للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ وَذِكْرُهُ فِي التَّرْجَمَةِ مِنْ زِيَادَتِي وَاللِّعَانُ لُغَةً مَصْدَرُ لَاعَنَ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ جَمْعًا لِلَّعْنِ وَهُوَ الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ، وَشَرْعًا كَلِمَاتٌ مَعْلُومَةٌ جُعِلَتْ حُجَّةً لِلْمُضْطَرِّ إلَى قَذْفِ مَنْ لَطَّخَ فِرَاشَهُ، وَأَلْحَقَ الْعَارَ بِهِ أَوْ إلَى نَفْيِ وَلَدٍ كَمَا سَيَأْتِي وَسُمِّيَتْ لِعَانًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَى كَلِمَةِ اللَّعْنِ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُتَلَاعِنَيْنِ يَبْعُدُ عَنْ الْآخَرِ بِهَا إذْ يَحْرُمُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا أَبَدًا وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: ٦] الْآيَاتِ

ــ

[حاشية الجمل]

سَنَةٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِكَذِبِهِ فَلَا قَذْفَ؛ لِأَنَّ الْقَذْفَ مَا احْتَمَلَ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ، وَيَرِدُ عَلَى ذَلِكَ مَا لَوْ شَهِدَ دُونَ أَرْبَعٍ بِالزِّنَا فَإِنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا التَّعْبِيرَ خُصُوصًا إذَا كَانُوا طَامِعِينَ فِي شَهَادَةِ الرَّابِعِ فَأَعْرَضَ مَعَ أَنَّهُمْ قَذَفَةٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُمْ فِي حُكْمِ الْقَذَفَةِ رَدْعًا عَنْ الْقَذْفِ بِصُورَةِ الشَّهَادَةِ، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا قَدْ لَا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانُوا طَامِعِينَ فِي شَهَادَةِ الرَّابِعِ، وَأَيْضًا رُبَّمَا يَكُونُ هَذَا مَانِعًا لِلشَّهَادَةِ لِاحْتِمَالِ رُجُوعِ مَنْ وَافَقَ عَلَيْهَا. اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ) الْمَعْرِضِ وِزَانُ مَسْجِدٍ مَوْضِعُ عَرْضِ الشَّيْءِ وَهُوَ ذِكْرُهُ، وَإِظْهَارُهُ، وَقُلْتُهُ فِي مَعْرِضِ كَذَا أَيْ فِي مَوْضِعِ ظُهُورِهِ فَذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ إنَّمَا يَكُونُ فِي مَعْرِضِ التَّعْظِيمِ وَالتَّبْجِيلِ أَيْ فِي مَوْضِعِ ظُهُورِ ذَلِكَ وَالْقَصْدِ إلَيْهِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ اسْمَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ يَأْتِي عَلَى مَفْعَلُ بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَكَسْرِ الْعَيْنِ مِصْبَاحٌ. اهـ شَوْبَرِيٌّ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالْعَارُ كُلُّ شَيْءٍ يَلْزَمُهُ مِنْهُ عَيْبٌ أَوْ مَسَبَّةٌ وَعَيَّرْتُهُ بِكَذَا قَبَّحْته عَلَيْهِ وَعِبْته عَلَيْهِ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَبِالْبَاءِ قَلِيلًا فَيُقَالُ عَيَّرْته بِهِ وَهُمَا يَتَعَايَرَانِ أَيْ يَتَعَايَبَانِ وَعَايَرْت الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ مُعَايَرَةً وَعِيَارًا امْتَحَنْتُهُ بِغَيْرِهِ لِمَعْرِفَةِ صِحَّتِهِ، وَعِيَارُ الشَّيْءِ مَا جُعِلَ نِظَامًا لَهُ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ الصَّوَابُ عَايَرْتُ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَقُولُ عَيَّرْت إلَّا مِنْ الْعَارِ، وَهَكَذَا يَقُولُهُ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ عَايَرْتُ بَيْنَ الْمِكْيَالَيْنِ امْتَحَنْتهمَا لِمَعْرِفَةِ تَسَاوِيهِمَا وَلَا تَقُلْ عَيَّرْت الْمِيزَانَيْنِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ عَيَّرْتُهُ بِذَنْبِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ) بِخِلَافِ مَا لَا يُفْهَمُ مِنْهُ تَعْيِيرٌ وَلَا يُقْصَدُ بِهِ بِأَنْ يُقْطَعَ بِكَذِبِهِ كَقَوْلِهِ لِابْنِ سَنَةٍ مَثَلًا زَنَيْتَ فَلَا يَكُونُ قَذْفًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ نَعَمْ يُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالزِّنَا نَصَّابٌ لَمْ يَكُنْ قَذْفًا، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ بِحَقٍّ فَقَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ خَصْمِي يَعْلَمُ زِنَا شَاهِدِهِ فَلْيُحَلِّفْهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ، وَمِثْلُهُ أَخْبَرَنِي بِأَنَّهُ زَانٍ، أَوْ شَهِدَ بِجَرْحِهِ فَاسْتَفْسَرَهُ الْحَاكِمُ فَأَخْبَرَهُ بِزِنَاهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ أَوْ قَالَ لَهُ اقْذِفْنِي فَقَذَفَهُ إذْ إذْنُهُ فِيهِ يَدْفَعُ حَدَّهُ دُونَ إثْمِهِ نَعَمْ لَوْ ظَنَّهُ مُبِيحًا وَعُذِرَ بِجَهْلِهِ اتَّجَهَ عَدَمُ إثْمِهِ وَتَعْزِيرِهِ. اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: نَعَمْ يُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ أَيْ لِأَهْلِهَا، وَإِلَّا فَهِيَ لَا تَتَأَذَّى بِمَا ذَكَرَ، هَذَا وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ مِثْلَ هَذَا تَعْزِيرُ تَأْدِيبٍ فَقَدْ يُقَالُ التَّعْزِيرُ فِيهِ لِلتَّأْدِيبِ لَا لِلْإِيذَاءِ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ قَذْفًا أَيْ وَلَا تَعْزِيرَ فِيهِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ نَصَّابٌ أَوْ دُونَهُ فِي حَقِّ مُجَرِّحِ الشَّاهِدِ بِالزِّنَا لِتُرَدَّ شَهَادَتُهُ وَلَوْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي إثْبَاتَ زِنَاهُ لِتُرَدَّ شَهَادَتُهُ فَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ فَقَطْ قُبِلَا وَقَوْلُهُ: أَوْ قَالَ لَهُ اقْذِفْنِي أَيْ وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الْإِذْنِ كَأَنْ أَرَادَ الْقَائِلُ تَهْدِيدَ الْمَقُولِ لَهُ يَعْنِي أَنَّهُ إنْ قَذَفَهُ قَابَلَهُ عَلَى نَعْلِهِ وَقَوْلُهُ: يَدْفَعُ حَدَّهُ دُونَ إثْمِهِ أَيْ فَيُعَزَّرُ.

