للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ مُضِيِّ) مُدَّةِ ظِهَارٍ (مُؤَقَّتٍ تَمَتُّعٌ حَرُمَ بِحَيْضٍ) فَيَحْرُمُ التَّمَتُّعُ بِوَطْءٍ وَغَيْرِهِ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ مَعْنًى لَا يَحِلُّ بِالْمِلْكِ كَالْحَيْضِ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ التَّكْفِيرَ فِي الْآيَةِ قَبْلَ التَّمَاسِّ حَيْثُ قَالَ فِي الْإِعْتَاقِ وَالصَّوْمِ {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] وَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ فِي الْإِطْعَامِ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ وَوَاقَعَهَا لَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ» ، وَكَالتَّكْفِيرِ مُضِيُّ مُدَّةِ الْمُؤَقَّتِ لِانْتِهَائِهِ بِهَا كَمَا تَقَرَّرَ وَحُمِلَ التَّمَاسُّ هُنَا لِشَبَهِ الظِّهَارِ بِالْحَيْضِ عَلَى التَّمَتُّعِ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْوَطْءِ أَلْحَقَ بِهِ التَّمَتُّعَ بِغَيْرِهِ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ تَرْجِيحَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ

ــ

[حاشية الجمل]

وَإِنْ عَجَزَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الْخَطِيبِ عَلَى شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ مَا يُوَافِقُهُ ثُمَّ رَأَيْتُ التَّصْرِيحَ بِهِ أَيْضًا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِي آخِرِ الْكَفَّارَةِ وَعِبَارَتُهُ فَصْلٌ إذَا عَجَزَ مَنْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ عَنْ جَمِيعِ الْخِصَالِ بَقِيَتْ أَيْ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا كَمَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ فَلَا يَطَأُ حَتَّى يُكَفِّرَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ. اهـ وَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَإِنْ خَافَ الْعَنَتَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ لَكِنْ يَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا يُدْفَعُ بِهِ خُصُوصُ الْعَنَتِ. اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ قَبْلَ تَكْفِيرٍ إلَخْ) أَيْ فَالْكَلَامُ فِي الْمُظَاهِرِ الْعَائِدِ فَلَا يَرِدُ إبَاحَةُ الْوَطْءِ فِي الْمُؤَقَّتِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْعَوْدِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنْصُوصَ الْمُقَرَّرَ فِي شَرْحِ م ر وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الظِّهَارَ الْمُؤَقَّتَ يَحْرُمُ التَّمَتُّعُ فِيهِ بَعْدَ الْعَوْدِ بِالْوَطْءِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَيَحِلُّ بَعْدَ أَحَدِهِمَا فَإِذَا كَفَّرَ وَلَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ حَلَّ التَّمَتُّعُ، وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ، وَكَالتَّكْفِيرِ مُضِيُّ مُدَّةِ الْمُؤَقَّتِ إلَخْ أَوْ مَضَتْ وَلَمْ يُكَفِّرْ حَلَّ أَيْضًا وَاسْتَقَرَّتْ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ، وَأَمَّا قَبْلَ الْعَوْدِ بِأَنْ اسْتَمَرَّ عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَلَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ بَعْدَهَا وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِعَدَمِ الْعَوْدِ، إذَا عَلِمْت هَذَا عَلِمْت أَنَّ عِبَارَةَ الْمَتْنِ ضَيِّقَةٌ عَنْ أَدَاءِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَحَرُمَ قَبْلَ تَكْفِيرٍ ظَاهِرٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْمُؤَقَّتِ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ مُضِيِّ مُؤَقَّتٍ مَعْنَاهُ أَوْ بَعْدَ تَكْفِيرٍ وَقَبْلَ مُضِيِّ مُؤَقَّتٍ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ فِي الْمُؤَقَّتِ يَحْرُمُ التَّمَتُّعُ بَعْدَ التَّكْفِيرِ وَقَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَلِمْت، وَإِنْ حُمِلَ قَوْلُهُ: قَبْلَ تَكْفِيرٍ عَلَى الْمُطَلِّقِ فَقَطْ وَجُعِلَتْ أَوْ فِي قَوْلِهِ أَوْ مُضِيِّ مُؤَقَّتٍ بِمَعْنَى الْوَاوِ حَتَّى يَصِيرَ الْمَعْنَى وَحَرُمَ قَبْلَ تَكْفِيرٍ فِي مُطْلَقٍ وَقَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ فِي مُؤَقَّتٍ، أَفَادَتْ الْعِبَارَةُ أَنَّ الْحُرْمَةَ فِي الْمُؤَقَّتِ يَتَوَقَّفُ ارْتِفَاعُهَا عَلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَلَوْ حَصَلَ التَّكْفِيرُ قَبْلَ الْمُضِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَلِمْت. (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ قَبْلَ تَكْفِيرٍ إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي الْمَعْنَى فِي تَحْرِيمِهِ التَّغْلِيظُ بِضَمِّ عَدَمِ الْتِمَاسٍ إلَى أَصْلِ الْعُقُوبَةِ كَمَا ضُمَّ النَّفْيُ إلَى الْجَلْدِ تَغْلِيظًا أَوْ مُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ اهـ.

