للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَصَابِعِ الْأَرْبَعِ أَجْزَأَهُ وَلَا يُجْزِئُ الْجَنِينُ، وَإِنْ انْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْحَيِّ (وَلَا مَرِيضٌ لَا يُرْجَى) بُرْؤُهُ (وَلَمْ يَبْرَأْ) كَذِي سُلٍّ وَهَرَمٍ بِخِلَافِ مَنْ يُرْجَى بُرْؤُهُ وَمَنْ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ إذَا بَرِئَ.

أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِوُجُودِ الرَّجَاءِ عِنْدَ الْإِعْتَاقِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ بِنَاءً عَلَى ظَنٍّ وَقَدْ بَانَ خِلَافُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْتَقَ أَعْمَى فَأَبْصَرَ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَالْفَرْقُ تَحَقُّقُ الْيَأْسِ فِي الْعَمَى وَعَوْدُ الْبَصَرِ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ بِخِلَافِ الْمَرَضِ (وَلَا مَجْنُونٌ إفَاقَتُهُ أَقَلُّ) مِنْ جُنُونِهِ تَغْلِيبًا لِلْأَكْثَرِ بِخِلَافِ مَجْنُونٍ إفَاقَتُهُ أَكْثَرُ أَوْ اسْتَوَى فِيهِ الْأَمْرَانِ فَيُجْزِئُ (وَيُجْزِئُ مُعَلَّقٌ) عِتْقُهُ (بِصِفَةٍ) كَمُدَبَّرٍ بِأَنْ يُنَجِّزَ عِتْقَهُ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ أَوْ يُعَلِّقَهُ كَذَلِكَ بِصِفَةٍ أُخْرَى وَتُوجَدَ قَبْلَ الْأُولَى، وَذَلِكَ لِنُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ كَمَا لَوْ كَانَ غَيْرَ مُعَلَّقٍ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ عِنْدَ التَّعْلِيقِ بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ فَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمْتَ فَأَنْت حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي فَأَسْلَمَ لَمْ يُجْزِ (وَنِصْفَا رَقِيقَيْنِ) أَعْتَقَهُمَا عَنْ كَفَّارَتِهِ وَ (بَاقِيهِمَا) أَوْ بَاقِي أَحَدِهِمَا كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ (حُرٌّ) مُعْسِرًا كَانَ الْمُعْتِقُ أَوْ مُوسِرًا (أَوْ) رَقِيقٌ لَكِنْ (سَرَى) إلَيْهِ الْعِتْقُ بِأَنْ كَانَ الْبَاقِي لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَهُوَ مُوسِرٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُعْسِرًا وَالْفَرْقُ أَنَّهُ حَصَلَ مَقْصُودُ الْعِتْقِ مِنْ التَّخَلُّصِ مِنْ الرِّقِّ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي (وَرَقِيقَاهُ) إذَا أَعْتَقَهُمَا (عَنْ كَفَّارَتَيْهِ) سَوَاءٌ أَصَرَّحَ بِالتَّشْقِيصِ كَأَنْ قَالَ عَنْ كُلٍّ مِنْ الْكَفَّارَتَيْنِ نِصْفُ ذَا وَنِصْفُ ذَا وَهُوَ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ، أَمْ أَطْلَقَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَيَقَعُ الْعِتْقُ مُشَقَّصًا فِي الْأُولَى وَغَيْرُ مُشَقَّصٍ فِي الثَّانِيَةِ وَذَلِكَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ إعْتَاقِ الرَّقِيقَيْنِ عَنْ الْكَفَّارَتَيْنِ بِذَلِكَ (لَا جَعْلِ الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ كَفَّارَةً) .