(فَرْعٌ) . قَالَ لِاثْنَيْنِ زَنَى أَحَدُكُمَا أَوْ لِثَلَاثَةٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ قَاذِفٌ لِوَاحِدٍ وَلِكُلٍّ أَنْ يَدَّعِيَ وَيَفْصِلَ الْخُصُومَةَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، نَعَمْ لَوْ ادَّعَى اثْنَانِ وَحَلَفَ لَهُمَا انْحَصَرَ الْحَقُّ لِلثَّالِثِ فَيُحَدُّ لَهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ عَلَى أَحَدِ احْتِمَالَيْنِ قَدَّمْته أَوَائِلَ الْإِقْرَارِ فِي مَسْأَلَتِهِ الَّتِي قَاسَ عَلَيْهَا. اهـ حَجّ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: جَمْعًا لِلَّعْنِ) نَظِيرُ كَعْبٍ وَكِعَابٍ، وَصَعْبٍ وَصِعَابٍ، وَكَلْبٍ وَكِلَابٍ. (قَوْلُهُ: كَلِمَاتٌ مَعْلُومَةٌ) أَيْ مَخْصُوصَةٌ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَهِيَ أَيْمَانٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَيْسَ لَنَا يَمِينٌ تَتَعَدَّدُ وَتَكُونُ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي إلَّا هَذِهِ وَالْقَسَامَةُ فَهَذِهِ الْكَلِمَاتُ الْأَرْبَعَةُ أَيْمَانٌ أَرْبَعَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ فَفِيهَا أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ عِنْدَ الْكَذِبِ وَقَوْلُهُ: لِلْمُضْطَرِّ أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُلَاعَنُ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ بَيِّنَةٌ بِزِنَاهَا وَقَوْلُهُ: مَنْ لَطَّخَ مَنْ عِبَارَةٌ عَنْ الزَّوْجَةِ وَرَاعَى مَعْنَاهَا فَذَكَّرَ الضَّمِيرَ وَقَوْلُهُ: فِرَاشَهُ الْفِرَاشُ هُوَ الزَّوْجَةُ فَفِيهِ إظْهَارٌ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمُضْطَرِّ وَقَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ الْعَارُ بِهِ عَطْفُ مُسَبَّبٍ عَلَى سَبَبٍ أَوْ عَطْفُ تَفْسِيرٍ. اهـ شَيْخُنَا.

وَفِي الْمِصْبَاحِ لَطَّخَ ثَوْبَهُ بِالْمِدَادِ وَغَيْرِهِ لَطْخًا مِنْ بَابِ نَفَعَ وَالتَّشْدِيدُ مُبَالَغَةٌ لَوَّثَهُ بِهِ وَتَلَطَّخَ هُوَ تَلَوَّثَ وَلَطَّخَهُ بِسُوءٍ رَمَاهُ بِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: جُعِلَتْ حُجَّةً لِلْمُضْطَرِّ) بِمَعْنَى أَنَّهَا سَبَبٌ دَافِعٌ لِلْحَدِّ عَنْ الْمُضْطَرِّ. اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَسُمِّيَتْ لِعَانًا إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى إبْعَادِ الْكَاذِبِ مِنْهُمَا عَنْ الرَّحْمَةِ، وَإِبْعَادِ كُلٍّ عَنْ الْآخَرِ وَجُعِلَتْ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي مَعَ أَنَّهَا أَيْمَانٌ عَلَى الْأَصَحِّ رُخْصَةً لِعُسْرِ الْبَيِّنَةِ بِزِنَاهَا أَوْ صِيَانَةً لِلْأَنْسَابِ عَنْ الِاخْتِلَاطِ وَلَمْ يَخْتَرْ لَفْظَ الْغَضَبِ الْمَذْكُورِ مَعَهُ فِي الْآيَةِ؛ لِأَنَّهُ الْمُقَدَّمُ فِيهَا؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَنْفَرِدُ لِعَانُهُ عَنْ لِعَانِهَا وَلَا عَكْسَ. اهـ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَاخْتِيرَ لَفْظُ اللِّعَانِ عَلَى لَفْظَيْ الشَّهَادَةِ وَالْغَضَبِ، وَإِنْ اشْتَمَلَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>