للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ عَادَةٍ وَتَمْيِيزٍ، وَأَقَلِّ حَيْضٍ كَمَا مَرَّتْ فِي بَابِهِ (وَالْقَرْءُ) الْمُرَادُ هُنَا (طُهْرٌ بَيْنَ دَمَيْنِ) أَيْ دَمُ حَيْضَيْنِ أَوْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ أَوْ نِفَاسَيْنِ أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] أَيْ فِي زَمَنِهَا وَهُوَ زَمَنُ الطُّهْرِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ حَرَامٌ كَمَا مَرَّ وَزَمَنُ الْعِدَّةِ يَعْقُبُ زَمَنَ الطَّلَاقِ وَالْقَرْءُ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ وَمِنْ إطْلَاقِهِ عَلَى الْحَيْضِ مَا فِي خَبَرِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ «تَتْرُكُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا» ، وَقِيلَ حَقِيقَةٌ فِي الطُّهْرِ مَجَازٌ فِي الْحَيْضِ وَقِيلَ عَكْسُهُ وَيُجْمَعُ عَلَى أَقْرَاءٍ وَقُرُوءٍ، وَأَقْرُؤٍ.

(فَإِنْ طَلُقَتْ طَاهِرًا) وَقَدْ بَقِيَ مِنْ زَمَنِ الطُّهْرِ شَيْءٌ (انْقَضَتْ) عِدَّتُهَا (بِطَعْنٍ فِي حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ) لِحُصُولِ الْأَقْرَاءِ الثَّلَاثَةِ بِذَلِكَ بِأَنْ يُحْسَبَ مَا بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ قَرْءٌ وَطِئَ فِيهِ أَمْ لَا وَلَا بُعْدَ فِي تَسْمِيَةِ قُرْأَيْنِ وَبَعْضِ الثَّالِثِ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ كَمَا فُسِّرَ قَوْله تَعَالَى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: ١٩٧] بِشَوَّالٍ وَذِي الْقَعْدَةِ وَبَعْضِ ذِي الْحِجَّةِ (أَوْ) طَلُقَتْ (حَائِضًا) ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ زَمَنِ الْحَيْضِ شَيْءٌ (فَفِي رَابِعَةٍ) أَيْ فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ رَابِعَةٍ لِتَوَقُّفِ حُصُولِ الْأَقْرَاءِ الثَّلَاثَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَزَمَنُ الطَّعْنِ فِي الْحَيْضَةِ لَيْسَ مِنْ الْعِدَّةِ بَلْ يَتَبَيَّنُ بِهِ انْقِضَاؤُهَا كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ وَخَرَجَ بِالطُّهْرِ بَيْنَ دَمَيْنِ طُهْرُ مَنْ لَمْ تَحِضْ وَلَمْ تَنْفَسْ فَلَا يُحْسَبُ قَرْءًا (وَ) عِدَّةُ حُرَّةٍ (مُتَحَيِّرَةٍ) وَلَوْ مُتَقَطِّعَةَ الدَّمِ بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي (طَلُقَتْ أَوَّلَ شَهْرٍ) كَأَنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