ــ

[حاشية الجمل]

الْأَصَابِعِ الْأَرْبَعِ) أَيْ غَيْرِ الْإِبْهَامِ وَقَوْلُهُ: أَجْزَأَ أَيْ؛ لِأَنَّ أُنْمُلَةَ كُلٍّ يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا لَيْسَتْ أُنْمُلَةَ إبْهَامٍ. اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَخْ) أَيْ وَلَا يُقَالُ يُجْزِئُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْإِعْتَاقِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْحَيِّ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ أُعْطِيَ حُكْمَ الْمَعْلُومِ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْحَيِّ انْتَهَتْ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَّصِفُ بِالسَّلَامَةِ إلَّا بَعْدَ كَمَالِ انْفِصَالِهِ. اهـ عِ ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا مَرِيضٌ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُقَدَّرِ فِي قَوْلِهِ لَا رِجْلٍ اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ هَرِمٍ) أَيْ عَاجِزٍ عَنْ الْكَسْبِ فَلَوْ زَالَ عَجْزُهُ تَبَيَّنَ إجْزَاؤُهُ. اهـ ع ش وَفِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ وَهَرِمٌ لَا يُحْسِنُ صَنْعَةً مَعَ الْهَرَمِ تَكْفِيهِ، فَإِنْ كَانَ يُحْسِنُهَا فَيُجْزِئُ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَدَرَ نَحْوُ الْأَعْمَى عَلَى صَنْعَةٍ تَكْفِيهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اهـ.

