(لَا تَرْتِيبُهُمَا) فَلَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ مَعًا وَمَسَحَ بِإِحْدَاهُمَا وَجْهَهُ وَبِالْأُخْرَى الْأُخْرَى جَازَ وَفَارَقَ الْمَسْحَ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ وَالْمَسْحُ أَصْلٌ وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِي بِالنَّقْلِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الضَّرْبُ، وَإِنْ عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ وَالْخَبَرُ فَيَكْفِي تَمَعُّكٌ وَوَضْعُ يَدٍ عَلَى تُرَابٍ نَاعِمٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ فَالتَّعْبِيرُ بِالضَّرْبَتَيْنِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْخَبَرِ «ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ» كَذَلِكَ، إذْ لَوْ مَسَحَ بِبَعْضِ ضَرْبَةِ الْوَجْهِ وَبِبَعْضِهَا مَعَ أُخْرَى الْيَدَيْنِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُجْزِئُ.
(وَسُنَّ تَسْمِيَةٌ) حَتَّى لِجُنُبٍ وَنَحْوه أَوَّلَهُ وَتَوَجُّهٌ فِيهِ لِلْقِبْلَةِ وَسِوَاكٌ وَعَدَمُ تَكَرُّرِ مَسْحٍ وَإِتْيَانٌ بِالشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَهُ (وَوِلَاءٌ) فِيهِ بِتَقْدِيرِ التُّرَابِ مَاءً
ــ
[حاشية الجمل]
وَمَسَحَ بِبَعْضِهَا وَجْهَهُ وَقَصَدَ مَسْحَ يَدَيْهِ بِبَاقِيهَا وَمَسَحَهُمَا بِهِ كَفَى؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ النَّقْلُ، وَهَذَا نَقْلٌ آخَرُ اهـ وَهَذَا خَطَأٌ مَرْدُودٌ، فَإِنَّ النَّقْلَ الَّذِي تَقْتَرِنُ بِهِ النِّيَّةُ، وَإِنْ كَثُرَ يُعَدُّ نَقْلَةً وَاحِدَةً وَالنِّيَّةُ الثَّانِيَةُ لَا تَلْغِي النِّيَّةَ الْأُولَى فَالْبَعْضُ الَّذِي قَصَدَ بِهِ الْمَسْحَ الْيَدَيْنِ بَقِيَّةُ النَّقْلَةِ الْأُولَى لَا نَقْلَةٌ أُخْرَى فَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ مَعًا وَمَسَحَ بِإِحْدَاهُمَا وَجْهَهُ وَبِالْأُخْرَى يَدَهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّ مَسْحَ الْيَدِ بِالْيَدِ الثَّانِيَةِ نَقْلَةٌ ثَانِيَةٌ مَعَ قَصْدِهَا كَمَا تَقَدَّمَ بَلْ أَوْجَبُوا عَلَيْهِ نَقْلَةً أُخْرَى وَأَيْضًا يَلْزَمُ عَلَى قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ اسْتِحَالَةُ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ بِالِاكْتِفَاءِ بِنَقْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهَذَا وَاضِحٌ جَلِيٌّ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَيَتَعَيَّنُ اتِّبَاعُهُ وَالْمَصِيرُ إلَيْهِ وَبِهِ يَتَّضِحُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَيَنْدَفِعُ مَا أَطَالُوا بِهِ مِنْ الِاعْتِرَاضِ وَالْإِشْكَالِ وَكَثْرَةِ الْقِيلِ وَالْقَالِ وَاَللَّهُ وَلِيُّ النِّعْمَةِ وَالْإِفْضَالِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ لَا تَرْتِيبُهُمَا) أَيْ فَلَا يَجِبُ لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ فَلَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ مَعًا إلَخْ) هَذَا تَصْوِيرٌ لِلنَّقْلَتَيْنِ اللَّتَيْنِ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا فَكُلُّ يَدٍ نَقْلَةٌ وَفِيهِ أَنَّ عَدَمَ التَّرْتِيبِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْوَضْعِ. وَأَمَّا عِنْدَ الْمَسْحِ فَحَاصِلٌ بَيْنَ النَّقْلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ مَسْحَ الْوَجْهِ يُعَدُّ نَقْلَةً وَمَسْحَ الْيَدِ يُعَدُّ نَقْلَةً أُخْرَى فَقَدْ حَصَلَ التَّرْتِيبُ بَيْنَ النَّقْلَتَيْنِ وَقَوْلُهُ وَفَارَقَ الْمَسْحَ أَيْ فَارَقَ النَّقْلُ الْمَسْحَ حَيْثُ يُجْزِئُ النَّقْلُ لِشَيْءٍ مِنْ الْيَدَيْنِ مَعَ النَّقْلِ لِلْوَجْهِ أَيْ وَعَكْسُهُ وَلَا يُجْزِئُ أَنْ يَقَعَ الْمَسْحُ لِشَيْءٍ مِنْ الْيَدَيْنِ مَعَ الْمَسْحِ لِلْوَجْهِ أَيْ وَعَكْسُهُ وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ أَيْ النَّقْلُ أَيْ وَالْمَسْحُ أَصْلٌ مَقْصُودٌ وَيُغْتَفَرُ فِي الْوَسَائِلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقَاصِدِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ أَيْضًا فَلَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ تَفْرِيعُ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ تَرْتِيبِ النَّقْلِ؛ لِأَنَّ مَسْحَ الْوَجْهِ بِالْيَمِينِ، ثُمَّ الْيَمِينِ بِالْيَسَارِ يَتَضَمَّنُ تَرْتِيبَ النَّقْلِ، إذْ مَسْحُ الْوَجْهِ بِالْيَمِينِ نَقْلٌ بِهَا إلَيْهِ إنْ رَفَعَهَا إلَيْهِ أَوْ بِهِ مِنْهَا إنْ وَضَعَهُ عَلَيْهَا، وَكَذَا فِي مَسْحِ الْيَمِينِ بِالْيَسَارِ، وَقَدْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا وَضَعَ الْيَمِينَ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَسَارَ عَلَى الْيَمِينِ دُفْعَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ مَسَحَ الْوَجْهَ بِأَنْ رَدَّدَ الْيَمِينَ عَلَيْهِ، ثُمَّ الْيَمِينَ بِأَنْ رَدَّدَ الْيَسَارَ عَلَيْهَا إنْ صَحَّ أَجْزَأَ ذَلِكَ فَيَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ وَحِينَئِذٍ فَيُصَوَّرُ بِوَضْعِ الْخِرْقَةِ دُفْعَةً عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، ثُمَّ يُرَتِّبُ تَرْدِيدَهَا عَلَيْهِمَا فَيَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ فِيهَا اهـ سُلْطَانٌ.
