فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ فَإِذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك سَنَةً كَانَا إيلَاءَيْنِ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ فِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ بِمُوجَبِ الْإِيلَاءِ الْأَوَّلِ مِنْ الْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ فَإِنْ طَالَبَتْهُ فِيهِ وَفَاءً خَرَجَ عَنْ مُوجِبِهِ وَبِانْقِضَاءِ الْخَامِسِ تَدْخُلُ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ الثَّانِي فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْهَا بِمُوجَبِهِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ لَمْ تُطَالِبْ فِي الْإِيلَاءِ الْأَوَّلِ حَتَّى مَضَى الشَّهْرُ الْخَامِسُ مِنْهُ فَلَا تُطَالِبُهُ بِهِ لِانْحِلَالِهِ، وَكَذَا إذَا لَمْ تُطَالِبْ فِي الثَّانِي حَتَّى مَضَتْ سَنَةٌ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَا لَوْ قَيَّدَ بِالْأَرْبَعَةِ أَوْ نَقَصَ عَنْهَا فَلَا يَكُونُ إيلَاءً بَلْ مُجَرَّدُ حَلِفٍ وَمَا لَوْ زَادَ عَلَيْهَا بِيَمِينَيْنِ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَإِذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أُخْرَى فَلَا إيلَاءَ إذْ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَا يُمْكِنُ الْمُطَالَبَةُ بِمُوجَبِ الْإِيلَاءِ الْأَوَّلِ لِانْحِلَالِهِ وَلَا بِالثَّانِي إذْ لَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ مِنْ انْعِقَادِهَا وَقُيِّدَتْ الْمُدَّةُ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَصْبِرُ عَنْ الزَّوْجِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَبَعْدَهَا يَفْنَى صَبْرُهَا أَوْ يَقِلُّ.
(وَ) شُرِطَ (فِي الصِّيغَةِ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِهِ) أَيْ بِالْإِيلَاءِ وَفِي مَعْنَاهُ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ وَذَلِكَ إمَّا (صَرِيحٌ كَتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ تَغْيِيبِ ذَكَرٍ (بِفَرْجٍ وَوَطْءٍ وَجِمَاعٍ) وَنَيْكٍ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أُغَيِّبُ حَشَفَتِي بِفَرْجِك أَوْ لَا أَطَؤُك أَوْ لَا أُجَامِعُك أَوْ لَا أَنِيكُك لِاشْتِهَارِهَا فِي مَعْنَى الْوَطْءِ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِالْوَطْءِ الْوَطْءَ بِالْقَدَمِ وَبِالْجِمَاعِ الِاجْتِمَاعَ لَمْ يُقْبَلْ فِي الظَّاهِرِ وَيُدَيَّنُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَدِينُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ قَالَ أَرَدْت بِالْفَرْجِ الدُّبُرَ وَلَا تَدْيِينَ فِي النَّيْكِ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ وَالْحَاوِي (أَوْ كِنَايَةٍ كَمُلَامَسَةٍ وَمُبَاضَعَةٍ) وَمُبَاشَرَةٍ وَإِتْيَانٍ وَغِشْيَانَ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أُلَامِسُك
ــ
[حاشية الجمل]
الْمَوْتِ مُسْتَبْعَدًا مِنْ حَيْثُ مَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ النُّفُوسُ مِنْ حُبِّ الْحَيَاةِ (قَوْلُهُ فَعَلِمَ أَنَّهُ إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَشَرَطَ فِي الْمُدَّةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ فَإِذَا مَضَتْ إلَخْ) فَلَوْ أَسْقَطَ قَوْلَهُ فَإِذَا مَضَتْ كَأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك سَنَةً فَإِنَّهُمَا يَتَدَاخَلَانِ وَيَكُونُ إيلَاءً وَاحِدًا، وَيَكْتَفِي بِوَطْءٍ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ فَإِذَا مَضَتْ إلَخْ فَإِنْ حَذَفَ وَاَللَّهِ وَقَالَ بَدَلُهُ لَا أَطَؤُك كَانَ يَمِينًا وَاحِدَةً اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَمَا لَوْ زَادَ عَلَيْهَا بِيَمِينَيْنِ) أَيْ أَوْ أَيْمَانٍ مُتَّصِلَةٍ أَوْ مُتَرَاخٍ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ سَوَاءٌ قَصَدَ التَّأْكِيدَ أَوْ الِاسْتِئْنَافَ أَوْ أَطْلَقَ اهـ شَرْحُ م ر وع ش عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ ع ش وَمَا يَأْتِي لَهُ قُبَيْلَ الظِّهَارِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ كَرَّرَ يَمِينَ الْإِيلَاءِ إلَخْ مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا تَكَرَّرَتْ الْأَيْمَانُ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ مُدَّةٌ غَيْرُ الْمُدَّةِ الْأُولَى فَهِيَ أَيْمَانٌ مُتَعَدِّدَةٌ مُطْلَقًا، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِإِيلَاءٍ لِعَدَمِ زِيَادَةِ كُلِّ مُدَّةٍ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ اهـ وَعِبَارَتُهُ أَيْ م ر قُبَيْلَ الظِّهَارِ نَصُّهَا وَلَوْ كَرَّرَ يَمِينَ الْإِيلَاءِ وَأَرَادَ تَأْكِيدًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَنَظِيرِهِ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَلَوْ مَعَ طُولِ الْفَصْلِ وَتَعَدُّدِ الْمَجْلِسِ وَيُفَارِقُ تَنْجِيرَ الطَّلَاقِ بِأَنَّهُ إنْشَاءٌ وَإِيقَاعٌ وَالْإِيلَاءُ وَالتَّعْلِيقُ مُتَعَلِّقَانِ بِأَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ فَالتَّأْكِيدُ بِهِمَا أَلْيَقُ أَوْ أَرَادَ الِاسْتِئْنَافَ تَعَدَّدَتْ الْأَيْمَانُ، وَإِنْ أَطْلَقَ بِأَنْ لَمْ يُرِدْ تَأْكِيدًا وَلَا اسْتِئْنَافًا فَوَاحِدَةٌ إنْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ حَمْلًا عَلَى التَّأْكِيدِ وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ لِبُعْدِ التَّأْكِيدِ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَجْلِسِ.
(قَوْلُهُ فَلَا إيلَاءَ) نَعَمْ يَأْثَمُ إثْمَ مُطْلَقِ الْإِيذَاءِ دُونَ خُصُوصِ إثْمِ الْإِيلَاءِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فَوَاَللَّهِ مَا لَوْ حَذَفَهُ بِأَنْ قَالَ فَلَا أَطَؤُك فَهُوَ إيلَاءٌ قَطْعًا؛ لِأَنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ اشْتَمَلَتْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَبَعْدَهَا يَفْنَى صَبْرُهَا أَوْ يَقِلُّ) ، وَذَلِكَ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرَّ لَيْلَةً فِي شَوَارِعِ الْمَدِينَةِ فَسَمِعَ امْرَأَةً تُنْشِدُ
لَقَدْ طَالَ هَذَا اللَّيْلُ وَازْوَرَّ جَانِبُهُ ... وَأَرَّقَنِي أَنْ لَا خَلِيلَ أُلَاعِبُهْ
فَوَاَللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ تُخْشَى عَوَاقِبُهْ ... لِحُرِّك مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوَانِبُهْ
مَخَافَةَ رَبِّي وَالْحَيَاءُ يَصُدَّنِي ... وَإِكْرَامَ بَعْلِي أَنْ تُنَالَ مَرَاتِبُهْ