هَذَا قَضِيَّةُ الْمَنْقُولِ، وَهُوَ الْوَجْهُ وَقَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: الْمَشْهُورُ الْقَطْعُ بِهِ، وَإِنْ جَرَى بَعْضُهُمْ عَلَى خِلَافِهِ وَلَوْ وَطِئَ أَمَتَهُ يَظُنُّ أَنَّهُ يَزْنِي بِهَا اعْتَدَّتْ بِقَرْءٍ لِحَقِّهِ وَلَا أَثَرَ لِظَنِّهِ هُنَا لِفَسَادِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُحَدَّ كَمَا يَأْتِي لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمَفْسَدَةِ بَلْ وَلَا يُعَاقَبُ فِي الْآخِرَةِ عِقَابَ الزَّانِي بَلْ دُونَهُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ نَعَمْ يُفَسَّقُ بِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَكَذَا كُلُّ فِعْلٍ أَقَدَمَ عَلَيْهِ ظَانًّا أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ فَإِذَا هُوَ غَيْرُهَا أَيْ وَهُوَ مِمَّا يَفْسُقُ بِهِ لَوْ ارْتَكَبَهُ حَقِيقَةً. اهـ وَقَوْلُهُ: فَإِذَا هُوَ غَيْرُهَا هَذَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا لَوْ زَوَّجَ أَمَةَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا فَإِنَّهُ صَحِيحٌ مَعَ أَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْعَقْدِ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَتَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ كَبِيرَةٌ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَفْسُقُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ إنْ قُلْنَا إنَّ تَزْوِيجَهُ بِالْوِلَايَةِ عَلَى الْمَرْجُوحِ وَمَا لَوْ زَوَّجَ مُوَلِيَّتَهُ بَعْدَ إذْنِهَا ظَانًّا أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ كَأَنْ زَوَّجَ أُخْتَهُ ظَانًّا حَيَاةَ وَالِدِهِ فَبَانَ خِلَافُهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُمْنَعَ أَنَّ تَعَاطِيَهُ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ فَلَا يَفْسُقُ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي تَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ أَنَّهُ لَيْسَ كَبِيرَةً خِلَافًا لحج لَكِنَّ هَذَا لَا يَرِدُ؛ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِفِسْقِهِ إنَّمَا هُوَ لِإِقْدَامِهِ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيمَا يَعْتَقِدُهُ لِغَيْرِهِ. اهـ ع ش عَلَيْهِ.

وَعِبَارَةُ ح ل.

قَوْلُهُ: وَعِدَّةُ غَيْرِ حُرَّةٍ أَيْ لَمْ يَظُنَّهَا الْوَاطِئُ حُرَّةً؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ ظَنُّهُ إلَّا إنْ كَانَتْ عِدَّةُ الْمَوْطُوءَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَكْثَرَ فَيُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ فَإِذَا ظَنَّ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ لَمْ يُعْتَبَرْ ظَنُّهُ وَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْحُرَّةِ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ حَجّ الْعِبْرَةُ فِي كَوْنِهَا حُرَّةً أَوْ أَمَةً بِظَنِّ الْوَاطِئِ لَا بِمَا فِي الْوَاقِعِ حَتَّى لَوْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَوْ حُرَّةً يَظُنُّهَا أَمَتَهُ اعْتَدَّتْ بِقُرْءٍ وَاحِدٍ أَوْ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ اعْتَدَّتْ بِقُرْأَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ حَقُّهُ فَنِيطَتْ بِظَنِّهِ هَذَا مَا قَالَاهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ خِلَافُهُ. اهـ وَلَوْ تَزَوَّجَ لَقِيطَةً ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ فَإِنْ طَلَّقَهَا اعْتَدَّتْ عِدَّةَ حُرَّةٍ لِحَقِّهِ، وَإِنْ مَاتَ اعْتَدَّتْ عِدَّةَ أَمَةٍ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: مِنْ عَادَةٍ إلَخْ) مِنْ تَعْلِيلِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَرْدُودَةٍ وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ بَيَانِيَّةً لِلْأَقْرَاءِ إذْ الْمُرَادُ بِهَا الْأَطْهَارُ وَالْمَذْكُورَاتُ لَيْسَتْ أَطْهَارًا. اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَعِدَّةُ مُسْتَحَاضَةٍ بِأَقْرَائِهَا الْمَرْدُودَةِ هِيَ إلَيْهَا حَيْضًا وَطُهْرًا فَتُرَدُّ مُعْتَادَةٌ لِعَادَتِهَا فِيهِمَا وَمُمَيِّزَةٌ لِتَمْيِيزِهَا كَذَلِكَ وَمُبْتَدَأٌ لِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فِي الْحَيْضِ وَتِسْعٍ وَعِشْرِينَ فِي الطُّهْرِ فَعِدَّتُهَا تِسْعُونَ يَوْمًا مِنْ ابْتِدَائِهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً لِاشْتِمَالِ كُلِّ شَهْرٍ عَلَى حَيْضٍ وَطُهْرٍ غَالِبًا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ هُنَا بِخِلَافِهِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ) فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْحَيْضُ وَبِخِلَافِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي. اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى) دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِ الْمُرَادِ بِالْأَقْرَاءِ الْأَطْهَارَ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ زَمَنُ الطُّهْرِ عَيْنُ الدَّعْوَى فَلِذَلِكَ عَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إلَخْ وَهُنَاكَ مُقَدِّمَةٌ مَحْذُوفَةٌ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا تَمَامُ الدَّلِيلِ أَيْ وَلَوْ كَانَ الْقَرْءُ هُوَ الْحَيْضُ لَكِنَّا مَأْمُورِينَ بِالْحَرَامِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَزَمَنُ الْعِدَّةِ إلَخْ فَلَمْ يُعْرَفْ مَوْقِعُهُ مِنْ الدَّلِيلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ عَلَى بُعْدٍ أَنَّهُ بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْ تَفْسِيرِ الْآيَةِ بِقَوْلِهِ أَيْ فِي زَمَنِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ نِفَاسَيْنِ) بِأَنْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ الزِّنَا أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَهِيَ حَامِلٌ ثُمَّ وَضَعَتْ ثُمَّ حَمَلَتْ مِنْ الزِّنَا أَيْضًا ثُمَّ وَضَعَتْ فَإِنَّ الطُّهْرَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ قَرْءٍ فَتَعْتَدُّ بَعْدَ ذَلِكَ بِقُرْأَيْنِ فَالْمُعْتَبَرُ كَوْنُ الثَّانِي مِنْ زِنًا فَقَطْ، وَكَتَبَ أَيْضًا بِأَنْ كَانَ الْحَمْلُ الثَّانِي مِنْ زِنًا وَالْأَوَّلُ مِنْ شُبْهَةٍ أَوْ زِنًا وَقَدْ طَلَّقَهَا وَهِيَ حَامِلٌ. اهـ شَيْخُنَا الْحِفْنِيُّ (قَوْلُهُ: مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَرْءَ مِنْ الْقَرْءِ بِالْفَتْحِ وَهُوَ الْجَمْعُ، وَالدَّمُ زَمَنَ الطُّهْرِ يَجْتَمِعُ فِي الرَّحِمِ وَفِي الْحَيْضِ يَتَجَمَّعُ بَعْضُهُ وَيَسْتَرْسِلُ بَعْضُهُ إلَى أَنْ يَنْدَفِعَ الْكُلُّ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَقَدْ بَقِيَ مِنْ زَمَنِ الطُّهْرِ شَيْءٌ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَبْقَ بِأَنْ طَلَّقَهَا مَعَ آخِرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ كَامِلَةٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْرَاءَ تَكُونُ ثَلَاثَةً كَامِلَةً فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ أَنْ يُطَلِّقَهَا مَعَ آخِرِ الطُّهْرِ أَوْ آخِرِ الْحَيْضِ أَوْ فِي أَثْنَاءِ الْحَيْضِ وَتَكُونُ اثْنَيْنِ وَبَعْضِ ثَالِثٍ فِيمَا إذَا بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ شَيْءٌ اهـ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُحْسَبَ مَا بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ إلَخْ) فِي الْمِصْبَاحِ حَسَبْتُ الْمَالَ حَسْبًا مِنْ بَابِ قَتَلَ أَحْصَيْتُهُ عَدَدًا وَحِسْبَةً بِالْكَسْرِ وَحُسْبَانًا بِالضَّمِّ. اهـ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا ثُمَّ قَالَ وَحَسِبْت زَيْدًا قَائِمًا أَحْسِبُهُ مِنْ بَابِ تَعِبَ فِي لُغَةِ جَمِيعِ الْعَرَبِ إلَّا بَنَى كِنَانَةَ فَإِنَّهُمْ يَكْسِرُونَ الْمُضَارِعَ أَيْضًا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ حِسْبَانًا بِالْكَسْرِ بِمَعْنَى ظَنَنْت وَاحْتَسَبَ فُلَانٌ ابْنَهُ إذَا مَاتَ كَبِيرًا فَإِنْ مَاتَ صَغِيرًا قِيلَ افْتَرَطَهُ وَاحْتَسَبَ الْأَجْرَ عَلَى اللَّهِ ادَّخَرَهُ عِنْدَهُ لَا يَرْجُو ثَوَابَ الدُّنْيَا.

اهـ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ مِنْ الْعِدَّةِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ فِيهِ الرَّجْعَةُ وَيَصِحُّ فِيهِ نِكَاحُ نَحْوِ أُخْتِهَا. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَنْفَسُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>