(فَرْعٌ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَصْلٌ: إذَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِالْعَوْدِ فَمَاتَا أَيْ الزَّوْجَانِ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَبَانَهَا أَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا أَوْ فَسَخَ النِّكَاحَ لَمْ تَسْقُطْ أَيْ الْكَفَّارَةُ لِاسْتِقْرَارِهَا كَالدَّيْنِ لَا يَسْقُطُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ، وَإِنْ جَدَّدَ نِكَاحَهُ بَعْدَ إبَانَتِهَا بَقِيَ التَّحْرِيمُ لِلْوَطْءِ مَا لَمْ يُكَفِّرْ، وَكَذَا لَوْ مَلَكَهَا بَعْدَ إبَانَتِهَا. اهـ سم. (قَوْلُهُ: أَوْ مُضِيِّ مُؤَقَّتٍ) فَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ بَعْدَ الْعَوْدِ بِالْوَطْءِ وَلَمْ يُكَفِّرْ لَمْ يَحْرُمْ الْوَطْءُ لِارْتِفَاعِ الظِّهَارِ وَبَقِيَتْ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ لَمْ يَطَأْ أَصْلًا حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَلَا شَيْءَ. اهـ شَرْحُ الْبَهْجَةِ. اهـ عِ ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: تَمَتُّعٌ حَرُمَ بِحَيْضٍ) اُنْظُرْ لَوْ اُضْطُرَّ إلَى الْوَطْءِ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ الْكَفَّارَةِ يَتَّجِهُ الْجَوَازُ حَيْثُ تَعَيَّنَ لِدَفْعِ الزِّنَا وَقَدْ يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُمْ حَرُمَ بِحَيْضٍ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ حِينَئِذٍ لَا يَحْرُمُ بِالْحَيْضِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الظِّهَارَ مَعْنًى إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِمَا فُهِمَ مِنْ الْقَضِيَّةِ مِنْ جَوَازِ التَّمَتُّعِ بِغَيْرِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَقَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ تَعَالَى تَعْلِيلٌ لِلدَّعْوَتَيْنِ فِي الْمَتْنِ لَكِنَّ الْأُولَى بِالْآيَةِ وَالثَّانِيَةَ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا فِيهَا وَقَوْلُهُ: وَرَوَى أَبُو دَاوُد أَتَى بِهِ بَعْدَ الْآيَةِ لِيُفِيدَ حُرْمَةَ الْوَطْءِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ كَمَا لَا يَخْفَى قَوْلُهُ: وَحُمِلَ التَّمَاسُّ إلَخْ مِنْ تَتِمَّةِ الدَّلِيلِ إذْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْ الْآيَةِ إلَّا وُجُوبُ التَّكْفِيرِ قَبْلَ التَّمَاسِّ فَاحْتَاجَ إلَى بَيَانِ التَّمَاسِّ فِيهَا. (قَوْلُهُ: لَا يَحِلُّ بِالْمِلْكِ) أَيْ مِلْكِ الِانْتِفَاعِ. (قَوْلُهُ: حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ) تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُطْلَقَ يَصْدُقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ؛ لِأَنَّهُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهِ غَايَةُ، الْأَمْرِ أَنَّهُ زَادَ عَلَيْهِ بِالْقَيْدِ، وَهُنَا الْمُطْلَقُ هُوَ الْإِطْعَامُ وَالْمُقَيَّدُ الصَّوْمُ وَالْإِعْتَاقُ وَلَا يَصْدُقُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُمَا لِلتَّبَايُنِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بِالْمُطْلَقِ التَّكْفِيرُ لَا فَرْدُهُ الَّذِي هُوَ الْإِطْعَامُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ التَّكْفِيرَ فِي الْآيَةِ قَبْلَ التَّمَاسِّ وَلَمْ يَقُلْ أَوْجَبَ الْإِعْتَاقَ وَالصَّوْمَ قَبْلَ التَّمَاسِّ. (فَإِنْ قُلْتَ) الْمُطْلَقُ الَّذِي أُرِيدَ تَقْيِيدُهُ وَهُوَ التَّكْفِيرُ الْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا الْإِطْعَامُ إذْ هُوَ الَّذِي يُرَادُ تَقْيِيدُهُ. (قُلْتُ) لَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ إذْ غَرَضُنَا تَقْيِيدُ الْمُطْلَقِ الَّذِي فِي ضِمْنِ هَذَا الْفَرْدِ بِقَيْدِ فَرْدِيَّةِ الْآخَرَيْنِ فَوُجُودُهُ فِي هَذَا الْفَرْدِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُطْلَقًا وَلَا يَمْنَعُ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِقَيْدِ الْفَرْدَيْنِ الْآخَرَيْنِ تَأَمَّلْ اهـ. (قَوْلُهُ: لَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ) فِي الْمِصْبَاحِ قَرِبْتُ الْأَمْرَ أَقْرَبُهُ مِنْ بَابِ تَعِبَ وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ قَتَلَ، قِرْبَانًا بِالْكَسْرِ فَعَلْتُ أَوْ دَانَيْتُ، وَمِنْ الْأَوَّلِ {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: ٣٢] . (قَوْلُهُ: وَكَالتَّكْفِيرِ مُضِيُّ مُدَّةِ الْمُؤَقَّتِ) وَاعْتِرَاضُ الْبُلْقِينِيِّ حِلَّهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَقَبْلَ التَّكْفِيرِ بِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ظِهَارٍ مُؤَقَّتٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الَّذِي فِي الْأَحَادِيثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>