فَسَأَلَ عَنْهَا فَقَالُوا إنَّ زَوْجَهَا فِي الْغُزَاةِ فَرَجَعَ إلَى ابْنَتِهِ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَهَا كَمْ تَصْبِرُ الْمَرْأَةُ عَنْ النِّكَاحِ فَقَالَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَبَعْدَهَا يَفْنَى صَبْرُهَا أَوْ يَقِلُّ فَنَادَى حِينَئِذٍ أَنْ لَا تَزِيدَ غَزْوَةٌ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَالْمُرَادُ بِالسَّرِيرِ نَفْسُهَا أَيْ الْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَرْكَبُ عَلَيْهَا كَمَا يَرْكَبُ عَلَى السَّرِيرِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَفِي الصِّيغَةِ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِهِ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ فَصْلُ الْإِيلَاءِ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ كَالطَّلَاقِ فَإِنْ حَلَفَ لَا أُجَامِعُك إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَدَخَلَتْ صَارَ مُولِيًا أَوْ حَلَفَ لَا أُجَامِعُك إنْ شِئْت وَأَرَادَ إنْ شِئْت الْجِمَاعَ أَوْ الْإِيلَاءَ فَشَاءَتْهُ صَارَ مُولِيًا كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ وَإِنْ أَرَادَ إنْ شِئْت أَنْ لَا أُجَامِعَك فَلَا إيلَاءَ إذْ مَعْنَاهُ لَا أُجَامِعُك إلَّا بِرِضَاك وَهِيَ إذَا رَضِيَتْ فَوَطِئَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ الْمَشِيئَةَ حَمْلًا عَلَى مَشِيئَةِ عَدَمِ الْجِمَاعِ؛ لِأَنَّهُ السَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ وَلِلتَّعْلِيقِ بِمَشِيئَتِهَا وَمَشِيئَةِ غَيْرِهَا فِي الْفَوْرِ وَعَدَمِهِ حُكْمُ الطَّلَاقِ فَيُعْتَبَرُ الْفَوْرُ فِيمَا إذَا خَاطَبَهَا وَلَمْ يُعَلِّقْ بِمَنِيٍّ أَوْ نَحْوِهَا وَعَدَمُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ تَغْيِيبُ ذَكَرٍ) أَيْ لَا اقْتِضَاءَ عِبَارَتِهِ أَنَّ تَغْيِيبَ الْحَشَفَةِ وَحْدَهَا لَيْسَ مِنْ صَرَائِحِ الصِّيغَةِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَجِمَاعٍ) أَيْ وَافْتِضَاضِ بِكْرٍ وَلَوْ غَوْرَاءَ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا بِغَيْرِ افْتِضَاضٍ وَعَلِمَ حَالَهَا قَبْلَ الْحَلِفِ فَالْحَلِفُ عَلَى عَدَمِ افْتِضَاضِهَا يَكُونُ بِهِ مُولِيًا؛ لِأَنَّ الْفَيْئَةَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِزَوَالِ بَكَارَتِهَا كَمَا سَيَأْتِي اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَلَا تَدْيِينَ فِي النَّيْكِ) بِأَنْ قَالَ أَرَدْت بِهِ الِاخْتِلَاطَ، وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ غَيْرَهُ، وَأَمَّا إنْ أَرَادَ بِهِ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ فَيَدِينُ اهـ ح ل.
وَفِي الْمِصْبَاحِ نَاكَهَا نَيْكًا مِنْ الْأَلْفَاظِ الصَّرِيحَةِ فِي الْجِمَاعِ فَهُوَ نَائِكٌ وَنَيَّاكٌ وَالْمَرْأَةُ مَنِيكَةٌ وَمَنْيُوكَةٌ عَلَى النَّقْصِ وَالتَّمَامِ. (قَوْلُهُ أَوْ كِنَايَةٍ كَمُلَامَسَةٍ وَمُبَاضَعَةٍ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَأَبْعِدَنَّ أَوْ لَأَغِيبَنَّ عَنْك أَوْ لَأَغِيظَنَّكِ أَوْ لَأَطِيلَنَّ تَرْكِي لِجِمَاعِك أَوْ لَأَسُوأَنَّكِ فِيهِ كَانَ صَرِيحًا فِي الْجِمَاعِ كِنَايَةً فِي الْمُدَّةِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ كِنَايَةً فِي الْمُدَّةِ أَيْ فَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَأَقَلَّ لَمْ يَكُنْ إيلَاءً، وَإِنْ أَرَادَ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَانَ إيلَاءً وَإِنْ أَطْلَقَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إيلَاءً أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ صَرِيحًا فِي الْجِمَاعِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك وَهُوَ