١ -

(قَوْلُهُ: وَمَنْ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ إذَا بَرِئَ) أَيْ بَعْدَ إعْتَاقِهِ فَيَتَبَيَّنُ إجْزَاؤُهُ وَيَنْبَغِي إجْزَاءُ الْمَعِيبِ إذَا زَالَ الْعَيْبُ بَعْدَ إعْتَاقِهِ أَوْ مَاتَ مَنْ يُرْجَى بُرْؤُهُ بَعْدَ إعْتَاقِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَوْتَهُ بِمَرَضٍ آخَرَ قَالَ حَجّ بَلْ لَوْ تَحَقَّقَ مَوْتُهُ بِذَلِكَ الْمَرَضِ أَجْزَأَ فِي الْأَصَحِّ نَظَرًا لِلْغَالِبِ وَهُوَ الْحَيَاةُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ. اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فَلِوُجُودِ الرَّجَاءِ عِنْدَ الْإِعْتَاقِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ صَارَ الْمَرِيضُ بَعْدَ عِتْقِهِ غَيْرَ مَرْجُوِّ الْبُرْءِ لَا يَضُرُّ. اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْتَقَ أَعْمَى فَأَبْصَرَ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَيُشْكِلُ بِقَوْلِهِمْ وَلَوْ ذَهَبَ بَصَرُهُ بِجِنَايَةٍ فَأُخِذَتْ دِيَتُهُ ثُمَّ عَادَ اُسْتُرِدَّتْ؛ لِأَنَّ الْعَمَى الْمُحَقَّقَ لَا يَزُولُ؛ لِأَنَّ عَوْدَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ زَائِلًا، وَكَوْنُهُ نِعْمَةً جَدِيدَةً يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ زَائِلًا وَعَادَ خَرْقًا لِلْعَادَةِ ثُمَّ رَأَيْتُ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّ مَا فِي الْجِنَايَاتِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ زَوَالُهُ بِخَبَرِ مَعْصُومٍ وَمَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَحَقَّقَ زَوَالُهُ بِخَبَرِ مَعْصُومٍ كَالسَّيِّدِ عِيسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ فَالْبَابَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ أَوْ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعَمَى خِلْقَةً فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْعَمَى بِجِنَايَةٍ لَكِنْ قَرَّرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى تَحَقُّقِ الْيَأْسِ وَعَدَمِهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَادِثِ وَالْخِلْقِيِّ حَرِّرْ هَذَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْبُرْءَ مِنْ الْمَرَضِ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَكْثَرَ مِنْ عَوْدِ الْبَصَرِ. اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَجْنُونٍ إفَاقَتُهُ أَكْثَرُ أَوْ اسْتَوَى فِيهِ الْأَمْرَانِ إلَخْ) أَيْ وَالْإِفَاقَةُ فِي النَّهَارِ، وَإِلَّا لَمْ يُجْزِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ؛ لِأَنَّ غَالِبَ الْكَسْبِ إنَّمَا يَتَيَسَّرُ نَهَارًا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُتَيَسَّرًا لَيْلًا أَجْزَأَ، وَأَنَّ مَنْ يُبْصِرُ وَقْتًا دُونَ وَقْتٍ كَالْمَجْنُونِ فِي تَفْصِيلِهِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَبَقَاءُ نَحْوِ خَبَلٍ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ يَمْنَعُ الْعَمَلَ فِي حُكْمِ الْجُنُونِ. اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: أَوْ يُعَلِّقُهُ كَذَلِكَ) أَيْ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ التَّعْلِيقِ) أَيْ وَعِنْدَ الْوُقُوعِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: أَوْ بَاقِي أَحَدِهِمَا) أَيْ وَبَاقِي الْآخَرِ مَمْلُوكٌ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ مُوسِرًا أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ الْبَاقِي لَهُ) مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَقَوْلُهُ: أَوْ لِغَيْرِهِ وَهُوَ مُوسِرٌ وَحِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ أَنْ يَكُونَ مَا سَرَى لَهُ الْعِتْقُ عَنْ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَقَ عَنْ الْكَفَّارَةِ إنَّمَا هُوَ النِّصْفَانِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ تَخْلِيصُ بَاقِيهِمَا أَوْ بَاقِي أَحَدِهِمَا مِنْ الرِّقِّ وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ حَجّ كَشَيْخِنَا أَمَّا الْمُوسِرُ وَلَوْ بِبَاقِي أَحَدِهَا فَيُجْزِئُ إنْ نَوَى عِتْقَ الْكُلِّ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ لِيَسَارِهِ كَأَنَّهُ بَاشَرَ عِتْقَ الْجَمِيعِ. اهـ لِمَا عَلِمْت أَنَّ جَمِيعَ الْعَبْدِ الْمَذْكُورِ لَيْسَ مَعْتُوقًا عَنْ الْكَفَّارَةِ بَلْ نِصْفَهُ الَّذِي أَعْتَقَهُ تَأَمَّلْ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَبْدًا وَاحِدًا، وَأَعْتَقَ نِصْفَهُ وَسَرَى إلَى الْبَاقِي لَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ مَا يَسْرِي إلَيْهِ الْعِتْقُ عَنْ الْكَفَّارَةِ. اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَ حَالَةِ يَسَارِهِ حَيْثُ يُجْزِئُ وَحَالَةِ إعْسَارِهِ حَيْثُ لَا يُجْزِي. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَيَقَعُ الْعِتْقُ مُشَقَّصًا فِي الْأُولَى إلَخْ) يَنْبَنِي عَلَى وُقُوعِهِ مُشَقَّصًا أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ أَحَدُهُمَا مَعِيبًا لَمْ يُجْزِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَنْ الْكَفَّارَةِ وَلَكِنَّهُمَا يَعْتِقَانِ مَجَّانًا. اهـ شَرْحُ م ر وع ش عَلَيْهِ بِخِلَافِ ظُهُورِ أَحَدِهِمَا مَعِيبًا فِيمَا إذَا وَقَعَ غَيْرَ مُشَقَّصٍ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ عِتْقُهُ فَقَطْ وَيَصِحُّ عِتْقُ الْآخَرِ عَنْ أَحَدِ الْكَفَّارَتَيْنِ وَيُعَيِّنُهَا الْمُكَفِّرُ. اهـ شَيْخُنَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَصَرَّحَ بِالتَّشْقِيصِ أَمْ أَطْلَقَ يَنْبَنِي عَلَى هَذَا أَنَّهُ إنْ بَانَ أَحَدُهُمَا مَعِيبًا أَوْ مُسْتَحَقًّا لَا يُجْزِي

<<  <  ج: ص:  >  >>