للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفَارَقَ ذَلِكَ وَاَللَّهِ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك إلَى حِينٍ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ بِأَنَّ الطَّلَاقَ إنْشَاءٌ وَلَأَقْضِيَنَّ وَعْدٌ فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَيْهِ.

(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِرُؤْيَةِ زَيْدٍ أَوْ لَمْسِهِ أَوْ قَذْفِهِ تَنَاوَلَهُ) التَّعْلِيقُ (حَيًّا وَمَيِّتًا) أَمَّا فِي الرُّؤْيَةِ وَاللَّمْسِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْقَذْفِ فَلِأَنَّ قَذْفَ الْمَيِّتِ كَقَذْفِ الْحَيِّ فِي الْإِثْمِ وَالْحُكْمِ وَيَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِ الْبَدَنِ وَلَمْسِهِ وَلَا يَكْفِي رُؤْيَةُ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَالسِّنِّ وَلَا لَمْسُهَا (لَا بِضَرْبِهِ) الْمُعَلَّقِ بِهِ الطَّلَاقُ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ التَّعْلِيقُ مَيِّتًا؛ لِأَنَّ

ــ

[حاشية الجمل]

أَحْقَابٍ حَنِثَ بِالْمَوْتِ أَيْ قُبَيْلَهُ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْقَضَاءِ لَا بِمُضِيِّ زَمَنٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ مُقَدَّرٍ بَلْ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ أَيْ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا بُدَّ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ لَأَقْضِيَنَّكَ حَقَّك فَمَتَى قَضَاهُ بَرَّ، وَسَوَاءٌ أَوَصَفَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ بِقُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ فَجَمِيعُ الْعُمْرِ مُهْلَةٌ لَهُ وَيُخَالِفُ الطَّلَاقُ حَيْثُ يَقَعُ بِهِ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ فِي قَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ بَعْدَ حِينٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَفَرَّقَ الْأَصْلُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ حِينِ تَعْلِيقٍ فَتَعَلَّقَ الطَّلَاقُ بِأَوَّلِ مَا يُسَمَّى حِينًا، وَقَوْلُهُ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك إلَى حِينِ وَعْدٍ وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِأَوَّلِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَقْضِيَنَّ حَقَّ فُلَانٍ إلَى حِينٍ لَمْ يَحْنَثْ بَعْدَ لَحْظَةٍ اهـ، وَقَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ اعْتَمَدَهُ م ر انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ.

١ -

(فَرْعٌ)

وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ شَخْصٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِآخَرَ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ يُعْطِيَهُ كُلَّ جُمُعَةٍ مِنْهُ كَذَا فَفَوَّتَ جُمُعَةً مِنْ غَيْرِ إعْطَاءٍ، ثُمَّ دَفَعَ مَا يَخُصُّهَا فِي الْجُمُعَةِ التَّالِيَةِ لَهَا هَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا، وَالْجَوَابُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ بِالْحِنْثِ؛ لِأَنَّ كُلَّ جُمُعَةٍ ظَرْفٌ وَبِفَرَاغِهَا يَتَحَقَّقُ عَدَمُ الْإِعْطَاءِ فِيهَا، وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَلَوْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُ ذَلِكَ مُدَّةً طَوِيلَةً بَلْ أَرَادَ الْأَعَمَّ مِنْ الْإِعْطَاءِ فِيهَا أَوْ فِيمَا يَقْرُبُ مِنْهَا عُرْفًا بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ مُؤَخَّرًا لَمْ يَحْنَثْ، وَيُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ ظَاهِرًا اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَفَارَقَ ذَلِكَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَفَارَقَ قَوْلُهُمْ فِي الْأَيْمَانِ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك إلَى حِينٍ لَمْ يَحْنَثْ بِلَحْظَةٍ فَأَكْثَرَ بَلْ قُبَيْلَ الْمَوْتِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ تَعْلِيقٌ فَتَعَلَّقَ بِأَوَّلِ مَا يُسَمَّى حِينًا إذْ الْمَدَارُ فِي التَّعَالِيقِ عَلَى وُجُودِ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ لَفْظُهَا وَلَأَقْضِيَنَّ وَعْدٌ وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ فَنُظِرَ فِيهِ إلَى الْيَأْسِ. (قَوْلُهُ فَيَرْجِعُ فِيهِ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْقَضَاءِ إلَيْهِ أَيْ إلَى الْإِنْشَاءِ وَالْوَعْدِ لَكِنْ عَلَى التَّوْزِيعِ فَفِي مَسْأَلَةِ الْوَعْدِ يَحْنَثُ بِالْيَأْسِ وَفِي الْإِنْشَاءِ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ أَوْ بِرُؤْيَةِ زَيْدٍ) وَالرُّؤْيَةُ لِنَحْوِ زَيْدٍ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْبَصَرِيَّةِ لَا الْعِلْمِيَّةِ بِخِلَافِ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَإِنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعِلْمِيَّةِ لَا عَلَى الْبَصَرِيَّةِ فَتَطْلُقُ بِتَمَامِ الْعَدَدِ كَمَا تَطْلُقُ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهَا لَهُ فَلَوْ قَالَ لِلْعَمْيَاءِ إنْ لَمْ تَرَيْ زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ حَيْثُ أَيِسَ مِنْ عَوْدِ بَصَرِهَا بِأَنْ غَارَتْ عَيْنَاهَا أَوْ وَلَدَتْ كَمْهَاءَ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ مَعَ النَّفْيِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ أَوْ لَمَسَهُ) وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَسَّهُ هُنَا كَلَمْسِهِ وَإِنْ افْتَرَقَا فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ لِإِطْرَادِ الْعُرْفِ هُنَا بِاتِّحَادِهِمَا اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ تَنَاوَلَهُ حَيًّا وَمَيِّتًا) أَيْ فَيَحْنَثُ بِرُؤْيَةِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ مُتَّصِلٌ بِهِ غَيْرِ نَحْوِ شَعْرِهِ نَظِيرِ مَا يَأْتِي لَا مَعَ إكْرَاهٍ عَلَيْهَا وَلَوْ فِي مَاءٍ صَافٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ زُجَاجٍ شَفَّافٍ دُونَ خَيَالِهِ فِي نَحْوِ مِرْآةٍ نَعَمْ لَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهَا وَجْهَهَا فَرَأَتْهُ فِي الْمِرْآةِ حَنِثَ إذْ لَا يُمْكِنُهَا رُؤْيَتُهُ إلَّا.

كَذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَةِ وَجْهِهِ وَبِمَسِّ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ، وَيُشْتَرَطُ مَعَ رُؤْيَةِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ صِدْقُ رُؤْيَةِ كُلِّهِ عُرْفًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ كُوَّةٍ مَثَلًا فَرَأَتْهَا فَلَا حِنْثَ وَلَوْ قَالَ لِعَمْيَاءَ إنْ رَأَيْت فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ حَمْلًا لِرَأْيٍ عَلَى الْمُتَبَادَرِ مِنْهَا أَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ الْقَمَرِ حُمِلَ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ وَلَوْ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهَا لَهُ أَوْ بِتَمَامِ الْعَدَدِ فَتَطْلُقُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى الْعِلْمِ بِخِلَافِ رُؤْيَةِ زَيْدٍ مَثَلًا، فَقَدْ يَكُونُ الْغَرَضُ زَجْرَهَا عَنْ رُؤْيَتِهِ وَعَلَى اعْتِبَارِ الْعِلْمِ يُشْتَرَطُ الثُّبُوتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ وَلَوْ أَخْبَرَ بِهِ صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ فَاسِقٌ فَصَدَّقَهُ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ مُؤَاخَذَتُهُ وَلَوْ قَالَ أَرَدْت بِالرُّؤْيَةِ الْمُعَايَنَةَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِرُؤْيَةِ عَمْيَاءَ لَمْ يُصَدَّقْ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ لَكِنْ يُدَيَّنُ وَإِذَا قَبِلْنَا التَّفْسِيرَ فِي الْهِلَالِ بِالْمُعَايَنَةِ وَمُضِيِّ ثَلَاثِ لَيَالٍ وَلَمْ تَرَ فِيهَا مِنْ أَوَّلِ شَهْرٍ يَسْتَقْبِلُهُ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى بَعْدَهَا هِلَالًا أَمَّا التَّعْلِيقُ بِرُؤْيَةِ الْقَمَرِ مَعَ تَفْسِيرِهِ بِمُعَايَنَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ مُشَاهَدَتِهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَهَا لَا يُسَمَّى قَمَرًا كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ كَقَذْفِ الْحَيِّ فِي الْإِثْمِ وَالْحُكْمِ) أَمَّا الْإِثْمُ فَلِأَنَّ قَذْفَ الْمَيِّتِ أَشَدُّ مِنْ قَذْفِ الْحَيِّ لِأَنَّ الْحَيَّ يُمْكِنُ الِاسْتِحْلَالُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ اهـ ع ش عَلَى م ر، وَأَمَّا الْحُكْمُ فَهُوَ وُجُوبُ الْحَدِّ أَوْ التَّعْزِيرِ بِقَذْفِهِ كَقَذْفِ الْحَيِّ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ فِي التَّعْلِيقِ بِالضَّرْبِ الْإِيلَامُ) لَكِنْ خَالَفَاهُ فِي الْأَيْمَانِ، وَقَدْ يُجْمَعُ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى الْإِيلَامِ بِالْقُوَّةِ وَالْمَنْفِيِّ ثُمَّ عَلَى مَا بِالْفِعْلِ شَيْخُنَا.

(فَرْعٌ) فِيمَنْ حَلَفَ لَا تَذْهَبُ زَوْجَتُهُ مَعَ أُمِّهِ إلَى الْحَمَّامِ فَذَهَبَتْ أَوْ لَا وَاجْتَمَعَا فِيهِ فَإِنْ قَصَدَ مَنْعَهُمَا مِنْ الِاجْتِمَاعِ فِيهِ حَنِثَ وَإِنْ قَصَدَ مَنْعَ اجْتِمَاعِهِمَا ذَهَابًا أَوْ أَطْلَقَ فَلَا كَذَا فِي الْإِمْدَادِ آخِرِ مَسْأَلَةٍ فِي الْبَابِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>