(قَوْلُهُ فَيَكْفِي تَمَعُّكٌ) فِي الْمُخْتَارِ تَمَعَّكَتْ الدَّابَّةُ أَيْ تَمَرَّغَتْ وَمَعَّكَهَا صَاحِبُهَا تَمْعِيكًا اهـ. (قَوْلُهُ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْخَبَرِ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ تَوْزِيعُ الضَّرْبَتَيْنِ لِيُنَاسِبَ مَا بَعْدَهُ لَا مِنْ حَيْثُ التَّعْبِيرُ بِالضَّرْبِ؛ لِأَنَّهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ قَبْلُ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ مَسَحَ بِبَعْضِ ضَرْبَةٍ إلَخْ) هَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ عَيْنُ قَوْلِهِ أَوَّلًا فَلَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ مَعًا إلَخْ فَذَكَرَهَا أَوَّلًا مِنْ حَيْثُ عَدَمُ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ، وَذَكَرَهَا هُنَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ خُصُوصُ ضَرْبَةٍ لِلْوَجْهِ وَخُصُوصُ ضَرْبَةٍ لِلْيَدَيْنِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ حَتَّى لِجُنُبٍ) نَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْجُنُبَ فِيهِ يَقْتَصِرُ عَلَى أَقَلِّ التَّسْمِيَةِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يَأْتِي بِالْأَكْمَلِ قَاصِدًا الذِّكْرَ أَوْ يُطْلَقُ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَسِوَاك) وَمَحِلُّهُ بَيْنَ التَّسْمِيَةِ وَالنَّقْلِ كَمَا أَنَّهُ فِي الْوُضُوءِ بَيْنَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ وَالْمُضَمْضِمَةِ اهـ حَجّ أَقُولُ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَا تُسْتَحَبُّ مُقَارَنَتُهَا لِلنَّقْلِ عَلَى خِلَافِ مَا مَرَّ مِنْ اسْتِحْبَابِ مُقَارَنَتِهَا لِغَسْلِ الْكَفَّيْنِ فِي الْوُضُوءِ وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّيَمُّمِ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ فِي الْغُسْلِ فَتُسَنُّ التَّسْمِيَةُ لَهُ، ثُمَّ السِّوَاكُ قَبْلَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَعَلَى قِيَاسِ الْوُضُوءِ مِنْ مُقَارَنَةِ التَّسْمِيَةِ لِغَسْلِ الْكَفَّيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ تُقَارِنَ هُنَا أَوَّلَ النَّقْلِ فَيَكُونُ السِّوَاكُ قَبْلَ النَّقْلِ وَالتَّسْمِيَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ وَعَدَمُ تَكَرُّرِ مَسْحٍ) فَلَوْ كَرَّرَهُ كَانَ مَكْرُوهًا اهـ ع ش. (قَوْلُهُ وَإِتْيَانٌ بِالشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَهُ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالذِّكْرُ آخِرَهُ السَّابِقُ فِي الْوُضُوءِ، وَذَكَرَ الْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ وَالْغُرَّةَ وَالتَّحْجِيلَ وَأَنْ لَا يَرْفَعَ يَدَهُ عَنْ الْعُضْوِ حَتَّى يَتِمَّ مَسْحُهُ وَتَخْلِيلَ أَصَابِعِ يَدَيْهِ بَعْدَ مَسْحِهِمَا بِالتَّشْبِيكِ كَالْوُضُوءِ وَيَجِبُ إنْ لَمْ يُفَرِّقْهَا فِي الضَّرْبَتَيْنِ لِيَصِلَ التُّرَابُ إلَى الْمَحِلِّ الْوَاجِبِ مَسْحُهُ أَوْ فَرَّقَ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ مَا وَصَلَ إلَيْهِ قَبْلَ مَسْحِ وَجْهِهِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ فِي حُصُولِ الْمَسْحِ فَاحْتَاجَ إلَى التَّخْلِيلِ لِيَحْصُلَ تَرْتِيبُ الْمَسْحَيْنِ انْتَهَتْ، وَكَذَا يُسَنُّ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَهُ، وَلَوْ كَانَ عَنْ طَهَارَةٍ مَنْدُوبَةٍ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَوِلَاءٌ فِيهِ) ، وَكَذَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ وَلَا يُسْتَحَبُّ الدَّلْكُ فِي التَّيَمُّمِ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ انْتَهَى بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ بِتَقْدِيرِ التُّرَابِ مَاءً)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute