَ لَهَا إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ الْيَوْمَ فَأَنْت طَالِقٌ فَنَسِيَتْ وَدَخَلَتْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ هَلْ يَتَخَلَّصُ بِذَلِكَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِيهِ احْتِمَالٌ هُنَا الْأَقْرَبُ الِانْحِلَالُ اهـ وَعَلَى هَذَا فَفِعْلُ النَّاسِي يُفِيدُ الِانْحِلَالَ إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ انْتِفَاءَ الْفِعْلِ، وَقِيَاسُهُ الْمُكْرَهُ فَيَكُونُ قَوْلُهُمْ إنَّ فِعْلَ النَّاسِي لَا يَحْصُلُ بِهِ بَرٌّ وَلَا حِنْثٌ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الْفِعْلَ اهـ فَلْيُحَرَّرْ.
فَإِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، ثُمَّ ذَكَرْت ذَلِكَ لمر فَاعْتَمَدَ قَضِيَّةَ كَلَامِهِمْ مِنْ عَدَمِ التَّخَلُّصِ وَمِنْ الِاحْتِيَاجِ فِي التَّخَلُّصِ إلَى دُخُولٍ آخَرَ مَعَ الْعِلْمِ وَالِاخْتِيَارِ اهـ سم. (قَوْلُهُ فَفَعَلَ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ جَاهِلًا) ، وَقَدْ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا بِعَدَمِ حِنْثِ الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا قَوْلُهُمَا لَوْ حَلَفَ شَافِعِيٌّ أَنَّ مَذْهَبَهُ أَصَحُّ الْمَذَاهِبِ، وَعَكَسَ الْحَنَفِيُّ لَمْ يَحْنَثْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا حَلَفَ عَلَى غَلَبَةِ ظَنِّهِ الْمَعْذُورِ فِيهِ أَيْ لِعَدَمِ قَاطِعٍ هُنَا وَلَا مَا يَقْرَبُ مِنْهُ، وَمِنْهَا قَوْلُ الرَّوْضَةِ لَوْ جَلَسَ مَعَ جَمَاعَةٍ فَقَامَ وَلَبِسَ خُفَّ غَيْرِهِ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ اسْتَبْدَلْت بِخُفِّك فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، وَكَانَ خَرَجَ بَعْدَ الْجَمِيعِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ أَخَذَ بَدَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ اهـ حَجّ ثُمَّ قَالَ (تَنْبِيهٌ)
مُهِمٌّ مَحَلُّ قَبُولِ دَعْوَى نَحْوِ النِّسْيَانِ مَا لَمْ يُسْبَقْ مِنْهُ إنْكَارُ أَصْلِ الْحَلِفِ أَوْ الْفِعْلِ، أَمَّا إذَا أَنْكَرَهُ فَشَهِدَ الشُّهُودُ بِهِ عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى نِسْيَانًا أَوْ نَحْوَهُ لَمْ يُقْبَلْ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَتَبِعُوهُ وَأَفْتَيْت بِهِ مِرَارًا لِلتَّنَاقُضِ فِي دَعْوَاهُ فَأُلْغِيَتْ، وَحُكِمَ بِقَضِيَّةِ مَا شَهِدُوا بِهِ وَإِنْ ثَبَتَ الْإِكْرَاهُ بِبَيِّنَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لَهَا بِمَا قَالَهُ أَوَّلًا بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ لِنَحْوِ النِّسْيَانِ لِعَدَمِ التَّنَاقُضِ، وَمَرَّ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ مُفَصَّلَةٍ وَمِنْ دَعْوَى الْجَهْلِ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَنْ تُرِيدَ الْخُرُوجَ لِمَحِلٍّ مُعَيَّنٍ فَيَحْلِفُ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ فَتَخْرُجُ ثُمَّ تَدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ إلَّا عَلَى الْخُرُوجِ لِذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ إلَيْهِ فَلَا حِنْثَ لِقِيَامِ الْقَرِينَةِ عَلَى صِدْقِهَا فِي اعْتِقَادِهَا الْمَذْكُورِ، وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِجَهْلِهَا بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا نَظَرَ هُنَا إلَى تَكْذِيبِ الزَّوْجِ لَهَا أَيْضًا قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ صُدِّقَ الزَّوْجُ فِي دَعْوَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute